أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوهر يوحنان عوديش - المصالحة ضرورة وطنية، لكن مع من ؟















المزيد.....

المصالحة ضرورة وطنية، لكن مع من ؟


كوهر يوحنان عوديش

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 06:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين فينة واخرى تثير بعض الشخصيات السياسية موضوعاً في غاية الاهمية والخطورة، وهو موضوع المصالحة مع البعثيين وغير البعثيين من المعارضين للمحتل والعملية السياسية في العراق، ورغم اهمية الموضوع فانه ظل مستورا ومخفياً ولم يتطرق اليه احد او بالاحرى لم يعمل على مناقشته وتحقيقه على ارض الواقع أي من المسيطرين بزمام الامور في عراقنا الجديد، فكل الدعوات وكل الاجتماعات وكل المؤتمرات لم تكن سوى قنابل صوتية انفجرت دون ان تحدث أي تأثيرات او تغيرات ملموسة على الواقع المعاش، وبدلاً من مناقشة موضوع المصالحة مع البعثيين بصورة محايدة لايجاد الحلول المناسبة والواقعية لمسألة في غاية الضرورة ومشكلة عميقة تمس حاضر البلد وترسم مستقبله، رفض الكثير من المسؤولين الحكوميين والحزبيين والكثير من رجال الدين، الذين يرسمون سياسية العراق الجديد ويحددون اتجاهها، الفكرة من اساسها دون تفكير او تحليل او حتى مجرد مناقشتها ومراجعتها مع الذات، وصفق اغلبية المسؤولين الجدد للقرار الامريكي القاضي بحل اجهزة الامن والجيش وحظر حزب البعث من المشاركة بالعملية السياسية دون غربلة او تفريق بين بعثي وعائلته وبين مجرم وانسان خدم وطنه باخلاص دون أذية احد، وهذا بحد ذاته يعني القضاء على شريحة كبيرة من ابناء الشعب العراقي وحرمانهم من ثروة البلاد ونبذهم اجتماعياً وسياسياً، هذا التعامل مع فكر ونظام وحزب حكم العراق عقوداً من الزمن ادى الى نمو وانتعاش روح الانتقام والانفلات من العقاب في بلد تعم فيه الفوضى وتكثر فيه وسائل القتل والانتقام.
لا شك في ان النظام السابق قد اضر العراق شعباً ووطناً، فمن نجا من الحروب لاحقته عصابات الاعدام ومراكز الامن وعناصر الحزب، ومن نجا بجلده من كل ذلك بهروبه من الوطن تم تصفية افراد عائلته او تعذيبهم او سجنهم وغيرها من الاساليب الابتزازية التي كان الكثير من اعضاء البعث يشتهرون بها ويطبقونها على الابرياء، اما اقتصاد الوطن فمن المخجل ان نخوض في مناقشته لان القسم الاعظم كان يصرف على الاسلحة والقسم الاخر يضاف الى حساب الابناء والاهل والاقرباء والمسؤولين الكبار ليقتات الشعب على ما تبقى من فضلات موائدهم، هكذا مرت عقود على الشعب العراقي يعاني ما يعاني وحيدا مغلوباً على امره والدول الكبرى والجارة والصديقة تشيد بمنجزات الحزب والثورة وتقدس كل حركة يقوم بها الرئيس الاسطورة وتبارك كل جريمة ترتكب بحق الشعب ظلماً، فبمجرد احصاء او اجراء تعداد بسيط للمتضررين من النظام السابق سنلاحظ ان اغلبية الشعب متضرر ( من ضمنهم الكثير من المنتمين الى حزب البعث نفسه ) عدا القليل جداً الذين كانوا على رأس النظام ونجوا من مصائب الحروب واثار الحصار وانفلتوا من لحظات غضب العائلة بالوقت المناسب، هكذا صنع الرئيس السابق لنفسه جيشاً من المعارضين يعد بالملايين، فالويلات والمصائب التي حلت بالشعب العراقي جراء طغيان هذا النظام واجرامه المعمم على الشعب دون استثناء لا يمكن نسيانها او غض النظر عنها مهما طال الزمن، فلا يمكن للمنفيين والملاحقين والمعتقلين والمعذبين والمغتصبين والمرحلين ..... ان ينسوا في يوم من الايام ما مروا به وقاسوه على ايدي جلازة النظام السابق، ومن حقهم ايضاً ان يعارضوا كل فكرة او مبادرة تدعو الى مشاورة ومفاوضة البعثيين واستدراجهم للمشاركة بالعملية السياسية الجديدة لان الجراح لا زالت طرية وتاريخ البعثيين مكتوب بالالم والدم منذ استيلائهم على الحكم، لكن رغم هذا كله علينا ان لا ننسى بان البعثيين عراقييين قبل ان يكونوا بعثيين وحرمانهم يولد رد فعل معاكس يطيل امد المعارضة ويجعلها ابدية.
قبل ان نخوض في في نقاش ميزات المصالحة نؤكد القول بان تأييد المصالحة والعمل على اتمامها لا يعني باي شكل من الاشكال الدفاع عن البعثيين المجرمين وتبييض صفحتهم السوداء او تبرئة جرائمهم بحق العراق شعباً ووطناً، ولا يعني ايضاً الرضوخ لمطاليب وأوامر حفنة من المجرمين يرهبون هذا ويقتلون ذاك ويثيرون الرعب في نفوس الابرياء والعزل ..... بل على العكس من ذلك تماماً يمكن وضع المصالحة اذا ما تمت في خانة اهم منجزات الحكومة العراقية الجديدة والاحزاب السياسية العاملة في الساحة العراقية، لانها بذلك تثبت للعراقيين والعالم اجمع بأن النظام السابق كفكرة وتطبيق انتهى الى الابد هذا اولاً، اما ثانياً فهو توكيد بأن نضالهم ضد النظام كان لمصلحة العامة وليس تنافس شخصي او حزبي للاستيلاء على المنصب والتنعم بصلاحياته.
منذ سقوط النظام العراقي السابق وما رافقه من قرارات وقوانين ضد البعث واجهزته الامنية والعسكرية هجرت من العراق اغلبية العوائل التي كان احد افرادها عضوا في الحزب او منتمياً الى احد اجهزته، اما الباقين فقد حرموا من كل الامتيازات ( حرم الكثير من البعثيين، من معلمين واطباء ومهندسين ..... الخ، حتى من ممارسة وظائفهم التي هي مصدر رزقهم الوحيد ) التي يتمتع بها الاخرون من الشعب وبذلك حكم عليهم بالاعدام لكن بالصورة البطيئة، فماذا ينتظر من هؤلاء ان يفعلوا؟، هل وقف معارضي صدام ازاء غطرسته واسلوبه الاجرامي مع الراي المخالف مكتوفي الايدي؟
اعتقد صدام وبعض مقربيه ان الاضطهاد وزرع الخوف في الناس وهم في ارحام امهاتهم سوف يولد شعبا مطيعاً وينهي المعارضة، لكن الايام اثبتت خطأ اعتقاده لان الظلم والاستبداد لم ينجبا سوى الحقد والكراهية والمزيد من المعارضة، فاذا كان القادة الجدد يريدون للعراق ان يزدهر وينعم بالاستقرار ويعيش شعبه بسلام وامان عليهم اخذ العبرة من الماضي الذي اثبت ان العنف لا يولد الا العنف وان التحريم لا يولد الا المزيد من المعارضة الناقمة، لذلك على رافعي شعار اجتثاث البعث ( ما يدعو للضحك والسخرية ان هذا القانون حافل بالاستثناءات ولا يشمل كل البعثيين، فهناك العديد من كبار الضباط البعثيين قدا اعيدوا الى الخدمة في صفوف الجيش العراقي الجديد رغم شمولهم بقانون المساءلة والعدالة لكن باستثناءات!، وكذلك العديد من الرفاق البعثيين يشغلون مراكز مهمة في الحكومة الجديدة! اذن اين المساواة في التعامل مع البعثيين القدامى؟ ) والعاملين عليه محاولة اجتثاثه فكرياً وليس جسدياً، فاذا هجروا بعثياً او حكموه او حرموه من كل حقوقه فانهم لم يفعلوا شيئاً سوى حفزه واجباره للدفاع عن الفكرة التي يحملها رغم خطورتها وتحمل كل عواقبها لان سبيل التراجع مقطوع وبذلك يضيفون رقماً اخر الى قائمة المعارضين للنظام الجديد، اما اذا اراد المعنيون اجتثاث البعث فكرياً، وهذه هو الاهم، فعليهم استمالة البعثيين والتوجه الى القضية من الجانب الاخر، واستمالة البعثيين لا يتم باعطائهم المناصب السيادية فقط بل يمكن عن طريق اعفائهم من مناصبهم السابقة لكن اشعارهم بنفس الوقت بانهم ابناء هذا الوطن ويشملهم ما يشمل اقرانهم من حقوق وواجبات ومنحهم كامل الحرية لممارسة وظائفهم ومهنهم، وبذلك يكون القادة الجدد قد اثبتوا للشعب العراقي اولا وللعالم اجمع ثانية بان توجههم ديمقراطي وفكرهم ديمقراطي وتطبيقهم ديمقراطي وانهم اتوا لانقاذ الشعب العراقي بكافة اطيافه ومذاهبه وانتماءاته.
لقد اصبحت قضية المصالحة، خصوصاً بعد انسحاب الجيش الامريكي من المدن العراقية، ضرورة وطنية ملحة لتوحيد المجتمع العراقي وبناء وطن مسالم ينعم فيه المواطن بخيراته ويرتاح من سنوات الحرب والجوع والحصار، لكن المصالحة يجب ان تكون عملاً طوعياً وبقناعة غير منقوصة وليس فرضاً او ضرورة مرحلية لكسب المؤيدين لحين اكتمال بنيانهم السلطوي وتثبيت دعمائه، لانها لن تتحقق اذا لم تعترف جميع الاطراف بعضها ببعض وتصرفت ازاء بعضها البعض بشفافية وثقة بعيداً عن نزعة الانتقام ومبدأ الاكثرية والاقلية الذي اصبح اساس التعامل في جميع قضايا العراق الجديد.
واخيراً يجب على السياسيين والمثقفين وكل من يمهم امر العراق حاضرا ومستقبلاً، وخصوصاً الذين يحكمون البلد، ان يتصالحوا مع انفسهم قبل ان يعملوا على مصالحة الغير وان يعاقبوا ويقدموا للعدالة كل الذين تلطخت اياديهم بدماء الابرياء من بعثيين وغير بعثيين على حد سواء وليس اتخاذ عبارة ( استحالة المصالحة مع اولئك الذين تلطخت اياديهم بدماء الشعب ) انجازا تاريخياً للتباهي امام الشعب وتذكيره بمواضع الجراح واثارتها! وكأن كل المسؤولين والمتنفذين في الحكومة الجديدة اياديهم طاهرة ولم تتلوث بالدم العراق ابداً!.




#كوهر_يوحنان_عوديش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيادة الرئيس أليس السجن اولى بهم؟!
- دعاية انتخابية ام دعوة لانهاء الفساد؟
- الطفولة في العراق عمر مستقطع
- وداعا يا شيخنا العظيم
- اما لهذه النغمة ان تتغير؟
- من المسؤول عن تفشي العنف ضد المرأة في العراق؟
- بلاك ووتر لا تعترف بالسيادة ولا تشملها القرارات!
- لفتة الى المبدعين المغتربين
- هنود حمر العراق بالف خير ومستقبلهم مضمون!
- نعمة الرئيس ومآسي الشعب العراقي
- بيادق شطرنج أم أميون لا يعرفون القراءة؟
- في ذكرى ميلاده الثامنة والثمانين ماذا بقى من الجيش العراقي؟
- ماذا لو كان رئيس البرلمان من الاقليات؟
- نعال ابو تحسين وحذاء الزيدي والهم العراقي
- متى سيطبقون ديمقراطيتهم ؟
- استقلالية القضاء تبعث الامل
- اهذا جزاء الشعب العراقي ؟
- نضالكم مشكور وزيادة
- دموع اوبرا ومآسي اطفال العراق
- انتخاباتنا وانتخاباتهم


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوهر يوحنان عوديش - المصالحة ضرورة وطنية، لكن مع من ؟