أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - خيار -السلام- أم خيار -اللا خيار-؟!















المزيد.....

خيار -السلام- أم خيار -اللا خيار-؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 15:47
المحور: القضية الفلسطينية
    



منذ 16 سنة والفلسطينيون يفاوضون إسرائيل من أجل التوصُّل إلى اتِّفاق معها على حلٍّ نهائي؛ ولكن النتيجة العملية، حتى الآن، صفرية؛ بل دون الصفر. إنَّها "صفرية" بهذا المعنى فحسب؛ وغير صفرية، بمعنى آخر، فكلَّما ثَبْت وتأكَّد للفلسطينيين (والعرب) أنَّ "مفاوضات السلام" ليست بمفاوضات، وعاجزة عجزاً "خَلْقياً" عن جعل السلام حقيقة واقعة، ازدادوا استمساكاً وتشبُّثاً (تعجز "السياسة" عن فهمه وتفسيره) بـ "خيار السلام" بوصفه "خياراً إستراتيجياً"، وبالخيار المتفرِّع منه، وهو "خيار الحل (النهائي) عبر التفاوض السياسي" مع إسرائيل.

وحتى لا نَظْلِم اللغة، كلمات ومعاني، لا بدَّ من توضيح وجلاء أمرٍ في منتهى الأهمية (من وجهة نظر "اللغة السياسية") وهو أنَّ هذا "الخيار" أو "ذاك" ما عاد بـ "الخيار"، فإنَّ فيه من حجم معنى "الاضطِّرار (والإرغام والإكراه..)" ما يجعله بعيداً كل البُعْد عن معنى "الخيار"؛ فهل في اجتيازكَ النهر سباحةً لا مشياً أي معنى من معاني "الخيار"، أو "الاختيار"؟!

أمَّا "القيم الأخلاقية والإنسانية والحضارية.. والدينية" التي نحرص دائماً على أن نزيِّن بها التزامنا السلام التزاماً إستراتيجياً ميتافيزيقياً فهي خير دليل على أنَّنا نجيد مسخ وتشويه معنى "الفضيلة"، فما نقول به عن اضطِّرار لا يمكن أبداً أن يَعْدِل "الفضيلة"، معنىً؛ لأنْ ليس في الاضطِّرار فضيلة.

نحن الآن، والحقُّ يقال، خاضعون لاحتلال آخر، أسوأ بكثير من الاحتلال الإسرائيلي، هو احتلال "اللا خيار"، والذي لنا مصلحة واقعية (غير وهمية) في أن نصوِّره بالوهم، ولأنفسنا، على أنَّه "خيار السلام" الذي لا ولن نُشْرِكَ به أيَّ خيارٍ آخر مهما سعى "الواقع" في إقناعنا بأنَّ حاجة إسرائيل إلى السلام (المُخْتَلِف عن "راية بيضاء" يرفعها الفلسطينيون والعرب) لم تضعف وتضمر؛ بل هي غير موجودة أصلاً.

إنَّهما خياران اثنان لا انفصام في وحدتهما في عالم السياسة الواقعي الحقيقي لا الوهمي، هما "الحرب" و"السلام"، فإنَّ الوهم بعينه أنْ تَعْتَقِد أنَّ في وسعكَ الاحتفاظ بأحدهما إذا ما فرَّطت في الآخر، أو تخلَّيت عنه؛ وهذا الوهم يشبه وهم أن تظنَّ أنَّكَ تستطيع أكل نصف التفاحة والاحتفاظ بها كاملة في الوقت عينه.

الفلسطينيون الآن ليسوا في حال الملتزم السلام، المؤمن به؛ لأنَّهم، من وجهة نظر الحقيقة الموضوعية، أسرى لخيار "اللا خيار"، والذي من قبيل التعزية للنفس يسمونه "خيار السلام".

وأحسب أنَّ تحرُّرهم من "احتلال خيار اللا خيار" هو ما يجعل تحررهم من الاحتلال الإسرائيلي هدفاً في متناول أيديهم.

منذ 16 سنة والفلسطينيون يفاوضون ويفاوضون.. حتى ملَّتهم المفاوضات، بطاولتها وعِلْمها وأصولها وقواعدها ودروسها؛ ولا يَلْقون من العرب، ومن "معسكر الاعتدال" على وجه الخصوص، من الدعم والتأييد إلاَّ ما يجعلهم أسرى للمفاوضات العبثية الأبدية، التي أمعن المفاوض الفلسطيني في تعاطيها حتى غدا مريضاً بمرض الإدمان عليها.

ولكن متى، في بحر سنوات التفاوض، فاوض الفلسطينيون إسرائيل وهي ملتزمة، قولاً وعملاً، وَقْف نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية؟!

16 سنة من "التفاوض".. ومن "الاستيطان" أيضاً، فَلْتقارنوا بين نتائج هذا ونتائج ذاك!

لقد تشجَّع الفلسطينيون مرَّتين، فوقعوا في شرك نُصِب لهم، فحلَّت بهم المآسي والكوارث.

قديماً، تشجَّعوا بعزم الدول العربية على خوض الحرب ضدَّ "قرار التقسيم"، وضدَّ "الدولة اليهودية" التي بموجبه قامت، فشقَّ عليهم أن يتراجعوا عن مواقف، انتصر لها العرب بالكلام، ثمَّ بالحديد والنار، فتمخَّض انتصارهم لها عن النصر التاريخي الأوَّل لإسرائيل.

وحديثاً، تشجَّعوا بالفارس الأسود إذ امتطى "البيت الأبيض"، وإذ قال في "الاستيطان" ما جعله كالمهدي المنتظَر، عربياً، فالتزموا ما التزم، رافضين، هذه المرَّة، استئناف المفاوضات قبل أن تُوْقِف إسرائيل كل نشاط استيطاني لها في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ولكنَّ "جبل أوباما" تمخَّض فولد فأراً، رآه الفلسطينيون في السيِّدة كلينتون إذ خاطبتهم (في أبو ظبي ثم في القدس) قائلةً: المفاوضات يمكن ويجب أن تُسْتأنف في مناخ الاستيطان المستمر (في القدس الشرقية على وجه الخصوص). وسرعان ما استنتج قادة فلسطينيون من ذلك أنَّ وزن نتنياهو في داخل الولايات المتحدة يفوق كثيراً وزنه في داخل إسرائيل.

في دهشةٍ واستغرابٍ، سألها عباس السيِّدة كلينتون إذ تلت على مسمعه آية الجحود الكبرى: ألستِ من القائلين إنَّ الاستيطان عقبة في طريق السلام؟!

وأجابته، على ما أتخيَّل أو أتوقَّع، قائلةً: أجل؛ إنِّي من المؤمنين القدامنى بأنَّ الاستيطان عقبة..؛ ولكنِّي من المؤمنين الجُدد بأنَّ العقبة في طريق السلام هي كل من يؤمن بأنَّ الاستيطان هو عقبة في طريق السلام، فَلْتَذْهب إلى مفاوضة نتنياهو وكأن لا وجود للاستيطان، وَلْيَمْضِ نتنياهو قُدُماً في الاستيطان وكأن لا وجود لمفاوضات السلام؛ نحن نعترف بأننا تراجعنا؛ ولكن إيَّاكَ أن تظن أننا خسرنا إذ تراجعنا؛ أمَّا أنتَ فحان لكَ أن تختار، فإمَّا أن تتراجع مثلنا، مُتقدِّماً، بالتالي، في نوبة جديدة من المفاوضات العبثية، وإمَّا أن تظل مقيَّداً بالقيد نفسه الذي تحرَّر منه أوباما، فتبقى حيث أنتَ الآن، وبما أنتَ عليه الآن.. لا المفاوضات تُوْقِف الاستيطان، ولا عدم المفاوضات يُوْقِفه؛ لا المفاوضات تأتيكم بحلٍّ، ولا "غيرها" يأتيكم به؛ لأنَّ "غيرها" أصبح أثراً بعد عين.

لقد قدَّمت السيِّدة كلينتون إلى الرئيس عباس "عرضاً مغرياً"، وزنه من وزن "التنازل (الاستيطاني) غير المسبوق" الذي قدَّمه نتنياهو؛ وإنِّي لأقترح على الرئيس عباس أن يقدِّم لها، وله، "عرضاً فلسطينياً مغرياً أكثر"، يلتزم فيه الفلسطينيون الجلوس مع الإسرائيليين 16 سنة أخرى حول طاولة المفاوضات العبثية، على أن تلتزم إسرائيل وَقْف كل نشاط استيطاني لها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أثناء ذلك؛ فهل تَقْبَل؟!

والآن، ستتلو السيِّدة كلينتون البيان الجديد للوهم والخداع على مسامع وزراء الخارجية العرب الذين ستلتقيهم في المغرب، والذي ستقول لهم فيه إنَّ نتنياهو لن يستطيع أبداً قبول الوقف التام للنشاط الاستيطاني؛ لأنَّه إذا قَبِل فلن تُسْتأنف المفاوضات؛ لأنَّ ائتلافه الحاكم سيتمزق إرباً إرباً. اقْبلوا، وحُضُّوا عباس على أن يقبل، ما قبله نتنياهو فإنَّ في هذه الضارة نافعة للسلام؛ فهذا الرجل، وبدعم من الرئيس أوباما، سيعطي في خلال سنتين اثنتين من التفاوض الجديد كل ما يلزم لجعل حلِّ الدولتين حقيقة واقعة، فإبداؤه لمرونة تفاوضية وسياسية كافية لذلك لن يكون ممكناً إلاَّ إذا أعطيناه ما أراد في شأن الاستيطان؛ ويمكن أن يَقْبَل أقل قليلاً ممَّا أخذ (في شأن الاستيطان) إذا ما أعطيتموه مزيداً من "التطبيع"، عِلْماً أنَّ هذا "التطبيع الإضافي" سيفيد الآن عباس نفسه؛ ذلك لأنَّه قد يحصل في مقابله من نتنياهو على "اعتدال استيطاني أكثر"، فيصبح في وسعه، عندئذٍ، استئناف المفاوضات مع إسرائيل.

أمَّا إذا استعصى على العرب مساعدة عباس من هذه الطريق، ورفضوا، بالتالي، مزيداً من التطبيع للعلاقة مع إسرائيل، فإنَّ على إدارة الرئيس أوباما مع غيرها ("الرباعية الدولية" ومجلس الأمن على وجه الخصوص) أن تعطي الفلسطينيين من الضمانات ما يكفي لإقناعهم بأنَّ حلَّ الدولتين سيغدو حقيقة واقعة بعد "سنتين من المفاوضات ـ الاستيطان"، أي من المفاوضات التي يخالطها مزيد من الاستيطان.

إذا تحقَّق ذلك يصبح ممكناً أن "يَحُضَّ" العرب (المحجمين الآن عن مزيدٍ من التطبيع) الرئيس الفلسطيني على استئناف المفاوضات، التي بفضل "الضمانات"، قد يطغى فيها "لون السلام" على "لون الاستيطان".





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بالون أوباما- إذ -نفَّسه- نتنياهو!
- فساد شيراك..!
- في التفسير الميثولوجي للتاريخ.. والسياسة!
- في مديح وهجاء -وادي عربة-!
- قيادات فضائية!
- ما هي -الدولة-.. عربياً؟
- بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!
- في الجدل الانتخابي العراقي!
- نحو حل -الدولتين الفلسطينيتين- للنزاع بين الفلسطينيين!
- الفأس والرأس.. اللقمة والرأي!
- غولدستون -المسار- هو الأهم من غولدستون -التقرير-!
- -الاحتكام إلى الشعب-.. فلسطينياً!
- الاعتراف ب -يهودية- إسرائيل هو تهويدٌ للعقل!
- القيادات الفلسطينية.. رؤوسٌ تبحث عن عقول!
- -نوبل-.. ونُبْلُ أوباما!
- -أردي- جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين!
- محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟
- الدكتور زغلول النجار إذ هبط بالعِلْم إلى الدرك الأسفل من الش ...
- الحلُّ في حلِّ -مشكلة الحدود- أوَّلاً!
- -التعصُّب- إلغاء للعقل!


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - خيار -السلام- أم خيار -اللا خيار-؟!