أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - النرجيلة.. قصة قصيرة














المزيد.....

النرجيلة.. قصة قصيرة


اليمين أمير

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


راحت تسكن عالمها الآخر في توتر وحذر شديد، ربما كي تتناسى واقعها المرير، وبدأت في تشكيل وجهها الخرافي.. الدخان يتكاثف ويتصاعد في شكل سحابة ثلجية، وأنا أمتص النرجيلة كما لم أفعل من قبل.. بدأ وجهها الجديد في التشكل خفية، ولما اكتمل أرسلته عبر جهازها إلى موقعها الافتراضي المفضل.. وحين دخلت المنتدى مقنعة، وجدت العديد من الأشخاص مقنعين مثلها، فزادها ذلك ثقة في نفسها فاختارت بعناية فائقة اسما جميلا مركبا، استعارته من إحدى الأساطير القديمة، هكذا كي لا يستطيع أحد الولوج إلى عالمها الحقيقي، ويكشف ضعفها ومأساتها الأزلية.. راحت تشكل لنفسها حصنا منيعا وحواجز مختلفة.. فبدأت في تأسيس عالم خاص تتحكم في تسيير شئونه كما ترغب وتريد.. النرجيلة تبكي في صمت ودخانها يتكاثف كالسحاب، وبداخلها تتصارع مركبات الماء وجزيئاته الدقيقة لتشكل عالما غريبا لا يفهمه إلا المجانين، عالم الماء والدخان، وكأن الكون بأسره يتشكل داخل نرجيلة.. ألم تكن السماوات في الأصل مجرد دخان..؟ رحت أمتص النرجيلة، وأنا أتتبع أخبارها المزيفة وإبداعاتها الافتراضية التي شكلتها من انكسارات وجراحات عتيقة، لا تزال تسكنها وتوجعها حد البكاء.. كانت كلما اختلت إلى واقعها المرير تبكي كما لم تبك في أي وقت آخر. ولا أحد يشعر أنها تتألم وتحترق في صمتها الرهيب.. الكل يحيطها بهالة من التميز والإعجاب، بل ومنحوها وسام التواصل أيضا.. ولا أحد يدرك أنها الوحيدة التي لا يستطيع أحد التواصل معها، لأنها بكل بساطة لم تكن إلا قناعا مستعارا شكلته الوحدة والهروب.. لم تكن إلا بقايا أنثى انصهرت أجزاؤها فصارت شبكة معلوماتية تستوطن بعض المواقع الافتراضية.. لكنها لم تدرك أن هناك من سيكشف عنها الغطاء، وسيزيل قناعها ويعريها من زيفها، ففوجئت به يتسلل خفية إلى عالمها الخرافي ويخترق كل الحواجز المزيفة التي كانت تخدع بها نفسها والآخرين.. قالت له من أنت ومن تكون؟ وكيف أيقنت هواجسي وأدركت معاناتي، إنك لست إلا سحار مبين..! قال لها إنني أمير السحر والعشق، فأنا كنت ولم أزل عاشقا تائها في بحر المقل.. كنت منذ الأزل أمارس كفرا.. أمارس سحرا وكل طقوس الدجل.. قالت ويحي إنني بك لمذهولة فقد أبهرتني، غير أني ممنوعة من العشق، من الحب ومن كل حروف الوصل.. في ذلك الوقت لم أكن أدرك جيدا أنني ربما قد تحولت إلى سحر حقيقي، وأنني ذلك الذي اكتشف سرها وضعفها فجاءة.. لم أكن أعلم بعد أنني أخاطبها وتخاطبني مناجاة تخاطر لا صوت فيها ولا كلمات.. كانت كثيرة التمويه والهروب، وأصبحت تتخفى من كل شيء لأنها تخشى كل شيء.. ومواجعها الأزلية لا تزال تطاردها بين الواقع والخيال، ولا أحد يعلم أنها بداخلها لا تملك حولا ولا قوة، وأنها أضعف من ضعيف.. راحت همساتها تناجي خواطري وتؤرق مهجتي.. وهي لكأنها صارت مجرد مواجع افتراضية تتشبث بخيوط تلك الشبكة المعلوماتية التي تشكلت من بقايا أنثى احتواها الذوبان.. رحت أمتص النرجيلة كما لم أفعل من قبل.. وبدأت أشتم رائحة مميزة، لم تكن رائحة التبغ الذي تعودت أن أمزجه مع مكونات النرجيلة، بل كانت كرائحة احتراق جهاز كهربائي، ربما كان الكمبيوتر قد احترقت مكوناته.. راحت تلك الرائحة الالكترونية تتوغل عمق أنفاسي وتختلط مع دخان النرجيلة، حتى بدأت أشعر أن النرجيلة صارت تمتصني وتنفث عناصري كالسحر الأسود، وأحسست بأجزائي وعناصري التي تكونني بدأت تنصهر في صمت غريب.. كانت دموعها تغلي بداخلها ثم تتبخر لتشكل سحابة ثلجية، وأنا كأنني مجرد جهاز قد انصهرت مكوناتي جميعها وامتزجت بتلك الدموع.. وداخل الغرفة الزجاجية للنرجيلة، تشكل حقل كهرومغناطيسي امتزج فيه السحر مع الدخان وبخار الماء المتصاعد في تكاثف عجيب.. راحت تسكن عالمها الآخر في توتر وحذر شديد، ربما كي تتناسى واقعها المرير، وبدأت في تشكيل وجهها الخرافي.. الدخان يتكاثف ويتصاعد في شكل سحابة ثلجية، وأنا أمتص النرجيلة، أو ربما كانت هي تمتصني كما لم تفعل من قبل..
_________________
ربما أزيدك وجعا لو أهديتك هذا السحر الذي يسكنني.. غير أني أدرك جيدا أنك ستعذرين مرة أخرى جنوني..
__________________
كيف لي أن أكون عاشقا.. والحب ما عاد يحمل وجه الحب..
والموت عندنا نوع من الإنتصار..



#اليمين_أمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - النرجيلة.. قصة قصيرة