التطور الأخلاقي الجنسي

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2785 - 2009 / 9 / 30 - 22:40
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

المفكرالعربي (منصور فهمي 1886-1959م ) هو أول من انتبه إلى حتمية التطور الأخلاقي , وهو صاحب أول أطروحة للدكتوراه تتحدثُ عن مثل هذا الموضوع على يد المشرف عليه في السوربون (ليفي بريل), وكان قد انتقد نظام الزواج في الإسلام ووجه إنتقاداته لنبي الإسلام وحاول إيصال معلومة حتمية التطور الأخلاقي ولكنه فشل في كل ذلك فبعد أن نشر الكتاب طرد من الجامعة.

ولمنصور فهمي هذا الكتاب فقط لا غير وله كتاب آخر بعنوان (أبحاث وخطرات) وهو مجموعة من المقالات والتي كان قد نشرها في الصحف المصريه وأصدرها على شكل كتاب سنة 1930م أي بعد مضي 17 عاماً على إصدار كتابه الأول .

وكان من مبادئه الجريئة في إطروحة الدكتوراه أولاً: مهاجمته لنظام الزواج في الإسلام في إطروحته والتي تحمل عنوان "حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها " ويقولُ في هذه الاطروحة بالحرف الواحد : "محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه " ويقول " إلا أنه أعفى نفسه من المهر والشهود .
ويقال أنه تراجع عن أقواله انتقد جملة من المفكرين العرب, وانتقد نفسه بعد أن طُرد من الجامعة المصرية ليعود إليها بعد ثورة 1919م.


وأظن أنه عاد عن أرائه بسبب مواقف المجتمع والدول العربية معه فالعرب يرفضون التطور والتفكير والحرية ,وفي سبتمبر 1944م كان قد عقد بالقاهرة مؤتمراً علمياً يتحدثُ عن السكان والتنمية بعنوان ( السكان والتنمية ) وكان يهدف إلى نشر أفكار عن الحريات العامة والعلاقات الأسرية ونشر ثقافة التثقيف الجنسي المدني والإجهاض والزواج الحر المدني والتدريب على موانع الحمل وطرق الوقاية من الحمل .
وكانت السعودية وبعض أو غالبية الدول العربية قد أوصوا جميعهم بضرورة أخذ الحيطة والحذر من مثل تلك المؤتمرات العلمية ومقاطعة توصيات المؤتمرين, وسبب المقاطعة هو عدم إيمان الجميع أو البعض من أن الأخلاق تتطور .

وعلى مبدأ (ليفي برويل) فإن الأخلاق تتطور كما يتطور الشارع والمدرسة والطب والعلوم التكنولوجية والتقنيات العلمية الصناعية , وكلُ هذه الأمور مجتمعة ساعدت الإنسان على التطور الأخلاقي , فالتكنولوجيا مثلاً سمحت للمرأة بالعمل ولم يعد العمل مقتصراً على الذكور لذلك تطورت نظرة المجتمع والناس للمرأة التي تعمل ُ خارج الدائرة الأسرية .
فالأخلاق تتطور وفقاً لمعايير علمية وليس للدول العربية حقٌ في منع انتشار الحريات العامة , فالعلاقات الجنسية قبل الزواج كانت مكروهة وممنوعة نظراً لأنها تتسببُ في خلط أنساب , ومع مرور الزمن أصبحت العلاقات الجنسية قبل الزواج أمراً بالغ الخطورة الأخلاقية , أي أنه أصبح سيء الأخلاق , والأخلاق كلمة لوحدها لا تدلُ على شيء , إذا ما كانت مرتبطة بدلالات ومعاني وكلمات أخرى , فكلمة أخلاق عالية يُفهمُ منها أنها صفات محببةٌ للناس وكلمة أخلاق وضيعة يُفهمُ منها أنها سلوكيات خاطئة .
وبهذا تكون العلاقات الجنسية قبل الزواج سيئة ووضيعة والإنسان الممارس لها قبل الزواج كان وما زال عند بعض المجتمعات في قانونهم وعرفهم منحطاً بأخلاقه إلى مستوى الحيوانات.

أما اليوم فالموضوع مختلف وأخلاق الناس تطورت وتراجعت عن كثير من المعايير للقياسات الأخلاقية العالية , فحرية المرأة وممارستها للجنس قبل الزواج عند بعض المجتمعات يعتبرُ حقاً من حقوق الإنسان ولا يعتبر الممارس لهذه العادة سيء الخلق بل على العكس فهذه مثلاً ليست لها علاقة أيضاً بصدق الإنسان وكذبه.
فالشخص الممارس للجنس بالحب مع صديقته أو صديقها ليس لتصرفاته علاقة بأخلاقه مع الناس واحترامه للناس فليس من الضروري أن يكون كاذباً أو أن نتهمه بجملة من الأخلاقيات السيئة فهذا موضوع مختلفٌ تماماً عن موضوع ممارسة الجنس.

والفتاة (البنت) التي تمارس الجنس قبل الزواج ليس لتصرفها علاقة مثلاً باحترامها لأبويها , وليس لتصرفها علاقة بصدقها أو كذبها, وليس هنالك مبرر علمي أو أخلاقي يمنع المرأة من ممارسة الجنس قبل الزواج , فأين المبرر وأين يقع الضرر في ذلك ؟ ولطالما هنالك طرق وقاية من الحمل فأعتقد أنه لا توجدُ خطورة على المرأة والمجتمع , فالخطورة على المرأة والمجتمع تقع بسبب انتشار الفساد المالي والإداري وسوء التربية وعدم الصدق والكذب والدجل , فهذه هي التي تلحقُ الضرر بالناس وبالمجتمع .

فالحريات الجنسية مع ضبط النسل تمنع الإزدياد السكاني ويتوفر الجنس للعاطلين عن تناوله وتتراجع البطالة الجنسية وتشبع البنات والشباب من الجنس وتتراجع أهمية الزواج بالنسبة لهم , فكما قلنا سابقاً , دائماً الزواج يهدفُ إلى البحث عن الجنس ومن ثم البحث عن الأطفال, فنسبة الشباب الصغار في الدول العربية هي أكثر من غيرها في معظم دول العالم , فهذه ظاهرة غير صحية وتسبب مشاكل البطالة والتزاحم على مصادر الرزق وقلّة الغذاء والمياه.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل