|
جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي .3
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2767 - 2009 / 9 / 12 - 21:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن الأسس والعقائد التي تتأسس عليها جماعة العدل والإحسان تجعل منها جماعة حركية تزعم أنها صاحبة رسالة إلى كل المسلمين وعموم شعوب الأرض . وهذه الرسالة هي امتداد للنبوة في هداية الناس وإقامة حكم الله وتحقيق وعده بعودة نظام الخلافة بعد زوال أنظمة العض والجبر . لهذا تجعل الجماعة من الحديث النبوي الذي يخبر بعودة الخلافة بشارة ووعدا لها بالنصر . وانسجاما مع عقائد الجماعة التي حددها الشيخ ياسين ، فإن اختياراتها السياسية ، حالا واستقبالا ، لن تحيد عن المبادئ التي تحكم وجود الجماعة ومصيرها ، ومنها : رفض الاعتراف بشرعية النظام الملكي ، رفض المطالبة يتأسي حزب سياسي ورفض المشاركة السياسية من داخل مؤسسات النظام الدستورية . فالجماعة ، من حيث كون عقائدها لا تسمح لها أبدا بمصالحة النظام الملكي ، ذات منهاج عقائدي ودستور تنظيمي يحتمان على أعضائها معاداة النظام الملكي عداءا عقائديا لا يفتر ولا يزول . وهذا ما يجعلها عصية عن الفهم لدى الباحثين الذين يسقطون على الجماعة تجارب التنظيمات الثورية التي بدأت عنيفة ومتطرفة وانتهت إلى الاعتدال ومصالحة الأنظمة السياسية التي طالما سعت إلى تدميرها . فالجماعة اختارت مواجهة النظام الحاكم على أسس عقائدية يستحيل تبديلها أو تعديلها فأحرى مخالفتها . لذا لن تقبل الجماعة بأيدي النظام الممدودة إليها ولا بالمساعي التي بذلت من أجل مصالحتها للنظام والانخراط في العمل السياسي من داخل مؤسسات الدولة . فالجماعة نفسها تقر بالمبادرات التي صدرت عن النظام في فترات معينة من أجل إدماج الجماعة في النسيج السياسي قصد الاشتغال من داخل المؤسسات الدستورية . إلا أن عقائد الجماعة ومبادئها ستظل العائق الأوحد في وجه أي مصالحة . بل إن هذه العقائد تدفع الجماعة باستمرار نحو مزيد من التشدد والعداء للنظام . وكما كان الأستاذ ضريف ضحية ملاوصات الجماعة حتى اعتقد أنها قاب قوسين أو أدنى من قبول المشاركة في الانتخابات واستعدادها لطلب الترخيص بتشكيل حزب سياسي ، كان كذلك عدد من المنظمات الحقوقية ضحية خداع الجماعة وادعاءاتها المزيفة بكون النظام المخزني يمنعها من تأسيس حزب سياسي ويصادر حقها في العمل السياسي . وبسبب أساليب الخداع والدعاية المزيفة التي انطلت على الكثير من الباحثين والمنظمات الحقوقية والهيئات السياسية ، اتجهت أصابع الاتهام إلى النظام الملكي بكونه المسئول عن إقصاء الجماعة عن أية مشاركة سياسية وحرمانها من التنظيم داخل إطار سياسي قانوني . فقد كتبت التجديد بتاريخ 23/6/2009 خبرا اعتبرته سبقا صحافيا يندرج ضمن الترويج لمزاعم الجماعة وتجميلها لدى الرأي العام ، حيث نقرأ : (كشفت وثيقة وقعها مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، حصلت "التجديد" على نسخة منها، أن الجماعة ترحب بالعمل في إطار المشروعية الدستورية وفق القوانين الجاري بها العمل، والتي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وأنها لا ترفض أن تعمل في إطار حزب سياسي معترف به وفق ما ينص عليه دستور البلاد في حالة ما إذا خلصت نيات المسؤولين وإرادتهم السياسية، وأكدت الوثيقة على أن الملكية الدستورية تضمن تعددية الأحزاب) . ونفس المنحى سار فيه الأستاذ ضريف الذي بشّر بقرب مشاركة الجماعة في العملية الانتخابية وإعلانها عن تأسيس حزب سياسي . إلا أن حقيقة الجماعة جلية ومبثوثة في أدبياتها ومنهاجها الذي سطره المرشد ولا تحتاج إلا إلى قليل من الاطلاع عليها وقراءتها بدون خلفيات . وتأكيدا على هذه الحقيقة جاءت مقالات الأستاذ مجدوب موضحة ومبينة حيث جاء فيها النفي والتأكيد التاليين (جماعة العدل والإحسان، عند الأستاذ ضريف، ومن خلال دائرتها السياسية، هي بصدد وضع برنامجها السياسي، الذي ظهر جزؤه الأول في وثيقة "جميعا من أجل الخلاص"، وهي لا تفتأ، أي الجماعة، ترسل إشارات تفيد وتؤكد أنها راغبة في المشاركة في الانتخابات في ظل النظام. والحقيقة والواقع بخلاف هذا تماما، وما تزال الجماعة تعبّر، بمختلف الوسائل، أنها لن تشارك أبدا في ظل نظام معدود في أنظمة العض والجبر، التي لا تحكم بما أنزل الله.) . إذن فالاعتقاد بإمكانية تقدم الجماعة بطلب الترخيص لتأسيس حزب سياسي هو اتقاد خاطئ من أساسه ، على اعتبار أن الأحزاب السياسية تسعى إلى الإصلاح من داخل الأنظمة الحاكمة ، بينما الجماعة تسعى لإسقاط هذه الأنظمة . وإذا كان الشيخ ياسين ، في المراحل الأولى لتأسيس الجماعة ، تحدث عن إمكانية المشاركة في الانتخابات ، فإنما كان يقصد فتح بوابة للتغلغل في مؤسسات النظام كتكتيك للتمكن من مفاصل الدولة ودواليبها بغية الانقلاب على النظام ودك أركانه . وهذا واضح مما كتبه السيد مجدوب (ومخطئ من يظن أن الأستاذ ياسينا كان ينظر في يوم من الأيام إلى المشاركة في الانتخابات، التي تُنظم في ظل أنظمة العض والاستبداد على أنها-أي المشاركة- "اختيار استراتيجي"، وإنما كان ينظر إليها على أنها "اختيار مرحلي" وطريق مساعد ومُكمّل لبلوغ الهدف الاستراتيجي، وهو القومة على نظام معدود في أنظمة الحكم المستبدة الظالمة، التي وردت إدانتُها في حديث الخلافة المشهور الذي رواه الإمام أحمد عن النعمان بن بشير، رضي الله عنه، والذي يشكل العمود الأساس في المنهاج السياسي لجماعة العدل والإحسان، وذلك، طبعا، حسب فقه الأستاذ ياسين لهذا الحديث، لأن هناك من العلماء والفقهاء من يذهب مذهبا مختلفا في فهم الحديث وفقهه وتأويل ظاهر لفظه.) . للشيخ ياسين فقهه الذي يخدم عقائده ويحدد إستراتيجيته في التعامل من النظام الملكي الذي يتنبأ الشيخ بقرب زواله ويبشر أتباعه بالنصر المبين . فهل يعقل أن تقبل الجماعة بمصالحة النظام الملكي والعمل ضمن قوانينه التي تكفره الجماعة على أساسها ؟ لا شك أن الجماعة تتوق إلى البشرى التي زفها المرشد لأتباعه "إن ما ترونه وما تسمعونه، إخواني أخواتي، من صخب وجلبة لرموز الفساد، وإرغاء وإزباد لسدنة الاستبداد، ما هي إلا ترنحات هالك يوشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. إن الله عز وجل قد وعد، ووعده الصدق، أنه ناصر عباده المؤمنين، وحَكَم بأنه لا يفلح الظالمون، وأنبأ بأنه لا يصلح عمل المفسدين" .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية
...
-
جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل
...
-
جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام
...
-
تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .
-
لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
-
البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
-
إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
-
هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟
-
شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول .
-
هل فعلا لفظ الجلالة وتقبيل يد الملك هما ما يمنعان جماعة العد
...
-
فتاوى شيوخ التطرف دليل إدانتهم .
-
التحالف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة يقتضيه المن
...
-
براءة شيوخ التطرف المفترى عليها .
-
ما الذي يمنع التحالف بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والم
...
-
المغرب كان محصَّنا ضد المشرقيات وعليه أن يبقى
-
حتى لا يبقى المغرب حضنا لضلالات الوهابية ومخاطرها .
-
الجزائر وهوس الزعامة الإقليمية .
-
لوهابية تأكل أبناءها وتحاكم عقائدها .
-
أخطار المد الوهابي على وحدة الشعب واستقرار الوطن .
-
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
المزيد.....
-
-في المشمش-.. هكذا رد ساويرس على إمكانية -عودة الإخوان المسل
...
-
أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030
...
-
قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
-
-العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة
...
-
وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
-
الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
-
شاهد/حاخام صهيوني يصدر فتوى بقتل أطفال غزة جوعًا: -لا رحمة ع
...
-
كاتبة إسرائيلية: من يتجاهل مجاعة غزة ينتهك التعاليم اليهودية
...
-
عاجل | بوليتيكو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولم
...
-
منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المتطرف بن غفير باحات الم
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|