أولُ غيث أكاذيب ولاية الفقيه

صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2687 - 2009 / 6 / 24 - 09:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لم تمض إلا بعض الأيام القلائل على تكليف المرشد الأعلى لولاية الفقيه علي خامنئي مجلس صيانة الدستور بمراجعة نتائج الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ، وشروع هذا المجلس قبل ثلاثة ايام بهذه المراجعة التي جاءت نتائجها الأولية كصاعقة نزلت على كثير من عمائم قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأول هذه العمائم هي عمامة المرشد الأعلى نفسه . ففي يوم الجمعة الماضي أعلن المرشد الأعلى هذا في كلمته بأنه لا يمكن ان يتم أي عمل تزوير في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأن أساس العمل الجاري في هذه الجمهورية يتم حسب المبادئ الإسلامية التي لا تسمح بالتزوير . وعلى هذا الأساس إعتبر علي خامنئي نتائج الإنتخابات نتائج صحيحة واعتبر مرشحه احمدي نجاد هو الفائز في هذه الإنتخابات ، ولجأ إلى التهديد والوعيد لأولئك الذين لا يعترفون بذلك وإلى " ألمشاغبين " الذين يريدون إثارة القلاقل والفتن في المجتمع الإسلامي الواحد وكرر ألإسطوانة المشروخة بعمالة هذه الآلاف التي خرجت إلى الشوارع منددة بنتائج هذه الإنتخابات طالبة إلغاءها ، وتعاملهم مع الإستعمار والصهيونية ضد الإسلام ، فهنيأً للإستعمار والصهيونية على قدرتهما هذه على كسب هذه الملايين من العملاء في الجمهورية الإسلامية .... !!!
لقد تناقلت أخبار اليوم بعض الحقائق التي توصل إليها مجلس صيانة الدستور خلال مراجعته لنتائج هذه الإنتخابات وثبت لديه بأن هناك خمسين مركزاً إنتخابياً وُجدَت فيها إستمارات إنتخابية معبأة من الناخبين أكثر من العدد الرسمي للناخبين في كل مركز من هذه المراكز ، بحيث بلغ عدد الأصوات الزائدة المُعطاة في مجموع هذه المراكز أكثر من ثلاثة ملايين صوت . هذا ما تبين في هذه الأيام القلائل فقط ، فكيف سيكون الأمر إذا ما إستمر هذا العمل ومورس بنزاهة وجدية ...؟ كل الدلائل تشير إلى وجود مئات المخالفات الدستورية وعمليات التزوير التي تمت لصالح مرشح المحافظين أحمدي نجاد . لقد شملت الإعتراضات التي قدمها موسوي وكروبي 646 إعتراضاً معروفاً ومسجلاً بوقائع لا تقبل الشك ، وقد يكون الخافي أعظم . وما تم التعرف عليه اليوم في خمسين مركز إنتخابي قد يكون ظاهرة شملت الآلاف من المراكز الإنتخابية الأخرى . وعلى هذا الأساس تم حساب نسبة الناخبين المشاركين فعلاً في الإنتخابات والتي أُّعلن عنها رسمياً على أنها بلغت أكثر من 80% من مجموع الناخبين . وعلى هذا الأساس أيضاً تم حساب الأحد عشر مليون صوتاً باعتبارها الأصوات التي فاز بها أحمدي نجاد زيادة على الأصوات التي حصل عليها أقوى منافسيه موسوي . واستناداً إلى هذا التزوير في عدد الأصوات بنى المرشد الأعلى خامنئي فرضيته القائلة " بأن أحد عشر مليون صوت لا يمكن أن تكون موضع شك أو جدال، إذ لو كان الأمر يتعلق بعشرة أو خمسين أو مئة ألف صوت ، لقلنا بأن هناك خطأً في الحساب ، أما أحد عشر مليون صوت زيادة فهذا أمر لا يمكن أن يشك به أحد " كما قال المرشد الأعلى نفسه. فماذا تقولون الآن...مولانا...حول حجم التزوير في جمهوريتكم التي وضعتموها موضع القدسية والنزاهة التي لا تعرف التزوير ولا تلجأ إلى الطرق الملتوية حيث أن ذلك مخالف لتعاليم الإسلام الذي تعتقدون بانكم تتمسكون بها ، وما هي إلا تعاليمكم والإسلام منها ومنكم ومن أكاذيبكم على الناس براء . تماماً كما يلجاّ إلى التلفيق والكذب والتزوير واللصوصية والسلب والرشاوي وكل المفاسد بعض فقهاء السلاطين في العراق وكذلك بإسم هذا الدين أيضاً الذي أُبتلي بهذه النماذج القبيحة وكأنهم تعلموا هذه الممارسات من أسيادهم الذين دربوهم سنين طويلة على ذلك أثناء إحتضانهم لهم لعشرات السنين في الجمهورية التي يسمونها إسلامية . وها نحن نرى إلى أي موقع من مواقع الفساد المالي والإداري أوصلت هذه التربية الملائية وطننا اليوم . ولم يكتف فقهاء السلاطين بالعراق بهذا الموقع السحيق المتخلف الذي هم فيه الآن ، بل انهم لا زالوا يريدون الإقتداء بمثلهم الأعلى ولاية الفقيه التي بدأت تفضح نفسها بنفسها .
في عملية حسابية بسيطة إذن يمكن فضح هذين الكذبتين ، كذبة نسبة المشاركة وكذبة الفوز الساحق لمرشح المحافظين أحمدي نجاد . إذ أن خمسين مركزاً إنتخابياً فقط ألغت ثلاثة ملايين من الأصوات الموضوعة في صناديق الإقتراع ، فكم من الملايين من ألأصوات ستلغي الآلاف الأخرى من المراكز الإنتخابية في جمهورية ولاية الفقيه الإسلامية جداً ، إذا ما إستمر التحقيق في نتائج الإنتخابات على هذه الوتيرة فعلاً وعدم التراجع عن ذلك مستقبلاً خوفاً من النتانة التي سيكشف عنها رفع الغطاء عما تستره أجهزة هذه الدولة من إنتهاكات طالما تحدثت عنها وسائل الإعلام العالمية والمتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وملاحقة المفكرين وملئ السجون بذوي الأفكار التي لا تتفق والفكر الثيوقراطي المتخلف لفقهاء ولاية الفقيه والإعدامات التي تم تنفيذها بالكثير من الرجال والنساء لأسباب إختلقتها أجهزة مخابرات وأمن وشرطة وحرس الثورة الجمهورية الإسلامية ألإيرانية وتعطيل الصحافة الحرة وقمع الحركات الطلابية والعمالية ونشر الإنحطاط الأخلاقي وتعاطي المخدرات والكثير الكثير من مساوئ هذا النظام المتخلف الذي لم تستطع أجهزته بالذات ستر هذه القباحات التي تجلت على أبشع صورها في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ، وما الكشف عن عملية التزوير هذه التي جرت في هذه الإنتخابات إلا أول الغيث من الأكاذيب التي ستنهمر يوماً بعد يوم ، وإن غداً لناضره قريب .
الدكتور صادق إطيمش

#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات