أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - في مديح وهجاء -وادي عربة-!














المزيد.....

في مديح وهجاء -وادي عربة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 12:12
المحور: كتابات ساخرة
    


سنوياً منذ 1994، وفي السادس والعشرين من تشرين الأوَّل، يتجدَّد الحديث نفسه تقريباً عن معاهدة وادي عربة، فالسؤال "هل أنتَ معها أم ضدَّها؟" ما زال هو، لجهة إجابته التي لا تضرُّ ولا تَنْفَع، المهيمن على حديث المؤيِّدين (المدافعين المبرِّرين) وحديث المعارضين، الذين، في أكثريتهم، على ما أرى وأزعم، يريدون التعبير عن "معارَضة أخرى" من خلال (أو مع) معارضتهم للمعاهدة، فـ "الباطنية السرِّية"، والتي هي نبتةٌ تنمو حيث تتصحَّر الحياة الديمقراطية الحقيقية، ما زالت هي الأصل والأساس في خطابهم السياسي.

لم نتوسَّع بعد في السؤال، فلا المؤيِّد، ولا المعارِض، شرح وعلَّل بما يكفي من الوضوح والشفافية إجابته عن ذلك السؤال، فظلَّ الجدل في حجم ما تسمح به الإجابة بـ "نَعَمٍ"، أو "لا".

الإجابة بـ "لا" لم تُشْرَح وتُعلَّل بما يكفي من الوضوح والصِّدق، فسؤال "لماذا أنتَ ضدَّ المعاهدة؟" لم يَعْرِف من الإجابة إلاَّ ما أبقاه "بلا جواب"، تقريباً؛ أمَّا السياسة العملية التي يمكن ويجب اشتقاقها من "الرفض المعلَّل" للمعاهدة، توصُّلاً إلى تعافي الأردن من "أمراض وادي عربة"، فبقيت أقرب إلى الكهانة منها إلى السياسة.

ليس بميزان "المزايا والمنافع والفوائد" يمكننا وَزْن "المعاهدة"، وأهميتها وضرورتها، فكل ما نَعِمَ به الأردن بعد "التوقيع"، وبفضله، على افتراض أنَّه نَعِمَ، لا وزن له، أو لا وزن له يُعْتَدُّ به، إذا ما قيس بهذا الميزان، الذي لا يصلح ميزاناً نزن به "المعاهدة".

"ميزان المخاطِر" هو وحده الميزان الصالح على ما أعتقد، فالأردن الذي "وقَّع"، وقبل أن "يوقِّع"، وتوصُّلاً إلى حسم أمره، وَازَن بين "مخاطِر عدم التوقيع" و"مخاطِر التوقيع"، فتوصَّل في تلك "اللحظة السياسية الحاسمة" إلى أنَّ "مخاطِر عدم التوقيع (عليه)" هي أكبر وأعظم من "مخاطِر التوقيع".

وحساب "المخاطِر"، في عالم السياسة الواقعي لا الأفلاطوني، ليس بالحساب الذي يمكن أن تجريه الدول والحكومات في سماء سياسية صافية، لا تلبِّدها غيوم مصالح مختلفة عن تلك التي باسمها، ودفاعاً عنها، يعارِض المعارضون "المعاهدة"، فأين هي الدولة أو الحكومة في العالم التي لها سياسة تتَّخِذ من "المصالح العامة" أوثاناً لها، أو "بنيةً تحتية"؟!

إنَّ ما يسمَّى "الأجندة الخاصة" هي النابض الخفي لكل سياسة، أكانت سياسة دول وحكومات أم سياسة أحزاب وجماعات، فِلِمَ نظل على ما نحن فيه من حاجة إلى خداع النفس، وخداع الغير؟!

افْتَرِضوا أنَّ السلطة الفلسطينية، وعبر الوسيط أوباما ـ ميتشل، توصَّلت الآن إلى "اتِّفاقية" مع حكومة نتنياهو، فهل يسوِّغ لنا "المنطق الحقيقي" للسياسة فَهْم تلك "الاتِّفاقية" على أنَّها الابن الشرعي للمصالح العامة للشعب الفلسطيني، ولو كانت (أي تلك المصالح) في حجمها الأصغر؟!

لا بدَّ للاتِّفاقية الافتراضية هذه من أن تتضمَّن ما يسمح بإقناع الفلسطينيين، على وجه العموم، بأنَّ لهم مصلحة فيها، إنْ لم تُرَ، حاضراً، في وضوح، فسوف تُرى كذلك مستقبلاً.

أمَّا إذا أردتم فهماً أكثر توافقاً مع "المنطق الحقيقي" للسياسة، فإيَّاكم أن تضربوا صفحاً عن حقيقة أنَّ ما يسمَّى "المصلحة العامة" هي النزر اليسير من "حِبْر التوقيع".

أقول هذا ليس تبريراً؛ بل إنصافاً للحقيقة التي طالما ظلمناها بأوهامنا، وبفهمنا للسياسة، وعالمها، فهماً يليق بذوي الصدور الواسعة، والآفاق الضيِّقة.

إنَّني لا أعرف السبب الذي يَحْملنا، في لحظة سياسية تتحدَّانا أن نكون للعالم الواقعي للسياسة أبناء، على نسيان أو تناسي ما هو في منزلة "الألف" أو "الباء" ألا وهو لا وجود لسياسة خارجية ليست كالمرآة لجهة صلتها بالسياسة الداخلية للدول والحكومات؛ فأين هي السياسة الخارجية التي يمكن فهمها وتفسيرها بمنأى، أو ضدَّ، "أصولها" الكامنة في السياسة الداخلية.

"وادي عربة"، ليست في حقيقتها السياسية الأردنية الموضوعية، "حقوقاً مائية"، أو "قطعة أرض"، اغتصبها العدو، فأنهينا (بذكاء تفاوضي) اغتصابه لها، فـ "نَتَجَ" السلام إذ زال "سبب العداء"، وإذ اسْتوفينا لهذا السلام شرطه المبدئي الأوَّل، وهو أنْ يقوم على مبدأ "الأرض في مقابل السلام"، فهذا المبدأ، ولجهة صُنْع السلام منه، هو ما يُلْبِس السلام مع إسرائيل لبوس الشرعية الدولية.

إنَّها، أي "وادي عربة"، لم تظهر إلى حيِّز الوجود، إلاَّ درءاً لمخاطِر، بعضها واقعي، وبعضها وهمي، فالطرف الأردني رأى فيها ما يدرأ عنه المخاطِر الإسرائيلية الواقعية والحقيقية؛ كما رأى فيها ما يدرأ عنه مخاطِر انطوت عليها "اتفاقية أوسلو"، التي ثَبْتَ وتأكَّد، لاحقاً، أنَّها من مداد وهم فلسطيني كبير قد خُطَّت، وأنْ لا مخاطِر حقيقية لها إلاَّ على الفلسطينيين أنفسهم، وعلى قضيتهم وحقوقهم القومية.

واليوم، يتأكَّد ويتَّضِح أنَّ "المعاهدة" قد خُطَّت هي أيضاً بمداد وهم أردني كبير، فالمخاطر الإسرائيلية الواقعية لا الوهمية على الأردن، والتي صُوِّرت "المعاهدة" بالوهم على أنَّها إنهاءٌ، ونهايةٌ، لتلك المخاطر، قد تضاعفت بعد، وبفضل، توقيعها، وكأنَّ على الأردن أن يوازِن (ويفاضِل) الآن بين ما يتعرَّض له من "مخاطِر السلام والتطبيع مع إسرائيل" وبين ما يمكن أن يتعرَّض له من مخاطِر (معظمها إسرائيلي) إذا ما سعى إلى أن يدرأ عنه "مخاطِر السلام والتطبيع"، فإنَّهما خياران يَصْدُق فيها القول "أمران أحلاهما مُرُّ".

وعلى كل من أراد أن يدرأ عن الأردن "مخاطِر السلام والتطبيع" أنْ يُعِدَّ للتحرُّر من "وادي عربة" ما استطاع من قوَّة ومن رباط الخيل؛ وليس من سبيل إلى درء مخاطِر السلام والتطبيع عنَّا نحن العرب جميعاً إلاَّ "معاهدات للسلام وللتطبيع"، توقِّعها دولنا وحكوماتنا مع شعوبها ومجتمعاتها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيادات فضائية!
- ما هي -الدولة-.. عربياً؟
- بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!
- في الجدل الانتخابي العراقي!
- نحو حل -الدولتين الفلسطينيتين- للنزاع بين الفلسطينيين!
- الفأس والرأس.. اللقمة والرأي!
- غولدستون -المسار- هو الأهم من غولدستون -التقرير-!
- -الاحتكام إلى الشعب-.. فلسطينياً!
- الاعتراف ب -يهودية- إسرائيل هو تهويدٌ للعقل!
- القيادات الفلسطينية.. رؤوسٌ تبحث عن عقول!
- -نوبل-.. ونُبْلُ أوباما!
- -أردي- جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين!
- محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟
- الدكتور زغلول النجار إذ هبط بالعِلْم إلى الدرك الأسفل من الش ...
- الحلُّ في حلِّ -مشكلة الحدود- أوَّلاً!
- -التعصُّب- إلغاء للعقل!
- نتنياهو يطلب تشدُّداً فلسطينياً وعربياً!
- أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!
- إنَّها -مفاجأة- أوباما الأولى!
- شيئان لم نتعلَّمهما بعد: قول -لا- و-السؤال-!


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - في مديح وهجاء -وادي عربة-!