أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - الثقب الذي لا يعنينا في الساحر الطيب














المزيد.....

الثقب الذي لا يعنينا في الساحر الطيب


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


اطمئني يا طفلتي فأنا لن أصدقه أبدا .. أعرف تماما أنك لم تكوني بالنسبة له أكثر من سيجارة ملغومة كان عليها فقط أن تستسلم في صمت لاحتراقها التدريجي بين إصبعيه برفقة أمنياته العميقة بأن يخرج من فمه مع دخانها للأبد كل القتلة الذين يعيشون بداخله .. صدقيني مهما فعل فلن أقتنع أبدا بأنك كنت سيئة أو بلهاء أو خبيثة أو بلا قلب .. لن أصدق أن الدموع التي أضاءت بخفوت في عينيك وأنت تغنين بيننا ( شجر اللمون ) في المقهى لم تكن حقيقية .. لن أصدق أن الإغماءة التي أصابتك فجأة ونحن على وشك العودة إلى بيوتنا آخر الليل والتي قلتِ لنا فيما بعد أنها كانت بسبب عدم النوم وشرب البيرة والقهوة والسجائر بكثرة على معدة خاوية .. لن أصدق أنها كانت تمثيلا متقنا منكِ .. لن أصدق أنكِ حين سألتيني : ( هو الحب ده يعني إيه بالظبط ؟ ) ونحن نسير في الشارع بعد خروجنا من الحفلة التي غنيتِ فيها ( زهرة المدائن ) .. لن أصدق أنكِ كنتِ تمتلكين بالفعل الإجابة المقنعة بالنسبة لكِ ولكنكِ أردتِ فقط التعرف على إجابتي لاستخدامها في حيلة شريرة ضدي فيما بعد .. لن أصدق أن فرحتكِ الكبيرة وأنت ترينني علبة المكياج والملابس ( البناتي ) التي قررتِ شرائها فجأة كي تجربي العيش قليلا كأنثى عادية .. لن أصدق طبعا أنها كانت فرحة زائفة .. الملابس التي لم أركِ ترتدينها أبدا وعلبة المكياج التي حين استعملتيها لم أجروء على إخبارك بأنها أهانت الحزن الغامض والبريء الذي شكّل ملامحك بحرفية عالية وجعلها جميلة دون الحاجة لمكياج وبصرف النظر عن معايير الجمال التقليدي لدى الآخرين الذين كانت تبدو على بعضهم الرغبة أحيانا في أن يطلبوا منك أن تحمدي الله كثيرا لأنه أعطاك نهدين بارزين إلى حد ما ومؤخرة ممتلئة بدرجة كنوع من التعويض عما حرم وجهك منه .. لن أصدق أنك ابتسمت بسخرية باردة في وجه شاعر العامية قصير القامة حين صارحكِ بحبه لكِ وأنكِ ذبحتيه بتساؤلكِ المتهكم : ( إزاي ها امشي في الشارع أو ادخل في مكان ودراعي في دراع واحد أقصر مني ) .. لن أصدق أنكِ كنت تتظاهرين بالألم بعد خروجنا من منزل الصديقين الذي قضينا فيه سهرتنا حينما ظللت صامتة لفترة طويلة ثم سألتيني فجأة عن لماذا يجعل الله رجلا وامرأة يتزوجان وهو يعلم أنهما سيتطلقان في النهاية بعد سنوات ولماذا يتركهما ينجبان فتاة وهو يعلم أن افتراق والديها سيظل جرحا مفتوحا دائما في روحها ولماذا يمنح هذه الفتاة صوتا جميلا وهو يعلم أنها ستظل تغني دائما دون أن تعثر على الأغنية التي تجيب على أسئلتها ؟ .. لن أصدق أن اشتراكك المفاجيء في مظاهرات حركة ( كفاية ) وأنتِ التي كنتِ تكرهين المناقشات ثقيلة الدم لأصدقاءك في السياسة وأيضا الظهور في الكافيهات مع أصحاب جدد كانوا يختفون فجأة بنفس السرعة التي يدخلون حياتك بها والذين كنت تحاولين دائما خلق انطباع لدى كل من يشاهدك تجلسين مع أحدهم بأنكما عاشقان سعيدان ثم زواجك الذي انتهى بالطلاق بعد فترة قليلة من رجل توفرت لديه كل المميزات التي كنت تحتاجينها وتبحثين عنها دائما : العمر الكبير .. المهارة في الاحتواء .. الشعر الأبيض .. الاتزان النفسي .. الخبرة العميقة بالحياة وبالزواج المدعومة بتجاربه السابقة .. لن أصدق أن كلها كانت مجرد فصول مبعثرة لمسرحية كنت ( تشتغلين ) بها العالم كي تثبتي له ولكائناته ولنفسك أنه لا يعنيك في شيء وأنك قادرة في أي وقت وبمنتهى السهولة على التلاعب بقوانينه وعلاقاته وشخوصه لا لشيء وإنما لرغبتك في علاقة جديدة مع الدنيا قائمة على الاحترام المتبادل بعد أن سبق وأقررتِ باحترامك العظيم لبراعة هذه الدنيا في الأذى .. لن أصدق أن حالتكِ البشعة التي ظهرتِ عليها فجأة بعد غيابك لفترة طويلة جدا لم يعرف خلالها أي أحد عنكِ شيئا : النظرات التائهة .. السواد الثقيل حول العينين .. الابتسامة الخائفة .. ارتعاش اليدين .. الكلام الغير مترابط عن الحياة والموت والذي تتخلله دون مبرر ضحكات قوية مفاجئة الأمر الذي جعل من تبقى من أصدقاءك الذين قابلتيهم صدفة عند مرورك على أماكن لقاءاتكم القديمة جعلهم يصافحونك بتردد وحذر ثم يتحججون بأي عذر ليهربوا سريعا من الجلوس معكِ .. لن أصدق أن هذه الحالة كانت مجرد خدعة ضرورية جدا في خطتك للعودة إلى قلوب الآخرين التي طردوك منها بعد أن استنفذوا كل قدراتهم على تحمّل تقلباتك المزاجية الحادة وانفعالاتك الغريبة الغير متوقعة وأيضا الإنصات لتجاربك الوهمية مع الانتحار الفاشل ولحكاياتك الأخرى التي كانت تبدو أحيانا مجرد هلاوس تافهة أو تكرار ممل لقصص معادة من الماضي بطرق مختلفة .
اطمئني يا طفلتي فأنا لن أصدقه أبدا .. أعرف أنه كان مثلهم جميعا .. يريدك أن تنقذيه أو توفري له أي قدر من الحماية بدلا من كل الآلهة والملائكة والأنبياء والقديسين الذين انتظرهم طويلا دون أن يشم رائحة أي منهم ثم قرر أن يعاقبك بأي شكل على فشلك في تغيير العالم من أجله .. أنا لست مثله إطلاقا .. أنا أعرف أنك طفلة فحسب وليس أي شيء آخر .. اطمئني .. أنا لن أصدق نفسي أبدا .



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح القدس
- أفراح العين الزجاجية المحتقنة
- مرحاض المونولوجست الفاشل
- الحرمان من التفاؤل واليأس
- تريلر فيلم ( شرج الطفل الممتع )
- ما بعد إنكار الإله لوجود ميدان طلعت حرب
- كيف ينظر المصريون إلى سنوات ( السادات ) و ( مبارك ) ؟
- مريض مطيع يتسلى ب ( الكيتش )
- الأضرار الجانبية للحظة التنوير
- التجنيد الوهابي للبشر بين الاستغلال والقتل
- فخ الأمنيات في رواية ( الصيف قبل الظلام ) ل دوريس ليسنج‏
- غرائب وطرائف الحرب بين الإسلاميين والعلمانيين على الإنترنت
- جزيرة الورد قبل القيامة بقليل
- لوحة سرطان الخصية
- حوار معي في صحيفة الوسط اليوم
- قراءة في ( قصائد امرأة سوداء بدينة ) ل ( جريس نيكولز )
- جزء من رواية ( سوبر ماريو ) / تحت الطبع
- مراعاة النائم في قاعة العرض
- بعد صراع طويل مع المرض
- جحيم عابر لا يتدخل فيما لا يخصه


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - الثقب الذي لا يعنينا في الساحر الطيب