أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - ناجي العلي ’على هذه الأرض ما يستحق الممات’














المزيد.....

ناجي العلي ’على هذه الأرض ما يستحق الممات’


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 18:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


ناجي العلي
لابد أنه كان صامتاً وذاهلاً لما يجري في ذلك اليوم من ذلك الشهر من ذلك العام, حين - منذ ذلك الحين – أصبح ذلك اليوم هو كل ما تبقى من عمره, فلم يكبر من يومها, كأنّ المشهدَ الكونيّ قد أصبح يتبع قانوناً مختلفاً, فلا زمان في المكان, أو كأنه انفلت من الوقت وبقي عالقاً في الحيّز, يطلّ علينا من بُعده الخاص وإحداثيّات الفنّ, يلتقط { من حيث هو } المشهدَ, ويمسك به, كمن يثبّت ومضةَ البرق, يسجّلها خربشاتٍ عبقريةً, ليقول ما نريد ولا نجرؤ.

ذلك أن الكاريكاتير هو ربما هذه الإمساكة بتلك الومضة, ولذا فهي { في ومضتها تلك } تضيء كسنا البرق تلك المساحات الشاسعة من بصيرتنا, بعمق يكاد يذهب بنا, وبفجاءة تكاد تفتننا.

في ذلك اليوم من عام النكبة كان ابن عشر سنين, وما زال, ناجي العلي, قلقاً كالورد, مرفرفاً كالقلب حول حدود القلب, ما يكاد يبتعد عن حدوده حتى يعود مشدوداً إليه برائحة الوجد.

من عين الحلوة وُلدت ومضاته الأولى, التي التقطها آخرُ مثله, فهِم الوميضَ الكامن فيها, والذي سكنه هو أيضا, غسان كنفاني, وبدأت رحلة التبلور والوجد والتجلي تتشكل وترتسم كروحه التي بدأت منذ ذلك اليوم من ذلك الشهر من تلك السنة تعيد تشكيل روحها وتتبرعم على الورق مرارةً وسخريةً وأملاً.

كان حنظلة قد تحرّر من كلّ شيء إلا ذلك الوميض الذي يلسع قلبه ويصهره في ما قبل هذا التاريخ, ولم يأبه بشيء بعده إلى درجة أنه نسي أن يكبر, فبقي منذ تلك اللحظة ابن تلك السنوات العشر التي أنضجها قبل أن يغادر الشجرة. تحرّر من كل شيء حين نذرَ نفسه لمرارته ووضع نفسه على أهبة الحياة, فتحولت المحظورات إلى آلية تحدّي, هي نفسُها تحرّضه عليها, وتمنح التشكلاتِ الداخليةَ فيه حريةَ التكوين والولادة.
يَشبك يديه وراء ظهره, بلامبالاة, مطلِقاً لنفسه فضيلة التأمل, يطل على المشهد من حيّزه, يرى كلّ شيء, يدير ظهره لنا, لأنه منا ويتقدمنا,ويواجههم معنا, ويتكلم باسمنا, لا نرى وجهه لأنه وجهنا, ونسمعه وهو يفكر لأنه متواطئ معنا, لا يكبر لأنه ناجي العلي نفسه, الذي قرر أن يتوقف الوقت في ذلك الوقت الذي اكتشف فيه أن على هذه الأرض ما يستحق الممات, ولا يستأنف العمر حتى يعود القلب للوقت والأغنيات.

وحتى ذلك الحين سيبقى حنظلةً في الضمير, وسيبقى حافياً صافياً لاجئاً, وسيُطلق للسانه العنان ولجنانه الأحلام, هويته هو فقط, بلا زيادة أو نقصان, تماماً كالوطن, ممتلئاً بها حد الرضا, ومزاجه من علقم, يفيض به حد الفضيحة, وهو الذي ليس له ما يخسر وقد كسب نفسه, وهو الذي اكتشف أن ما يحول دون استئناف عمره هو الحرص عليه, فغادره واستقرّ في حنظلة, وورّثه ذاتَه وحلمَه ووصيّته, ألّا يكبر وألّا يموت,... وأوصاه بالكبرياء.

حنظلة هو الوريث, وهو الوصيّة والبقيّة, الطفل الوافي, الفكرة المتحررة المتحركة, التي نذرَ لها المستقبلَ ونذرَها له, شرطاً لاستفزازه وتحقّقِه, حتى يجيء, وهذا يستحق أن يموت مصرّاً عليها وهي الجديرة بالحياة, { فإن لم يكن هناك ما يستحق الممات من أجله, فليس هناك ما يستحق الحياة من أجله }, فلنستوفِ شروطَ أيامنا على أُهبة الشبق بثمالة الخطوط والإيغال في النَّصّ, مسرفين في الترفّع على الصمت والبياض, فحنظلة هنا, باقٍ, يحرس الحلم والعمر والشجرة والوطن والأمل والأغنيات.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطيني المسيح
- غضب الحكمة
- أم الفحم
- بؤرة استيطانيّة لاشرعية
- خربشات على ضوء الفوسفور
- سوناتا للبابا - شاهداً على نهاية يهوذا-
- أغنية فرح لإفريقيا
- الخيمةُ … الآن
- السفينة
- بين اتمامين
- وطن لهذا القدس
- شهادة جديدة لجريمة قديمة
- أطفال أمام الكاميرا
- محمود درويش-كِتابُ حنين الأب-
- , فتح . النص الأول
- وداعا للسلام
- باقة شوك


المزيد.....




- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...
- المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس ...
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
- والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن ...
- مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب ...
- رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟ ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - ناجي العلي ’على هذه الأرض ما يستحق الممات’