أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - وطن الدكتور نظيف














المزيد.....

وطن الدكتور نظيف


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2788 - 2009 / 10 / 3 - 23:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عبر رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف عن موقف جماعة رجال الأعمال ومن يطلق عليهم اسم المستثمرين في مصر من قضية الديمقراطية أبلغ تعبير عندما أجاب عن سؤال يتعلق بقانون الطوارئ خلال مؤتمر اليورومني قائلا: إن أهم شىء هو أمن واستقرار هذا الوطن ولا يجب أن ننسى أن جذب الاستثمارات والمستثمرين يعتمد أساسا على مدى الثقة فى الأمن والاستقرار. «وكلما كان هناك أمن واستقرار كانت البيئة مشجعة لجذب الاستثمارات والمستثمرين». وقد نشرت جريدة الشروق هذا الكلام على لسان رئيس الوزراء في صدر صفحتها الأولى يوم الخميس الماضي.

ربما أعجب رئيس الوزراء بإجابته التي تتجنب أي حديث مباشر عن ضرورة رفع حالة الطورائ وما تمثله من إهانة وتجاوز على حقوق وكرامة المواطنين، خاصة الفقراء والمعارضين لسياسات الحكومة، بحديث مراوغ عن أهمية أمن واستقرار "الوطن" وتشجيع الاستثمار والمستثمرين. لكن السؤال الذي ينشأ عن ذلك مباشرة هو لماذا يرتبط الأمن والاستقرار بتطبيق مجموعة من القوانين العرفية تستطيع أجهزة الأمن استخدامها للتجاوز على جميع الحقوق الدستورية والقوانين العادية وحقوق الإنسان وكرامته؟ وهل كل الدول التي تتمتع بأمن واستقرار وبيئة جاذبة للاستثمار تفرض حالة الطوارئ الدائمة بحيث تكون هي الحالة الطبيعية وليست الحالة الطارئة في حياة المجتمع والمواطنين؟ ولماذا لا يرضى المستثمرون عن بيئة الاستثمار في مصر إلا إذا فرضت على أبنائها حالة الطوارئ والقوانين العرفية بما تمثل من اعتداء على الحريات وإهانة لكرامة الناس؟

إجابة هذه الأسئلة تتضح من بيان المعنى الملتبس لكلمة "الوطن" التي وردت في إجابة رئيس الوزراء، لأن حالة الطوارئ لا توفر الأمن والاستقرار في وطننا نحن، حيث لا نجد في وطننا هذا – وطن الفقراء من الفلاحين والعمال والمهمشين في المدن – أي درجة يعتد بها من الأمن والاستقرار، وتنتشر فيه جميع أنواع الجرائم من قتل وسرقات وبلطجة وتداول المخدرات وتعاطيها ولا نجد أي دور لأجهزة الأمن إلا عندما نحتج ونعترض على جرائم السلطة ضدنا، كما لا يوجد عندنا أي نوع من الاستقرار، فلا يستطيع العمال أن يضمنوا عدم تسريحهم من مصانعهم غدا، ولا يستطيع صغار الموظفين تلبية احتياجاتهم الأساسية اليوم ولا ضمان الحفاظ على مستوى معيشتهم الحالي غدا، كذلك لا يستطيع صغار الفلاحين أن يضمنوا عدم مصادرة أراضيهم لصالح مشروع تقدم به مجموعة من رجال الأعمال أو انهيار زراعتهم بسبب احتكار واحد من الكبار توزيع البذور أو الأسمدة. كما أن فقراء المدن ممن يقطنون الأحياء المهملة "العشوائية"، لا يضمنون ألا تتعرض بيوتهم للهدم وأسرهم للتشريد بين ليلة وضحاها. وعلاوة على كل ذلك، لا يضمن أحد من أبناء الفقراء عدم اعتداء الشرطة عليهم لسبب لا يعرفونه وتلفيق القضايا لهم وحبسهم وربما تعذيبهم باستغلال قانون الطوارئ الذي يحمي أمن واستقرار وطن الدكتور نظيف.

وطن رئيس الوزراء إذن لا يخصنا في شئ، بل إن وجوده هو السبب الرئيسي في غياب الأمن والاستقرار في وطننا نحن – وطن الفقراء. وطن الدكتور نظيف لا يمكن أن يعيش في أمن واستقرار على أرضنا إلا إذا فرضت الحكومة على وطننا نحن حالة الطوارئ الدائمة التي تلغي حقوقنا وكرامتنا وتحرمنا من أي شعور بالأمن أو بالاستقرار. وطن الدكتور نظيف هو مجتمع كبار الساسة ورجال الحكم والأعمال والمستثمرين الذين يعيشون في تجمعات سكنية تحيطها الأسوار وتحرسها شركات الأمن الخاصة، ويمتلكون أغلب ثروة البلاد وينعمون بامتزاج السلطة والمال عبر شبكات الفساد ويعيشون في بذخ ورخاء من عرق العمال والفلاحين ومن استغلال الفقراء.

وطن الدكتور نظيف ومواطنوه من رجال الأعمال والسلطة والمستثمرين لا يمكن أن يشعر بالاستقرار والأمن إلا إذا فرض أحكام الطوارئ التي لا تفرض في دول أخرى إلا في حالات الحرب والكوارث الكبرى، لأنهم عصبة في حالة حرب دائمة مع الفقراء في بلادنا. بعض رجال الأعمال السذج لا يدركون ذلك تماما، لكن رموز السلطة هنا حتى يثبتوا أنهم يعرفون مصلحة رجال الأعمال أكثر منهم، كما أن أغلب رجال الأعمال والمستثمرين يدركون ويعترفون بأهمية أحكام الطوارئ عندما يقومون بالاعتداء على حقوق العمال في المصانع فيلجأ هؤلاء إلى الإضراب أو التظاهر أو الاعتصام للمطالبة بحقوقهم. هنا يدرك المستثمر روعة أحكام الطوارئ التي تجعل كل هذه الأشكال الاحتجاجية المشروعة في كل أنحاء الدنيا جرائم في مصر لا تحتاج منه أن يستدعي أجهزة الأمن لضرب العمال والتنكيل بهم واعتقال قياداتهم لمساعدته في نهب حقوقهم والاستبداد بهم واستغلالهم. كما أنهم يدركون أهمية الطوارئ في مواجهة أي آراء أو تغيير سياسي قد لا يسمح لهم بما ينعمون به حاليا من سهولة ويسر في نهب واستغلال ثروة البلاد على حساب أصحابها ومنتجيها.

هذا الارتباط بين تشجيع المستثمرين والاستثمار وفرض أحكام الطوارئ ينبع من إدراك الدولة أنها لا تقدم للاستثمار إلا عمالة رخيصة ومكبلة بلا حقوق، وفقراء يعاملون معاملة الأسرى، وموارد طبيعية لا صاحب لها ولا أمين عليها، باختصار تقدم له شعبا وأرضا وسوقا بلا ثمن إلا شراء السلطة ودعمها.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤسسة الفساد: -كل ناسها بياعين-
- الطائفية بين رجال الدين ورجال الأمن
- لا أمان في أرض لم نحررها
- لا نسمع ولا نرى، نضرب ونعذب فقط
- أسئلة الأستاذ أسعد – محاولة للتفكير
- دستور يا دكتور!
- البشر قبل الأرباح
- من أجل العدالة والحرية في إيران
- زيارة أوباما ولي النعم
- عندما ترقص الأفيال
- نكبة 1948 ونكبة أوسلو
- صفقة القمح والجريمة الكاملة
- حكومة رجال الأعمال تكشف أنيابها في زمن الأزمة
- إنها دعوة وأمل أو أمنية
- دفاعا عن -إبداع-
- المشروع والممنوع في دعم المقاومة
- هكذا يفكر دون كيشوت
- الوجه الحقيقي لديمقراطية رأس المال
- سيكولوجية القطيع
- عفة زائفة ودعارة مقدسة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - وطن الدكتور نظيف