أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - نظرية الصدمة في الفكرة الدينية الإنقلابية















المزيد.....

نظرية الصدمة في الفكرة الدينية الإنقلابية


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 02:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في المادة السابقة حول العقلية الإنقلابية الأخناتونية على مبدأ تعددية ( الألهة ) ، كما ذكرنا سابقاً ، فقد شكلت حدثاً فريداً من نوعه في التاريخ . حدثاً لم يجد قبولاً شعبياً ، كما لم يجد سند له في أوساط الأمبراطورية من طبقة الكهان ، والأمراء ، ورجال القصر . ما بين فكرة التعددية ، والديكتاتورية . إنقلبت موازين القوى ، لكنها طرحت في حينه تساؤلات حول مدى شرعية حكم أخناتون الديكتاتوري ذاته . التي ادت الى إقصاء الأخرين ودورهم في القرار السياسي . وهي تساؤلات من الناحية العملية لازالت تسحب نفسها الى الأن حول شرعية الحكم الفردي ، المجرد أو المختفي خلف يافطة التوحيد ، أو الشعار الديني ، كفكرة ، وكنظام تسلطي إقصائي .
أخناتون الفرعون الشاب إصطحب زوجته نفرتيتي وإرتحل الى تل العمارنة . كان موقفاً هروبياً ، وعجزاً على مواجهة الأزمة الناشئة ، في إقناع الأخرين بصحة مقولته ، وإدعاءة . بل أن الأمر أدى الى تمرد داخلي وفوضى . ولم يدم حكمه سوى 17 عاماً فقط ، في العام 1375 قبل الميلاد . حيث توفي بعد ذلك بصورة غامضة . حتى ( توت عنخ أمون ) الذي كان على عقيدة أخناتون عاد الى عقيدته السابقة ، ومات في العشرينات من العمر أيضاً بصورة غامضة حتى الأن .
في تلك الفترة الزمني من الفوضى التي عمت البلاد يقال أن ( موس – أتون ) أو موسى ، قاد ما تبقى من أتباع عقيدة أخناتون القلة القليلة العدد نحو خروج هادئ ، لم يشق بعصاه بحراً ، ولم يطارد من قبل جيش ما . حيث كافة البرديات المعاصرة تخلو من أي إشارة الى هذا الموضوع . ( وفي حادثة الخروج تشير دراسات أخرى أن الخروج لم يتم من مصر المعروفة بحدودها الحالية ) . وبالتالي نحن نتعامل مع نصوص مختلفة لا يمكن الجزم التام بصحة هذه أو تلك من الآراء حول موضوع الخروج .
هنا ربما علينا العودة الى الإشارة الى نقطة مهمة وردت في كتاب الدكتورة ( فوزية أسعد ) أستاذة الفلسفة المقيمة في جنيف ، والكتاب يحمل إسم ( الفراعنة المهرطقون .. أخناتون نفرتيتي ، حتشسبوت ) تقول السيدة فوزية : أن أخناتون لم يكن موحداً للآلهه ، ولكنه أراد أراد أن يظهر يبين العودة الأبدية لصفات الشمس كإله رمزي . وليس للشمس ذاتها .أي أنه حول الشمس الى رمز لقوة أخرى . لكنه بقي وفي لأفكاره القديمة ..؟
الدكتورة ( منى طلبة ) تعتقد ( أن إخناتون قام بثورة على الكهنة ، وليس على الألهه ) . من مجموع الملاحظات الواردة في أكثر من وثيقة ، يتضح ان القضية لم تكن فعلياً عملية توحيد للألهه ، بل هي عملية إنقلاب على التعددية والديمقراطية بمعناها الرمزي . وأن أخناتون لجأ الى ( حيلة بارعة ) لمواجهة خصومه السياسيين في الصراع على السلطة . وهو ما أنتج لاحقاً عملية إنقلاب أوسع على مستوى عموم منطقة الشرق الأدنى القديم التي كانت متخمة بديانات محلية ، وأخرى ذات طابع ( عالمي ) مقارنة بتلك الفترة الزمنية . إعتمد إخناتون هنا على مبدأ الصدمة النفسية والثقافية لمجتمع فقير. وقاد جزء من مؤيديه ورحل أو هاجر بملكة الى منطقة أخرى . ترى هذه الواقعة الى أي مدى تتشابه مع هجرة المسلمين من ( مكة ) الى المدينة .. مجرد نوع من العلم المقارن فنحن أما حالة إستخدام مكثف لعلم النفس بمفهومنا المعاصر . لكن بصورة مختلفة على أيدي أخناتون وخطابة الأخلاقي . رحيل رافقه حدوث صدمة غير متوقعة من جانب أخناتون ضد أعداءه حاملاً مشروعه أو خطابه الفلسفي الأخلاقي . مجموعة من النواهي والمحرمات كما إستخدمت في ديانات أخرى .
وإذا أخذنا بعين الإعتبار العديد من الملاحظات الواردة حول طبيعة الصراعات التي كانت قائمة آنذاك على السلطة ، يتضح أننا فعليا ومن الناحية التاريخية أمام أول حالة إنقلاب سياسي ، لجأ الى الدين كوسيلة لبسط سيادتة ، وإقصاء الأخرين . في ظل وضع إقتصادي متردي . لا أدري إذا كان من الممكن إعتبار أن الأنتماء الى ألهة أقل شأناً من ( رع ) من الممكن أن نفسره على أساس إنتماء لقوى إجتماعية – حزبية ، بمفهومنا المعاصر . وإذا صح هذا الأستنتاج الشخصي ، نكون نحن أمام حالة تحول جذري في معايير المشروعية . لأنه عبر عملية الإذعان القسري والتدخل بالقوة ، أدت هذه الوسيلة، الى فرض ديانات أخرى بنفس الأساليب . أي إستخدام القوة الجديدة في فرض إرهاصات قيام إمبراطورية عظمى . وعبر تدمير ثقافة الآخر المختلف . هنا سؤال آخر يبرز هل كان لزوجته ( الملكة نفرتيتي ) دوراً ما في العملية الإنقلابية ..؟ ربما حسب ما تشير بعض المصادر أنها لعبت دوراً في تشجيع إخناتون على تبني فكرة الآله الغائب ، طمعاً منها في خلافته على العرش . من خلال وضعه في حالة تصادم مع أعداءة ..؟ وفي كلا الحالات لم يتخلى أخناتون نهائياً عن فكرة كون الأله ( رع ) الشمس هو مصدر الحياة على الارض ، بل صوره في أناشيده بالضياء الأبدي . بمعني بقيت الشمس ليس ككيان مادي ، انما كرمز معنوي للخالق . وبنفس الوقت لم يقدم الدليل على صحة ما ذهب اليه . لذا بقي في إطار رمز الشمس كدلالة قيمية . والشمس كانت القاسم المشترك في كافة الديانات القديمة . بصفتها القوة المتجلية الواضحة . التي تمارس دورها الطبيعي في الحياة الملموسة من قبل عامة الناس . إنها المعبود الأقوى رمز الحياة والموت ، رمز الظلام والضياء .
هنا علينا ملاحظة أن فكرة الضوء وأن الأله هو الضوء ، له علاقة بفكرة الظلام والنور ، الموت والحياة ، وهي ذات الفكرة التي ترددت في الديانات الثلاث حول الشمس . أو رمزها الضوئي أو المعنوي ، ففي ( القرآن الكريم ) : الله نور السموات والارض . والنور عادة لا يشع إلامن مصدر ضوئي . حتى ( النبي إبراهيم ) عبد الشمس ، ترى هل يعقل أن يعبد المرء في الصباح إلهاً وفي المساء يتحول الى غيره في يوم واحد ..؟ في سياقنا هذا من المفيد الإشارة الى دور حضارة ما بين النهرين التي على ما يبدو لعبت دوراً شديد الأثر في عملية التلاقح الفكري بين حضارات الشرق الأدنى القديم . وهي حضارة تشكل الحاضنة الرئيسية للديانات الثلاث بعد وفاة أخناتون . بل ربما لعبت دورأ مؤثراً على أخناتون ، لاسيما في موضوع عبادة الشمس كرمز لمجموع الألهه. وربما من المفيد أيضاً الإشارة الى أن الحضارة البابلية تتقاسم أيضاً مع الحضارة اليونانية في هذا الصدد عبر عبادة ( أبولون) إله الشمس عند الأغريق . وإذا ما عدنا الى الجزيرة العربية كانت الشمس هي ( اللات ) وهي الوحيدة المرئية في تلك الصحراء القاحلة .
في العودة لنبش أوراق الماضي ، وكأننا ننبش في قبور الموتى ، وما تبقى من آثارهم بهدف إلقاء الضوء على أصول الديانات المعاصرة التي تعود بجذورها الفكرية الى ذات أصول الموتى . لكن المشكلة هنا أن الكهنة الجدد أو لنقل بصورة أكثر دقة المتكهنين والمستفيدين عبر التاريخ من فكرية ديكتاتورية الأله الواحد ، هم الذين حالوا دون أن تواجه الديانات المعاصرة ذات المصير الذي واجهته عشرات الألاف من الديانات السابقة . او الحالية التي إنزوت في حجرة القناعات الفردية البدائية للمواطن سواء أكان عربي أم هندي .
أمام حشد وكم ضخم من الكتب والدراسات والوثائق من البرديات المصرية ،؟ هناك وجهة نظر شخصية في أوجه التماثل بين الديانات المعاصرة وبين عقيدة أخناتون أو العقائد المصرية عموماً حتى مع العقائد التي كانت سائدة في بلاد ما بين النهرين وهي كالتالي : أبرز ما يميز الحضارة الفرعونية أنها حضارة ذات طابع جنائزي – آخروي . أي أن عامة الشعب كانوا مجرد أيدي عاملة فقيرة وضعيفة ومستعبدة ، إستغلت لتشييد قبور ملوك الفراعنة . والحياة عموماً كانت تدور حول البعث بعد الحياة ..؟ وفي شواهد وآثار الأهرامات ما يكفي من أدلة . التركيز الشديد على الحياة الأخرى ، وإعتبارها غاية وجود الحياة الحاضرة . يقابلة تعفف الفقراء عن الحياة وزهدهم فيها ، في الوقت الذي تشيد فيه سواعدهم قبور وقصور ملوكهم . في دراسة للبروفسور البريطاني ( باري كيمب ) وكان رئيساً لفريق من البحاثة يقول : ( اسفرت عملية البحث العلمي في عظام العمال المصريين من بناة الأهرام عن جانب سوداوي للحياة يتناقض تماماً مع الصورة التي حاول إخناتون إشاعتها عن فترة حكمه ، وعن هروبه الى ضوء الشمس والطبيعة . حيث معظم الهياكل العظمية التي وجدت لفتيان لا تتعدى أعمارهم الخامسة والعشرين.)
الباحثة الدكتورة ( جيري روز ) من جامعة أركنسو الأمريكية تشير أيضاً الى ذات النتيجة . والمتعلقه بسوء الحياة وفقر الشعب في عهد أخناتون ..؟ فإذا كانت وصايا إخناتون العشرة المتداولة تحمل في مضمونها تصويراً لحالة مثالية أخلاقياً لفترة حكم إخناتون ، فنحن هنا أمام تزوير إضافي للتاريخ ، بأن اللجوء الى الدين والتعاليم الأخلاقية كانت مجرد غطاء لوضع إجتماعي مآساوي . وهي حالة شبيهه بالعصر الراهن . في الديانات المعاصرة ، الفقراء يعملون ويكدحون ولا يجدون قوت يومهم ، والكهنة والحكام لا يعملون ، لكنهم يأكلون كل ما تفرضة نواميسهم .
ما نود الوصول اليه هنا نتيجة غاية في الأهمية ، وهي ملاحظة التركيز على الحياة الأخرى في الديانات الرئيسية المعاصرة . في تصوير الحساب والعقاب وعذاب القبر ، ثم الخلود الأبدي . ترى هل هي مجرد تماثل وتأثر بالماضي ، أم إمتداد فكري لعقائد قديمة أرضية وليست سماوية ..؟
عادة في نبش التاريخ ، ما يظهر على السطح ، أقل بكثير مما يخفي تحت قاعه .
ولنا عودة في إستكمال هذا البحث في الجذور الإنقلابية للفكرة الدينية .





#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخناتون قائد أول إنقلاب في التاريخ على الديمقراطية
- من مادوف حزب الله الى السعد والريان
- 170 فنان تشكيلي من 36 بلداً يعلنون تضامنهم مع الشعب العراقي ...
- ماراثون الإنتخابات البرلمانية المبكرة في اليونان
- العالم العربي -إيران - تركيا/ أزمة البحث عن الهوية والمستقبل ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- وداعاً للسلاح ..وأهلاً ياجنيف..؟
- الى العلمانيين والمؤمنيين والديمقراطيين والليبراليين/ لنتضام ...
- لم يولد الإنسان لكي يبقى طفلاً ..؟
- دعوة الى فض الإشتباك اللفظي/ والعودة الى الحوارالمتمدن الديم ...
- صورة الزعيم حتى في غرف النوم / بإستثناء مكان واحد فقط..؟
- دور أجهزة الأمن في ترهل النظام السياسي العربي
- أزمة المواطنة في العالم العربي. مواطن درجة أولى ..ومواطن درج ...
- تراجيديا الترهل . هل نحن أمة واحدة ...ذات رسالة خالدة ..؟
- اليمن - ليبيا - مصر / الآب والأبن بدون روح القدس
- شهادة الصحافي اليوناني الذي إعتقلته السلطات الإيرانية أمام ا ...
- وجهة نظر يونانية حول قضية القدومي


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - نظرية الصدمة في الفكرة الدينية الإنقلابية