أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!















المزيد.....

أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2782 - 2009 / 9 / 27 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجنح السياسة الدولية إلى مزيد من "الباطنية السياسية"، وإلى إحداث مزيد من الخفض في منسوب "الشفافية" فيها، فالهوَّة تتَّسِع، في استمرار، بين "السبب الحقيقي" للصراع والعداء وبين "الذريعة"، التي ينبغي لنا فهمها، في هذا السياق، على أنَّها "السبب المُعْلَن، غير الحقيقي".

أمَّا "الذريعة" ذاتها فما عادت بالقوية والمتماسكة من الوجهة المنطقية، وكأنَّ أصحابها يريدون لها أن تكون كذلك!

لغزو العراق واحتلاله وإطاحة نظام الحكم فيه، استذرعت إدارة الرئيس بوش بترسانة، وبمخاطر ترسانة، صدام حسين من أسلحة الدمار الشامل (التي لم تكن القنبلة النووية جزءاً منها). وجاءت للعالم بما يصلح دليلاً مُفْحِماً ومُقْنِعاً على صدق مزاعمها، متحدِّيةً نظام حكم صدام حسين أن يأتي بـ "دليل النفي"، أو "الدليل المضاد"؛ وقد بلغت تلك "الذريعة" منتهى السخف (وكأنَّ أصحابها أرادوا لها ذلك!) إذ دُعي صدام حسين إلى أن يأتي بما يشبه المعجزة، وهو إثبات أنَّ "العنقاء" لا وجود لها، وإلاَّ ما معنى دعوته إلى أن يُثْبِت "عدم امتلاكه" تلك الترسانة؟!

الإدارة نفسها سعت إلى أن تحجب عن أبصار وبصائر العالم "السبب الحقيقي" لحروبها بعد أحداث 11 أيلول 2001، فاستذرعت بـ "الإرهاب الإسلامي" الذي يمثِّله ويقوده تنظيم "القاعدة".

ثمَّ سعت إلى النأي بأبصار وبصائر العالم عن "السبب الحقيقي" لسعيها إلى نشر أجزاء من "درعها الصاروخية" في بولندا وتشكيا، فاستذرعت بخطر الصواريخ الباليستية الإيرانية (والكورية الشمالية). ومرَّة أخرى، ظهرت الولايات المتحدة على أنَّها تحتاج إلى "ذريعة" في هذه الدركة من السخف!

وإذا كان صدام حسين مدعوٌّاً إلى أن يُثْبِت "براءته" من خلال إثباته "عدم وجود العنقاء"، وهي كناية عن ترسانته من أسلحة الدمار الشامل، فإنَّ طهران مدعوَّة اليوم إلى أن تُثْبِت أنَّها لا تملك "برنامج من النيَّات النووية"، فهل من فَرْق يُعْتَدُّ به بين هذا المطلب وذاك؟!

إنَّهم يقولون، وفي خرق للسياسة بصفة كونها بنت العِلْم، إنَّ لإيران الحق في أن تحصل على الكهرباء من الطاقة النووية، وفي أن يكون لديها، بالتالي، من "البرامج النووية" ما يفي بهذا الغرض، ويلبي هذه الحاجة؛ ولكنَّ عليها، قبل ذلك، ومن اجل ذلك، أن تُثْبِت أن ليس لديها "النيَّة" لـ "عسكرة" برنامجها النووي، ولصنع قنبلة أو قنابل نووية، سِرَّاً ومستقبلاً!

أليس في هذه "الذريعة"، التي فيها من السخف ما يهبط بالسياسة من الدرجة العليا من العِلْم إلى الدرك الأسفل من الشعوذة، ما يُظْهِر ويؤكِّد أنَّ الولايات المتحدة تحرص كل الحرص على "تحجيب" سببها الحقيقي للنزاع مع إيران؟!

عمَّا قريب سيجلس الطرفان إلى طاولة المفاوضات في جنيف.. أحدهما هو إيران "النووية"، أو "ذات النيَّات النووية"؛ أمَّا "الآخر" فهو: الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا (قوى نووية، ودول دائمة العضوية في مجلس الأمن) وألمانيا (قوة غير نووية، ودولة لا تتمتَّع بَعْد بالعضوية الدائمة في ذلك المجلس). وهذا "الطرف الدولي" يضم في عضويته غير الظاهرة إسرائيل (النووية من رأسها حتى أخمص قدمها، والتي تجاهد في سبيل مزيد من التدويل لمعاداة إيران، وللحرب عليها).

ولقد وعد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، الذي يرغب في أن يجازي إحسان إدارة الرئيس أوباما بمزيد من الإحسان الروسي، بـ "مفاجأة سارة" عند افتتاح مفاوضات جنيف، التي على أهميتها وعِظَم مغزاها ستَعْجَز عن تعليم العرب ولو نزراً من "عِلْم التفاوض". أمَّا تلك "المفاجأة" فهي إتيان المفاوِض الإيراني بـ "الدليل القاطع" على أنَّ النيَّات النووية لبلاده هي سلمية صرف؛ فَلْننتظِر!

إذا جاء "المفاوِض الإيراني" بما يدل على أنَّه عند "حُسْن ظن" مدفيديف به فعندئذٍ ستقترح روسيا "تجميداً مقابل تجميد"، أي أن تُعْلِن إيران تجميد تخصيب اليورانيوم، فتُعْلِن القوى الغربية تجميد العقوبات.

قُلْتُ إنَّ التجربة التفاوضية في جنيف ستَعْجَز عن تعليم العرب (عشَّاق التفاوض العبثي الأبدي مع إسرائيل) ما هو في منزلة "راس روس" من علم التفاوض؛ لأنَّ بينهم وبين العالم الواقعي للسياسة هوَّة عرضها السماوات والأرض.

ومع ذلك، دعونا نَذْكُر بعضاً من "الحقائق البسيطة"، ونُذكِّر بها، إنْ نفع الذِكْر، وإنْ نفعت الذكرى.

ثلاثة خيارات تتحدَّث عنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في مواجهة التحدِّي النووي الإيراني: "الخيار الدبلوماسي (الحوار والمفاوضات)"، و"خيار العقوبات"، و"الخيار العسكري"؛ ولقد رتَّبْتُ الخيارات الثلاثة بحسب أوزانها الحقيقية في موازين القوى الغربية تلك، فـ "الدبلوماسي" هو "الأثقل"، و"العقوبات" هو "الثقيل"، و"الحرب" هو "الخفيف".

وفي الآتي بعض من تلك "الحقائق البسيطة" التي تتحدَّى العرب أن يحيطوا بها عِلْماً، وأن يتمثَّلوها:

وزير الدفاع في القوَّة العظمى في العالم روبرت غيتس قال إنَّ هجوماً عسكرياً ضد إيران يمكن أن يؤدِّي فحسب إلى إكساب الولايات المتحدة وحلفائها "مزيداً من الوقت.. يمكنه أن يؤدِّي إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني سنةً أو ثلاث سنوات"!

لقد نجحت إيران في "تخسيس" وزن "الخيار العسكري" ضدَّها، فزاد وزنها التفاوضي، واشتد الميل لدى القوى الغربية إلى مفاوضتها، ومجادلتها بالتي هي أحسن، فهل وقَفْنا على سبب تفاوضنا العبثي وغير المجدي مع إسرائيل، والذي كلَّما مضينا فيه قُدُماً تحوَّل "مفاوضونا" إلى "كهنة"!

وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قال (إذ اضطُّر إلى أن يلبس لبوس الحكمة) إنَّ أيَّ شخص سليم العقل لا بدَّ له من أن يشعر بـ "قلق حقيقي" عندما يفكِّر في اللجوء إلى العمل العسكري ضدَّ إيران.. "إننا، وبنسبة 100 في المئة، نسعى إلى حل دبلوماسي مع إيران"؛ فهل عرفنا الآن السبب الحقيقي الذي يغري إسرائيل بعدم السعي إلى حلٍّ دبلوماسي مع العرب؟!

لِنَعُد الآن إلى غيتس الذي اعترف بنجاح إيران في جَعْل الخيار العسكري ضدَّها بأهمية ومنزلة "الخيار الإستراتيجي العربي"، أي خيار السلام مع إسرائيل، فهو لم يرَ من سبيل إلى منع إيران من حيازة السلاح النووي سوى "جَعْلها تُدْرِك أنَّ حيازتها له (أو سعيها لحيازته) ينال من قوَّة أمنها القومي، ولا يعزِّزه".

وهذا الذي قاله، أو اكتشفه، غيتس هو، من وجهة أخرى، "التوقُّع" الكامن في أساس خيار العقوبات. إنَّه "يتوقَّع" أن تؤدِّي العقوبات (الاقتصادية وغير الاقتصادية) التي يفكِّر فيها إلى "شيطنة" البرنامج النووي الإيراني من وجهة نظر الأمن القومي لإيران، أي أن يؤدِّي السعي النووي الإيراني، في مناخ العقوبات، إلى "تفجير" الأمن القومي الإيراني من الداخل.

"فنُّ الإقناع"، أي الخيار الدبلوماسي، سيُمارَس في جنيف، فإذا فشل فلا بدَّ عندئذٍ للقوى الغربية من اللجوء إلى "فن الإكراه"، الذي بفضل نجاح إيران في أن تُعِدَّ لخصومها ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل، تحوَّل من "حرب" إلى "عقوبات (اقتصادية)"!

لقد كانت الحرب امتداداً للسياسة، فنجحت إيران في جَعْل العقوبات امتداداً للسياسة؛ وقد تنجح عمَّا قريب في جَعْل "خيار العقوبات" يلقى المصير نفسه الذي لقيه "الخيار العسكري"!

لم نتعلَّم ما ينبغي لنا تعلمه من تجربة إيران في ابتناء القوَّة التفاوضية؛ ولكنَّ بعضنا تعلَّم (وبئس ما تعلَّم) أهمية وضرورة أن نقف، في السرِّ والعَلَن، مع إسرائيل النووية ضدَّ إيران "ذات النيَّات النووية"!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنَّها -مفاجأة- أوباما الأولى!
- شيئان لم نتعلَّمهما بعد: قول -لا- و-السؤال-!
- -الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!
- أيلول 2009 يتربَّص بالفلسطينيين شرَّاً!
- حكومة الذهبي -خصخصت- حتى -تخصخصت-!
- -ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!
- تسع سنوات من حرب -بن بوش بن لادن-!
- -ظاهرة-.. في مؤسَّساتنا!
- خيار -الدولة الواحدة-!
- ليبرمان يقود من الحبشة -حرب المياه- ضدَّ مصر!
- اعْرَف حقوقكَ!
- ثالوث الفساد الاقتصادي البنيوي!
- -دولة الأمر الواقع-.. معنى ومبنى!
- عشاء في -السفارة في العمارة-!
- المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!
- -الأوتوقراطية التجارية-.. في رمضان!
- جمهوريات -العائلة المقدَّسة-!
- نساؤنا في عهدهن -السيداوي-!
- رمضان على الأبواب.. فَلْتُشْعِلوا نار الغلاء!
- فلسطين لن تكون -إمارة رفح- ولا -إمارة أندورا-!


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!