أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الانتخابات العراقية.. درس آخر في التطبيق الديمقراطي















المزيد.....

الانتخابات العراقية.. درس آخر في التطبيق الديمقراطي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2563 - 2009 / 2 / 20 - 09:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-

لعلي لا أغالي إذا قلت، أن الديمقراطية العراقية، هي من أغلى الديمقراطيات في التاريخ تكلفةً في الحجر والبشر والمال، إن لم تكن أغلاها قطعاً، في العصر الحديث.

فأوروبا – كل بلد على حدة - لم تدفع ثمن الحرية والديمقراطية الغالي، الذي دفعه العراق. كما لا يوجد بلد عربي – عدا الجزائر – دفع الثمن الغالي للحرية والديمقراطية، الذي دفعه العراق. لذا، فالحرية والديمقراطية غالية وعزيزة على نفوس العراقيين، وهم لن يتخلوا عنها، أو يكفروا بها، في يوم من الأيام. وأن حاولوا أن يفعلوا ذلك، فدماء أبنائهم، وآبائهم ستذكرهم بها. ومياه دجلة والفرات، التي شهدت على كل هذه التضحيات ستذكرهم بها. ونخيل العراق الباسق، الذي ارتوى بدماء الفداء للحرية والديمقراطية سيذكرهم بها. لذا، فمن غير المستغرب أو المستهجن، أن نرى إصرار العراقيين والعراقيات من كافة الأطياف، ومن مختلف الأعمار، على تحديهم، وحرصهم على ممارسة حقهم الانتخابي، سواء في الانتخابات التشريعية الماضية 2005، أو في التصويت على الدستور للعراق الجديد، أو في انتخاب مجالس المحافظات التي جرت قبل أيام.

-2-

الشكر كل الشكر، موصولٌ لإدارة الرئيس بوش، التي دفعت مئات المليارات من الدولارات، وآلاف الضحايا، من أجل تحرير العراق من العبودية والدكتاتورية، كما دفعت في الحرب الثانية وبعدها(مشروع مارشال) من أجل تحرير أوروبا من الديكتاتورية النازية والفاشية. وهذا الشكر رغم الأخطاء الإدارية والعسكرية، التي صاحبت حملة "حرية العراق"، وهي أخطاء قاتلة، ولكنها متوقعة لدولة تخوض لأول مرة تجربة من هذا القبيل، في النصف الثاني من القرن العشرين. فقد كانت تجربتها السابقة في اليابان لتحريرها من العسكرتاريا، في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، لا تشبه التجربة العراقية. وكانت ظروفها ومناخها وقواعدها وسكانها، يختلفون كل الاختلاف عما كان قائماً في العراق. ولكن، لو كانت إيران أو تركيا (وارثة الإمبراطورية العثمانية) هي التي فعلت ما فعلته أمريكا في العراق، وارتكبت الأخطاء القاتلة نفسها، لما كانت كراهيتنا لها، تصل إلى الحد الذي وصلت فيها كراهية العرب لأمريكا. وهي – للعلم - كراهية كانت قائمة منذ 1967، عندما بدأت أمريكا في عهد الرئيس ليندون جونسون، تتدخل بشكل مباشر ومكشوف لصالح إسرائيل، ضد العرب والفلسطينيين.

-3-

لا ننكر أن الديمقراطية في العالم العربي وفي العراق كذلك، في مأزق كبير. وهذا المأزق يتمثل في استفادة الأصولية الدينية/السياسية من محاولات العالم العربي - بضغط كبير من الغرب وخاصة من أمريكا - تطبيق بعض آليات الديمقراطية، وهي شفافية الانتخابات وابتعادها عن التزوير، ومحاولة الإشراف ومراقبة الانتخابات، التي تجري في أنحاء متفرقة من العالم العربي، من قبل لجان من الاتحاد الأوروبي، وشخصيات مهمة من أمريكا كالرئيس السابق جيمي كارتر، الذي شهد الانتخابات الفلسطينية 2006.

ولكن هذه الآلية (الانتخابات) الديمقراطية، تكاد تصبح وبالاً على العالم العربي، لأنها في آخر المطاف تُمكِّن الأحزاب الأصولية/الدينية/السياسية، من اكتساح الانتخابات، والفوز فيها، وبالتالي الفوز بكرسي الحكم. وهذا ما حدث في الجزائر، ومصر، والعراق، وفلسطين. كما حدث في الانتخابات البلدية السعودية عام 2005. ولذا، لجأت السلطات السعودية، إلى تعيين أعضاء مجلس الشورى عام 2005 ، لأنها لو تركت الخيار للشارع السعودي، فسيأتي جلُّ أعضاء المجلس من الأصوليين الدينيين، كما تمَّ في الانتخابات البلدية تماماً.

-4-

تطرّق إلى مأزق الديمقراطية العربية هذا، الكاتب الأمريكي جويل برينكلي الحاصل على جائزة "بوليتزر"، وأستاذ الصحافة في جامعة ستانفورد الشهيرة، حين تساءل عن تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط، فكان جوابه، بأن التاريخ الحديث للممارسة الديمقراطية في الشرق الأوسط ليس مشجعاً، نتيجة لسيطرة الأحزاب الأصولية/الدينية/السياسية على الشارع العربي، خاصة في الجزائر، ومصر، وفلسطين، والعراق، وإيران، ودول الخليج العربي.

ويلاحظ برينكلي أيضاً، من خلال عمله في الصحافة، وزياراته المتعددة لمنطقة الشرق الأوسط، أن هناك مأزقاً آخر للديمقراطية الشرق الأوسطية. فالأصوليون الإسلاميون ليسوا وحدهم من يخشى الغرب من تسلمهم زمام الحكم، ولكن هناك من الديمقراطيين الليبراليين، الذين يتميزون بالتحيز العنصري، وما هو أسوأ من ذلك.

ويتساءل برينكلي:

- هل نريد أن يحكم هؤلاء الناس؟ وهل ترغب إدارة أوباما بالفعل، في تعزيز الديمقراطية بمنطقة الشرق الأوسط؟

ويجيب برينكلي بقوله:

- في معظم الحسابات، لن يقدم أوباما على ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبها بوش. وبالنسبة لإدارة بوش، يعني تعزيز الديمقراطية، تشجيع وتقوية الدول على إجراء الانتخابات. وهذا ما حدث في مصر، وفلسطين. ولكن الديمقراطية، لا يمكن أن تزدهر في الدول التي لا تمتلك طبقة وسطى، أو تأريخاً من النقاش السياسي الحر. وفي هذه الأماكن، يمثل المسجد أو الكنيسة ملجأً، يمكن الوصول إليه في معظم الأحيان، وتلقّي أفكار منظمة. وبسبب عدم قدرة الناس على معارضة النظام بشكل علني، تصبح أصوات علماء الدين، سواء كانوا متشددين أم معتدلين، أهم الأصوات السياسية.

وينتهي برينكلي إلى القول: "إن خلق الديمقراطيات في منطقة الشرق الأوسط، مشروع طويل للأجيال القادمة. ولكن هذا المشروع، لن يبدأ إلا إذا اتخذنا الخطوات الأولى الآن، وهي ربط المساعدات المالية، والدعم السياسي، بخطوات الإصلاح السياسي". وهو ما يطالب به البعض في الشرق الأوسط.

-5-

كانت انتخابات مجالس 14 محافظة، التي تمت أخيراً في العراق، مهمة أهمية كبرى خاصة بالعراق ذاته. ومن عناصر هذه الأهمية:



1- أنها أول انتخابات تجري في العراق الجديد، بعيداً عن تهديد العصابات الإرهابية، وبعيداً عن حراب الاحتلال، كما كان يقال عن الانتخابات التشريعية 2005. ولذا، فالإقبال على انتخابات مجالس المحافظات، كان كثيفاً، والإيمان بنزاهتها كان كبيراً.

2- كان التنافس في هذه الانتخابات شديداً غير مشهود. وكان هناك حوالي 14400 مرشحاً، موزعين على 400 قائمة، يتنافسون على 440 مقعداً في مجالس المحافظات، مما أدى إلى أن تفرز الانتخابات عراقاً أكثر تمثيلاً لأبنائه على اختلاف انتماءاتهم. وهذا مظهر صحة سياسية ديمقراطية.

3- اشتراك كافة فئات الشعب وتكويناته المختلفة في الانتخابات بما فيهم السُنَّة، الذين كانوا يُحجمون عن الاشتراك في الانتخابات الماضية. وهذا دليل صحة سياسية ديمقراطية.

4- رغم هيمنة القوى الدينية على مقاعد مجالس المحافظات، إلا أنه رُصد صعودٌ ظاهرٌ للقوى العلمانية والمستقلة، وخاصة في المناطق الغربية السُنيَّة والشيعية أيضاً. وظهرت الأحزاب السياسية ذات البرامج السياسية الداعية إلى القانون والنظام في هذه الانتخابات، أكثر من ظهور الطوائف الدينية ذات البرامج التقليدية المستهلكة، كما كان عليه الحال في الانتخابات التشريعية 2005. كما أن الأحزاب الدينية الطائفية، فقدت كثيراً من شعبيتها. وهذا مظهر آخر للصحة السياسية الديمقراطية.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهب بوش.. فهل ستقلُّ كراهيتنا لأمريكا؟
- علاقة -الناصرية- و-البعث- و-القوميين العرب- بالإسلام والدولة
- هل سيكون لحمائم -حماس- دور في إقرار السلام ؟
- ذهب بوش وبقي العراق
- الدلائل القطعية بين -نعم- و -لا- لربط الدين والدولة
- هل سيُفرِّخ العراق إرهابيين جُدداً كما فرَّخت أفغانستان في ا ...
- كيف يتجنب الشارع العربي مستقبلاً الصراخ الذي لا يثير غير الغ ...
- لماذا أصبح في العراق أكبر فضيحة فساد في التاريخ؟
- غزة تفتقد اليوم قباني ودرويش
- هبَّات الشارع العربي كزهور الصحراء، قصيرة الجذور سريعة الذبو ...
- الفساد آفة العراق الكبرى بعد الديكتاتورية
- الدور الأوروبي المطلوب في العراق
- دور الإخوان المسلمين في الدولة الدينية العربية
- مرّة أخرى: كفى ضحكاً على عقول الفلسطينيين
- مبررات جدل الاتفاقية الأمريكية – العراقية
- تحرير تاريخي للمرأة العراقية في كردستان
- أضغاث أحلام العرب في عهد أوباما
- هل سيجدد أوباما شباب أمريكا بعد أن شاخت؟
- الاتفاقية الأمريكية- العراقية: للعقلاء فقط
- لماذا كل هذا الهوس الجنوني من الغزو الثقافي؟


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الانتخابات العراقية.. درس آخر في التطبيق الديمقراطي