وحوار مع الجبلي

ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 21:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

كتب السيد(فادي يوسف الجبلي)في عددي الحوار المتمدن ليومي 13-9-2009 و 14-9-2009 موضوعين متعاقبين تحت عنوان ..(حوار مع البهرزي 1)و (حوار مع البهرزي 2)
وإذ اشكر السيد الجبلي على حسن ظنه بي وبكتاباتي متمنيا أن أحظى به قارئا وكاتبا صديقا أتبادل معه اختلاف الآراء وتوافقها سعيا للأهداف التي نسعى لها قراءا وكتابا وإدارة موقع وهي السعي لترسيخ مفاهيم الديمقراطية والعلمانية من خلال صحيفة الكترونية يسارية تحترم آراء الجميع ..
وإذ بلغني تحياته في ختام الجزء الثاني من حواره فأنني احسب أن حواره معي قد اكتمل فصار لزوما علي واجب الرد- طبعا بعد رد التحية والسلام –
أما إن فهمت ذلك سهوا وانه لم يزل في ذهن السيد جبلي حوارات أخرى فان ذلك لن ينقص من قيمة الجدال فيما بيننا شيئا....لثقتي بان التواصل سيبقى موصولا ما بقي الود والاحترام...

ولكون حوار السيد الجبلي ينطوي على أمثلة من تجاربه الشخصية في إطار التعليقات تتعلق بكتاب آخرين فأنني سأقتصر بردي على ما اظنه يعنيني مباشرة –أو يعني القراء عموما- دونما تخصيص لمسمى سواي..وذلك من اجل أن لا تتشعب الأفكار ولا تكون هنالك إجابة بالإنابة عن الغير – وكلهم من كتاب الموقع القادرين إن شاءوا على الرد-..
عليه سأحاول وضع مجمل الأفكار التي تخصنا –السيد جبلي وكاتب هذه السطور- كرؤوس نقاط آملا أن أتوسع في بعضها كمواضيع منفصلة –لأهميتها –وذلك خارج إطار هذا الرد...مع اعتزازي بثقة الكاتب وشكري لتثمينه الذي اعتز به كقاريء وكاتب أيما اعتزاز ...

• حجب التعليق *

بالنسبة لإشارتك حول حجبك عن التعليق ,فذلك كما تدري حصل معي أيضا , وربما سيحصل مستقبلا معي بشكل متواصل وذلك لقلة أدب بعض المتأدبين –كما سترى للأسف الشديد- ولأنني من فصيلك –فصيل الرد المباشر- لا أمهل ولا أهمل لافتقاري التام لادني حد من حدود ....المجاملة!!.. ولعدم مبالاتي بما يسمى العواقب(وكأنه ظل في آخر الدرب عاقبة!.. العن مما فات !!)...فأنني إذ أتضامن معك في حق معرفة السبب المباشر للحجب وذلك من اجل أن لا يظل الكاتب يسيء التفسير ويلقي باللائمة على محرر دون سواه تجنيا ورجما بالغيب....
غير إن هذا لا يمنع أن أجد مبررا لحجب بعض التعليقات لخروجها عن الاشتراطات التي حددها الموقع لصلاحية التعليق..ولكن يحدث أن افاجا أحيانا بحجب تعليق منضبط وفقا لهذه الاشتراطات..كما حصل مثلا في حجب تعليق لي على مقال للصديق شامل عبد العزيز الذي أهدى من خلاله بعضا من رباعيات الخيام لي ولأصدقاء آخرين ...فكان تعليقي هو اختيار واحدة من الرباعيات التي أوردها الصديق شامل مع إضافة جملة مفادها ( إن كان هذا قول الخيام عن الناس في زمانه ...ترى ماذا سيقول لو عاش زماننا ؟).. المهم إنني فوجئت بحجب التعليق من قبل الموقع حسبما أشار الصديق شامل في معرض ردوده على السادة المعقبين ..ولم أجد لهذا الحجب تفسيرا....ومثل هذه الأشياء قد تحدث سهوا ويتم معالجتها بتعقيب ثان , وهو ما حدث معي فعلا ...
أما بصدد تعليقي على كتابتك موضوعا ترد به على المعلقين الذين كان حجبك عن التعليق أبانها يمنعك من الرد عليهم..فكن واثقا انه ليس من باب التهكم –كما ظننت – بل هو فكرة أدهشتني وأنا أحاول أن أجد سبيلا للرد على معلق وجدت منه تجنيا علي وكنت وقتها محجوبا مثلك عن التعليق ...وكانت لولا موضوعك المذكور فكرة لم انتبه إليها وكنت أظن الحجب عن التعليق هو حجب عن النشر أيضا....فكان حسد محبين لا تهكما كما حسبت وعذرا إن أخفقت في التعبير عن القصد ...


** أسلافنا وميزو باتاميا **

حسنا فعلت إذ سألتني بسؤالك (الهجومي ألاستباقي ) حول مدى شعوري بالمرارة والألم لان (أسلافي!!) قد استولوا على ارض ميزوباتاميا وأبادوا( أهلها !! )...
الجواب عن شعوري سهل جدا يا سيد جبلي...
ذلك إننا معا (سيد جبلي وسيد بهرزي) لا نستطيع بالضبط تحديد (أسلافنا !!) إلا ...إذا تطورت علوم الجينوم بحيث تستطيع تقصي الأنساب عبر (آلاف السنين الغابرة!!)...إضافة لذلك يشترط (عثورنا ) على (رميم مؤكد ) لأحد (أسلافي ) أو (أسلافك )..ومن ثم تجرى عملية مطابقة النسيج الجيني DNA لكل منا مع ما تبقى من هذا الرميم لنثبت باليقين هل هو لأحد أسلافي أو لأحد أسلافك المدفونين في ميزوباتاميا منذ آلاف السنين العابرة!!
ثم يأتي ما هو أكثر تعقيدا ..وهو هل إن هذا الرميم المدفون في ميزوباتاميا هو لواحد من (أهلها ) أم هو رميم لواحد من عشرات الأقوام التي غزت البلاد ؟!!

من جهتي أقول أن من المستحيل قبول واقع ما نحن عليه من لغات واديان على انه دليل (أصالة ) أو (دخالة )!!..ونحن إذ نتحدث ك(عراقيين ) عن الأصول البعيدة جدا في بلد مثل (بلدنا ) تشكلت خريطته منذ اقل من مائة عام فإننا لا نتحدث عن (ميزوباتاميا ) بحدودها الغامضة الموغلة لما قبل عصور الديانات ...بل إننا لا زلنا نتجادل عن الخرائط المزيفة التي مضى عليها اقل من هذه المئة عام وتخاض حروب وتهدر دماء الملايين من الأبرياء قربانا لزئبقية هذه الحدود!!..
ولنفترض انك –قريني في المواطنة- على دين غير ما يحسب (ديني ) أو على قومية غير ما تحسب(قوميتي ).فأين دليل أي واحد منا على (أصالة وثبات وديمومة )دينه وقوميته منذ فجر السلالات حتى اليوم ؟؟
ما الدليل يا سيد الجبلي في أن تكون أنت أو أنا من بقايا السومريين أو الاكديين او البابليين أو الآشوريين أو الكلدانيين أو الآراميين أو العموريين أو الحثيين أو العيلاميين أو الميديين أو الاخمينيين أو الساسانيين أو العبريين أو الكنعانيين أو العرب أو المغوليين أو السلاجقة أو البويهيين أو الفرس أو الاتراك أو البلقانيين (وصنوف ما جاء به العثمانيون طوال سبعمائة عام من غلمان كبروا وتزاوجوا وأنجبوا خليطا من كل ما ذكرت)؟
ما الدليل يا صديقي على تأصيل (جينا لوجيا ) أي من انساب احد منا ؟
أنت تعرف إن النساء هن في مقدمة ضحايا الغزو والسبي وكل الأقوام التي ذكرت كانت تسبي بعضها بعضا على مدى (سهول وجبال واهوار )ميزوباتاميا القديمة..ولم يكن حينها ثمة (مانع حمل ) أو (لولبا ) أو (فلاش لاذر ) فابن المسبية العبدة وابن الأميرة التي صارت سبية , ابن النبيلة وابن الجارية أو خادمة المعبد, هم سواء بسواء بعد السبي يستلحقون بجنود الغالب عبيدا أو محاربين ...وكانت العقائد الغالبة تفرض بدلا عن عقائد المغلوبين ..وكان ثمة أقوام تنبذ وتهاجر عبر الحدود في حركة ذهابيابية دائبة طوال العهود..
يحلون ويتملكون ويتزاوجون ويتسيدون حينا ويستعبدون حينا آخر..
وفي الحصيلة لا تبقى إلا (ثقافة )الغالب من لغات واديان ومعتقدات ..
أما القليل المتشبث فيلجا للأقاصي (أقاصي الأماكن أو أقاصي السرانيات الباطنة) فيتبقى ارث من المغلوبين كذكرى حاضرة درست..
كل هذا حدث طوال السنوات الآلاف السبع (أو أكثر ) المنصرمان في ميزوباتاميا..وتحاول أن نجادل (بيقين أكيد ) عن الانسال والأنساب الأصيلة المتأصلة الباقية ؟؟!
ولأجل أن اقرب لك سهولة اختلاط وتبدل الأنساب والعقائد (أو الثقافات إجمالا ) واستحالة حفاظها على موروثها بشكل مستمر فإنني اضرب لك –مما اعرف مؤكدا- من أمثلة خلال القرن الماضي واظنك تعرف مثلها وأكثر :
• اعرف –وفي حيز جغرافي صغير- عائلة واحدة على الأقل بدلت ديانتها اليهودية إلى الإسلام منذ نصف قرن وربما أزيد قايلا...ويمارس أحفادها الآن التعصب الديني الاسلاموي !!...وعلى وجهيه الطائفيين !
• اعرف عائلة واحدة على الأقل, عائلة يهودية مرموقة تحولت إلى المسيحية وظلت لأيامنا هذه من العوائل المسيحية المعروفة بنشاطها الاقتصادي والتجاري ...بل والعسكري !! إلى عقود قريبة خلت-كان واحدا من أنسال هذه العائلة ضابطا كبيرا وآمرا لوحدتي العسكرية!!!-
• اعرف -0وتعرف أيضا- أكثر من عائلة كردية تحولت إلى القومية العربية وصار بعض أبنائها من عتاة دعاة القومية العربية ونالوا في هذا المضمار صيتا في الشأن السياسي العراقي !!



اعرف أكثر من عائلة تركمانية ادعي العروبة نسبا –بل وبعضها تحول إلى القومية الكردية ..والعكس صحيح أيضا في مناطق ديالى المختلطة مثلا-إن كان ما جرى قسرا أو بالإرادة ..فان التحول صار من واقع الحال بعد تتالي الأجيال !!

*يعرف كلانا وسوانا الكثير من الهنود والباكستانيون والسخ والأفغان والداغستيانون (من داغستان الروسية ) من تركوا اصول و(ثقافات )اسلافهم وقال بعضهم انه عربي وانه مسلم ..بل ومن قريش من بني هاشم!!!!

وبعد يا سيد جبلي ...فكل هذا حدث في غضون المائة عام الأخيرة فحسب !!....ولكنه نسي وصار القول فيه مدعاة فتنة بحكم هوى (المواطنة ) الذي كان سائدا حتى أوائل الستينات ثم أضاعه الاعاريب ..اعاريب السياسة الأجلاف ..وتريدني بعد ذلك أن أميز انساب الناس من خلال هذه (الوشيعة ) الزمنية البالغة سبعة الآلاف عام من السبي والنكح العرقي المباح منذ ما قبل الديانات مرورا بالسبي الديني والقومي والاثني ....والإمبريالي!!

كان الأقوام الذين ذكرت –من سومريين وبابليين وآشوريين.. وكلدان- كلهم من الوثنيين ..فهل انقرضوا ؟؟
بالطبع كلا!...لان ما من احد في العراق يقر بوثنيته ...
لقد اندمج منهم من اندمج بحكم الواقع أو الاضطرار مع كل موجات الغزو وتنقلوا عبر (ثقافاتها ) وحذفوا من بعضها وأضافوا لبعضها الآخر...ومن تبقى مجالدا فقد بادل وثنيته الأولى بدين ما...
فربما أكون أنا السومري الأصيل أو أنت –مثلا- الذي تحول إلى عبادات والهة البابليين قسرا ثم تحول إلى آلهة الآشوريين قسرا ثم إلى عبادات الأقوام الغازية التي تلت تلك الأقوام حتى استقر على واحد من الأديان التي استقرت في الخليقة واستقر عليها بحكم الأيمان أو بحكم الولادة !!..هذا ان لم يلحد بكل الأديان إن استطاع لذلك سبيلا !..
ولم يتبقى من كل حضارة سومر إلا كلمتي (شكو )و (ماكو) نرددها دون أن نعي ما تعني ولمن تعود ..

(أسلافنا ) يا صديقي ما كانوا يوما (أهلنا ) الحاليين ..
و(ميزو باتاميا ) أسلافنا ...هي بالقطع ليست (عراقنا ) الحالي...

فان لم يكن لكل هذا التاريخ (الممحون!!) بكل محنه وظلمه وسبيه حوبة في ما صرنا إليه ...فهل سيكون لعامل دي.إن .أي) شفاعة في تأصيل ومعرفة وفض اشتباكات النساب أسلافنا ؟؟)
وتريدني أن اشعر بالمرارة لان (أسلافا ) لا اعرف مدى صلتهم بي ...قد أبادوا ما يفترض إنهم (أهل ) مواطن عراقي مثلي قبل آلاف الأعوام ؟؟

السؤال الآن يا صديقي هو ليس من كنا ومن كان أسلافنا ومن أباد من...فنحن الآن محكومون بما نحن عليه ,,ومقدر علينا أن نحيا في بقعة تشكلت قبل اقل من قرن من الزمان بخارطتها الحالية موضع الجدل والحروب....مقدر أن نتقبلها ك (عراق) يربط بيني وبينك دونما عقد الماضي الغامضة المشكوك بها برابط(المواطنة ) المحقق والأكيد والذي يحرم علي كما يحرم عليك ادعاء تفوق أو أصالة بعض على بعض ..كما تحرم عليك مثلما تحرم علي سلطة التهميش والإقصاء والاحتواء !!
لنكن محترمين لأطيافنا صغرت أم كبرت ضمن (حزمة )المواطنة المشتبكة ..
ولا عليك ولا علي ولا على كل عاشق مغرم بمستقبل مطمئن الحياة والصيرورة ...لا على كل هؤلاء بالنابحين من كهوف التاريخ المضببة أيا كانت وتيرة وأوتار وصدى نباحهم....

وأخيرا ..
فليس في التعليقات التي أوردتها كأمثلة في موضعي (باب التعليق الذي تاتيك منه الريح ..والريحان !!) المنشور في الحوار المتمدن صلة بتعليقك الذي أوردته ..بل هناك معلق أضاف تعليقا على موضوع إحدى الزميلات (للمناسبة لم تشر لها في موضوعك ) وقد أرسلته لي شاكية ..فأدرجته ضمن ما أدرجت من (تسرب ) بعض التعليقات المؤذية .. ليس مؤذية لك او لي فنحن متاهبون للرد حد الحجب!!... ولكن لبعض الكاتبات اللواتي لا تسمح لهن أوضاعهن الاجتماعية برد من نوع (ماذا تفعل ماما في الحمام ؟)...وأشياء أخرى العن تصل على بريدهن ...وعليه فحين أشرت إلى احترام (علنية )الكاتب ..فقد كان مقصدي الزميلات الكاتبات اللواتي يسفرن بأسمائهن الصريحة وصورهن ...وتمنعهن مواقعهن الاجتماعية المعروفة من الدخول في المساجلات
في الحين الذي لا يسري مثل هذا الحال على الكتاب (إناثا وذكورا) ممن يحتمون باسم مستعار يقيهن ويقيهم شر المستذئبين ( ليتني ما أسفرت عن اسمي ووجهي لأقول وارد بما لا سمعت إذن ولا تخيل جنون .....ولكن مسؤولية الانكشاف ثقيلة أيها الجبلي... وفعلت حسنا حين استترت متجنبا( قطاع ) الكتابات و(قراصنة ) التحريف والتأويل المغرض ....
(أنهم مرضى الأحقاد ...سامحهم يا أبت )
ولك ولمن يحسن الظن بالكلام ..أحلى السلام

#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات