أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - من تحت المجهر: الفرد أم الدولة؟














المزيد.....

من تحت المجهر: الفرد أم الدولة؟


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السنوات الأخيرة شاع مصطلح الشفافية في وسائل الإعلام المختلفة، وفي الخطاب السياسي للحكومات والأحزاب والقوى السياسية وحتى الأفراد. أضحت الكلمة مثل " الموضة " التي تتعمم بقدرة قادر وتصبح نسقا مفروضا على الجميع، ويبدو من هو خارج هذا النسق في صورة الشاذ عن الإجماع أو الخارج عليه. ولم تعد حتى أشد الأنظمة توتاليتارية وقمعية تتردد في استخدام هذا المصطلح للتعبير عن رغبتها في جعل الفرد على صلة بالبيانات والمعلومات والوقائع. وهذه المفردة القاموسية المجردة غدت مصطلحا سياسيا يقصد به وضع سلوك الحكومات والهيئات تحت الضوء، بحيث لا تعود هناك أسرار أو حواجز تعوق تدفق المعلومات، بل أن هذه المفردة جردت من سياقها اللغوي الذي يقرنها عند الحديث عن الأفراد بسمة أو قيمة إنسانية عالية حين تميز بين الإنسان الشفاف والإنسان الغليظ . كان أحد الكتاب قد عبر عن حلمه في العيش في " بيت من الزجاج "، حيث يكون تحت أعين الجميع، ويرى الناس كل ما يقوم به. كيف يأكل وكيف يشرب، كيف يعمل وينام؟. ولكن ذلك حلم لا يمكن تحقيقه. ليس بوسع الإنسان أن يعيش داخل قمرة زجاجية أو من زجاج أبدا. هذا في المعنى الحرفي للموضوع، أما في المعنى المجازي فان الحضارة الحديثة قد حققت ذلك، حيث أن الإنسان من حيث هو فرد باتت حياته منتهكة في أدق وأشد خصوصياتها. يتندر الفنان زياد الرحباني في إحدى أغنياته الساخرة بعدد ملفاته لدى الدولة، بصفته فردا أو مواطنا، مومئا إلى أن عدد هذه الملفات يبلغ سبعة، وقد تكون القوة الآسرة في الرقم سبعة المعروف بدلالاته المتعددة منذ الحضارات القديمة، هي ما يجعل الرحباني يتحدث عن الملفات السبعة تحديدا. لكنه، رغم ذلك، لم يجافِ الحقيقة. إن الإنسان الفرد هو تحت المجهر في كل شيء: في أحواله الصحية، في أمواله، في وضعه العائلي وحياته الخاصة. في كتاب " فن الرواية " يمسك ميلان كونديرا بمفارقة على قدر من الأهمية. انه يزيح الدثار الذي أحيطت به كلمة الشفافية، ملاحظا التناقض الصارخ بين حقيقة أن شفافية الحياة الشخصية للفرد هي المنتهكة، فيما تبقى شؤون الدولة مكتومة وعصية على الكشف أو المعرفة. إن شؤون الدولة من حيث هي أمر أو شأن عام تظل مجهولة وسرية وغير واضحة، أما الإنسان الفرد فانه مطالب بكشف كل التفاصيل التي تخص حياته من وجوهها المختلفة. ويرى كونديرا أن الرغبة في انتهاك حميمية الآخرين التي هي شكل دائم من أشكال العدوانية ، صارت اليوم جزءا من المؤسسات عبر البطاقات والاستمارات التي علينا أن نملأها بالبيانات التفصيلية في البنك والمستشفى والمطار ومكان العمل أو عند انجاز أي معاملة ذات شأن أو غير ذات شأن . هذا الشكل من انتهاك الخصوصيات بات مبرراً، لا بل وحتى شاعرياً تحت وقع الكلمة الجميلة: الشفافية. أما الدولة من حيث هي مؤسسات وهيئات وأساليب إدارة فإنها تظل مُحاطة بالحماية المكينة التي ليس بوسع أية آلية من آليات الشفافية اختراقها.





#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضحية العنصرية لا شهيدة الحجاب
- «الديمقراطيون» العرب والاختبار الإيراني
- «الديمقراطيون» العرب والاختبار الإيراني
- أمن الخليج: حديث متجدد
- الانشقاق أو الا ندماج
- حكاية من هونج كونج
- تاريخنا لم يبدأ في التسعينات
- خطورة أن يكون التصدي للتجنيس طائفيا!
- أبواب التغيير في إيران وقد فتحت
- أوباما في خطاب ثقافي
- تسريحات بنك الخليج الدولي
- ما قبل الدولة وما بعدها
- المزيد من الحريات وليس العكس
- الدوائر الخمس والنساء الأربع
- النساء قادمات على الدوام
- كلمة الأمين العام للمنبر التقدمي في افتتاح المؤتمر العام الخ ...
- صحافة الورق وصحافة الإلكترون
- الجواهري في براغ
- هكذا تكلمت المرأة
- مَن ضد الحوار إذاً؟


المزيد.....




- تسريبات إبستين تشعل عاصفة سياسية في أمريكا... وترامب يرد بهج ...
- فيديو يظهر الملك تشارلز يقود المترو في عيد ميلاده الـ77
- الأردن.. كشف -سر علاقة- الملك عبدالله برئيس إندونيسيا وفيديو ...
- قبل سقوط بشار الأسد.. فيديو لرجل الدين عبدالغني قصاب يشعل تف ...
- الخوف الذي يجعل الاستقرار مستحيلا في إسرائيل
- السعودية.. -سخاء- زوجة ولي العهد الأميرة سارة بنت مشهور يشعل ...
- تسليم السلطة الفلسطينية هشام حرب إلى فرنسا هل هو -مقايضة سيا ...
- ترامب: سأقاضي بي بي سي مقابل مبلغ يصل إلى 5 مليارات دولار
- ترامب: سنجري اختبارات على أسلحة نووية مثل دول أخرى
- قاضية تمنع ترامب من قطع التمويل عن جامعة كاليفورنيا


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - من تحت المجهر: الفرد أم الدولة؟