|
حقائب الأمل... رواية يورام كاتس نص صحفي لا يرقى إلى مستوى الرواية
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 2707 - 2009 / 7 / 14 - 07:22
المحور:
الادب والفن
حقائب الأمل... نص سردي اقرب إلى الكتابة التسجيلية، يستعرض كاتبه – ضابط إسرائيلي في جيش احتلال لبنان 1982- علاقة له تطورت مع تاجر لبناني اضطر إلى استيراد بضائعه من إسرائيل، وخلال العلاقة يتبين جانبا صعبا في حياة التاجر اللبناني وزوجته: عجزهما عن إنجاب طفل. في المقدمة يستعرض كاتس "الأخلاقيات الحميدة" للاحتلال الإسرائيلي الذي أقام "وحدة تقديم المساعدة لسكان لبنان" حتى يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي ودم اللبنانيين المسفوك كان لهدف إقامة "الوحدة لمساعدة سكان لبنان "؟! ويستعرض كاتس الجهود التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي لتسهيل حياة اللبنانيين من حرب لم يختاروها، وهم يلقون بمسؤوليتها على الفلسطينيين في المخيمات المحرومين من الوطن ومن الجنسية حيث لجأوا ومن حق العمل والتملك ومن الحياة بأقل مستوى يحياه الإنسان، وحلمهم بالعودة إلى وطنهم يصبح إرهابا، ورفضهم لحياة الذل في لبنان يعيق مجرى حياة اللبنانيين كي تجيء إسرائيل، ربما لإنقاذ اللبنانيين... من جسمٍ برزَ فجأة في بلدهم ليعتدي على إسرائيل، ويمرمر حياة اللبنانيين، وذلك بتعريضهم لحروب لم يختاروها.
أنا كشاب عاش فترة الحكم العسكري بعد احتلال فلسطين ( 48 ) وإقامة دولة إسرائيل على خرائب شعبي الفلسطيني ، أحمل ذكريات صعبة عن فترة الحكم العسكري الإسرائيلي ( الاحتلالي ) ومن المستحيل أن جيشا محتلا قادر على حمل رسالة إنسانية .
قد يكون يورام كاتس إنسانا طيبا على المستوى الشخصي ، ولكن من المستحيل إضفاء طيبته على آلة عسكرية تدميرية لا تتردد في قصف سكان آمنين ومدارس تعج بالأطفال ومستشفيات وتدمير بنى تحتية وحياة أبرياء ثم الادعاء أننا هنا لنساعد ، والمساعدة الأكبر في أي مفهوم أنساني أو قانوني دولي ، هو إنهاء الاحتلال وكنسه ، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني ( ونعرف انه حق منقوص ) بالتحرر وبناء دولته المستقلة وحل مأساة اللجوء التي شاهدها كاتس في لبنان ولم تتغير حتى اليوم ، بل تزداد حدة ومأساوية .
خلال وجود يورام كاتس في مكتب الجيش لمساعدة اللبنانيين يتعرف على تاجر لبناني ... يساعده في الوصول إلى إسرائيل لشراء البضائع .. ويرتبطان بعلاقة شخصية ، ليكتشف يورام كاتس أن لصديقه اللبناني مشكلة تنغص حياته رغم أمواله الكثيرة ...
وهنا المضمون الأساسي للرواية ...
النص يتركز في قسمه الكبير، حول مشكلة الإنجاب وعلاج الزوجين في إسرائيل. حيث يتبين أن المشكلة لدى التاجر وليس لدى زوجته، رغم أن الفحوصات في العالم العربي أكدت على عقر المرأة.
جزء كبير من النص يتركز حول استعمال منى من متبرع لتقوية منى الزوج وإخصاب البويضات وإعادتها لرحم المرأة.وبشكل غير مباشر نلمس الفجوة الطبية بين إسرائيل الصغيرة والعالم العربي .. وربما بين عقليتين ، العقلية العربية التي تضع كل الإثم على المرأة وتغلق الموضوع .. والعقلية العلمية التي ترى المرأة والرجل على قدم المساواة ، وتبحث عن المشكلة بدون موقف مسبق .. لذا تنجح بالوصول الى السبب لتعالجه .
العلاج المقترح محرج للرجل الشرقي المعتز برجولته ومهين له أن يكتشف انه عاقر رغم قدراته الرجولية ... ويبدو ان هذه قاعدة طبية كما هي قاعدة عقلية في العالم العربي ... اذ أكدت التقارير "الطبية" العربية من لبنان والقاهرة أن المشكلة في المرأة .
حتى جاء الاحتلال الدموي للبنان ، الذي نفذ مجازر رهيبة ضد السكان بما فيهم أطفال لبنان وأطفال اللاجئين الفلسطينيين ، والمهم جاء الفرج للتاجر العاقر .. ليساعده الطب الاسرائيلي في تجاوز عقره ، بعد أن قام العسكر بتدمير حياة الاف السكان والأطفال !!
المعادلة هنا مقيتة ... مشاعرنا مع التاجر لأن ينتهي زمنه العاقر .. ولكن خلفية الحدث لاتغيب عن ذهننا . متى ينتهي زمن الفلسطينيين العاقر ؟! هنا المشكلة الجوهرية التي تستحق ان نتعامل معها في الأدب أيضا !!
ونعود لبطل الحكاية التاجر العاقر ... فعبر نقاشات وترددات تتميز بها العقلية الشرقية ولقاءات مع من عبروا بنفس التجربة, ولقاء مع شيخ..الخ، يقتنع التاجر بالحل الوحيد والفرصة الوحيدة لكي يرزق بطفل.. بأن يخلط زرع من متبرع مع زرع التاجر ليصبح مثمرا ...
وهكذا تنتهي الحكاية...بالإخصاب...وانه بعد عودة التاجر وزوجته إلى لبنان انقطعت العلاقات، ليتسلم يورام كاتس من باريس ، بعد سنة ، طرداً مع صورة الطفل المولود...
الكاتب العبري يورام كاتس،يحاول أن يقدم صيغة بديلة عن العداء والقتل والدم الذي ميز ويميز العلاقات الإسرائيلية مع لبنان.
السؤال المركزي : هل قدم لنا يورام كاتس نصاً روائياً؟!
النص كتب بصيغة صحفية ويفتقد لمجمل المركبات الروائية، ومع ذلك فيه جانب أنساني أتمنى لو ينتصر، ويسمو فوق الجانب العدائي ألاحتلالي الدموي الذي يميز سياسات إسرائيل ونهجها ، مع لبنان والشعب الفلسطيني وسائر الدول العربية.
العداء الذي يظهره التاجر اللبناني للفلسطينيين، المحرومين من الجنسية ومن الحقوق الإنسانية وحقوق العمل في لبنان، هو واقع لا يتردد حتى كاتس في تصويره بشكل صحيح، وبالنسبة لكاتس يبدو الحديث عن اللاجئين كحديث عن مجموعة سكانية نشأت فجأة في لبنان، لا دخل لاحتلال إسرائيل لوطنهم بها. يسببون المشاكل للبنانيين، واللبنانيون لا يريدونهم، والمشكلة لا دخل لإسرائيل بها.
واضح أن ما اشغل يورام كاتس، ليس مشاكل الحرب والعداء التي أنتجتها نكبة فلسطين، إنما إنسانية المحتل واستعداده لمساعدة زوجين عاقرين داخل إسرائيل... بالطبع علاج كلف التاجر مبالغ طائلة جدا ...
النص يفتقد لمعظم العناصر الروائية .. وهو أقرب إلى السرد الإخباري . صحيح أن قصة الزوجين تثير الحس الإنساني النقي ...ولكن المضمون يبقى خبرا وليس رؤية روائية استشراقية لواقع نزاع دموي ، لا يمكن لخبر قصصي أن يجعل النص نهجا لرؤية مختلفة وعلاقات مختلفة وعالم مختلف ... خاصة وأن النص يتعامل مع الاحتلال وكأنه جزء من الوصايا العشر التي استلمها موسى من ربه في جبل سيناء .
ولو طرحنا القصة من زاوية إنسانية أخرى ، بأن لبنانيا فقيرا تقدم بطلب الحصول على مساعدة لعلاج العقم ، أو لعلاج صحي آخر ، وربما علاج مصابين ومشوهين نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان...؟ لم نسمع أن الاحتلال عالج جراح أحدهم .. ومن تلقوا العلاج ، تلقوه على حسابهم بالأساس ... ربما يجب أن نكون سعداء لأن المحتل لجنوب لبنان نظم رحلة للاجئين الفلسطينيين ، كما جاء في النص ... ليشموا رائحة وطنهم ويشاهدوا قراهم التي تحولت إلى خرائب وبلدات لا تعرف لغتهم ، تبنى فوق أملاكهم .. وكرموا بغذاء في كيبوتس يحرث ويدرس ويأكل ويسكن القادمين في أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم . لا اعرف كيف استطاع أولئك اللاجئين ابتلاع لقمة الغذاء وهم يرون ماساتهم مجسدة وتاريخهم مستلب وأرضهم تغتصب !!
لا بد من ملاحظة حول لغة الترجمة .. المترجم نادر ابو تامر هو استاذ للترجمة المهنية في الكليات وكاتب قصصي برز بالأساس بالكتابة للأطفال .. تتميز لغته العربية بالصياغات الجميلة المتقنة والسهلة في مبناها ومعانيها ووضوحها . وانا على ثقة ان لغة الترجمة أضفت على النص جمالية خاصة .. وبالطبع لا علاقة للمترجم بمضمون النص !!
الكتاب: حقائب الأمل (160 صفحة حجم صغير)
المؤلف: يورام كاتس
ترجمه للعربية: نادر أبو تامر
إصدار: دار الهدى- كفر قرع
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي فلسطيني - الناصرة
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقاحة عنصرية ...!!
-
يهودية وهابية في إسرائيل!!
-
الحاوي صار مجرد بيبي!!
-
جرأة متأخرة...ولكنها ضرورية!!
-
لم يخلق الديوك للصياح فجرا فقط !!
-
ليبرمان يريد المزيد من التشويه لتاريخ فلسطين وشعبها
-
حكومة المستوطنين تعلن الحرب على مواطني اسرائيل !!
-
صعوبة العودة الى الحجم الطبيعي
-
صعوبة العودة إلى الحجم الطبيعي
-
المستمع الوحيد للأمسية الشعرية
-
قمة في المهزلة...قمة في السادية!!
-
لكع بن لكع صار يهوديا
-
توقعات أولية لعصر القوانين العنصرية!!
-
قصة
-
عقل وإبداع... أو نقل وإتباع؟!
-
ملاحظات حول تهافت الكتابة للطفل
-
مراجعة فكرية في ضوء النقد للماركسية
-
الجندي لا يبدل بمارشال !!
-
لعبة شد الحبل ام تبادل أسرى ؟
-
عن مشاكل الجانر الروائي في ثقافتنا المحلية
المزيد.....
-
صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب
...
-
صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا
...
-
بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ
...
-
صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
-
الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
-
لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي
...
-
بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع
...
-
صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من
...
-
محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
-
فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه
...
المزيد.....
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
المزيد.....
|