أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - هجرة إلى السماء.. ( قصة قصيرة )














المزيد.....

هجرة إلى السماء.. ( قصة قصيرة )


اليمين أمير

الحوار المتمدن-العدد: 2696 - 2009 / 7 / 3 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


استلقى فوق كرسيه وربط خصره بحزام الأمن ثم زفر زفرة قوية وقال في نفسه ما هي إلا لحظات وسأغادر هذا الوطن التعيس الشبيه بالتابوت، وهاته الأرض العقيمة التي لا تنجب سوى الحجارة.. ما هي إلا ساعات قليلة ويلتحق جسده بروحه التي في انتظاره هناك في جنة الدنيا، روحه التي كانت ترفض هذا الوطن المشلول وترفض تلك المساحات الهائلة من الضياع والفوضى..
وأقلعت الطائرة أخيرا متجهة نحو أستراليا، ألقى نظرة أخيرة على وطنه والطائرة تسبح نحو الأفق إلى أن اختفى عن بصره، هنالك أسدل جفونه في استرخاء عميق وكأنه أزاح ثقلا عظيما من على صدره، وراح يطرد أشباح الماضي التي مازالت متشبثة بذهنه كأنما تريد الرحيل هي أيضا عن هذا الوطن المنكسر. فبدأ يرتسم في خياله ذلك الماضي المشئوم والحياة البائسة التي عاشها بين تلك المساكن التي تشبه السجون والأزقة التي لا تفرقها عن المزابل، فراح يلعن تلك السنين وذلك القدر الذي أرسله إلى هذا المنفى، وتلك اللحظة اللعينة التي أنجبته بين هذا الشعب الجاهل والذليل. قال في نفسه أينما يكون أمثال هذا الشعب وهم كثير، يكون الفقر والجهل، وهنالك في أستراليا سوف لن أجد ما يذكرني بهكذا خرافات وتقاليد عمياء.. وسأصبح حرا كالإله بعد كسب الكثير من المال، ولا شيء حرام ولا حلال إلا برغبتي، وسوف لن أسمع أذانا ولا ترتيلا ولا أي شيء ينغص حياتي ويكدر صفوتي. سأكون حرا طليقا بلا قيود، أقسم بنفسه التي لا رب لها بألا يرجع إلى وطن المجانين هذا وبأنه سيغير اسمه ولن يتكلم هاته اللغة البدائية بقية حياته، وبدأ يتحسر على ما فاته من عمره، فقد مضت خمسة وعشرون سنة هباء منثورا. لكنه عزم على أن يسترجع كل ما فاته وما حرم منه، وسيمتع نفسه بكل الملذات والشهوات دون شح ولا تقتير.. فجأة فتح عينيه على صوت المضيفة وهي تقول لقد دخلنا أجواء أستراليا وبعد لحظات ستحط الطائرة فوق مطار سيدني. لم تسعه الفرحة وأخيرا تحقق حلمه ووصل إلى جنته حيث الإباحية المطلقة دون قيود ولا رب معبود.. وبينما كان يرسل بصره نحو العالم اللامتناهي بالجمال والروعة أحس بحركة غير مألوفة داخل الطائرة كأنه زلزال عظيم. والركاب يصيحون في فزع ولوعة مروعة، وطاقم الطائرة يحاول تهدئة الوضع وإرجاع الطائرة إلى مسارها الطبيعي. لكنها تسير في اتجاه معاكس، كأن يدا خفية تدفعها بقوة نحو الدمار.. هنالك تراءت له كل الصور القديمة عن وطنه الحزين واختلطت أحلامه بكوابيسه وأيقن أخيرا أن الله موجود في كل مكان وأنه على كل شيء قدير، وهجرته قد أصبحت إلى السماء دون رجوع.. انتابه فزع مرعب وخوف عظيم واختفت كل الصور الجميلة والأحلام الهادئة من ذهنه ولم يبق سوى وطنه الحزين وأمه المسكينة وربه العظيم، ولكن كل شيء كان قد انتهى وفاته الوقت فالطائرة راحت تبتلع المسافات كالصاروخ إلى أن اخترقت الغلاف الجوي للأرض انفجرت انفجارا عظيما استيقظ إثره على صوت المؤذن وهو يقول - الصلاة خير من النوم -..



#اليمين_أمير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر النسيان.. ( ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)2
- القميص الأزرق.. ( قصة قصيرة )
- الرحيل.. قصة قصيرة
- خواطر النسيان.. ( صغيرهم الذي علمهم الشعر )
- خواطر النسيان.. ( للذكرى )
- النافذة.. قصة قصيرة
- خواطر النسيان.. ( ما لم تقله شهرزاد )
- الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )
- حالة ضياع.. قصة قصيرة
- مجرد دخان.. قصة قصيرة
- النرجيلة.. قصة قصيرة


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - هجرة إلى السماء.. ( قصة قصيرة )