أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )














المزيد.....

الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )


اليمين أمير

الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 05:04
المحور: الادب والفن
    


خرجت من المقهى وأنا أحمل في مخيلتي فكرة رائعة.. لو تجسدت في قصة لكانت أجمل ما كتبت في حياتي.. بدأت تلك الفكرة تتخمر في ذهني وأنا أجوب الشارع الطويل الممتلئ بالقناديل الداكنة والمصابيح المكسرة، فرحت أهرول كي أصل بسرعة إلى بيتي لأزرع ذلك الإلهام فوق صفحة من صفحات كراستي.. وقد كنت أردد بعض الكلمات التي راودتني في الطريق حتى لا أنساها، وحال وصولي البيت أسرعت إلى غرفتي وبحركة خفيفة سحبت كراستي من فوق طاولتي ورحت أتخيل المشهد كاملا فوق إحدى صفحاتها البيضاء.. ثم أدخلت يدي في جيبي لأخرج قلمي الأسود الذي لا يفارقني.. لكنني فوجئت بعدم وجوده في مكانه فقلت في نفسي ربما أكون قد نسيته فوق الطاولة أو في الدرج أو في أي مكان من الغرفة، غير أني لم أعثر له على أي أثر، انتابني قلق مضطرب فرحت أقلب الأشياء وأفتش عنه في كل جزء من أرجاء الغرفة بلا جدوى.. وفجأة تذكرت صديقي وتذكرت أنني قد أعطيته قلمي حينما كنا في المقهى، وقد أخبرني ساعتها بأنه أراد أن يكتب الليلة الماضية قصيدة جميلة جدا.. لكنه لم يعثر على قلم في بيته، وراح يبحث طيلة الليل عن قلم ليكتب قصيدته دون جدوى إلى أن ضاعت منه فكرته التي هبطت عليه وحيا من السماء أو كما قال.. رحت أنا بدوري أبحث عن شيء أخط به قصتي لألا تضيع فكرتي هي الأخرى، لكن الحظ كان مكبلا في مكان ما بعيدا عن هذا الجو المحيط بي.. وأنا أبعثر الأشياء في جنون كمن يبحث عن جمجمته وسط ركام من العظام.. فكرت أن ربما لو أنني ذهبت إلى بيت صديقي واستعدت قلمي لكان أحسن.. ولكن الوقت متأخر جدا ومنزله أبعد من أن تصله مترجلا في وقت قصير.. كذلك تذكرت حظر التجول المفروض منذ أيام عقب الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد. ورأيت أنه من غير اللائق أن أهاتفه في ساعة متأخرة كهذه من أجل مجرد قلم.. وبينما أنا على تلك الحال إذ صادفني قلم حبر جاف التقطه بسرعة خاطفة كالصقر حينما يقتنص فريسته، وسحبت مباشرة ورقة من تحت الركام الذي كنت قد أنشأته تلك الليلة. لم يخيبن ذلك القلم الأحمر رغم أني كنت أبغض هذا اللون بشدة إلا أني مضطر غير باغ ولا عاد.. كتبت العنوان كاملا بلون كالدم العربي المستباح، لكن القلم أعرض عن كتابة أي حرف آخر وتوقف في هدوء رهيب كأنه جريح نزف آخر قطرة من دمه.. حاولت أن أسعفه كما الأطباء ولكن دون جدوى.. جفت الأقلام وطارت الصحف.. تذكرت أحد الأصدقاء المبدعين كيف رحل عنا وهو ينزف دمه قطرة بعد أخرى دون أن يجرأ أحد على إسعافه، تذكرته فراحت دموعي تسقي تلك الورقة البيضاء علها تنبت حروفا تشكل حقلا من الكلمات لفكرتي التي بدأت تتلاشى من مخيلتي كأنها تريد الرحيل إلى ذهن رجل آخر يملك العديد من الأقلام والكثير الكثير من السلم والأمان..
بت تلك الليلة جالسا على الكرسي أحدق في تلك الورقة إلى أن غابت عن وعيي كل الأشياء.. في الصباح استفقت على ألم شديد في رأسي وتشنج في عضلاتي، فاحترت كيف أنني تركت سريري ونمت على الكرسي ليلة كاملة، ورغم أنني لم أتذكر ما حدث تلك الليلة إلا أني كنت متيقنا أنه شيء هام جعلني أنام جالسا وأشعر بهذا الألم الحاد في رأسي وهذا النوع الغريب من الضياع.. خاصة حينما رأيت ورقة أمامي فوق الطاولة مكتوب عليها - بذلك اللون الذي أمقته حد الوجع - الفكرة الرائعة.. وبعض النقاط المبعثرة كقطرات الندى..




#اليمين_أمير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة ضياع.. قصة قصيرة
- مجرد دخان.. قصة قصيرة
- النرجيلة.. قصة قصيرة


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اليمين أمير - الفكرة الضائعة.. ( قصة قصيرة )