بلد المسخرة والبكاء

حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 2780 - 2009 / 9 / 25 - 19:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

ما نشر بجريدتى الاهرام الرسمية والدستور المستقلة,حول وفاة طفل رضيع مريض,امر مفجع,لا يتناسب لا مع مكانة مصر ,ولا مع قيم ومبادىءوثوابت وعقائد شعبها,ولا مع حقوق الانسان المقررة عالميا,ولا مع تنامى مايسمى بمنظمات المجتمع المدنى المنتشرة كالجراد فى ربوع مصر المكلومة.

والحكاية كما نشر يومى 22/9 25/9 ,انه ولد طفل لمزارع فقير فى نهاية شهر رمضان الماضى,وطبعا كانت السعادة بالغة فى ربوع ااسرة الفقيرة ,الا ان الفرحة لم تكتمل,حيث ان هذا الطفل المسكين ولد بعيب خلقى(غير مكتمل النمو) وتطلب الامر وضعه تحت رعاية خاصة للتنفس الصناعى ,او مايسمى بالحضانة,فقام والده بالهرولة الى احدى المستشفيات العلاجية, اخذا معه كل ما يملك من نقود وهو مبلغ 2400 جنيه مصرى ,لعلاج فلذة كبده,وبدأ وضع الطفل فى الحضانة لاتمام عملية العلاج,الا انه بعد ثلاثة ايام ,فوجىء الاب المسكين بادارة المستشفى تطلب منه الفى جنيه اخرى,واسقط فى يد الاب المسكين واسرته الفقيرة, واحتار كيف يفى بهذا المبلغ لانقاذ طفل مسكين رضيع لم يأتى الى هذا العالم القذر الا منذ ايام معدودة؟ ولم يشفع للطفل المسكين انه ولد فى شهررمضان المعظم, ولم يشفع له كونه رضيع,كما لم يشفع له ان ابيه فقير معدم دفع كل مايملك,ولم يكن هناك بالطبع وقت لدى السادة المسئولين عن الصحة فى مصر لمتابعة مثل تلك الحالة المفجعة,وبالطبع كان السادة مليونيرات مصر الجدد,اما مشغولين بالمسلسلات التى تكلفت الملايين مقابل تفاهتها,او ربما بعضهم كان مشغولا بصلوات التراويح والتهجد,المهم ان الاب تصرف واحضر المبلغ المطلوب,ولكن بعد فوات الاوان,اذ انه كان قد اخذ وقتا طويلا لم تتحمله ادارة المستشفى,وفقا لما نشر, وتم اخراج الطفل المسكين من الحضانة,قبل حضور والده,وحين حضر الاب وجد طفله قد فارق الحياة ,لاعنا هذا الزمن الكئيب الذى ولد فيه, واهل ذلك البلد الذى يموت فيه طفل برىء من اجل حفنة من الجنيهات,الغريب والمفجع والقاتل,ان ادارة المستشفى حجزت جثة الطفل ولم تسلها لاهله لدفنه الا بعد سداد باقى المديونية المطلوبة مقابل ايامه المعدودة التى قضاها فى المستشفى الملعون؟

المسخرة ان هذا حدث فى الوقت الذى كان يتم فيه انفاق الملايين لافتتاح كأس العالم للناشئين فى مصر,كما ان تلك الفاجعة تواكبت مع ملايين اكثر دفعت للمحظوظين من الممثلين الفاشلين الذين قدموا مئات المسلسلات التافهة خلال شهر رمضان,كما ان نفس الحدث تواكب مع ملايين الدولارات التى انفقت على الحملة الدعائية لوزير الثقافة المرشح لليونسكو والذى رسب امام البلغارية,فتحدث البعض عن مؤامرة غربية وصراع حضارات؟

ان هذا الطفل رحمة الله عليه لو كان قد حدث له ما حدث فى دولة تحترم شعبها,لانقلبت الدنيا على من فيها وما فيها,ولما بقى وزير الصحة ساعة واحدة فى منصبه,ولاستقال رئيس الوزراء نفسه او انتحر جراء ما حدث لطفل برىء ولاب تم الاجهاز عليه,نتيجة عجزه المالى وفقره وحظه العاثر,ولكن لان الموضوع فى مصر وفى هذا الزمن تحديدا زمن المليونيرات الوزراء ورجال الاعمال قادة الفكر والثقافة,والفاسدين واللصوص المشرفين على خصخصة مصر وبيعها ,طرد الفقراء من ربوعها,فقد مر ما حدث دونما اى ضجة واحتفلت جحافل المشجعين بتصدر الاهلى للدورى وفوز مصر فى اولى مباريات بطولة العالم للناشئين,وانا لله وانا اليه راجعون.

#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل