أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - النافذة.. قصة قصيرة














المزيد.....

النافذة.. قصة قصيرة


اليمين أمير

الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 04:46
المحور: الادب والفن
    


النافذة مفتوحة والسماء من خلفها زرقاء صافية، لكنها بعيدة جدا. حتى النافذة تبدو بعيدة، وبيني وبين الحرية أبواب مغلقة. ما ذنبي أنا حتى أدفن وسط هاته الزنزانة، فلا علاقة لي بالانحراف والجريمة، ولا حتى بالأمور السياسية. لكن الحارس لا يفهم شيئا عن الفن والجمال، فهكذا طبع البشر دوما، يقتلون الوردة لجمالها ويقتلون العاشق والحبيبة وكل الأشياء اللامعة والجذابة.. كم مر من الوقت وأنا واقف أنظر إلى النافذة تارة وإلى الحارس أخرى. وهو يغط في نومه كغير عادته، وأنا أصرخ وأنادي قليلا من الماء يا هذا، قد جف حلقي والعطش يحتويني ويجعل الموت يتسرب إلى عروقي. وكأنه لا يسمع، ربما قد ملني وضجر من شكواي المتكررة، أم أنه ينفذ حكم إعدامي. لم أتمالك نفسي هاته المرة فالعطش حاد وما عدت أقوى على الصبر والوقوف.. رحت أقفز وأضرب تلك القضبان التي تشكل حاجزا بين وين النافذة بكل ما أملك من قوة. ليتني لم أسجن، ليتني لم آت إلى هذا المكان، بل ليتني أخرج من هذا المعتقل لأرجع إلى أهلي.. إلى زوجتي وأطفالي الذين لم أرهم بعد. أعلم أن زوجتي في أوج اشتياقها لرؤيتي، لتحدثني طويلا وتغني لي أعذب الألحان.. ولكن هل من وسيلة للفرار. كم أنا حزين ليس لأجلي بل لأجلك يا حبيبتي فما ذنبك وما ذنب صغارنا حتى يعيشوا ميتمين، وإن سألوك عني.. أبطل أنا خانته الظروف أم جبان غرته الحياة والأماني..؟ كيف ستجيبين سؤال البراءة الذي يكاد يقتلني الآن قبل العطش خلف القضبان..
السماء لا تزال زرقاء صافية والنافذة مفتوحة وبيني وبين حبيبتي سجن رهيب وأعمدة من حديد أصارعها رغم ضعفي ورغم عطشي الشديد. فأنا عازم على الهروب من هذا التابوت حتى وإن كلفني ذلك حياتي، فقد أقسمت ألا تترملي وألا يتيم صغارنا حتى وإن رفضت الآلهة التي تقيدني في هذا المكان.. التعب أعياني وأنهكني العطش ولكنني أكاد أسمع صوت حبيبتي يناجيني من بعيد كأنها تشكو وحدتها وترسل صوتها الدافئ في الأفق للبحث عني.. كنت أشعر بصوتها يلج النافذة ثم الأعمدة فزادني إصرارا على الخروج. قفزت قفزة عالية ودفعت الباب بكل ما تبقى لي من قوة ثم سقطت أرضا.. وحين صحوت فوجئت برؤيته مفتوحا على مصراعيه.. نسيت التعب والعطش وكل شيء في لحظة ولم أشعر كيف وجدتني أمام الحارس وهو لا يزال يغط في نومه كأنه في سبات عميق. قفزت فوق صدره ورحت أتحسسه وألامس وجهه البارد لكنه لم يتحرك، ربما لذلك لم يناولني الطعام والشراب كما تعود دائما. فلم يكن يتأخر للحظة عن إطعامي وسقيي.. فجأة سمعت مواء القطة السوداء، التفت خلفي وجدتها ترمقني بنظراتها الحادة كأنها تخفي شيئا، تذكرت لحظتها النافذة المفتوحة والسماء الصافية، تذكرت الحرية.. زوجتي وصغاري.. وقبل أن تنقض علي القطة السوداء قفزت مباشرة نحو النافذة تاركا القطة خائبة الأمل ورجلا ممدا فوق السرير بلا حراك.. وصوت حبيبتي يقودني إلى عشي السعيد.. فحلقت بعيدا تاركا ورائي النافذة مفتوحة..
__________________
وها أنت تمارسين الصعب
وتتركين لي ذلك.. المستحيل.




#اليمين_أمير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر النسيان.. ( ما لم تقله شهرزاد )
- الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )
- حالة ضياع.. قصة قصيرة
- مجرد دخان.. قصة قصيرة
- النرجيلة.. قصة قصيرة


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - النافذة.. قصة قصيرة