أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - ما هي ثمرة التمسك بالإمامة؟















المزيد.....

ما هي ثمرة التمسك بالإمامة؟


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2800 - 2009 / 10 / 15 - 05:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أو لنطرح السؤال على نحو أعم: ما هي ثمرة التمسك بمذهب من المذاهب الفقهية أو الكلامية، هذا إذا لم نطرح السؤال بشكل أكثر عموما، ألا هو ما هي ثمرة التمسك بدين محدد. ولكن لنبدأ بالسؤال المطروح في العنوان.



العقائد:
صحيح إن عقيدة الإسلام، لاسيما فيما يتعلق بالتوحيد ولوازمه وما يتفرع عنه، هي الأقرب إلى الصواب بحكم العقل، فيما يصوبه ويخطئه العقل، من خلال أن مدرسة أهل البيت هي المدرسة العقلية فيما هي العقائد، ولكنها ليست وحدها التي تعتمد العقل، بل هناك إلى جانبها مدرسة الاعتزال. ثم البحث الفلسفي المحايد دينيا بإمكانه التوصل إلى عقيدة التوحيد العقلية، دونما الحاجة إلى رسول أو إمام، وحتى في إطار الإسلام، في حال التسليم على كونه وحيا إلهيا بعد البحث العقلي، ففهم عقائد الإسلام في ضوء العقل ممكن أن يدرك مستقلا عن الإمامة. وهكذا هو الأمر في كل قضايا العقيدة. أما وجوب التسليم بكل تفصيلات العقيدة على وفق ما ورد في مدرسة أهل البيت، فعليه إشكالان؛ الإشكال الأول هو على نحو التناقض، لأن المدرسة العقلية تقول من جهة ألا تقليد في الأصول أي العقائد، بل التقليد يكون حصرا في الفروع أي الأحكام، ومن جهة أخرى يوجب علماء الكلام الشيعة التسليم بالمنظومة العقائدية الكاملة حسبما يقدمونه باجتهادهم إلى عامة أتباع المذهب، ومن يخلّ بواحدة من مفردات هذه المنظومة، وكانت من ضرورت المذهب، يكون خارجا عن المذهب، وضمنا خارجا عن الدين، وإن كانوا لا يكفّرون أتباع المذاهب الأخرى، إلا المغالون والمتعصبون منهم، ولكن هذا بالنسبة لمن يولد على مذاهب المخالفة، لا مذهب الموالاة، أما خروج من المذهب الحق، كما يسمون مذهبهم، إلى مذاهب المخالفين للمذهب الحق، هو مروق وارتداد. والإشكال الثاني، هو الاختلاف بين علماء الكلام الشيعة في كثير من تفاصيل العقائد. ثم من خلال اعتماد العقل سنجد أنفسنا بالضرورة وتلقائيا، رغم الإشكالات المسجلة عليهم، نلتقي مع متبنيات عقائد المعتزلة والإمامية، أكثر من التقائنا مع الأشاعرة. وحتى فهمنا لتفصيلات العقائد، من العدل والنبوة والعصمة والشفاعة وغيرها، إذا ما التقت على نحو ما مع مقولات الإمامية، فبمقدار ما تلتقي تلك المقولات مع منهجنا العقلي. وتبقى ثمة مقولات هي من الممكنات، وليست من الواجبات العقلية، تبقى في دائرة الظن، على غير ما يقوله حتى العقليون من إمامية ومعتزلة في دعوى اليقين، وذلك بدعوى نسبة الوجوب العقلي إلى ما هو ليس إلا ممكنا عقليا.



الإمامة:
اشتهر حديث «من لم يعرف إمام زمانه، أو من لم تكن في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية». وعلى ضوء هذا الحديث تكون معرفة الإمام الخارجي بشخصه ضرورية لمن لا يعرف إمامه الداخلي. بل وحتى الرسول الخارجي إنما هو للذين يعجزون عن التعرف على رسولهم الداخلي. وهو أي هذا الحديث بمضمونه مرفوض عقلا، خاصة بعدما ثبت للبشرية عبر التجارب التاريخية، وتجربة العصر الحديث، أن التحول إلى الحالة المؤسساتية، والتقليل من دور الفرد التاريخي، هو الأقرب إلى مناهج العقلانية والعدل والاعتدال.



قضية المهدي:
جعل الشيعة بالذات من قضية المهدي القضية المركزية الأهم، وهنا نقول مع فرض صدق نظرية المهدي الموعود، فالمهم هي قضية المهدي، وليس شخص المهدي، أي المهم هو أن تملأ الأرض قسطا وعدلا، وليس شخص من يملأها قسطا وعدلا. أما الجانب الغيبي من القضية فلا يعنينا في شيء قبل حدوثه، من هنا يكون الاستغراق فيه ليس إلا لغوا وهلوسة وتخريفا، ويبقى في أحسن الأحوال علما لا ينفع العلم به، ولا يضر الجهل به.



مسألة التولي والتبرؤ:
وهي من القضايا المركزية المرتبطة بموضوعة الإمامة، لاسيما عند مدرسة أهل البيت. ويمكن القول فيما يتعلق بمسألة التولي والتبري (التبرؤ)، بأنه ليست القضية الأهم من على الإنسان أن يتولى، وممن عليه أن يتبرأ، أو مع من عليه أن يلتقي فكريا ونفسيا، وبأي مقدار يكون الالتقاء، ومع من ينفصل فكريا ونفسيا، وبأي مقدار يكون الانفصال. ليس المهم معرفة (مََن؟) الشخصي، بل المهم معرفة (مَن؟) النوعي في ذلك. وليس المهم أن نحدد هذا أو ذاك الموقف من شخوص التاريخ، بقدر ما هو مهم أن نتعلم كيف نطبق المعايير، عندما نواجه هذه أو تلك الحالة، وكما قال علي: «اعرف الحق تعرف أهله»، وكذلك قوله بما مضمونه: «لا يُعرَف الحق بالرجال، بل الرجال يُعرَفون بالحق». والمعياران الأساسيان في مدى الالتقاء أو مدى الانفصال، ومدى القرب أو مدى البعد، هو معيار العقلانية ومعيار الإنسانية، وليس النص الديني ولا السيرة (الحادثة التاريخية) الدينية هما المعيار.



الفقه (الأحكام)
الفقه الإسلامي لا يُعوَّل عليه، بسبب الاختلاف الحاد، والذي يصل أحيانا إلى درجة التناقض، بين الاجتهادات الفقهية غير المتناهية بتعددها واختلافها. من هنا فما كان الرأي متعددا فيما هو الصواب فيه، يكون في أحسن الأحوال مع الاختلاف رأي واحد هو الصحيح، والبقية خطأ، وما كان عدد منه خطأ، فلا اعتبار في القليل والكثير في احتمال وقوع عدد أكبر منه في الخطأ، حتى يصل الاحتمال إلى اعتبار جميع الاجتهادات خاطئة، إلا إذا ما كان عليه إجماع، والإجماع لا نجده إلا في قضايا محدودة جدا، ثم الإجماع تسقط أهميته، عندما يكون المُجمَع عليه متعارضا مع ضرورات العقل، ومع قواعد العقلانية، ومثل الإنسانية. وحيث إننا نرى في أكثر القضايا الفقهية أو ما يسمى بالأحكام الشرعية رأيا فقهيا واحدا على الأقل يلتقي مع الرأي البشري الوضعي الاجتهادي عبر إعمال العقل والإفادة من التجربة، وحيث يكون وقوع العقل والتجربة الإنسانيين أضعف احتمالا من وقوع المجتهد في خطأ استنباط الحكم من النص الديني، لما يمثله الالتزام بالنص من جمود وتعطيل لدوري العقل والتجربة، فأي معنى يبقى للاجتهاد الفقهي. وحيث إننا نتكلم هنا عن جدوى الإمامة، نعلم أن الالتزام بما يسمى بالإمامة المعصومة لم يحل إشكالية تعدد الاجتهادات الفقهية، واختلافاتها فيما بينها اختلافا حادا إلى درجة التناقض أحيانا؛ إذن ما هو جدوى الإيمان بالإمامة المعصومة والتمسك بها؟ وشيء آخر يدل على عدم جدواها فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، هو أننا نجد دائما في كل قضية فقهية اجتهادا لفقيه من فقهاء مدرسة الإمامة يخالف فيه بقية أو أكثر فقهاء مذهب الإمامة، ويلتقي فيه مع مذهب من مذاهب (المخالَفة)، المصطلح الشيعي الفقهي للتسنن. إذن هناك من الأحكام الشرعية المستنبطة من قبل فقهاء مذهب إمامة أهل البيت ما يلتقي مع التشريعات القانونية الوضعية، أو المدنية ، أو العلمانية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك أحكام أخرى مستنبطة منهم تلتقي مع فتاوى أئمة المذاهب الأربعة، أو إفتاءات مفتيهم المعاصرين، فيما هو الاجتهاد منهم، ذلك الاجتهاد المعمول به، دون التصريح بإعادة فتح بابه بعد إغلاقه على المذاهب الأربعة حصرا، ناهيك عن نسخ الوهابية للمذاهب الأربعة وتكفيرها للمذهب الشيعي.

الأخلاق
إذا قال قائل أن أئمة أهل البيت تركوا لنا مدرسة أخلاقية، وبينوا مكارم الأخلاق من أراذلها، فهذا مردود كدليل على جدوائية أو ضرورة الإمامة. فإننا عندما ننظر للواقع، لا نجد أن الأخلاق وبالضرورة متسجدة في الشيعة أكثر من غيرهم، بل وبما هو أعم لا نجد الأخلاق متسجدة في المتدينين أكثر من غير المتدينين، بل لعلنا نجد العكس غالبا. وأقصد بالأخلاق، الصدق، والأمانة، وحب الخير للناس، والعدل، والإحسان، والتضحية في سبيل الصالح العام، والتواضع، والعطاء، والعفو والتسامح، والدقة والإتقان والتحلي بأخلاقيات العمل، والوفاء بالعهد، والإصلاح بين المتخاصمين، والتواصل والتراحم والتحابّ، والإيثار، وغيرها. هل يحتاج كل ذلك إلى دين، أو إلى أئمة منصوبين من الله؟ أبدا. والواقع خير دليل على ما أقول. ثم الشيعة أنفسهم يقولون بالحسن والقبح العقليين، أي باستقلال العقل والفطرة الإنسانية في تشخيص حسن ما ذكر، وقبح نقائضه، من كذب، وخيانة للأمانة، وعدم حب الخير للناس، والظلم، والإساءة، والتكبر، والبخل، وروح الثأر والانتقام، وعدم الدقة والإخلاص في العمل، ونقض العهد، وإيقاع العداوة بين الناس، والتقاطع والتباغض، والإثرة والأنانية، فكل ذلك قبيح عند الإنسان السوي، حتى لو لم يقل به نبي أو إمام. وكثير من المتدينين بعد كل ما ذكر، إنما يحتاجون إلى التدين، لتبرير ممارساتهم المناقضة للقواعد الأخلاقية بمبررات دينية.

الخلاصة
فهل يبقى جدوى أو ثمرة للإمامة، والإيمان بالأئمة المعصومين، والتمسك بهم، بعد كل ما ذكر، غير إحياء مناسبات وفياتهم وولاداتهم، واللطم والندب والبكاء على مصائبهم، وزيارة قبورهم والتبرك والتمسح بها؟



كتبت في وقت سابق

وروجعت في 11/10/2009





#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمامة والنبوة والعصمة
- الإمامة والخلافة في عقائد السنة والشيعة
- رؤى في النبوة والإمامة
- مقترح بعث نبية رسولة
- قراءة أخرى للتاريخ بعد استبعاد العصمة
- من عقائد الإيمان العقلي أو عقيدة التنزيه
- أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن؟
- عصمة الأئمة وعدالة الصحابة وقداسة المراجع وعصمة الپاپوات
- العصمة بين الحقيقة والوهم
- لماذا يستثنى المؤمنون اللادينيون من حوار الأديان؟
- الثغرة في أدلة كل من الإلهيين والماديين
- دعاء ما بعد الاهتداء إلى الإيمان اللاديني
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 3/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 2/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3
- كلمات من وحي عقيدة التنزيه
- العقليون في التوحيد نقليون في النبوة والإمامة
- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية
- ما هي مصادر المعرفة للإنسان؟


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - ما هي ثمرة التمسك بالإمامة؟