أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - القميص الأزرق.. ( قصة قصيرة )















المزيد.....

القميص الأزرق.. ( قصة قصيرة )


اليمين أمير

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 10:03
المحور: الادب والفن
    




دخلنا الشارع الممتد طويلا نحو الميناء، بدا لكأنه نهر جارف ورؤوس المارين أسماك تطفو فوق سطحه. معظم المدينة قد غشيها الضباب والندى. هنالك خارج الميناء ليس ببعيد سنلتقي الكثير من الشعراء والمبدعين، ستضمهم اليوم دار الثقافة ككل عام. وسيكون العرس الأدبي منفردا بمفاجآته ككل مرة. لقد أرهقني السفر كثيرا فالمسافة طويلة وسيارة الأجرة التي أقلتني لم تكن مريحة ولا حتى مسرعة كي أصل المدينة في الصباح الباكر، لذلك غفوت قليلا لعلي أنسى بعد المسافة والتعب. رغم ذلك فأنا أرتاح كثيرا لسائقها ربما فقط لأنه جارنا ويعرفني جيدا ويحترمني كثيرا.. ولطالما استأجرته في كثير من المرات. فهو شخص هادئ جدا وقليل الكلام حتى لكأنك تشعر بالوحدة أحيانا من كثرة صمته. كم اشتقت إلى هاته المدينة الشرقية الجميلة، والتي تبدو من بعيد كأنها عروس يلفها الضباب الندي مثلما الرداء، وهي تنام على أحد أجمل شواطئ البحر المتوسط. كم اشتقت إلى صديقي أمين وحكاياته الجميلة، ربما مر أكثر من سنة مذ رحل عن مدينة التوت، ومنذ ذلك الوقت لم أره ولم أسمع عنه شيئا إلا بعض الرسائل التي كنا نتبادلها من حين لآخر. لكنه فاجأني قبل أيام لما هاتفني ودعاني لأحضر هذا الملتقى الأدبي. ولم يكن بوسعي إلا أن ألبي دعوته بالحضور. ومع أني لم أكن لأكتب قصة أو قصيدة أو حتى خاطرة ولو مرة في حياتي، إلا أني كنت أحضر بعض تلك الملتقيات الأدبية، رغم أني في الحقيقة لم أكن مولعا كثيرا بالأدب والشعر. ولأن رفيق دربي مجنون بكتابة القصص القصيرة حتى لكأنه يسكنها ويعتكف بين سطورها، كنت أرافقه إليها بعض الأحيان فيما مضى. حالما وصلت موقف السيارات وجدته في انتظاري. كما تعودته من قبل، مواعيده محددة جدا. دخلنا الشارع الممتد طويلا نحو الميناء، بدا لكأنه نهر جارف ورؤوس المارين أسماك تطفو فوق سطحه. معظم المدينة قد غشيها الضباب والندى. موسم الاصطياف لم يكن قد حل بعد، ولكن المدينة مزدحمة كعادتها. قلت يا ليته كان فصل الصيف حتى نستمتع قليلا بالسباحة والاستجمام وبعض المغامرات العابرة. تبسم ولم يعقب وكأنه موجود معي وغير موجود، كعادته يسرح دائما في غيابات خيالاته الدفينة، لعله يجتث من أعماقه قصة جديدة أو خاطرة جميلة. كعادته يسكنه ذلك الصمت الغريب والذي يشعرك أنه يخبئ عمق أعماقه ثورة عارمة من الأفكار والضجيج كأنما يحبسها كاتم الصوت لألا يسمع ما بداخله، كان بكل بساطة يجمع الأسرار كالبحر الهادئ الذي تسجر البراكين في أحشائه. وبينما نحن نسير وسط الشارع الطويل المزدحم بالمارة وأنا أسأله عن أحواله وكيف يعيش وسط هاته المدينة الساحرة، وهل له بعض المغامرات في الحب كتلك التي كنا نخوضها من حين لآخر، مع بعض فتيات مدينة التوت الجميلة التي جمعتنا لسنوات ما كان أحلاها. إذ مرت بالقرب منا امرأة بهية الطلعة، فولجت أنفاسي رائحة عطر فاخر، ثم التفتت إلينا فجأة وقالت وهي ترمق صديقي بنظرة غريبة ملؤها الفرح الحزين. ما أشبه البحر اليوم بلون قميصك أيها الرجل الوسيم، وانطلقت مسرعة نحو الميناء. وعطرها الفاخر لا يزال يتغلغل عمق أنفاسي برائحته الشهية، جاءنا صوتها كوشوشة عصفور خرافي فأسكرنا برهة. تبسم صاحبي من قولها ولم يعقب. سألته هل كنت تعرفها، قال ربما!. تعجبت وقلت إيه يا زمن، النسوة يغازلن الرجال ونحن لا نجرؤ أن نتعدى ابتسامة. كم أنت محظوظ يا رفيقي وأنت تسكن هذه المدينة الساحرة. ربما كان من المفروض أن أعيش أنا أيضا وسط مدينة مثلها، لعلي تغازلني نساء حسناوات كهذه كل صباح. ويسكرني صوت كصوتها ويسحرني عطر كعطرها الفاخر. تنهد كبركان استفاق فجأة من خموده وقال آه لقد ذكرتني هذه المرأة بقصة القميص الأزرق. عجبا! لكأنها تعمدت فعل ذلك. ربما كنت أعرفها حقا قبل الآن! حتى هذا العطر لم تزل تذكره أنفاسي، كأنه العطر نفسه. لنرى إلى أين يمكن أن تكون قد ذهبت. انتبهنا من غفوتنا لعلنا نلمح تلك الحسناء بهية الطلعة.. وصوتها لم يزل صداه يتذبذب عمق أسماعنا كوشوشة عصفور خرافي، وعطرها المشتهى موغل عمق أنفاسنا. لكنها كانت قد تلاشت بسرعة مذهلة كالسراب وسط الضباب الندي وزحمة الشارع الممتد طويلا نحو الميناء كالنهر الجارف. ولم يبق غير طيف خافت يتراءى لنا هنا وهناك. وكأن الشارع قد التهمها فجأة. أسرعنا بالبحث عنها بين المارة نتتبع طيفها الخافت، ولكنها لكأنما لم تكن في الأصل موجودة وسط الزحام، وكأنها لم تمر اللحظة بنا. كنا نجري في كل اتجاه دون أن نعثر لها على أي أثر، وكأنها قطعة سكر احتواها البحر بأمواجه. أوقفني برهة وبدا كأنه يستجمع شتاته الضائع بين نسمات الصباح الندي. ثم اتجه مسرعا نحو جسر صغير يطل على البحر، كمن تذكر شيئا مهما فجأة. ما كان لي إلا أن أتبع خطواته الشاردة، وتوقفنا معا فوق الجسر العتيق، قال أترى زرقة البحر، أهي أشبه حقا بلون قميصي هذا ؟ قلت بلى هي كذلك، لكن ما الأمر يا صديقي، قال دعني أخبرك قبل أن نذهب إلى الملتقى. ربما كانت هي حقا، إنها فعلا تشبهها. قلت تشبه من؟ قال ألا تعرفها ألم أحدثك عنها من قبل، ألا تذكر يا صديقي عصفورتي الجميلة. في نفس هذا الوقت من السنة الماضية هاهنا رأيتها أول مرة فوق هذا الجسر تنظر بعيدا فوق سطح البحر، كنت مارا بالقرب منها فولجت أنفاسي رائحة عطر فاخر، التفتت إلي فجأة و رمقتني بنظرة غريبة ملؤها الفرح الحزين. قالت ما أشبه البحر اليوم بلون قميصك أيها الرجل الوسيم، وعطرها الفاخر لا يزال يتغلغل عمق أنفاسي برائحته الشهية، جاءني صوتها كوشوشة عصفور خرافي فأسكرني برهة. وقبل أن تنطلق مسرعة نحو الميناء، وفي لحظات محسوبة تحدثنا عن أشياء كثيرة دون أن ننبس ببنت شفة. هاهنا يا صديقي جمعنا الحلم برهة وكل منا يخفي في صدره شيئا من الحزن والبوح الدفين. وكأن كل واحد منا ينتظر من الأخر جوابا قبل أن يسأله أي شيء. ومرت بنا اللحظات سريعا دون أن نتعدى بعض المناجاة والنظرات المسروقة التي كنا نتبادلها خلسة، وكأننا نخاطب أنفسنا رمزا. إنها يا صديقي لم تكن كأي امرأة أخرى. رأيتها فرأيت في عينيها طفلا بريئا يتملكه الخوف والحزن العميق، شعرت أنني أعرفه جيدا وأعرف ملامحه وتفاصيل وجهه، ربما لم يكن إلا قلبي الذي توهج بالنور والدفء فجأة. ربما كان طفلي الذي سيولد في مكان ما، لست أدري ولكنني تملكني شعور مركب يمتزج فيه الكثير من الأحاسيس الغريبة. مر كل شيء في تسارع مذهل، قرأت في عينيها الماضي والمستقبل ولمحت في عينيها الحياة والموت معا، بل رأيت فيهما الأبدية والخلود. هاهنا التقيتها آخر مرة ووشوشت لي بكلمات لم أفهم منها شيئا، ثم انطلقت مسرعة نحو السراب. ربما كانت أشبه بهاته التي مرت بنا قبل الآن. أو ربما كان طيفها يحوم هاهنا كذكرى تدور في مخيلة عاشق. قلت له إنك لم تحدثني عنها من قبل وأنا لم أسمع بكذا قصة ولم أكن أعلم أنك على علاقة بامرأة في مثل هذا الجمال. إننا لم نلتق منذ عام يا صديقي وآخر رسالة لك كانت قبل شهر ولم تخبرني فيها عن هذه المرأة الجميلة. لقد شوقتني حقا لمعرفتها. قال دعني أروي لك بعض التفاصيل لعلك تتذكرها. وراح يتحدث وفي صوته نشوة ولوعة. دخلت دار الثقافة وقد كانت كعادتها يعمها السكون إلا من بعض الموسيقى الهادئة والتي لا تكاد تميزها عن زقزقة العصافير. المدرج بدا فارغا إلا من الكراسي، كعادتهم الشعراء يتخلفون دائما عن مواعيدهم، حتى أنه في الكثير من الأحيان يأتي الجمهور قبلهم، فالغاوون عندنا يتبعهم الشعراء. وبدأ الجمهور يتوافد حتى اكتظ المدرج، وبعض المبدعين لم يزل غائبا عن الملتقى. خلف دار الثقافة وليس ببعيد تسمع صفير البواخر.. ميناء المدينة يعج بالصيادين وبالأسماك أيضا.. وحكايات كثيرة مليئة بالغرابة والشوق، يعانق فيها الواقع الخرافة. حكايات البحر جميلة جدا يا صديقي، لكنها متعبة جدا أيضا.. فوجئت لما رأيتها تتجه نحو المنبر. راحت تسرد قصتها والكل يستمع إليها في شغف ودهشة، وأنا لكأني قد أسكرني صوتها الخرافي برهة، بل ربما قد أسكر كل الحاضرين. قالت يا صاحب القميص الأزرق هل تدنو مني هل أدنو منك.. دعني في حبك أغرق.. ليتني أستطيع امتلاك ولو قطعة صغيرة من قميصك الأزرق كي أصيرك عاشقي الوحيد. ليتني أستطيع احتواءك اللحظة كما تحتويني كل لحظة، لو أنك تدري كم أعشقك.. كم أتعشق قميصك الأزرق مذ رأيتك أول مرة، ولكنني لا أجرؤ إلا أن أكتمك كالسر الدفين.. تماما كما تكتم سر الأشياء في أعماقك العتيقة. يا صاحبي مد ذراعيك واحمل ما تبقى من جسدي.. ضمني إليك حتى يذوب قلبي كقطعة سكر فوق قميصك الأزرق.. أيها الساحر المجنون، أيها التائه أبدا أيها العاشق المعشوق.. كنا وقتها ثلاثة نرتدي قميصا أزرق اللون.. أنا واثنين من المبدعين. فراح كل واحد منا ينظر خلسة إلى أصدقائه، لعله يكتشف الذي كانت تقصده بكلامها. ربما كنت أنا، ربما لم أكن .. وربما كان شخص آخر .. أو ربما لم يكن.. من منا يا تراه كانت توجه له خطابها وعناءها.. من منا كان صاحب القميص الأزرق في قصتها الدافئة.. هل حقا سأفوز بحب عاشقة تنثر الشعر بل تزرعه. أنا الذي التقيتها فوق الجسر العتيق هذا الصباح. أم أنها تعرف أحد المبدعين الآخرين. ربما كنت أنا ربما لم أكن .. وربما كان شخص آخر .. أو ربما لم يكن.. لم أشأ أن أقاطعه ولكنني في الحقيقة لم أكن لأتذكر أي شيء. قال في المساء لما عدنا بعد وجبة الغداء والكل ينتظر حفل التكريم وينتظر موعده مع الجائزة، وأنا أنتظر موعدي مع الشاعرة، وقد كنت التقيتها ثانية فوق الجسر العتيق ووشوشت لي ببعض الكلمات التي لم أفهم منها أي شيء ثم انطلقت نحو الميناء. تذكرت قول أحد الشعراء في بداياتنا الأولى لما قال أنا ما جئت من أجل الجائزة.. ولكنني أتيت كي أرى فائزة.. لست الوحيد الذي يرتدي قميصا أزرق اللون، ولست الوحيد الذي يعتقد أنه يتصف بتلك الصفات التي راحت تصف بها معشقوها الساحر على حد تعبيرها.. فوجئت يا صديقي لما وجدت جل الحاضرين من المبدعين يرتدي مثلي قميصا أزرق اللون... هذا المساء ازرورق لون الأشياء.. ولم تحضر صاحبة القصة الدافئة، تلك الشاعرة التي تنظم قصصا وتسرد شعرا بلا قوافي.. إنها حقا شاعرة تكتب القصص القصيرة. امرأة تسكن الحب والشعر، امرأة يسكنها البحر.. أتذكر اليوم كلماتها جيدا كأنها اللحظة تقول نهرب أشواقنا خلسة من قلب إلى قلب.. نسترق العشق، نخبئه، نعتق الحب ندفنه تحت الجفون. والنفس لا تشتاق لمن يذكرها، بل تحن وترنو لناسيها.. ليتني أستطيع امتلاك ولو قطعة صغيرة من قميصك الأزرق كي أصيرك عاشقي الوحيد. دعني أدنو منك، بل دعني في حبك أغرق.. قلت أعتقد أنها امرأة يسكنها البحر ويسكنها الغرق.. قال أحدهم ربما كانت كذلك. وفي نفسي شعور غامض يوحي إلي أنها لم تكن تخاطب أحدا سواي.. لم أشأ أن أقاطعه ولكنني في الحقيقة لم أكن لأتذكر أي شيء. قال سمعنا فجأة صراخا خلف الأبواب فأسرعنا بالخروج.. كان الشارع الممتد طويلا خلف الميناء كالنهر الجارف ورؤوس المارين كأنها أسماك تطفو فوق سطحه. سمعت أحدهم يقول لقد سقطت الشاعرة المسكينة في اليم، رأيتها تفعل ذلك. إنني أعرفها جيدا، رأيتها تسقط من فوق الجسر العتيق.. فوجئت لما سمعتهم يتحدثون عنها وأسرعت نحو الجسر أركض في توهان مميت، وملء قلبي حزن وحيرة، كيف تسقط شاعرتي الجميلة؟ كيف يبتلعها الغرق فجأة؟ لقد كانت يا صديقي تغرق تحت هذا الجسر عمق هذا البحر، في مثل هذا اليوم. وكأنني كنت أعرف كل شيء قبل أن يحدث، فقد كنت أشعر مذ رأيتها أول مرة أنها لن تعيش طويلا وأن الحب سيقتلها لوعة وشوقا، ولكن البحر كان أسبق إليها. أعتقد أنك بدأت تتذكرها. لم أشأ أن أقاطعه ولكنني في الحقيقة لم أكن لأتذكر أي شيء. وأكمل كلامه في حزن مرير، ثلاثة في البداية وقميص أزرق.. ثلة في النهاية والبحر المتوسط.. وشاعرة تحترف الغرق.. قلت له أإنك كنت تتنبأ الأشياء قبل أن تحدث. قال ربما أو ربما لا. لكنني هاهنا رأيتها فوق هذا الجسر. ووشوشت لي بكلمات لم أفهم منها شيئا، ثم انطلقت مسرعة نحو الغرق، بل نحو السراب. ربما الآن بدأت أعرف حقا من هو صاحب القميص الأزرق الذي كانت تتحدث عنه في قصتها الدافئة. إنها يا صديقي لم تكن كأي امرأة أخرى. قلت وأين كانت تسكن.. وكيف كانت تفاصيل حياتها.. قال إنها في الحقيقة تعيش في مخيلتي يا صديقي، إنها لا تسكن منذ الغرق إلا قصصي القصيرة.. فجأة امتنع عن الكلام وسمعت تصفيقات حارة، انتبهت إثرها فلم أجده بالقرب مني ولم أجدني فوق الجسر العتيق بل وجدتني جالسا وسط قاعة مليئة بالحاضرين وجلهم يرتدي قميصا أزرق اللون. ومن هناك من فوق المنبر لمحت امرأة بهية الطلعة تنزل وتتجه نحوي. إنها حتما تلك التي التقيناها هذا الصباح أو ربما كانت تلك التي حدثني عنها صديقي. لم أستوعب شيئا ولم أتدارك الأمر وهممت بالوقوف إليها ولكن أحد المنظمين أشار إلي بالجلوس في مكاني حتى لا أثير ضجيجا يقلق المبدعين والحاضرين.
لقد مرت بالقرب مني وهي ترمقني بنظرة ملؤها الفرح الحزين فولجت أنفاسي رائحة عطر فاخر، ووشوشت لي بكلمات لم أفهم منها شيئا، ثم اتجهت صوب أحد المقاعد الخلفية للقاعة. جاءني صوتها كوشوشة عصفور خرافي فأسكرني برهة. لم أتمالك نفسي واستدرت خلفي كي أرقبها أين ستجلس لكنها كانت قد اختفت كقطعة سكر احتواها البحر بأمواجه. ربما كانت هي أو ربما كان طيفها لا يزال يحوم وسط القاعة كذكرى تدور في مخيلة عاشق. فجأة سمعنا صراخا خلف الأبواب فأسرعنا بالخروج.. كان الشارع الممتد طويلا خلف الميناء كالنهر الجارف ورؤوس المارين كأنها أسماك تطفو فوق سطحه. سمعت أحدهم يقول لقد سقط في اليم، رأيته يفعل ذلك. إنني أعرفه جيدا، إنه أمين.. رأيته يسقط من فوق الجسر العتيق.. فوجئت لما سمعتهم يتحدثون عنه ورحت أركض نحو الجسر في توهان مميت وملء قلبي حزن وحيرة، كيف يسقط رفيق دربي؟ كيف يبتلعه الغرق فجأة؟ هل كان يلاحقها؟ هل كانت تناديه من أعماق البحر؟ وصلت الجسر بشق النفس فلم أجد شيئا سوى الأمواج تتلاطم في عنفوان مميت وبعض من الصيادين والمبدعين ترهقهم الحيرة والدهشة. كنت كطفل ضائع وسط الزحام لا أدري من أين ولا إلى أين أمضي. كدت أن ألقي بنفسي في اليم لولا أن سمعت أحدهم يقول دعوه لقد التحق بمعشوقته وسوف لن يرجع أبدا. وشعرت بيد تربت على كتفي فتحركت في مكاني ففاجأني صوت سائق السيارة وهو يناديني أمين .. أمين .. أفق يا سيدي لقد وصلنا المدينة.




#اليمين_أمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل.. قصة قصيرة
- خواطر النسيان.. ( صغيرهم الذي علمهم الشعر )
- خواطر النسيان.. ( للذكرى )
- النافذة.. قصة قصيرة
- خواطر النسيان.. ( ما لم تقله شهرزاد )
- الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )
- حالة ضياع.. قصة قصيرة
- مجرد دخان.. قصة قصيرة
- النرجيلة.. قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - القميص الأزرق.. ( قصة قصيرة )