أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - رؤى في النبوة والإمامة















المزيد.....

رؤى في النبوة والإمامة


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 19:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مدى استمرار الحاجة إلى النبوة والإمامة
إذا ثبتت النبوة والإمامة، وكانت في مرحلة تحتاج الإنسانية إلى قائد ومرشد إلهي، فلا يعني ذلك وجوب استمرارها، وإن كان استمرارها إلى ما نهاية ليس ممتنعا عقلا، ولكن الراجح عقلا في ضوء معايير الحكمة النسبية، أي الظنية، ولكن الراجحة، أن يُترَك الإنسان يُنضِّج ويُرشِّد ويُنمّي تجربته، ويتعلم من أخطائه، إذا أخطأ، ويفكر في كيفية حل إشكالية الاختلاف بين الناس، عندما يختلفون، عبر الحوار والتشاور والتسامح، وإقرار التعددية الثقافية والدينية والسياسية، فيما هي اجتهادات الإنسان، وعبر السبل والمبادئ الديمقراطية. فهذا أقرب إلى دفع التجربة الإنسانية نحو النضج الذاتي من الانقياد الفوقي، وذلك انسجاما مع حقيقة أن الله قد خلق الإنسان مختارا حر الإرادة بالفطرة، وعليه أن يتحمل ما يترتب على ممارسته لحرية الاختيار هذه المسؤولية فردا وجماعة، دنيا وآخرة.



الوراثة في النبوة والإمامة
جاءت بعض النبوات متوارثة من أب إلى ابن إلى حفيد، وهكذا هو الأمر مع الإمامة، فإذا كان هذا التوارث بسبب اعتبار الوراثة قيمة قائمة بذاتها، فهذا لا يمكن أن يكون مقبولا، لأن الله بمعاييره الكاملة لا يمكن أن يجعل الوراثة معيارا لهكذا أمر خطير كالنبوة والإمامة. أما إذا شاء الله أن يجعل النبوة اللاحقة تمر في دور الحضانة في رعاية النبوة السابقة، ومن هنا جعلها في ذات البيت وذات الأجواء، وهكذا هو الأمر مع الإمامة، دون عدّ الوراثة قيمة مستقلة بذاتها، فيمكن أن يكون ذلك مقبولا، أما اعتماد الوراثة كقيمة مستقلة، فهذا ممتنع على الله لتعارضه مع المعايير الصحيحة بدليل التجربة الإنسانية الطويلة، بل بدليل خروج المنحرفين عن خط النبوة والإمامة من بيوتات الأنبياء والأئمة. ومع مقبولية جعل النبوة أو الإمامة متوارثة ليس بسبب القيمة الذاتية للوراثة، بل لاعتبارات أخرى، وكحل موقت بالتوقيت الزمني للنبوة والإمامة، فالغريب إننا لا نجد نصوصا دينية - بمقدار اطلاعي - تزيل سوء الفهم الممكن حصوله من واقع توارث النبوة والإمامة بِعَدّ الوراثة قيمة لذاتها. فهذا سؤال يحتاج إلى جواب، مع إن عدم معرفة الجواب لا يعني نفي وجود الجواب، ولكنه يبقي السؤال مفتوحا ينتظر ثمة إجابة مقنعة.



المهدي والغيبة والانتظار
فكرة المهدي أو المنقذ أو المخلص المنتظر فكرة قديمة قدم الديانات، وعبر الفرق الدينية والملل والنحل والمذاهب المختلفة، وإن اختلفت في التفاصيل. فإذا كانت الفكرة إلهية المصدر، وتمثل حقيقة إلهية، شاء الله أن يحققها في شوط متأخر من أشواط المسيرة الإنسانية، فليس غريبا أن تتكرر تلك المقولة عبر الديانات، فما كان من هذه الأديان حقيقيا، أي إلهي المصدر، فمن الطبيعي أن تلتقي هذه الأديان في مجموعة مشتركات بسبب وحدة المصدر، ومنها هذا المشترك المتعلق بالمهدي المنتظر أو المخلص الموعود، مسيحا كان اسمه أو مهديا. ومع فرض أن ليس كل الأديان حقيقية وإلهية المصدر، فيكون منها ما هو من اختلاق الناس، فليس غريبا أن تقتبس الديانات المدعاة بعض مقولات الديانات الحقة، هذا مع افتراض أن الله حقا هو مصدر الأديان، مما ينفيه الواقع، بعد الدراسة المعمقة والتمحيص الدقيق. أما إذا كانت الأديان كلها من صنع البشر، وهو الثابت، وليس منها ما هو إلهي المصدر، وحيث أنها تبنت مبادئ ومنطلقات متطابقة أحيانا أو متشابهة أو متقاربة أحيانا أخرى، وحيث أن الخلف قد قلد السلف، مع إضافات وحذوف وتنقيحات وابتكارات، فمن الطبيعي أيضا أن يشترك كثير منها في هذه الدعوى. فالالتقاء في هذه الفكرة بين كثير من الأديان والعقائد ليس دليلا لا على صدقها، كما إنه ليس دليلا على كذبها، من حيث المبدأ، وعلى ضوء الممكنات العقلية، أما ثبوت عدم صدقها فجاء عبر عرض الممكن المجرد على الواقع المتحقق، أو الواقع المتحقق على الممكن المجرد.



فإذا كانت الفكرة من ابتكار الإنسان، فتحليلها واضح، وهو تطلع الإنسان المسحوق والمضطهد إلى الخلاص، وحيث أنه عندما يرى الأبواب موصدة أمامه، ولا يرى في الأفق منفذا، أو ومضة نور للخروج من النفق المظلم، تراه يتطلع إلى ما وراء الممكن الأرضي، فيستمد الأمل من السماء، ومن عالم الغيب، فيرى عبر حلم الخلاص ذلك المخلص قد بعثته السماء إلى المضطهدين والمسحوقين من أهل الأرض، وعندما تطول المحنة، ينظر لكون هذا الأمل/الحلم سيكون متحققا في الشوط الأخير من مسيرة المجتمع البشري، أو ما سمي بآخر الزمان.



أما إذا كان الوعد بالخلاص والمخلص إلهيا، فقد تكون لله سبحانه ثمة حكمة في ذلك لم تدرك عقولنا سرها. أقول ذلك باعتبار أن الحكمة التي ذكرها مفسروا ومحللوا المقولات الدينية غير مقنعة. فكل ما ذكر من ملء الأرض قسطا وعدلا، بعدما ملئت ظلما وجورا، يمكن أن يتحقق بالنمو المطرد لرشد البشرية وسيرها التكاملي في التأنسن، والمسيرة التاريخية تعطي مؤشرات عديدة للأمل في أن الإنسان سائر بهذا الاتجاه، فلا يبقى معنى لتدخل العامل الغيبي، والله أراد للإنسان أن يحقق طموحاته عبر سنن التاريخ، والتعلم من تجربته، وتكامل وعيه ورشده، وعقله وعقلانيته، ومروءته وإنسانيته، وليس عبر تدخل العامل الغيبي.



فبحسب عقيدة المسلمين فإن نبي الإسلام هو أفضل أفراد البشرية من أولهم إلى آخرهم، وقضية ملء الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وتحكيم إرادة الله وقيمه ومثله وأحكامه على الأرض، بما فيه خير البشرية في دنياهم وآخرتهم، هي أشرف وأهم وأخطر عملية تغييرية طوال التاريخ الإنساني، فربما يكون من الطبيعي أن توكل أشرف وأخطر المهام الإلهية على الأرض إلى أشرف وأفضل أفراد البشرية، وليس لخيرهم بالدرجة الثانية، أو التالية للأولى بأي مرتبة كانت، ولا أظن أن أحدا من المسلمين عموما، ومن الشيعة خصوصا يدعي أن المهدي أفضل من النبي، إلا الغلاة منهم، ولا يعتد برأيهم لا شيعيا، ناهيك عن الاعتداد به من عموم المسلمين. إذن لماذا لم يختر الله لأخطر مهمة إلهية في تاريخ البشرية أفضل البشر، أو المفترض به ذلك، بل اختار من هو دونه بالأفضلية؟ وإذا أراد الله أن يدخر الإنسان الموكل بهذه المهمة بإطالة عمره وتغييبه، أو إصعاده إلى السماء، أو بعثه من جديد عن طريق ما يسمى بالرجعة، فلِمَ لم يختر خاتم النبيين وسيد المرسلين لهذه المهمة؟ ثم لماذا كل هذه الإطالة الخارجة عن النواميس الطبيعية لعمر المخلص المنتظر؟ كل هذه أسئلة لا نجد لها جوابا شافيا وافيا. ثم وكما بينت سلفا، ما زالت البشرية تسير، كما تدلنا عليه تجربة التاريخ، في طريق التكامل في تحقيق العدل، فلماذا العامل الغيبي الخارق للعادة؟ كما إن المجتمعات المدنية انتقلت من الفردانية إلى المؤسساتية في قضاياها الاجتماعية والسياسية وغيرها. أما إذا قيل أن من مهام المهدي - حسب الشيعة - هو الأخذ بثارات الحسين، فممن سيأخذ له بثأره؟ أسيبعث قتلته ليؤخذ الثأر منهم لاحقا؟ أم هل المطلوبون بثأر الحسين هم السنة والمعاذ بالله؟ أم هم النواصب أي المعادون لأهل البيت على وجه الخصوص؟ ثم إذا كان هناك جزاء أخروي، فيأخذ كل حقه من ثواب وعقاب من رب الأرباب وقاضي القضاة وإله الكون ومبدئ الخلق ومعيدهم، فأي معنى لمعاقبة قتلة الحسين في هذه الدنيا بعد مئات أو آلاف أو ربما عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من السنين، بحسب موعد الظهور المجهول؟ نعم من ناحية الإمكان العقلي الفلسفي المحض، فالأمر غير محال، وإذا ثبت تحققه، فلا بد أن تكون هناك ثمة حكمة إلهية وراءه نجهلها، ثم إن القضية - ما عدا الإيمان بها ضمن الغيبيات - ليس لها أي أثر عملي يترتب على الإيمان، أو عدم الإيمان بها، تنعكس على مسيرة الإنسان، سواء المؤمن وغير المؤمن، الشيعي والسني، المسلم وغير المسلم، الإلهي والمادي.



الخلاصة أن كل ما ذكر من قضايا الدين، كان ضرره أكثر من نفعه بكثير، على حد سواء، على عقل الإنسان، ووعيه، وواقعه، وسلامه، وأمنه، وأخلاقه. وهذا ما يتعالى الله كل التعالي، ويتنزه تمام التنزّه، عن أن يكون مصدرا له.



كتبت في فترة سابقة

روجعت في 09/10/2009





#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقترح بعث نبية رسولة
- قراءة أخرى للتاريخ بعد استبعاد العصمة
- من عقائد الإيمان العقلي أو عقيدة التنزيه
- أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن؟
- عصمة الأئمة وعدالة الصحابة وقداسة المراجع وعصمة الپاپوات
- العصمة بين الحقيقة والوهم
- لماذا يستثنى المؤمنون اللادينيون من حوار الأديان؟
- الثغرة في أدلة كل من الإلهيين والماديين
- دعاء ما بعد الاهتداء إلى الإيمان اللاديني
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 3/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 2/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3
- كلمات من وحي عقيدة التنزيه
- العقليون في التوحيد نقليون في النبوة والإمامة
- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية
- ما هي مصادر المعرفة للإنسان؟
- التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين
- بين تنزيه الله وتنزيه الدين
- خاطرة ستبقى تحوم حولي الشبهات


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - رؤى في النبوة والإمامة