أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - المدينة والفلسفة من القطيعة الى التواصل ( 2 - 2 )















المزيد.....

المدينة والفلسفة من القطيعة الى التواصل ( 2 - 2 )


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2772 - 2009 / 9 / 17 - 22:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المدينة والفلسفة اليوم :

ماهي حدود المدينة اليوم ؟
هل تتمتع بوعي فلسفي ؟
هل يوجد فيها فاعلون فلسفيون لديهم القدرة في اثراء قيمة العقل والانفتاح على الاخر ؟ وهل مدن العراق مقبلة على تحولات فلسفية وثقافية كبيرة ؟
كيف تكون المعاشقة " تعبير ليوتار " بين الفلسفة والمدينة ؟
ما تزال حدود المدينة العربية محكوم عليها بلغة المطلق الايديولوجي الديني او الدنيوي اي مازالت قيمة التوجيه الصارم وشيوع او انتشار النموذج او القولبة من قبل اكثر المؤسسات الثقافية وانه لا توجد مؤسسة ثقافية لا تمتلك الخطوط الحمراء والوصايا العشر " تعبير مجازي " في الحفظ والاملاء والطاعة ، ذلك الامر ما نشهده داخل المدينة العربية بالرغم من الاختلاف والتنوع بين هذه المدينة او تلك ، فالمدينة السورية منتجة لقيم مختلفة عن المدينة العراقية ، الاولى مثرية للاختلاف والثقافة والانتاج الادبي المستمر فضلا عما موجود من حريات مدنية ضمن حدود الاختيار في الملبس والعمل وطريقة العيش كلها نجدها داخل المدينة السورية اكثر حضورا على عكس المدينة العراقية التي لم يسمح لها حزب البعث ان تتجاوز تريفها وتحولها الى قيم هجينية لا تنتمي الى المدينة كثقافة قائمة على التسامح والحريات بقدر انتمائها الى المدينة الشبحية " بين مواصفات الريف والمدينة على حد سواء "، وذلك الامر نتيجة طبيعية لحكم القادة ومنشأهم الاجتماعي الذين ينتمون الى القرية والريف وليس الى المدينة وقيمها الحديثة . كذلك الحال مع وجود المدينة من حيث العمران والتكنلوجيا والاستخدام الحديث لها في دول الخليج ، ولكن كل ذلك لا يستطيع ان يستوعب الحقوق المختلفة للانسان والمواطن بغض النظر عن اعتبارات الجنس والهوية الفكرية والثقافية ، اي ان المدينة الخليجية عاجزة عن استيعاب حقوق المرأة على سبيل المثال مع الاختلاف بين هذه المدينة وتفاوتها من سعودية منغلقة الى كويتية منفتحة وامارتية مقيدة ضمن شروط العادات والتقاليد .. الخ ، وهكذا نقول ان المدينة العربية بالرغم من الانفتاح الكبير الحاصل فيها وبالرغم من التعدد في وجود الافكار والمدارس الفكرية التي يتواصل معها عبر وسائل الاتصال المختلفة من مرئية ومسموعة ومقروءة ، نقول كل ذلك ان المدينة بحاجة الى المزيد من التواصل والانفتاح على الاخرين من اجل نهاية الفلسفة التي تتدعي الكمال والانغلاق . ان القول بان المدينة العربية تتمتع بوعي فلسفي متغير ومتواصل مع الاخرين ضمن حدود الصيرورة والتغيير ، امرا غير نهائي او مكتمل مادامت حدود الاقصاء والالغاء موجودة هنا او هناك لدى المؤسسات التي لا تقبل الاخر ، فطيلة العقود الماضية من عمر ما يسمى بالدولة الوطنية وجدت الكثير من مصادر الالغاء والمحاكمات والاتهام بل وصولا الى حالة الانتهاك والاقصاء الجسدي متمثلا بمحاكمات طه حسين وعلي عبد الرزاق ومحمد احمد خلف الله وكذلك قتل فرج فودة وحسين مروة ونفي نصر حامد ابو زيد ومحاربة وتهديد محمود السيد القمني ، كل ذلك لا يدل على ان الفلسفة العربية تتمتع بوعي التواصل والانفتاح ، وذلك الامر معروف بسبب الارتباط العضوي بين السياسي كصاحب سلطة وموجه للثقافي والمعرفي الفلسفي الامر الذي يعمل على ممارسة التكرار والاعادة ضمن ذات الانساق التي وجدت داخل الفلسفة العربية الاسلامية من وجود آليات الدفاع مرتبطة بمجاميع من اشباه المثقفين والكتاب تدافع عن هذه الانظمة وتصفها بالانظمة الحديثة الاكثر عدلا وانسانية . ان الوعي الفلسفي العربي هو وعي مؤسساتي قابع داخل مختبرات العقل والفكر والتأمل اي انه بعيدا عن وجوده التجريبي المرتبط باليومي والمعاش والمتغير البشري ، وذلك الامر ان دل على شيء فانه يدل على فقدان الخصوصية والاستقال الوظيفي في الانتاج الفلسفي والثقافي ضمن حدود النسبي وليس المطلق ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هناك مؤسسات ثقافية هامة تساهم كثيرا في نشر ثقافة الجديد والغريب الذي يثري العقل ويؤسس الانفتاح البشري على مختلف التجارب مرتبط بالقدرة الفاعلة لدى المشتغلين في حقلي التفكيروالواقع اي دمج الاثنين في جسد واحد دون انفصال يذكر عن بعضهما البعض .
ان حالة المدينة العراقية مع الاسف الشديد تعرضت الى الكثير من التراجعات عن قيم بناء المدينة المنفتحة الاكثر احتضانا للحريات والتفكيروالسلوك المستقلين طيلة العقود الثلاثة المنصرمة ، خصوصا مع تحول العقل الاجتماعي برمته الى سلوكيات واداب الحرب والعسكرة التي اضفت الكثير من التشوهات فيما بعد ليأت الحصار الاقتصادي ليكمل سلسلة الانهيارات للمدينة العراقية وتراجعها الى ما اسميناه اعلاه مدينة الشبح اي لاهي تنتمي الى المدينة وقيمها الحديثة ولا هي تنتمي ضمن الشكل المطلق لقيم القرية او التريف ، وهكذا نقول ان المدينة اليوم لا تعرف نسبيا علماء ومفكرين وفلاسفة وفنانين امثال علي الوردي والزهاوي وهادي العلوي وجواد سليم وغيرهم من مبدعي الانتاج المديني في العراق . هذه الصورة لا يمكن ان تضل قارة او ثابتة اذ ان المستقبل من الممكن ان يشهد الكثير من التحولات والتجاوز لاخطاء الماضي واعادة البناء لدولة المدينة والمواطنة بعد ان يتم تجاوز العقل السياسي السائد وما يحمل من اختلافات ونقائض لا تحث على الابداع والتجديد ضمن قيم السلام الاجتماعي بقدر ما تحث على ترسيخ قيم العداء والنفور داخل المجتمع الواحد . وكذلك ايضا تجاوز العقل الثقافي الذي يركز على مجالات الشعر والادب دون الارتباط العضوي بالقدرة على التفكير والابداع الفلسفي ، اذ ان العقل الثقافي العراقي هو عقلا يتجه الى الشعر والعاطفة اكثر من اتجاهه الى التنظيم والتفكير الفلسفي ، ذلك الامر يحتاج الى جهد مؤسساتي عراقي كبير من اجل تجاوز الاخطاء وتشخيصها مباشرة من خلال القول ان السياسة في العراق ضمن حدود النسبي في ازمنتنا الراهنة مهلكة لاية بوادر ابداع فلسفي وثقافي من الممكن ان ينقل المجتمع من حالة الجمود الى حالة الحركة والتطور ، وان الثقافة في جوهرها تتبع مسار السياسي بالشكل الذي يفقدها الاستقلالية والابداع .
ان عملية المعاشقة بين الفلسفة والمدينة بحاجة الى تحقيق مجموعة قضايا ندرجها كالتالي
1- الاعتماد على العلم الحديث : من خلال اعتماد الاثنين الفلسفة والمدينة على جميع مصادر العلم الحديث في البحث والتحري والتفتيش الدائم والتراكم المستمر من اجل جعل الحركة عنصر المدينة وليس الثبات والجمود ، واعتماد المدينة على العلم الحديث يحررها فلسفيا من تبعات العقل الاسطوري الذي يعطي الاجوبة ولا يقدم الاسئلة وان العقل الذي يعطي الاجوبة فحسب هو من المؤكد العقل الذي يستند على اليقين والطمأنينة وبالتالي يكون فاقد لاية عناصر فلسفية قائمة على الشك والدهشة والمراجعة الدائمة ، وكذلك اعتماد الفلسفة على العلم الحديث يجعل وجودها المديني اكثر حركية وتواصلا وانفتاحا مستمرين ، وذلك الامر يتحقق من خلال دمج المادة مع المثال اي دمج الالة الحديثة واستعمالها مع الانسنة اي انسنتها وجعلها اكثر توائما للاستخدام البشري ، إذ ان اكثر الناس في عالمنا تستخدم الالة الحديثة دون محاولة فهم المعطيات التي انتجتها ، وهنا لا نعني الذوبان او التماهي مع قيم الاخر " الغرب " بقدر التأسيس لعالم متوازن بين وجوده المادي والمعنوي .
2- الاعتماد على اعادة القراءة الشاملة للاسلام : وهنا نقصد باعادة القراءة الشاملة للاسلام كدين ونظام قيم واصول معرفية من جهة والاسلام كنظام سياسي وتأويل بشري منبثق من الذات البشرية الحمالة للخطأ والفشل الدائمين ، وهذه القراءة تكون من خلال التفرغ لدراسة التاريخ الاسلامي ومحاولة تنوير المضيء وحجب واقصاء الجانب المظلم متمثلا بالتجربة البشرية للاستخدام الديني والثقافي ، وهذه الاعادة تجعلنا نفكر بالاسلام كعنصر اضاءة وتقدم وليس عنصر جمود ومحاظة مع الاعتراف بان الموجة الواحدة او القناة الواحدة لا تعمل على تأسيس ما نسميه بالحقيقة المقارنة بين هذه الثقافة او تلك ، اذ ان الواحد كاطار وتفكير يعمل على تكثيف المعنى ضمن اتجاهات ثابتة على عكس التعدد الذي يتيح عملية التكثيف مع وجود التحولات والتغيرات التي هي في النهاية مرتبطة عضويا بالمدينة وطبيعتها المتغيرة ، وهذه القراءة تعتمد في الاساس على تنشيط وعي الحرية في التفكير والابداع والبحث العلمي دون مسبقات ايديولوجية معينة ودون وجود حدود للاتهام والتخوين او الوقوع في دائرة العدو كما تتصور اكثر الفلسفات والنظريات السياسية المنغلقة على نفسها من اجل ان تدافع عن المكتسبات التي حصلت عليها وهي في النهاية مكتسبات السلطة والنفوذ والارتباط العضوي بالحياة الدنيا .
3- العمل على دعم المؤسسات البحثية والفلسفية ضمن الاتجاهات كافة ، وخصوصا تلك المرتبطة بترسيخ قيمة العلم الحديث في تعدديته وتنوعه وفقا لمختلف المجالات من علم الاجتماع والنفس والانثروبولوجيا التي كثيرا ما تلتقي مع الفلسفة في النظريات والرؤى بل ان هذه العلوم شكلت منجزا فلسفيا كبيرة في الازمنة الحديثة وانتجت فلاسفة كبار شاركوا في تغيير الحياة البشرية مثل سجموند فرويد وجون ديوي وليفي شتراوس وغيرهم ممن كانت مساهماتهم في هذه العلوم اعلاه ، فضلا عن الاهتمام ايضا بالعلوم الاخرى مثل البيلوجيا والفيزياء ومحاولة ربطها بالمنجز الفلسفي المتغير بشكل مستمر .
4- العمل على ترسيخ القيم الديمقراطية داخل الادارة المؤسساتية سواء تلك المرتبطة بمجال التربية والثقافة والتعليم العالي او تلك المرتبطة مع اكثر المؤسسات حيوية متمثلة بمؤسسات اتخاذ القرار السياسي وطبيعة التحكم بالثروة والنفوذ ، اذ ان اعتماد الديمقراطية كمنهج اداري ، اجتماعي ، حياتي يومي يقود الى تأسيس الكثير من قيم المسائلة والمحاسبة والبحث الدائم عن افضل البدائل الممكنة التي تساعد على تجاوز اخطاء الماضي وبناء الحاضر من اجل مستقبل مفعم بقيم التغيير والحرية بشكل دائم .




#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قواعد السؤال الوجودي للذات
- الايديولوجيا في مناهجنا التربوية
- مسارات التنوع الثقافي في العراق
- المثقف والحرية واسئلة المستقبل
- أطفال في الشوارع بين التسول والضياع
- مفهوم الحقيقة بين العلم والدين
- معوقات ثقافة الابداع في العراق
- في تاريخية الكتابة والموت ( قلق الكاتب من محو الذاكرة )
- فاعلية المثقف من العزلة والرفض الى الممارسة الاجتماعية
- نحو علمنة الزمن الثقافي العربي
- أزمة العقل السياسي العراقي ( بين الخضوع الايديولوجي وإعادة ا ...
- البحث عن مهمة اجتماعية للفلسفة.. فكر لا يغادر مدارج الجامعة
- الذات والاخر في صورة النقد المزدوج
- معوقات مجتمع المعرفة في العالم العربي
- سياسة الاندماج الاجتماعي الفعال في بناء الدولة العراقية
- حرس بوابة الاخبار
- مشروع ديكارت الفلسفي وإعادة ترتيب الوجود
- المجتمع الجماهيري .. عامل محافظة ام تطور
- مفهوم الحرية ركيزة اساسية لتطور المجمتع
- محددات ثقافة الارهاب


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يدعو إسرائيل وحماس إلى قبول -الاقتراح ا ...
- -حزب الله- استهدفنا مبان يتموضع بها ‏جنود الجيش الإسرائيلي ف ...
- تحليل: -جيل محروم- .. الشباب العربي بعيون باحثين ألمان
- -حزب الله- يشن -هجوما ناريا مركزا- ‏على قاعدة إسرائيلية ومرا ...
- أمير الكويت يزور مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- أنقرة تدعم الهولندي مارك روته ليصبح الأمين العام المقبل للنا ...
- -بيلد-: الصعوبات البيروقراطية تحول دون تحديث ترسانة الجيش ال ...
- حكومة غزة: قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر ...
- الشرطة الفرنسية تفض مخيما طلابيا بالقوة في باحة جامعة السورب ...
- بوريل يكشف الموعد المحتمل لاعتراف عدة دول في الاتحاد بالدولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - المدينة والفلسفة من القطيعة الى التواصل ( 2 - 2 )