أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - قطوف الديمقراطية العراقية الدانية















المزيد.....

قطوف الديمقراطية العراقية الدانية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

ليس من السهل على بلد كالعراق، ظل يرزح في العهد الخليفي والملكي والجمهوري، تحت أنظمة حكم غير ديمقراطية طيلة قرون طويلة، رغم أن الديمقراطية قد عُرفت وطُبِّقت في أثينا قبل الإسلام بمئات السنين، أن يصبح بلداً ديمقراطياً بين عشية وضحاها.

فلا شك أن العراق بعد عام 2003، بدأ يتلمَّس طريقه إلى الديمقراطية، من خلال شعب لم يسبق له أن مارس الديمقراطية، وإن كان قد كتب عنها، وقرأ لها، وشهد عليها في أوروبا الغربية، من خلال البعثات العلمية العراقية، التي كانت تفِدُ إلى هناك. وظلت الديمقراطية حتى عام 2003 ، وقبل سقوط حكم الطاغية صدام، حلماً من الأحلام العراقية العزيزة المنال.

ومنا هنا، كانت الانتخابات التشريعية في 2005 ، ظاهرة سياسية عراقية مُلفتة. كما كانت ظاهرة سياسية عربية تاريخية، رغم كل ما صاحبها من أخطاء ونواقص. كذلك، فإن الاستفتاء على الدستور العراقي عام 2005 ، كان نهجاً ديمقراطياً جديراً بالاهتمام، وكان مثار غضب ومعارضة من ميليشيات الإرهاب آنذاك، التي ضربت مراكز الاقتراع في ذلك الوقت، بالصواريخ ومدافع الهاون، لتعطيل مسيرة الديمقراطية التي اعتبرها زعيم "القاعدة" الزرقاوي في العراق، من أمور الكفار، التي لا يجوز للمسلمين الأخذ بها.

-2-

ولا شك، أن هذه المسيرة الديمقراطية العراقية، قد اعترضها الفساد المالي إلى جانب الإرهاب. وحاول هذان العاملان السلبيان، إعاقة التقدم الديمقراطي في العراق. ولكن العراقيين استطاعوا خلال الخمس سنوات الماضية بصبرهم، وتضحياتهم، وإيمانهم بالخلاص عن طريق الديمقراطية، أن يزيلوا الإرهاب من طريق الديمقراطية، ويفتحوا للديمقراطية أبواباً واسعة. وبقي على العراقيين الآن، واجب محاربة داءٍ آخر خطير على الديمقراطية، وهو الفساد المالي المُستشري في الدولة العراقية في الماضي والحاضر. وفي هذا الصدد، يحاول العراقيون عن طريق "هيئة النزاهة العراقية"، و "منظمة الشفافية الدولية"، الحدَّ من انتشار واستفحال هذا المرض الخطير. فيما اتخذت الحكومة العراقية الحالية، خطوة جديدة نحو محاربة الفساد بإصدار قانون "إشهار الذمة المالية" الشفاف لكل المسئولين العراقيين، من تنفيذيين، وتشريعيين، وقانونيين.

وهذا يُعدُّ واحداً من قطوف الديمقراطية العراقية الدانية، التي يتمتع بها الشعب العراقي اليوم.

-3-

تبرز مظاهر الفساد في العراق، من خلال الرشوة، والمحسوبية، والمحاباة ، والوساطة، فضلاً عن الابتزاز، والتزوير، والعمل في السوق السوداء، والتهريب باستخدام الصلاحيات الممنوحة للشخص، أو الاحتيال، أو استغلال الموقع الوظيفي، للتصرف بأموال الدولة بشكل سري، من غير وجه حق، أو تمرير السلع عبر منافذ السوق السوداء، أو تهريب الثروة النفطية.

ويشير استبيان شعبي عراقي، ساهمت جريدة "المدى" العراقية في انجازه، مع "مؤسسة تطوير الأجيال"، إلى أن أغلب الموظفين الذين يُتهمون بالفساد من الرجال، وأن معظمهم ينتمون إلى أحزاب لها تأثير في العملية السياسية. وكشف الاستبيان عن معلومات كثيرة منها، أن 69% من الفاسدين هم ممن عاشوا حياة فقيرة وبائسة. وأن 40% منهم ممن يفتقدون إلى ثقافة النزاهة. وأن 71% منهم ممن يمتلكون عقارات وأموال خارج العراق. وأن 81% منهم لا يسجِّلون أموالهم وعقاراتهم بأسمائهم الشخصية. وأن 23% منهم موظفون جٌدد. والمفاجأة الكبرى التي جاء بها هذا الاستبيان أن 20% من الفاسدين، يتقاضون راتبين في الشهر الواحد!

ومن الجدير بالذكر، أن معدلات الفساد المالي في العراق في عام 2008، انخفضت عما كانت عليه في عام 2003 ، حسب تقرير أعدته الأمم المتحدة. ففقد وصلت نسبة الفساد في "سلطة الائتلاف" عام 2003 إلى 66% ، بينما انخفضت في عام 2008 إلى 33% تقريباً.

-4-

قانون "إشهار الذمة المالية"، لا يمكن تطبيقه تطبيقاً سليماً، إلا في دول ذات أنظمة حكم ديمقراطية شفافة. فقد وضعت بعض الدول العربية قوانين لإشهار الذمة المالية للمسئولين الرسميين. ولكن هذه القوانين ظلت حبراً على ورق، للزينة والزخرفة السياسية، دون تطبيق.

ولكن العراق الديمقراطي الجديد، كان مختلفاً. فقد بدأ رئيس الوزراء المالكي بنفسه، حيث قام بتسليم رحيم العكيلي، رئيس "هيئة النزاهة العراقية" استمارته الخاصة، التي يكشف فيها المالكي عن ذمته المالية، ليصبح قدوة للآخرين من المسئولين العراقيين على كافة المستويات. وليكن المالكي بذلك، أول رئيس وزراء في تاريخ العراق الطويل، يكشف عن ذمته المالية. وتبع المالكي الذي كان القدوة في هذا الأمر، 17 وزيراً قاموا بالكشف عن ذممهم المالية خلال الشهرين الماضيين، من أصل 54 وزيراً، ومن هم بدرجة وزير، كما قال العكيلي. وهي إشارة جديرة بالاهتمام في المسيرة الديمقراطية العراقية لقوم يعقلون.

المهم في هذا الأمر، أن خطوة المالكي تلك، ليست مكرُمة تطوعية رئاسية، يتكرّم بها المالكي على العراق الجديد، وإنما هي تنفيذ لقانون، يُلزم كبار المسئولين بالكشف عن ذممهم المالية. ولعل المهم في هذا الأمر كذلك، ليس وضع قانون لضرورة وواجب الكشف عن الذمم المالية، ولكن المهم تنفيذ وسريان هذا القانون على كافة المسئولين الحكوميين التنفيذيين، والتشريعيين، والقضائيين.

-5-

لقد سبقت العراق عدة بلدان عربية، بوضع قانون صارم، للكشف عن الذمم المالية للمسئولين.

ففي مصر، صدر في الستينات، قانون "من أين لك هذا؟"، ولكنه لم يُطبَّق إلا لزمن قصير وعلى نطاق ضيق، وفي ظروف سياسية معينة، ثم أُوقف العمل به. وفي 2006 طالبت قوى المعارضة المصرية بمختلف ألوانها الحكومة بتطبيق وتفعيل هذا القانون، بشأن محاسبة الوزراء وكبار المسئولين في الدولة، فضلاً عن إلزامهم بتقديم إقرارات الذمة المالية، وبيان الممتلكات الشخصية، قبل تقلدهم مناصبهم، وأيضاً الكشف عن ثرواتهم عقب خروجهم من مناصبهم مباشرة. ولكن هذا القانون لم يُطبَّق حتى الآن.

وفي اليمن، قال محمد المطري رئيس "قطاع الذمة المالية في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد" : إن حالات إقرار الذمة المالية لكبار موظفي الدولة ارتفعت إلى 7100 حالة، من أصل عشرة آلاف حالة، من المقرر أن تشملهم المرحلة الأولى من الإقرار التي بدأت مطلع أكتوبر 2007. ورغم هذا ما زال الفساد مستشرياً في اليمن، وعلى وتيرة مرتفعة جداً.

أما في الأردن، فقد صدر " قانون إشهار الذمة المالية لعام 2006"، ولكن لم يُعمل به وظل حبراً على ورق، وظل الفساد يستشري في جسم الدولة الأردنية من رأسها حتى أخمص قدميها. وكذلك كان الحال في معظم الدول العربية، التي وضعت مثل هذا القانون، أم في الدول التي لم تضعه بعد. والسبب في كل التعطيل افتقاد هذه البلدان وغيرها من البلدان العربية إلى الديمقراطية، التي تفرض الشفافية بقوة القانون.

فلا شفافية بدون الديمقراطية.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العربية الحديثة وحاجتها الماسة إلى الدين
- العراق: من ديكتاتورية البعث إلى ديكتاتورية الطوائف
- أزمة التيار الديني في التركيز على القشور وإهمال اللُبَاب
- من هو المثقف الليبرالي وما هي مهمته؟
- العراق بين الإحلال الأمريكي والاحتلال الإيراني
- سيطرة ثقافة الحرب والخوف من السلام
- اضاءات فكرية لدواخل الخطاب السياسي الديني
- ما هي أسباب بروز -الإسلام السياسي- بهذه القوة؟
- الانتخابات العراقية.. درس آخر في التطبيق الديمقراطي
- ذهب بوش.. فهل ستقلُّ كراهيتنا لأمريكا؟
- علاقة -الناصرية- و-البعث- و-القوميين العرب- بالإسلام والدولة
- هل سيكون لحمائم -حماس- دور في إقرار السلام ؟
- ذهب بوش وبقي العراق
- الدلائل القطعية بين -نعم- و -لا- لربط الدين والدولة
- هل سيُفرِّخ العراق إرهابيين جُدداً كما فرَّخت أفغانستان في ا ...
- كيف يتجنب الشارع العربي مستقبلاً الصراخ الذي لا يثير غير الغ ...
- لماذا أصبح في العراق أكبر فضيحة فساد في التاريخ؟
- غزة تفتقد اليوم قباني ودرويش
- هبَّات الشارع العربي كزهور الصحراء، قصيرة الجذور سريعة الذبو ...
- الفساد آفة العراق الكبرى بعد الديكتاتورية


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - قطوف الديمقراطية العراقية الدانية