أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - 90 في المئة!














المزيد.....

90 في المئة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 3 - 14:50
المحور: كتابات ساخرة
    


إنَّها لفئة ضئيلة ضالة من الشعب، أو من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم، وإلاَّ ما معنى أنْ يقول الشعب، أي نحو 90 في المئة، أو أكثر، من الناخبين، في الانتخابات الرئاسية، "نعم" للرئيس نفسه مرَّات عدة، وأنْ تظلَّ تلك الفئة على سلبيتها وشذوذها، معتصمةً بقول "لا"؟!

ولكن، ما هو "السِّر".. سِرُّ هذا التأييد الشعبي شبه المطلق للرئيس؟

افتراضاً، وأقول "افتراضاً" ليس إلاَّ، يمكن أنْ نرى في الأمر نقصاً في منسوب الديمقراطية في جمهوريات "الآب والابن.." العربية، ففي أنظمة الحكم الديمقراطية في الغرب، والتي ربَّما (وأقول "ربَّما") لديها من الديمقراطية أكثر مِمَّا لدينا، لا وجود لرئيسٍ فاز في الانتخابات بنحو 90 في المئة من أصوات المقترعين، ففوزه بنحو 55 في المئة (أو أكثر قليلاً، أو أقل قليلاً) من أصوات المقترعين هو الشائع عندهم.

هذا الافتراض لا أراه وجيهاً؛ لأنَّ "الرئيس" إذا فهم معناه جيِّداً يمكن أن يَظُنَّ أنَّ العلاقة بين "الديمقراطية" و"النسبة"، أي نسبة الأصوات التي فاز بها، هي علاقة تناسب عكسي (ديمقراطية أكثر تعني نسبة أقل، أو ديمقراطية أقل تعني نسبة أكثر).

يجب أن نضرب صفحاً عن هذا الافتراض؛ لأنَّ نسبة "90 في المئة" تقول للرئيس: إنَّك لم تَفُزْ هذا الفوز العظيم إلاَّ لكون جمهوريتك قليلة ضئيلة في ديمقراطيتها. وهذا قولٌ لا يَسُرُّ الرئيس، ويمجه سمعه.

هل من افتراضٍ ثانٍ أو آخر؟

كلاَّ، لأنَّ الافتراض الثاني أو الآخر ليس بافتراض، بل هو الحقيقة بعينها.

وهذه الحقيقة تقول إنَّ جمهورية الرئيس ليست بأقل ديمقراطية من الجمهوريات أو الملكيات الغربية؛ ولكن "الشعب" في جمهورية الرئيس مُفْرِطٌ في حبِّه لرئيسه؛ ويكفي أن يجتمع هذا وذاك (وفرة في الديمقراطية وإفراط في حبِّ الشعب لرئيسه) حتى تتَّسِع "النسبة" وتعظم، فتصبح 90 أو 95 أو 98 في المئة!

انتخاباتهم الرئاسية لا تزيد (إنْ زادت) ديمقراطيةً عن انتخاباتنا الرئاسية إلاَّ قليلاً؛ أمَّا السبب فيكمن في كونهم أكبر سِنَّاً منا في الديمقراطية.

ونحن نضيف إلى هذا "التماثُل الديمقراطي التقريبي" عنصراً لا وجود له عندهم ألا وهو هذا الحُبُّ الشعبي العظيم للرئيس.

وإيَّاكم أن تظنُّوا أنَّ هذا الحُبُّ "سطحيٌ" كالحبِّ عند المراهقين؛ فهو يضرب جذوره عميقاً في حياة الشعب الواقعية، بأوجهها كافة، فإنَّ للرئيس من المآثر والأيادي البيضاء ما يُفسِّر ويعلِّل على خير وجه هذا الحُبُّ الشعبي العظيم له.

وإيَّاكم أن تظنُّوا أيضاً أنَّ هذا الرئيس المحبوب، أي الذي يُحبُّه كل مواطِن صالح أكثر مما يُحِبُّ نفسه، يمكن أن يكون ناكراً للجميل، فها هو، وبعدما قضى نحو نصف قرن من الزمان في خدمته الرئاسية للشعب، وما مسَّه من لغوب، يعاهِد شعبه قائلاً "أعاهدكم على الاستمرار في تحمُّل المسؤولية ما دام في الصدر قلب ينبض"!

لا تشكِّكوا في حُبِّ الشعب لرئيسه، أي لكل رئيس؛ لأنَّ كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم الشعب نفسه استحقوا الحُبَّ الشعبي نفسه، فالشعب لا يُفرِّق بين أحدٍ منهم.

لا تشكِّكوا؛ لأنَّ "الواقع نفسه" يقف ضدَّ تشكيكم، فالشعب عندنا، ومهما مزَّقت وحدته قوى العصبية الدُّونية، وتبدَّد شمله، يأبى، يوم الانتخاب، إلاَّ أن يقاتِل انتخابياً في سبيل الرئيس صفَّاً كأنَّ أبنائه جميعاً بنيان مرصوص.

شعبٌ لا يتَّحِد اثنان من أبنائه؛ ولكنَّه يتَّحِد كله في انتخاب رئيسه (الذي اعتاد انتخابه وأدمن عليه) فهل تريدون دليلاً على حُبِّ الشعب لرئيسه أقوى من هذا الدليل؟!

الرئيس، وقد بلغ من الكِبَر عِتِيَّا، يَعْلم عِلْم اليقين أنَّ الأعمار من أمر ربِّه، وأنَّ الآخرة خير وأبقى من "الرئاسة الأبدية"، وأنَّ شعبه عاقِر، فلا يَلِد غيره من الرؤساء، فهل يضن عليه بغلامه وفلذة كبده؟!

وإنَّ الرئيس برعيته لرؤوف رحيم، فهو لا يَفْرِض على الرعية غلامه فَرْضاً، بل يُخيِّرها قائلا: أسرعوا في قبوله وريثاً لي في حُكمكم أو تريَّثوا، فإنْ فضَّلتم (إلى حين) التريُّث فلا مانع عندي من أن تقرِّروا "التمديد" لرئاستي عليكم.

"الديمقراطية"، في معنى من معانيها، هي "الرئيس المنتخَب"؛ وبحسب هذا المعنى، لا فَرْق بين جمهورياتهم الرئاسية وجمهورياتنا الرئاسية إلاَّ الفَرْق الصغير والتافه الآتي: الرئيس عندهم يأتي بالانتخاب ليذهب بالانتخاب؛ أمَّا عندنا فإنَّه "يستمر ويبقى" بالانتخاب؛ إنَّه لم يأتِ بالانتخاب، ولن يذهب، بالتالي، بالانتخاب؛ فإمَّا أن يُذهبه الله وإمَّا أن يُغادِر من الباب نفسه الذي منه دخل.

هناك من يقول بالقول "كما تكونوا يُولَّى عليكم"؛ ولكن هناك من يَعْتَرِض قائلاً بقول جمال الدين الأفغاني "وكما يُولَّى عليكم تكونوا".

وإنِّي لأرى رأياً ثالثاً.. الحكومة عندنا لا بدَّ لها من أن تشبهنا، فالحكومات العربية أقرب إلينا، في كثير من خواصها وسماتها، من حكومة السويد مثلاً. أقول "لا بدَّ لها من أن تشبهنا"، فهي، والحقُّ يقال، تُمثِّل خير تمثيل كل ما هو سيِّئ وفاسِد فينا؛ ونتمنى أن تشبهنا مستقبلاً شبهاً إيجابياً، فتمثِّل كل ما هو جيِّد وإيجابي فينا. إنَّها المرآة التي فيها يرى مجتمعنا صورته بجانبيها الإيجابي والسلبي، وإنْ لم يرَ فيها حتى الآن إلاَّ صورته التي طغى جانبها السلبي على جانبها الإيجابي.

والحكومة عندنا يصحُّ فيها أيضاً قول الأفغاني "وكما يُولَّى عليكم تكونوا"، فثمَّة مَنْ ولاَّها علينا، محاوِلاً إعادة خلقنا على صورتها ومثالها.

لقد فشلنا حتى الآن في تغيير رؤساء لنا نجحوا كثيراً في تغييرنا بما يلبِّي احتياجاتهم، ويخدم مصالحهم، فالشعب عندنا إمَّا أن يغيِّر الرئيس وإمَّا أن يُغيِّره الرئيس!

"90 (أو أكثر) في المئة".. إنَّها ليست نسبة حُبِّ الشعب لرئيسه؛ وإنَّما نسبة "الإرهاب الرئاسي" الذي مهَّد للانتخابات الرئاسية واعتراها وخالطها، فهذا الإرهاب هو "الناخب الأكبر" في جمهورياتنا الرئاسية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيار -السلام- أم خيار -اللا خيار-؟!
- -بالون أوباما- إذ -نفَّسه- نتنياهو!
- فساد شيراك..!
- في التفسير الميثولوجي للتاريخ.. والسياسة!
- في مديح وهجاء -وادي عربة-!
- قيادات فضائية!
- ما هي -الدولة-.. عربياً؟
- بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!
- في الجدل الانتخابي العراقي!
- نحو حل -الدولتين الفلسطينيتين- للنزاع بين الفلسطينيين!
- الفأس والرأس.. اللقمة والرأي!
- غولدستون -المسار- هو الأهم من غولدستون -التقرير-!
- -الاحتكام إلى الشعب-.. فلسطينياً!
- الاعتراف ب -يهودية- إسرائيل هو تهويدٌ للعقل!
- القيادات الفلسطينية.. رؤوسٌ تبحث عن عقول!
- -نوبل-.. ونُبْلُ أوباما!
- -أردي- جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين!
- محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟
- الدكتور زغلول النجار إذ هبط بالعِلْم إلى الدرك الأسفل من الش ...
- الحلُّ في حلِّ -مشكلة الحدود- أوَّلاً!


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - 90 في المئة!