أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - مرحاض المونولوجست الفاشل















المزيد.....

مرحاض المونولوجست الفاشل


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


في الثانية بعد منتصف الليل يصعد ( سوبر ماريو ) إلى سريره .. يصعد كأنه يودع الحياة .. ( سوبر ماريو ) يصعد إلى سريره كأن هذا آخر ما سيفعله في هذه الدنيا .. النوم يعني أنه بدرجة كبيرة جدا ذاهب إلى الموت .. النوم لا يعني نهاية اليوم فحسب بل ربما نهاية كل شيء .. الاستسلام الجسدي التام لمشيئة مجهولة لا يمكنك تحت سلطتها أن تسرع بفعل أي شيء لإنقاذ نفسك مثلما يكون عليه الأمر في اليقظة .. ستكون غائبا وبالتالي خاضعا كليا لأي حكم بالقتل دون أدنى قدرة للدفاع عن النفس .. السلطة المطلقة التي لن تترك لك ولو احتمال بسيط للحاق بأية فرصة للبقاء .. ماذا يعني الموت ؟ .. ( سوبر ماريو ) يفكر بخوف ورعب وفزع في ماذا يعني الموت ؟ .. الدفن .. القبر .. الوحشة .. التحلل .. التراب .. الدود .. الفناء .. أين سأذهب ؟ .. ماذا سأكون ؟ .. بماذا سأشعر ؟ .. أين ستذهب حياتي التي أعيشها الآن ؟ .. أين ستذهب ذكريات طفولتي ؟ .. هل هناك احتمال لأن أعيش هذه الذكريات مرة ثانية بعد الموت سواء كما حدثت أو بشكل أكثر جمالا ؟ .. هل سأعيش نفس حياتي السابقة ناسيا أنني عشتها من قبل ؟ .. إذا كان هذا صحيحا إلى متى سيستمر ذلك وماذا بعده إن كانت له نهاية ؟ .. هل سأعاود العيش مع أبي وأمي وأخي وجدتي الذين سبقوني إلى الموت ؟ .. كيف سنعيش ؟ .. هل سنعيش أيضا كما كنا أم بشكل مختلف سواء للأفضل أو للأسوء ؟ .. لو كان للميت القدرة على العيش مع أسرته بعد الموت فعلى ذلك سيمكن لأمي أن تعيش مع أبيها وأمها وأخواتها مثلي وكذلك أبي وأيضا جدودي سيعيشون مع أسرهم وجدود جدودي نفس الأمر وهكذا .. إذن .. كيف سيمكن لكل هؤلاء البشر الذين لا حصر لهم أن يعيشوا مع بعضهم في مكان واحد وزمن واحد ويكون التواصل بينهم أسريا متينا ؟ .. هل ستكون لنا طبيعة مختلفة بعد الموت تسمح بهذا ؟ .. طبيعة تجعلنا نمتلك ببساطة ما نعتبره الآن في حياتنا الأرضية معجزات أو سحر أو أشياء خارقة ؟ .. هل الموت نهاية لكافة العلاقات الإنسانية التي تسبقه ليصبح لدى الواحد منا من بعده طبيعة إنسانية مغايرة وحياة جديدة تماما بأشخاص آخرين وعلاقات أخرى داخل كون مختلف ؟ .. لكنني أريد أمي .. أريد أن أراها ثانية وأن أعيش معها بأية طريقة .. أريدها حتى لو عدنا لنفس الماضي الذي جرّبناه سويا من قبل .. لا يهم .. أريد أبي وأخي وجدتي .. هل يوجد حقا جنة ونار ؟ .. هذا فعلا ما ينقصنا بعد حياة كهذه !!! .. أن يكون هناك حساب ونار أيضا !!! .. كيف سنحاسب وماذا تعني النار ؟! .. تصدقوا ؟!!! .. حساب ونار !!! .. ( سوبر ماريو ) يشخر بينه وبين نفسه مع احتفاظه الكامل بكافة أفكار ومشاعر الخوف والرعب والفزع .. لكن .. أليس من الوارد أنه بعد الموت ستكون هناك المفاجأة الأجمل على الإطلاق في عمرنا الكوني بأن الكل سيدخل الجنة .. الكل .. جميع الكائنات التي عاشت في كل مكان وزمان سوف تدخل الجنة دون أي استثناء ـ ماذا تعني الجنة ؟! .. أن نكتشف أن كل ما ورد عن العذاب وجهنم وماشابه لم يكن سوى محض أكاذيب أنتجتها الأوهام البشرية أو دعابات ثقيلة فحسب من قوى غيبية شريرة أو نوع من التهديد السماوي بعقاب لن ينفذ أبدا وإنما كانت له أسباب ودوافع أخلاقية ما أيا يكن .. ليس مهما كل هذا .. المهم أننا سندخل كلنا الجنة بطريقة عفى الله عما سلف ولننسى مافات ونبدأ جميعا صفحة جديدة خالدة ورائعة الجمال .. ماذا لو لم يكن هناك شيء بعد الموت ؟ .. أي شيء .. فناء تام وضياع تام وغياب تام .. عدم حقيقي ونموذجي كامل ببراعة واتقان بالغ .. ماذا يعني العدم ؟! .. مجرد لاشيء .. اللاشيء الذي هو النهاية الطبيعية للكون كأحد وحوش أفلام الخيال العلمي التي يخترعها عالم مجنون .. وحش مبرمج على أن يفعل بنا ما يفعله الآن بشكل آلي يتطور تلقائيا بالتدريج دون تدخل من أحد .. هل مات العالم المجنون ؟ .. هل فقد السيطرة على الوحش ؟ .. هل هو غائب في غيبوبة لايمكن تخيل عمقها ثم سيستيقظ ذات يوم ؟ .. ما الذي أصابه حقيقة ؟ .. أم أنه ـ كما يحدث أيضا في أفلام الخيال العلمي ـ يتفرج علينا عبر شاشة ما ويضحك ضحكاته الهيستيرية ؟ .. حدث ما حدث ثم نأسف للإزعاج .. ما حصل كان موضوع وانتهى وألف شكر .. لا يأخذ أي منكم في باله وتقديرنا لحسن تعاونكم معنا .. لكن لا شيء أيضا يعني أنه حتى : ( نأسف للإزعاج وألف شكر وتقديرنا لحسن تعاونكم معنا ) لن يكون هناك أحد كي يقولها لنا .. لا شيء يعني بالضرورة لا أحد .. ربما سنتعرف على الأسف والشكر والتقدير بطريقة ضمنية لحظة الموت كقاعدة أصيلة من قواعد اللعبة تختص بإنهائها بشكل ملائم يتسق مع ما كانت عليه طوال زمن حدوثها .. الخاذوق الأعظم الذي ليس بعده خاذوق ولا يشبهه أي خاذوق آخر .. أن نصبح لاشيء في نهاية الأمر .. بعد كل ما كنا عليه نصبح لاشيء .. ( سوبر ماريو ) يشخر مجددا بينه وبين نفسه وهو لا يزال خائفا ومرعوبا وفزعا .. هل سأعود مرة أخرى بعد الموت كإنسان آخر ليس أنا لأبدأ على الأرض حياة أخرى بأحداث أخرى وأشخاص آخرين ؟ .. لو كان هذا صحيحا فماذا كنت قبل أن أعيش حياتي هذه ؟ .. أنا لا أتذكر أي شيء عن أي إنسان آخر كنته من قبل .. هل من قوانين العودة للحياة بعد الموت أن تُمحى من ذاكرتك في كل مرة كافة ما كان يتعلق أو ينتمي لحياتك السابقة ؟ .. ماذا لو كانت العودة ليست بشرية ؟ .. ماذا لوعدت أي شيء آخر : حيوان .. طائر .. سمكة ... إلخ .. هل يمكن أن أعود قطة مثلا فأقضي حياتي كلها مختبئا تحت العربات وآكل من القمامة وأموت تحت عجلات سيارة ؟ .. هل يمكن أن أعود دجاجة تمضي وقتها في التقافز على سطح بيت ما ثم تذبح في النهاية كي يتم طهيها وأكلها ورمي عظامها في القمامة لتأكلها القطط ؟ .. هل من الممكن أن أعود صرصورا .. ذبابة .. نملة .. فأرا فأعيش دائما داخل الخرائب والمجاري والحمامات ولايحتاج إنهاء حياتي أكثر من رشة مبيد حشري أو قطعة سم صغيرة أو على الأقل ضربة مقشة أو دهس حذاء بسيط ؟ .. ماذا لو عدت نباتا ؟ .. هل سيكون نباتا يصلح للأكل أم يصلح للذبول فحسب ؟ .. هل سأكون شجرة محظوظة بالبقاء أم سيتم قطعها في أقرب فرصة ؟ .. هل يمكن أن أعود طفلا يموت في مجاعة أو في تفجير انتحاري أو في قصف بالطائرات ؟ .. هل يمكن أن أعود متسولا أو مجنونا يضحك عليه الناس في الشوارع أو جنديا في تنظيم ( القاعدة ) ؟ .. هل يمكن أن أعود امرأة أو شاذا جنسيا أو مريضا بعيب خلقي خطير ؟ .. لو كانت هناك حقا عودة للحياة بعد كل موت فإلى متى ستستمر أم أن هذه العودة ستبقى أبدية دون نهاية ؟ .. ولو توقفت ماذا سيكون بعدها ؟ .. هل سيقدم الإله إليّ بعد الموت حيوات كثيرة متعددة كي أختار أي واحدة أرغب في أن أعيشها ؟ .. هل سيجعلني أجلس في مكان ما ليعرض أمامي تسجيل كامل لحياتي السابقة منذ البداية وحتى النهاية بكافة تفاصيلها مع تعليق من جانبه على الأحداث أم سيجعلني أختار أي فترة من حياتي أود أن أعيشها ثانية ؟ .. هل الموت كالنوم ؟ .. لكن النوم درجات وهناك درجات تقترب كثيرا من الصحو .. هل الموت كذلك ؟ .. في النوم تكون قابلا للتأثر بأي شيء يخرجك من حالة السبات أو على الأقل يضعفها قليلا .. هل الموت كذلك ؟ .. في النوم أنا أحلم .. بماذا يمكن أن أحلم أثناء الموت ؟ .. ماذا لو كانت طبيعتي بعد الموت هي نفس طبيعتي قبل أن أولد ؟ .. غير موجود .. لا وجود لي .. لكن ماحدث هو أنني أصبحت موجودا ألا يمثل هذا أي اعتبار في الموت ؟ .. لو لم أكن موجودا من الأساس فما كانت هناك مشكلة .. لكن المشكلة أنني وجدت فعلا فكيف أرجع ببساطة هكذا إلى اللاوجود السابق ؟ .. هل سأكون حيا داخل القبر فأرى وأسمع وأشعر بكل ما بداخله وما بخارجه أيضا بدرجة ؟ .. ماذا سيكون بالداخل ؟ .. هل خروج الروح يعني أن تظل بعده معلقة في مكان عال جدا وتشاهد ما يحدث أسفلها طوال الوقت ؟ .. هل ستقتصر مشاهداتها على ما يخص صاحبها فحسب أم ستتمكن من مشاهدة كل ما له علاقة بكوكب الأرض ؟ .. هل ستذهب الروح إلى مكان ما يناسبها بعيدا عن سقف العالم وقد يكون عال أيضا مع الاحتفاظ بقدرتها على معرفة ما ترغبه من شئوون وأحوال الكرة الأرضية ؟ .. ماذا عن أشيائي التي أحبها في الدنيا ؟ .. الكتب .. المجلات .. اللوحات .. الصور .. الكومبيوتر ... إلخ .. طبعا سأتركها لكن هل تنتظرني نسخا مطابقة منها في الموت بحيث لا أفتقد شيئا منها ؟ .. هل سأنتظر حتى يوم القيامة حتى أستعيدها ثانية بعد حصول معجزة بالطبع تعالج كافة هذه الأشياء مما أصابها به الزمن ؟ .. هل سأنسى أشيائي بعد الموت أم سأظل أتذكرها جيدا بينما يتم تعويضي بما هو أفضل منها ؟ .. هل سيفاجئني الإله بعد الموت بمفاجأة سعيدة مذهلة وهي احتفاظه لي بأشياء طفولتي التي فقدتها بفعل التقدم في العمر كملابسي الصغيرة وكشاكيلي وحقائبي المدرسية ولعبي ومجلدات ميكي القديمة وألبومات بم بم وشرائط الكاسيت المسجل عليها أغاني الأطفال ... إلخ ؟ .

كيف كان اليوم الأول في الكون ؟ .. ماذا كان قبل هذا اليوم ؟ .. ما الذي حدث فيه ؟ .. كيف جاء الزمن ومتى ؟ .. ما الذي كان يحدث قبل وجود الزمن ؟ .. هل نحن في حلم أو كابوس ؟ .. ماذا عن أدوات العقل والقلب والحواس التي نتأمل ونفكر ونتساءل من خلالها عن الوجود والزمن ؟ .. هذه الأدوات الضعيفة الفاشلة القاصرة التي لا تقدر على تفسير أي شيء أو تقود إلى أي حقيقة مؤكدة .. من الذي وضعها بداخلنا وكيف ولماذا ؟ .. إلى أين يمتد الكون ؟ .. ماذا بعده ؟ .. أين يبدأ ؟ .. ما هي حقيقته ؟ .. هل نحن في دائرة ليس لها بداية أو نهاية ؟ .. دوران أبدي يحمل كائنات ثم يقذفها بعيدا ليحمل كائنات أخرى جديدة ثم يقذفها وهكذا إلى ما لا نهاية .. من صنع هذه الدائرة وكيف ومتى ولماذا صنعها بهذا الشكل وما الذي كان قبلها ؟ .. أين تذهب الكائنات التي يتم قذفها ومن أين جاءت ولماذا جاءت ؟ .. كيف كان الأول هو الأول وكيف سيكون الأخير هو الأخير ؟ .. لماذا كان يجب أن يكون هناك أول وأخير ؟ .

( سوبر ماريو ) يتساءل في صمت كيف تعتبر القوة المسؤولة عن انتاج عالم كهذا قوة طيبة ؟! .. ما هو المنطق الذي يجعل خلق حياة كهذه عملا جميلا ؟! .. على أي أساس يعد من يقف وراء وجود كهذا قد قام بمعجزة رائعة ؟ .. هي فعلا معجزة رائعة !!! .. ( سوبر ماريو ) يعاود الشخر بآلام الخوف والرعب والفزع .. لماذا نحن متأكدون هكذا وبمنتهى اليقين أن الإرادة التي يمتلكها صانع الكون لابد أن تكون حتما وبالضرورة ودون نقاش إرادة من الخير الخالص ؟! .. لماذا لا تكون إرادة من الشر الخالص ؟! .. لماذا لا تكون القوة التي أنتجت هذا العالم قوة شريرة بالفعل وبالتالي كان من الطبيعي جدا أن تخلق حياة كهذه ؟! .. لماذا لا نكون حقا ضحايا عمل أو فكرة أو مشروع أو خدعة أو لعبة كونية غاية في القسوة تبدو واعية تماما وفاهمة جدا ما تفعله ؟! .. أليس كل شيء وأي شيء في هذه الدنيا دليل واضح وصريح ومؤكد على ذلك ؟! .. ماذا يعني أن تكون إلها ؟ .. وماذا يعني أنك يجب أن تخلق كوناً ؟ .. وماذا يعني أنك يجب أن تصنع مخلوقات كي تعبدك ؟ .. مخلوقات ضعيفة هشة متخمة بمسببات الألم وتتوارث المعاناة زمن بعد زمن بينما أنت ـ لكونك قررت أنك إله وهم عبيد ـ تعيش في حماية تامة وأمان تام ولا يمكن أن يصيبك أدنى ضرر ؟ .. ليس هذا فقط بل ويجب أن يشكروك على أنك خلقتهم هكذا وأن يخافون من غضبك عليهم ومن جحيم آخرتك بعد الموت ويسعون دائما للفوز بمغفرتك ورضاءك ؟!!! .. ما هو العدل في أن يأتي إنسان دون اختياره إلى حياة لم يختارها ويحمل تكوينا لم يختاره ثم يأخذه موت لم يختاره ؟ .. لكي يعبد إلها ؟!!! .. من الذي خلق الشر من اللاشيء ؟ .. من الذي كان يعلم بوجود الشر قبل أن يأتي أي كائن إلى الدنيا ؟ .. من الذي سمح للشر بالاستمرار في نفس الوقت الذي يريد من الجميع الإيمان بأنه على كل شيء قدير ؟ .. ماذا يعني الشر أصلا ؟ .. أليس أن تواجه رغما عنك عالما كهذا دون أن يكون قرار المواجهة في يدك ؟ .. لماذا كان يجب أن يوجد الشر ؟ .. لماذا لم يكن هناك خير فقط ؟ .. ( سوبر ماريو ) لا يعرف بالطبع المعنى الحقيقي لما يسمى بالخير ولكنه يفكر فيه من منطلق الشر الذي يجربه في العالم .. لماذا يخلق الإله إنسانا قادرا على فعل الشر ؟ .. من الذي خلق الشيطان ؟ .. ما هو الشيطان ؟ .. لماذا خُلق الشيطان ؟ .. لماذا لم يخلق الإله إنسانا لا يمكنه أن يفعل سوى الخير ؟ .. لماذا لم يخلق الإله إنسانا حرا في الاختيار بين خير وخير مختلف وليس بين خير وشر دون أن يكون لدى أي منا شعور أو فكرة عن الإجبار ؟ .. ( سوبر ماريو ) يتجاوز الآن أفكار عدم حرية الإنسان في القدوم إلى الحياة ولا في اختيار تكوينه ولا في شكل العالم الذي سيواجهه ولا في الموت الذي سيذهب إليه .. ( سوبر ماريو ) يتجاوز الآن أيضا عن كونه لا يعرف معنى الخير والشر ولا معنى الإله ولا معنى الكون والزمن و الموت ولا معنى أي شيء .. ( سوبر ماريو ) الآن يركز تساؤلاته الخائفة والمرعوبة والفزعة فيما بعد الأمر الواقع الذي أجبر عليه وهو وجوده في الدنيا .. لو لم يكن هناك سوى خير فحسب ما كانت هناك حاجة للشيطان والحساب والنار مثلا .. كنا سنصبح منذ البداية كائنات تفعل خيرا طوال الوقت داخل جنة لا حدود لها وخالدين فيها .. لماذا لم يكن الأمر هكذا على الأقل ؟ .. لماذا لم يشأ الإله أن يكون هذا شكل العالم ؟ .. هل هذا ضد ألوهيته ؟ .. ضد كماله وضد صفاته ومميزاته المتفوقة المتعالية التي لا يثبتها ويؤكدها ويرضيها إلا عبادة مخلوقات ضئيلة وناقصة ومشوهة لابد أن تظل جروحها مفتوحة دائما كي تتألم وتخاف وتتوسل احتياجا لقدرة إله تنقذها ؟ .. لو كان الإله أراد أن يمنع عنا العذاب منذ البداية ولو كان قادرا على كل شيء لماذا لم يخلق طبيعة وجود غير مؤذية لنا ككائنات عابدة وفي نفس الوقت تحافظ على كبريائه الألوهي ؟ .. لماذا تم تشكيلنا بكل هذا الإصرار والقصد والتعمد بطبائع دائما تحتلف وتتعارض وتتصارع وتتحارب وتقتل ؟ .. ماذا يعني الاختبار الذي يفوز فيه الطيب بالجنة ويخسر فيه الشرير ويدخل النار ؟ .. لماذا يجب أن يكون هناك اختبار ؟ .. ولماذا يكون الاختبار الذي يكون نتيجته دنيا بهذا الشكل ؟ .. لماذا لم يتم تشكيلنا خاليين وفارغين تماما من أية معلومة أو فكرة عن العداء ؟ .. لو سألت واحدا وقلت له مثلا ماذا تعرف عن الـ ( تنوفغراقيسوكاهيش ) سيقولك بالطبع لا أعرف شيئا عنه .. لماذا لم يجعل الإله الشر بالنسبة لنا جميعا ليس سوى ( تنوفغراقيسوكاهيش ) ؟ .. هل يرضى الإله لنفسه أن يكون إنسانا بهذا التكوين ويعيش حياة كالتي نعيشها ويواجه عالما كالذي نواجهه وأن يأخذه موت كالذي يأخذنا ؟ .. هل يرضى لنفسه أن يحزن أحزاننا ويتألم آلامنا ويتعذب عذابنا ؟ .. هل يرضى لنفسه أن يجوع ويمرض ويهان ويقمع ويقتل ؟ .. هل لو فعل الإنسان ـ أي إنسان ـ كل ما يطلبه هذا الإله ـ أي إله ـ والتزم بأحكامه وانصاع لكافة أوامره هل هذا سيجعل الإنسان محميا من أي شيء ؟ .. بالطبع لن يحصل على الأمان الكامل التام والمطلق الذي ينعم فيه الإله بمفرده .. هل سيحصل الإنسان على أي درجة من الأمان مهما فعل ؟ .. هل العبادة ـ أي عبادة ـ تحمي الإنسان من أسرته وعقده النفسية وأمراضه الموروثة ومن البلد التي يعيش فيها ومن التاريخ ومن العالم ككل ؟ .. هل ستحميه العبادة من الناس ؟ .. هل الالتزام بالعبادة سيمنح الإنسان الحصانة من تهديد أي سلطة ؟ .. ماذا تعني العبادة ؟ .. لماذا يجب أن تكون هناك عبادة ؟ .. من الذي يحتاج إلى العبادة ؟! .. الذي يأتي بمخلوقات من العدم كي تعبده أم الذين وجدوا أنفسهم فجأة في الحياة ومأمورون بأن يعبدوا من جاء بهم ؟ .

( سوبر ماريو ) لا يشخر الآن .. لماذا يشخر والمسألة بسيطة وواضحة ومنطقية جدا وليس بها أي أمر غريب أو غير معقول أو هزلي ؟!!! .. إله يخلق كائنات ، وقبل أن يخلقهم بصفته عالما بالغيب يعرف أنهم سيعيشون حياة كحياتنا هذه ومع ذلك يخلقهم وقبل أن يفعل يخلق النار التي سيحرق بداخلها من يقرر يوم القيامة أنه يستحق الحرق ثم يبدأ بمنتهى الهدوء في خلق البشر .. ما الذي لا يُصَدق في هذا ؟ .. عادي جدا ومفهوم وطبيعي للغاية .. ( سوبر ماريو ) يشخر هذه المرة بصوت وليس بينه وبين نفسه قبل أن يطفيء ضوء الأباجورة الصغيرة ويضع رأسه على الوسادة ويغمض عينيه لينام .

* * *
جزء من رواية سوبر ماريو

http://sprmario.blogspot.com/
مدونة الرواية

http://www.4shared.com/file/108408771/935d2019/_____.html
تحميل الرواية

http://www.facebook.com/group.php?gid=85137770285
جروب الرواية على الفيس بوك



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرمان من التفاؤل واليأس
- تريلر فيلم ( شرج الطفل الممتع )
- ما بعد إنكار الإله لوجود ميدان طلعت حرب
- كيف ينظر المصريون إلى سنوات ( السادات ) و ( مبارك ) ؟
- مريض مطيع يتسلى ب ( الكيتش )
- الأضرار الجانبية للحظة التنوير
- التجنيد الوهابي للبشر بين الاستغلال والقتل
- فخ الأمنيات في رواية ( الصيف قبل الظلام ) ل دوريس ليسنج‏
- غرائب وطرائف الحرب بين الإسلاميين والعلمانيين على الإنترنت
- جزيرة الورد قبل القيامة بقليل
- لوحة سرطان الخصية
- حوار معي في صحيفة الوسط اليوم
- قراءة في ( قصائد امرأة سوداء بدينة ) ل ( جريس نيكولز )
- جزء من رواية ( سوبر ماريو ) / تحت الطبع
- مراعاة النائم في قاعة العرض
- بعد صراع طويل مع المرض
- جحيم عابر لا يتدخل فيما لا يخصه
- الشعر / العدالة الكونية الوحيدة
- التدوين .. الأدب .. الكتابة
- جامع الطلقات الفارغة


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - مرحاض المونولوجست الفاشل