أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - هل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟!















المزيد.....

هل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 10:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-

صباح التاسع من نيسان 2003 كان نهاية تاريخ وبداية تاريخ جديد .

نهاية عهد وبداية عهد.

كان منظر الإطاحة بتمثال الديكتاتور الطاغية وتحطيمه في ساحة الفردوس بالنسبة للمواطن العربي من أمثالي، منظراً فريداً لا يمكن رؤيته إلا في الأحلام وفي كوابيس الحرية والعبودية، وربما في الأفلام السينمائية.

وأنا شخصياً، ومن معي من الذين تحمسوا حماساً شديداً للعراق الجديد، كنا نظن أن العراق هو بداية الطريق، وليس نهاية الطريق كما أصبح الآن.

كنا نظن (أن المسبحة سوف تكُرُّ ) على البقية الباقية من الأنظمة الديكتاتورية العربية. وبأن الحملة على العراق، هي للإطاحة بكل الديكتاتوريات العربية، وليس بالديكتاتورية العراقية فقط.

ولذا كتبنا ما كتبناه (انظر كتابي: الزلزال.. أوراق في أحوال العراق، 2004، دار المدى) واعتبرنا أن الزلزال، الذي ضرب العراق لا بُد أن يمتد أثره إلى باقي دول العالم العربي.

فهل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟

-2-



أرى أنا ومعي من يشاركني هذا الرأي، أنه رغم خيبتنا وفجيعتنا بالنخب السياسية العراقية، التي حكمت في الماضي بعد 2003، والتي ما زالت تحكم حتى الآن، إلا أننا ما زلنا نؤمن بقدرة الشعب العراقي بكافة مكوناته، على بناء العراق الجديد.. عراق الحرية والديمقراطية والحداثة. فالعراق هو أملنا الوحيد لكي يكون الأنموذج المحتذى في العالم العربي.

ورغم سيول التهم وأكوام الشتائم والسباب التي انهالت على رؤوسنا، نحن من دعمنا العراق الجديد، من المثقفين العرب، إلا أننا بقينا صامدين ومتماسكين ومؤمنين أشد الإيمان بقدرة الشعب العراقي على تحويل كل سلبيات السنوات السابقة إلى ايجابيات في المستقبل القريب. وكنا نؤمن بأن الهدف الأسمى من دعمنا لقضية الشعب العراقي، كان بسبب:

1- أننا لا نريد الاكتفاء بالإطاحة بالديكتاتورية. ولكننا كنا نسعى إلى القطيعة مع التراث الديكتاتوري جملة وتفصيلاً. فالتراث الديكتاتوري كان تراث العراق السياسي منذ آلاف السنين وحتى 2003.

2- إن كارثة العراق الكبرى، بعد القضاء على ديكتاتورية صدام ، ستكون العودة إلى الدولة المركزية الديكتاتورية بالضرورة، في بلد متعدد الطوائف والقوميات. وهو ما نلاحظه الآن، ونخشى منه.

3- إن المطلوب من العراق الجديد ديمقراطياً هو الانتخابات غير المزورة والتعددية الحزبية، مع الاستئناس بتجربة ألمانيا ما بعد هتلر، في التعامل مع الحزب النازي ومناضليه، والمنع الفوري للشعارات الدموية التي ثقَّفت العراقيين بعبادة الشخصية والحكم الفردي والاستهتار بحقوق الإنسان، على حد تعبير المفكر التونسي العفيف الأخضر.

4-إن التقدم إلى فيدرالية عراقية ديمقراطية وعلمانية – كما هو الحال الآن في كردستان العراق - يمر حكماً بظهور إعلام حر، حديث ونزيه. وفي عصر ثورة الاتصالات، يُشكِّل الإعلام المستقل عن الدولة مدرسة الديمقراطية والعلمانية.

5- تبني تعليم حديث، ديمقراطي، وعلماني، لغسيل الأدمغة من أفكار الديكتاتورية التي مارستها المدرسة الصدامية. فالمطلوب اليوم هو مدرسة قادرة علي تخريج عمال الغد: التقنيين، المهندسين، الباحثين، العلماء والأطباء الذين يُشكِّلون رافعة التنمية في العراق والشرق الأوسط عامة.

6- إلغاء تعدد الزوجات والطلاق التعسفي بدون الاحتكام إلى القضاء والزواج المبكر، الذي يُحرم الفتاة من إكمال تعليمها الثانوي، ويفاقم من الانفجار السكاني. وإعطاء للمرأة الحق في الإجهاض، والحد من النسل، والأهلية المدنية، لتزويج نفسها بنفسها، والسفر وحدها، ورئاسة العائلة بالمشاركة مع الزوج، والتشاور مع الأطفال، وميراث كامل ثروة أبيها إذا لم يترك لها أخاً. والمرأة العراقية، وكذلك المرأة الكردستانية العراقية، جديرة هي الأخرى بكل هذه الحقوق الأولية وغيرها، مثل المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث، والشهادة أمام القضاء.

-3-

هذا ما كنا نأمله من العراق الجديد بعد التاسع من نيسان/إبريل 2003

فهل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟

لقد دعم الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل فوكو (1926-1984) المثقف الليبرالي العلماني الديمقراطي الفرنسي، ثورة الخميني عام 1979.

فقد كان منظراً مثيراً لفوكو وهو يرى على شاشات التلفزيون، بطولة الحشود الإيرانية في مواجهة البوليس والجيش عام 1979. وربما كان هذا المنظر هو ما دفعه – كمفكر وفيلسوف - إلى تجاوز الحياد تجاه هذه الثورة، واتخاذ موقف محبّذ للثائرين، من دون انتظار ما الذي سوف تتمخض عنه الثورة الإيرانية، وما قد تعطيه من أسباب تستوجب الإدانة، أو تثير الاعتراض. وربما كان هذا أيضاً موقفاً ذهب به إلى الحد الأقصى تجاه "الحقائق الغربية"، من موقع أن لا أحد كاملاً.
ولقد أثار موقف فوكو الداعم للثورة الخمينية في حينها، استياء وغضب المهاجرين الإيرانيين المعارضين للحكومة الدينية وعودة الخلافة، وجاء بعض المعارضين الإيرانيين إلى باب بيت فوكو، وحاولوا الاعتداء عليه.

-4-

كان تبرير فوكو لموقفه المبدئي من الثورة الخمينية، ولهذا الدعم الغريب من فيلسوف علماني ليبرالي لدولة دينية في إيران يتلخص في التالي:

1- أن الفيلسوف فوكو، كان يدعم كل حركة أو ثورة مناهضة للإمبريالية الأمريكية، ومنها ثورة الخميني، التي كانت متشددة ومتطرفة في مناهضتها للسياسة الأمريكية.

2- أن الفيلسوف ميشيل فوكو، كان كالفيلسوف الفرنسي سارتر (1905-1980) يدعم كل ثورة من أجل تحرير شعب من الشعوب. وثورة الخميني في شكلها الخارجي، ولأول وهلة، كانت تبدو ثورة لتحرير الشعب الإيراني من الديكتاتورية الشاهنشاهية العلمانية. ولكنها سقطت أخيراً في يد الديكتاتورية الدينية المنغلقة، كما شاهدنا في انتخابات الرئاسة الإيرانية يونيو 2009.

3- كانت شخصية الخميني مدهشة للفيلسوف فوكو. وكان يعتبر الخميني بطلاً سياسياً، ومحرراً لشعبه، وليس فقهياً دينياً فقط.

4- كان فوكو قد زار الخميني أثناء إقامته في فرنسا (في نوشفيل – لوشاتو). وبعد هذه الزيارة، قال فوكو لأحد أصدقائه : هذا رجل تكفي كلمة منه يلفظها من بعيد، لكي تجعل مئات الآلاف من المحتجين، يرمون بأنفسهم أمام دبابات الشاه في شوارع طهران.

5- كان فوكو يرى أن ثورة الخميني كانت الثورة الأولى في العالم، التي تنفجر فيها حركة إسلامية. ولكن كانت نتائج هذا الحدث – وقتئذ - لم تزل غير معروفة. ولكن فوكو أعلن أنه مندهش من محاولة انفتاح السياسة على البعد الديني. فمن المعروف أن الدين لم يكن من أوائل اهتمامات فوكو. وكان فوكو يتساءل، ما الذي يريده هؤلاء الإيرانيون، حتى ولو دفعوا حياتهم ثمناً له. ويجيب: إنها "الروحانية السياسية" التي نسينا قوتها في أوروبا منذ عصر الأنوار. وتوقَّع فوكو، بأن الفرنسيين سوف يضحكون – وهم على خطأ - من موقفه. وهذا ما حصل بالفعل. فقد ضحك الآن الفرنسيون، بل ضحك العالم كله، من موقف فوكو، والعالم على صواب من ذلك، وليس على خطأ.

مات فوكو عام 1980 ؛ أي بعد عام من قيام ثورة الخميني التي كانت في ذلك الوقت في عزِّ نشوتها الثورية الحماسية . ولو عاش فوكو حتى الآن ورأي المظاهرات الصاخبة التي قادتها المعارضة الإيرانية بقيادة مير حسين الموسوي في شوارع طهران، احتجاجاً على تزوير الانتخابات في يونيو 2009 ومقتل العشرات منهم على أيدي الباسيج (الحرس الثوري الإيراني) فماذا كان سيقول؟

نأمل أن لا تكون فاجعتنا في العراق الجديد، كفاجعة تلاميذ فوكو ومريديه والعالم، في إيران الخمينية الديكتاتورية.




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران من الثورة الخمينية إلى الثورة النجادية
- إيران.. الثورة تريد خبزاً
- الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي أمام تحديات السلام
- لماذا رحَّبت وفرحت إسرائيل بنجاح نجاد ؟
- هل أصبحت أمريكا الدولة الإسلامية الخامسة والأربعين؟
- ما حال الإسلام لو لم تظهر السلفية الجهادية؟
- فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية
- هؤلاء القراصنة: نظرة مغايرة
- قمة العشرين.. هل هي نظام عالمي جديد؟
- تركيا: نافذة أوباما على العالم الإسلامي
- التحالف الإيراني – الإسرائيلي الخفي
- قطوف الديمقراطية العراقية الدانية
- الدولة العربية الحديثة وحاجتها الماسة إلى الدين
- العراق: من ديكتاتورية البعث إلى ديكتاتورية الطوائف
- أزمة التيار الديني في التركيز على القشور وإهمال اللُبَاب
- من هو المثقف الليبرالي وما هي مهمته؟
- العراق بين الإحلال الأمريكي والاحتلال الإيراني
- سيطرة ثقافة الحرب والخوف من السلام
- اضاءات فكرية لدواخل الخطاب السياسي الديني
- ما هي أسباب بروز -الإسلام السياسي- بهذه القوة؟


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - هل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟!