شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 08:07
المحور:
الادب والفن
قل للحياةِ وأنت هناك في البعيد : يا حياة ، كم مرّةً أجهضنا أحلامنا
لنسافر نحو الحقيقة حتى صارت السماءُ بمتناول الأيدي ؟
وحين قيل لك : ستموت هنا هذا المساء ، تزيّنت للزائر القادم ، وهيّأتَ المائدة لاثنين ،
وتزيّنتَ بثوبك السماويّ الأزرق ، بل وجهزت مراسيم الجنازةِ والكمنجات
وقصيدةً ملوّنةً لكنها محاطة بالبياضِ وكأنك تدرك نقاء النهاية.
وأتى ، شربتَ معه نخبك ، وأمسكت بيده ومضيتَ تدلّه على الطريق
كأنك كسارة ثلجٍ تخوض حربها
ضد البرودة ، أو بقعة ضوءٍ تسافر في الكونِ لتحقق أحلام الكواكب .
أتى الموت في موعده ، لم يتأخر الزائر الأقرب، وكان سخياً منحك الوقت لترثي الختام
فلم يوجعك شيءٌ على باب القيامة .
كنتَ الشخص الوحيد الذي لم يبكِ في الجنازة ، كنتَ الغريب الذي حمل صندوقه السحري
ومضى يبحث قبل الرحيل عمّن يحمل الإرث الثقيل بعده .
تركتَ أشياءك لنا ، كتبٌ كثيرة ، وزجاجة عطرٍ ، وحقيبة صغيرة بها أشياء تخضع لبند السرية المطلقة ، وتذكرة سفرٍ مفتوحة إلى الحياة .
ووصلت النهاية ، أكاليل وردٍ تحيط بك ، والحاضرون كلهم يبكون ،
وخلفَ المنصةِ كلامٌ يملأ النقصان ،لكن عبثاً ، فالتشييع لن يتم إلا باللحن الذي تريد .
فالمثول أمام المنصة لرثائكَ يشبه المثول أمام محاكم التفتيش المقدسة .
والقصيدة في غيابك كامرأةٍ محظيةٍ تَمْثُل لتعترف ، فإن صدقتْ حوكمت بالموت ،
فأصبحت كاذبةً تقول الحقيقة ، كل الحقيقة .
أسمعك الآن تتلو نشيد الخلود ، وفي صوتك يرنُّ الوجع المقدس ،
تتكئ على جدارٍ ساقطٍ في الروح وتعلن أنكَ لست لك ، أخذناك منك ،
وكان لنا إرثك الثقيل يوجعنا في غيابك .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟