|
الفساد السياسي كوة الفساد الاداري والمالي
علي محمد البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 22:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفساد مفردة ثقيلة على آذان الفقراء والمساكين ، لكنها خفيفة في أكمام الفاسدين ، وهي تقترب كثيراً من معنى الخراب ، فما دخل الفساد على شيء إلا ودمره وخربه ، وتلاعب في أساسياته . وقد تنوعت مجالات الفساد ، لكن أصله في الحقيقة واحد ، فالفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي كلها مظهر من مظاهر تلك الملكة النفسانية التي تدفع الفرد باتجاه السلوك المنحرف ، فإذا كان الفساد هو تلك الملكة النفسانية ، فالفاسد إذاً هو البيئة الخصبة التي يمكن لبذور الفساد المختلفة أن تنمو فيها . أريد أن أضع الإصبع على نوع واحد من أنواع الفساد ؛ لأنه سيكون أحد العوامل التي يمكنها أن ترسم الخارطة السياسية بعد أربعة أشهر تقريباً، أعني الانتخابات البرلمانية . فمع الأسف البرلمان العراقي لم يشرع لحد الآن قانوناً للأحزاب ينظم عملها ، وما هي المساحات المباحة للأحزاب والتنظيمات السياسية والمساحات المحظورة ، وما هي مصادر التمويل ؟ وما هي طبيعة ارتباط الأحزاب بالجهات الخارجية ؟ وهل بالإمكان تنظيم الأحزاب على أساس إثني وطائفي ......؟ ولأن إصدار مثل هذا القانون سيحصر تحركات بعض الأنشطة المشبوهة ، ويضع حداً فاصلاً للفوضى السياسية التي يمر بها البلد ، خصوصاً فوضى تشكيل الأحزاب ، لذا فإن الكثير من السياسيين أسهموا بشكل وآخر في عرقلة قراءة قانون الانتخابات ، وبعد أن قُرئ القانون في مجلس النواب يحاولون بشتى الوسائل عدم التصويت عليه . إذا كان الفساد الأخلاقي هو النواة التي يتفرع من شجرتها باقي أنواع الفساد ، فإن الفساد السياسي هو البوابة الرئيسة للفساد الإداري والمالي ، فهناك من السياسيين دخلوا العملية السياسية من (السياج) !!وليس من الباب ، وكان يشوب عملهم السياسي نقاط ضعف كثيرة ، منها أنهم يعملون من أجل أجندة خارجية ومنهم ذو أجندة طائفية ، وشارك مشاركة فعالة في إذكاء العنف الطائفي ، بل إن القوات الأمنية والقوات الأمريكية المحتلة قد عثرت على أسلحة ومتفجرات وسيارات مفخخة في بيوت برلمانيين ورؤساء كتل ، أما عن التمويل فأصبح أشهر من نار على علم ، فهناك من السياسيين من يستجدي في دول الجوار ودول الخليج باسم الطائفة ونصرة المذهب ، وتلك الدول طبعاً لها أجندتها في الساحة العراقية ، لذلك فإن الدفع سيكون دسماً وبسخاء حاتمي لا نظير له ، ولا حرج إذا قُتِل آلاف العراقيين بهذه الأموال ، إنما المهم هو أن يرضى الملك الفلاني والأمير العلاني ، وأن يحقق مآربه وأن يواجه الخطر "الفارسي" ؛ لأن إسرائيل لم تعد تشكل خطراً عليه ولا على المنــطقة ، وإنما هي صديــقة ودودة ( لا تهش ولا تنش ) !! أما هذا السياسي المستجدي ، فإنه سيُظهِر نفسه للجماهير على أنه منقذ المذهب ومخلص الأمة ، وستكون دعايته الانتخابية كلا للطائفية!! كلا للأجندة الخارجية !! نعم من أجل عراقٍ خالٍ من الإرهاب والفساد !! مما تقدم يمكننا أن نتعرف على مدى خطورة الفساد السياسي ، فالفاسدون سياسياً يمكنهم أن يؤدوا أقذر الأدوار في المشهد العراقي ، وما الملف الإداري والمالي إلا ملفان يسيرٌ التعامل معهما من قبل هؤلاء المخربين ، لا سيما أن السلطة أو المناصب العليا التي من الممكن أن يتسنَّموها ستفتح الباب لهم على مصراعيه ؛ ليصولوا ويجولوا في مقدرات هذا البلد المنكوب ، ولا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يقف بوجههم إلا من رحم ربي ، وهذا " الذي رحم ربي " إذا استطاع أن يحاسب جهات ليست ذا بال ، فإن الرؤوس الكبار فمن الصعب أن يطالها حساب أو عقاب ، وإذا كانت بعض الجهات الرقابية كهيئة النزاهة تحاول الاستقلال ما استطاعت إلى ذلك من سبيل ؛ لكي يكون عملها أكثر مهنية ولكي لا يكون أمام تحركاتها أي خطوط حمراء ، فإنها تُهدَّد من قبل أطراف سياسية بالتصفية الجسدية ، وما تصريح رئيس الهيئة عنا ببعيد ، فإنه صرَّح لبعض القنوات الفضائية بأن هناك من يهددنا بالتصفية الجسدية ، لماذا يا سيادة القاضي ؟؟؟!!! حتماً سيكون الجواب أن بعض القوى السياسية المتنفذة في مفاصل الدولة كافة وعلى أعلى المستويات لا تريد أن يكون عمل الجهات الرقابية مستقلاً ، فإذا ما استقلت الجهات الرقابية بشكل كامل عن الضغوطات السياسية فستطرق آليات الحساب والرقابة أبواب هؤلاء السياسيين والمسؤولين المبنية بسياج من الحصانة والقدسية والصنمية . على الشعب العراقي أن يغتنم الفرصة وأن يحدد خياراته فإما الجنة ! بانتخاب الأناس الصالحين ذوي الكفاية والمهارة ، وإما النار ! نار الانتهازيين والطفيليين الفاسدين ، الذين يفترشون أيديهم وأذرعهم لا لينالوا قصعتهم ، وإنما ليختطفوا قوت الآخرين من اليتامى والأرامل وذوي الشهداء والمناضلين الذين ضحوا بكل ما يملكون ؛ ليروا العراق ممسكاً بقراراته المصيرية وينهض من كبوته ، ويعيش مثل باقي البلدان في أمن ورفاهية ، ولكي يكون صاحب القرار هو الشعب العراقي ، لكن من أُستُشهِد لو أن له كرة ويعود ، ماذا ـ يا ترى ـ سيفعل ؟!!حتماً سيصيح بتلك الطبقات المستضعفة بشعارات الصحابي الجليل أبي ذر ، الذي حارب فساد الولاة الجائرين المتخومة بطونهم من أموال الأمة : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يشهر سيفه... وأنا أقول : عجبت لمن يرى من انتخبهم وهم يسكنون القصور والصروح الفارهة في المنطقة الخضراء ويأكلون ما رأت أعينهم وما لم تره وما لم يخطر على قلب بشر ، وهو يسكن خرائب "حي طارق والشيشان" كيف لا يشهر صوته في يوم الانتخابات ضد هؤلاء ولصالح ذوي الأيادي البيضاء .
#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعنة السماء تنزل على المسؤولين غير المسؤولين
-
وزارة العمل أم وزارة العاطلين؟!
-
الانتخابات البرلمانية الانطلاقة الاولى نحو الفساد السياسي وا
...
-
ترميم نفسية الفرد العراقي
-
الرشوة والمحسوبية
-
نزاهة القوات الأمنية على المحك
-
الحصانة مطية الفاسدين
-
من المسؤول عن تفشي الرشوة في دائرة الرعاية الاجتماعية
-
البرلمانيون وشرعية هيئة النزاهة
-
مفهوم السيادة
-
استجواب المسؤولين
-
قانون الاحزاب متى يبصر النور
-
الكرة الان في ملعب النزاهة
-
النظام الرئاسي الطريق الامثل لمحاربة الفساد
المزيد.....
-
رئيس حزب -شين فين- الإيرلندي: اعتراف إيرلندا والنرويج وإسبان
...
-
اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما
...
-
رئيس حزب الائتلاف الجمهوري يحذر من الهيمنة الأمريكية الأوروب
...
-
بلينكن يبحث مع نظرائه السعودي والأردني والتركي صفقة بايدن لو
...
-
سيئول: كوريا الشمالية تشن هجوم تشويش على نظام تحديد المواقع
...
-
الكويت... رجل يشعل النار في نفسه
-
الكويت تسجل أعلى درجة حرارة في العالم يوم الجمعة
-
صحيفة تكشف كيف وافق بايدن على رفع الحظر عن استهداف روسيا
-
ترحيب أوروبي ألماني بخارطة الطريق لإنهاء الحرب في غزة
-
-بلومبيرغ-: مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي يعملان على فرض عق
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|