أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - كيف صار الديك استا ؟!















المزيد.....

كيف صار الديك استا ؟!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2719 - 2009 / 7 / 26 - 06:35
المحور: الادب والفن
    



بعد ان أنجز مهمته الصياحية الصباحية ، محركا الكرة الأرضية بإتجاه الشمس ليبدأ يوم جديد ، قال الديك الفصيح لنفسه : " الديوك عادة تعمل مع أكثر من عشرين دجاجة بالمعدل ، ويستحق الديك مقابل هذا الجهد ان يحرر في الطبيعة ، حين يصبح ثقيل الهمة ، وغير قادر على تثبيت نفسه فوق ظهر دجاجة."
وبعد تفكير أضاف : " ربما لتحريره في الطبيعة فوائد جمة تجنى ، بأن يكون سفيرا فوق العادة ، وداعية في مديح نظام الخممة وأصحابها ، والتستر على جشعهم ، مما قد يحول الخممة الى مطلب نفوس الكثير من الديوك البرية التي يشتهي لحمها الانسان ، فتكون الفائدة مضاعفة ، في اللحوم ، وفي ادخال جينات جديدة وتحسين النوع الدجاجي وانعكاس ذلك على نوعية البيض وحجمه وطعمه وكميته ، ورفع القيمة الغذائية للحم الدجاج ، وارتفاع اسهم الدجاج في بورصة اللحوم ".
المهم ان يقتنع أصحاب الخممة بأن تحرير الديوك الى الطبيعة ، بعد استنفاذ قواها ، سيكون تفكيرا سياسيا ابداعيا ضمن رؤية مستقبلية سليمة ، وقد يطرح الموضوع للتصويت في الهيئة التشريعية ، ضمانا للتنفيذ ، وعدم ابقاء الموضوع ضمن الأخلاقيات المتقلبة لأصحاب الخممة .
التحرير في الطبيعة اقتراح عبقري . كان الديك الفصيح راضيا عن أفكاره . مثلا تستطيع الديوك المحررة ان تغري ديك النيص بهجر مغارته واللجوء الى خم دجاج . واغراء ديوك البط البري .. وديوك الحبش البري ... وتخيلوا هذه الحركة المباركة ، تتقدم الديوك للإنضمام للخممة ، وتجر وراءها قوافلا من الأناث قليلات العقل ، اللواتي سيصير لحمهن فخر الموائد ، وبيضهن وجبة افطار دسمة .. وتكثر دعوات الطعام مما يسهل تقدم أصحاب الخممة والمقربين اليهم في المناصب البلدية والحزبية ووظائف الدولة ، وربما يصبح أحدهم ، مع انه حمار .. رئيسا لتحرير صحيفة أوحاملا لعصا الزعيم ، والمسألة هنا لا تتعلق بالعقل والذكاء والقدرات ، انما بموهبة معرفة رغبات الزعيم أو القابض على كيس المال .
"الفائدة هنا عظيمة " ، قال الديك الفصيح لنفسه. وأضاف : " أهم ما فيها ان الديوك تصبح معفية من التعرض للذبح والمعط والطبخ والألتهام ".
بعض الدجاجات كن يتهامسن ان الديك الفصيح منذ بان عجزه ، ازدادت فلسفته وثرثرته . وواحدة تجرأت وقالت بعدم اكتراث انه : " يغطي على قصوره بطول لسانه " وأخرى قالت : " وضع مكانه ديك شاب يحرث ويدرس لبطرس ... يقوم بكل أشغاله وتسجل باسم الديك الفصيح ". وقالت واحدة تبدو من اللعوبات : " ديوك الجيران تتطاول على دجاجاته ، ويظن صاحب الخم ان الديك بألف خير .. ما شاء الله ".
ورغم قصورات الديك الفصيح ، الا انه يتلقى الدعم من ديوك حلفاء ،يأتون جماعات جماعات لمبايعته رئيسا لمجلس الديوك والتقاط الصور بقربه حتى لا تبقى زلاتهم السابقة عالقة بهم مدى الحياة. رغم انه معروف للجميع ، بان الديك الفصيح سينتدب من يحل محله في رئاسة مجلس الديوك أيضا . وعقبت دجاجة وقحة انها تتوقع ان: " ينافس الديك الفصيح على منصب سكرتير عام الأمم المتحدة واذا فاز به يعين من يدير بإسمه شؤون ديوك العالم البشرية .. وليس شؤون الديوك الدجاجية فقط " !!
تلك الدجاجة الوقحة كسرت ساقها بحادثة عمل فسارع صاحب الخم الى ذبحها .
كان الديك ، الى جانب ما يشغل وقته القليل ، اذا أخذنا بالحساب ساعات اليقظة ، هو اقرار مسودة قرار تؤكد مكانته ، وبذهنه أن هذه المكانة لا تقل عن مكانة أي صاحب فخامة أو جلالة. بصراحة ليس أقل من صفة ملك . وهذا يمنع ان يتعالى علية القواريط أو يعترضوا على رغباته التي بدونها : " هو لن يكون هو نفسه ". وبالتالي يا ويل الجماهير التي تقاقي ، عندها لن تنفعها حتى مقاقاتها . كان ، مثل كل ُمتوج ، يريد الطاعة والإخلاص لتعاليمه . كانت الديوك الشابة فخورة بديكها
الفصيح وتسحج وهي تصفق بجناحيها مولدة تيارات هوائية منعشة للديك الفصيح لانه علمها :" ان الديوك لا تبيض .. وأن البيض هو واجب وطني للدجاج لمنع انتشار الجوع ".

في عصر أحد الأيام ، وعلى غير العادة ... حدثت حركة حول مهجع الديك ، في ساعات كان من المفروض ان يقضيها نائما . "استيقظ الديك " انطلق صوت بعض الدجاجات .. منبها الى ضرورة الاستعداد لاستقبال الديك بما يليق بمكانته . ولكن الديك جلس مثقلا من الإرهاق في مكانه ، رغم ان "تعبه من كثرة الراحة " كما همست دجاجة ملثمة حتى لا يصير بها ما صار بغيرها من حوادث عمل أو نفوق لأسباب مجهولة . وبسرعة وقف الى جانبه المفوض بادارة الخم باسمه .
أجال الديك الفصيح ببصره في وجوه الدجاجات والديوك الصغار حوله وسألهم بدون مقدمات :
- هل تعرفون من هو الملك الحقيقي في الخم ؟
- انت هو الملك .. انت يا ديك الديوك ..
كان الرد جماعيا وبصوت واحد. ولكنه لم يهتز، ولم يتأثر . فهو يعرف مكانته .قال لهم مستاء:
- السؤال ليس شخصيا يا غبيات متغنجات ...
- اذن ما القصد يا رئيسنا؟
تنحنح . أمسكته قحة قوية ، كادت تكتم أنفاسه ..انتظرت الدجاجات بفارغ الصبر خروج روحه والتخلص من هذا الموقف الحرج أمامه وأمام أسئلته الغريبة. . ولكنه أخذ نفسا طويلا وواصل:
- قصدي من هو الملك في أجسادنا يا شاطرات ؟
قلن بتردد وببعض الحياء :
- الملك هو ما يملكه الديوك ونفتقده نحن الدجاجات؟
ضحك بسعادة مما خفف وطأة التوتر وعلت الابتسامات الفرحة على وجوه الدجاجات .
- ايضا تملكن ما نشتهيه نحن الديوك ولا تطيب لنا الحياة بدونه ؟
- اذن تساوينا !!
سارعت الى القول دجاجة نضرة .
- ُطب الجرة على ُتمها بتطلع الدجاجة لأمها ... يعني غبية بنت غبية .
فاصيبت المسكينة بالصدمة والرعب على مصيرها.. والندم لتسرعها بالإفصاح عما فهمته . وشعر الدجاج انه أمام معضلة صعبة ، قد تكلف المتفوهين أو المتفوهات بما لا يتلاءم مع فكر الديك الرئيس ثمنا رهيبا . حتى منفذ أعمال الرئيس آثر الصمت ورسم ابتسامة مدعي الفهم على شفتيه ، و"هو مش فاهم أيضا " همست دجاجة لصاحبتها .
- يا سيداتي اللواتي لا تنفعن الا للركوب والبيض ، في جسم كل منا ، ذكورا واناثا لا فرق ، ملك لا يمكن معارضته .
- وهل يوجد ملك غير سعادتك ؟
وانطلق صوت منفذ أعمال الرئيس على غير عادته :
- أبدا .. أبدا .. أبدا
- أصمت .. انت أيضا لا تفهم شيئا !!هل تريد ان أصنفك مع قليلات العقل ؟!
وساد صمت ثقيل. كسرته دجاجة بخوف وتردد:
- اذن يا رئيسنا هل يوجد في جسمي ملك ؟!
ضحك الديك الفصيح وقح :
- بالطبع هناك ملك .. ولدى كل دجاجة وديك ملك ولدى صاحب الخم ملك ولدى زعيم الحزب ملك .. وحتى لو كانت دجاجة مشوهة لديها ملك ...
- كيف يجوز ذلك .. لم نسمع ان في الدجاجات ملوكا ؟
- سأشرح الموضوع ... لكل دجاجة أو ديك أو بشر .. رأس فيه عقل .. وفيه عينان وفيه فم وأنف وكلها حيوية لكل واحد منا .. ولكل منا قلب ينبض ، ورئات تضح الهواء ومعدة تهضم واست تفرغ ...فمن هو الملك من بين الأعضاء التي ذكرتها؟
وتعالت الاجابات بحماس :
- الرأس هو الملك
- العقل هو الملك
- القلب هو الملك
- العينان هما الملك
- المعدة هي الملك
- الرئتان هما الملك
ورفع الديك الفصيح يده باشارة أعادت الصمت . وأعطى لكل مجموعة ان تفسر لماذا تعتقد ان الطرف الذي اختارته هو الملك .. والديك الفصيح يستمع بصمت ويبتسم من غباء دجاجاته . اشاربيده فصمتن.وقال بهدوء :
- الإست هي الملك !!
وارتفعت الضحكات وصرخات الإحتجاج
- الإست ؟!
- أجل الإست هو الملك !!
- انه أقذر عضو فينا يا رئيسنا ؟
- ومع ذلك هو الملك .
تجرأت دجاجة وهتفت :
- كيف يمكن أن نقبل بذلك .. نرفض ان نعترف بالإست ملكا.
- لنفرض انه الآن وقت الطعام .. عقلكم يستوعب ان أجسامكم تحتاج للطعام ولا يعترض . قلبكم لا دخل له .. ينبض بالحياة .. ورغم قيمته العليا في الجسم الدجاجي أو البشري ، الا انه ليس الملك . والمعدة تتلقى ما تلتهمون .. وتهضمه .. تأخذ ما يفيد أجسامكم .. وماذا بعد ؟!
- الإست تخرج الفضلات !!
- لنفرض أن الاست أضربت ولن تخرج الفضلات ...
- لايمكن .. سننفجر ..
- اذن الاست لن تخرج الفضلات حتى تحصل على اعترافكم انها الملك ...؟
- ...
- لماذا سيطر الصمت عليكن يا ثرثارات ؟
- الإست ؟!.. هذا أمر غير معقول.
- هل باستطاعتكن الصوم لكل الحياة .. لا يمكن .. ستأكلون ، ولكن الإست أغلقت بابها بالمفتاح ولن تخرج حتى حبة رمل .. الا بعد ان تعترفوا انها الملك ... ما العمل ؟
أجابوا بأصوات مهمومة ومتألمة :
- سنعترف صاغرين انها الملك ..
- اذن الإست هي الملك .. وانا است هذا الخم .. هل تفهمون معنى كلامي؟
- وانطلقت الدبكة باشارة من منفذ أعمال الرئيس:
- عاشت الإست .. عاش الملك !!

نبيل عودة – كاتب وناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة




#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يقود التعنت الاسرائيلي الى فرض حل دولي ؟!
- رئيس البلدية عام 48- يوسف الفاهوم-انقذ الناصرة من التشريد وا ...
- الديك الفصيح لم يعد يصيح
- حقائب الأمل... رواية يورام كاتس نص صحفي لا يرقى إلى مستوى ال ...
- وقاحة عنصرية ...!!
- يهودية وهابية في إسرائيل!!
- الحاوي صار مجرد بيبي!!
- جرأة متأخرة...ولكنها ضرورية!!
- لم يخلق الديوك للصياح فجرا فقط !!
- ليبرمان يريد المزيد من التشويه لتاريخ فلسطين وشعبها
- حكومة المستوطنين تعلن الحرب على مواطني اسرائيل !!
- صعوبة العودة الى الحجم الطبيعي
- صعوبة العودة إلى الحجم الطبيعي
- المستمع الوحيد للأمسية الشعرية
- قمة في المهزلة...قمة في السادية!!
- لكع بن لكع صار يهوديا
- توقعات أولية لعصر القوانين العنصرية!!
- قصة
- عقل وإبداع... أو نقل وإتباع؟!
- ملاحظات حول تهافت الكتابة للطفل


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - كيف صار الديك استا ؟!