أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - في اشكالية الدين والعلمانية














المزيد.....

في اشكالية الدين والعلمانية


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 07:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان إنتاج التعصب والتطرف والانغلاق الديني ، والتمسك بقراءات متزمتة ومحددة بخصوص الإسلام، يختلط فيها المذهبي بالطائفي والعنصري، مع التصورات والتفسيرات الشعبية للدين، وسيادتها على غيرها من القراءات الأخرى، خلال العقود الماضية ، يمثل تعبيرا عن بنية الدين نفسه، وأزمته العقائدية الداخلية، جملة وتفصيلا، كما يتصور البعض، فان السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا سادت هذه القراءات الجاهلة والعنيفة منذ ثلاثة عقود فقط ، لدين عمره 14 قرنا ، دون سواها من قراءات ؟.

فهل كنا قبلها راقدين ونياما، ولا نعرف من أمور الدين والدنيا شيئا، ثم استيقظنا فجأة، عن طريق الصحوة الإسلامية المزعومة، على هذا التفسير البالي والمتخلف والمعادي للدين والإنسان والحداثة معا ؟ . أم هل صدق دعاة العلمانية المشوهة ، بأن هؤلاء المتخلفون عقليا ودينيا وثقافيا ، هم من يمثل الدين الإسلامي فعلا، بكل ما يتضمنه من قيم عليا، ومن معان إنسانية سامية، تؤكد على التعايش والتسامح والأخوة والمحبة، شأنها في ذلك، شأن بقية الأديان التي إن أخضعت للتحليل والتفكيك المعاصرين، لما اختلفت في دعوتها ورسالتها وجوهرها الأصلي والعميق ؟ .

العلمانيون الجدد ، يتجنبون الإجابة على هذه الأسئلة، ويحلو لهم ، تجزئة التاريخ والنظر إليه كمقاطع مستقلة عن بعضها البعض، ولا يربطها رابط أو نسق منطقي قادر على تفسيرها ، ويتناسون أن النقاشات والحوارات التي كانت سائدة بنفس الحماس والاندفاع والتعصب الحالي، في الخمسينات والستينات حول الماركسية واللينينية والماوية، ومن ثم حول القومية وحركات التحرر الوطني ، كانت خالية تقريبا من تأثير الدين ودور الإسلام السياسي وقتها، ومع ذلك لم تصل إلى نتائج جدية ومثمرة وقادرة على بناء مشروع وطني واضح، تتفاهم حوله كقوى يفترض فيها أنها علمانية التوجه والمسعى . بل ولم يكن الدين يشكل عائقا وتحديا أمام الدولة العربية الحديثة منذ تأسيسها وحتى فترة متأخرة .

المشكلة إذن ، لا تنحصر فقط ، في العلاقة بين الدين والعلمانية ، كما هي مطروحة اليوم ، أو في الاعتقاد المسبق بأن العلمانية لها عصا سحرية ستغير الحياة والسياسة والدولة والمجتمع معا، بقرار رسمي يصدر عن الجهات العليا عند استلامهم للسلطة، وبدون إن يبحث المجتمع والأفراد أنفسهم، عن ما يصلح حقيقة لهم، من نظم سياسية واجتماعية بديلة، تساعدهم على الخروج من المتاهة الفكرية، والاستقالة الأخلاقية، والتخبط الثقافي، والتحييد المتعمد والمقصود من قبل السلطات الحاكمة المستبدة، لدورهم الضروري والفعال في الشأن السياسي العام لبلدانهم، وحقهم في تقرير مصائرهم الإنسانية كسائر البشر والمجتمعات المتقدمة .

أي حين يسود اعتقاد فعلي بأن الديمقراطية هي الحل، بدلا من الإسلام هو الحل ، لدى الأوساط والنخب المثقفة أولا، وقبل الأوساط الاجتماعية البسيطة والمغلوبة على أمرها، سنكون عندها فقط ، قد تجاوزنا العقبة الأولى نحو التغيير، وتخطينا ثقافة الشعارات السياسية العريضة والفارغة، وانتقلنا من صراع الكلمات الميتة إلى صراع المعاني الحية، ومن استخدام الإنسان كرقم بارد ومبهم في قوائم الأحزاب المتنافسة للوصول إلى السلطة ، إلى بناء هذا الإنسان وتعمير ما تهشم من إنسانيته، بفعل الاستبداد والطغيان والقهر وسنوات الإقصاء والتهميش ، قبل الوصول إلى السلطة . ولا ينبغي أن ننسى بأن المد الجماهيري الذي اكتسبته الحركات الإسلامية في العقود الأخيرة، هو ذات المد الذي كان ماركسيا ومن ثم قوميا في عقود الخمسينات والستينات، وما ضياعه وعنفه وعدميته وانغلاقه وتعصبه الشديد ، إلا تعبيرا عن إحباط ويأس مطلقين نتيجة الفشل الذريع للسياسة والاقتصاد والتنمية في عموم المنطقة، بغض النظر عن قياداته التي تتلاعب بها الأجندات الإقليمية والدولية حاليا .

لن نستطيع الإجابة على تلك الأسئلة، مالم نتحرر من الأنانية والخوف وانعدام روح المسؤولية ومن قيودنا الداخلية الأخرى وما أكثرها .


هكذا يمكن أن تتحول وجهة ومسار المعركة من داخل المجتمع وبين فئاته ومكوناته المتعايشة بسلام منذ قرون، ومن مكانه الوهمي إلى مكانه الصحيح، ومن الجسد المعلول إلى سبب العلة والمرض ،أي نحو المصدر والمنبع الأساسي للمشكلة الدائمة والمزمنة منذ عقود طويلة، وهي : الدولة العربية التقليدية ، وما تتضمنها من فساد وانحطاط في القيم والأخلاق والضمير .




#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- هل خدع الذكاء الاصطناعي الإعلام بفيديو سجن إيفين؟
- محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتانياهو تأجيل محاكمته في قضايا فسا ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: نواصل الضغط على روسيا بفرض عقوبات جديد ...
- حريق متعمد في مترو سول.. والسلطات الكورية توجه 160 تهمة لسبع ...
- مقتل 29 طالبا إثر تدافع في عاصمة أفريقيا الوسطى
- كيف حافظ النظام الإيراني على نفسه من السقوط؟
- سرايا القدس تبث فيديو تفجير آلية إسرائيلية شرقي جباليا
- صحف عالمية: حرب إسرائيل وإيران تغير المنطقة وتعيد ترتيبها در ...
- أطباء بلا حدود تطالب بوقف نشاط -مصيدة الموت- باسم المساعدات ...
- دعم القضية الفلسطينية ساحة تنافس داخل الحكومة الإسبانية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - في اشكالية الدين والعلمانية