أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - - أشو ياهو التكضه صار صدام.......وأكو صدام بس لابس إعمامه -















المزيد.....


- أشو ياهو التكضه صار صدام.......وأكو صدام بس لابس إعمامه -


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2673 - 2009 / 6 / 10 - 10:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" أشو ياهو التكضه صار صدام
وأكو صدام بس لابس إعمامه "
هذا بيت من قصيدة شعبية رائعة عبر فيها الشاعر ، الذي اجهل إسمه مع الأسف الشديد ، عما يخالج صدور الناس في وطننا وما يدور بخلدهم من أحاديث تصاحبها الحسرات على ما آل إليه الوضع في عراق ما بعد البعثفاشية الذي كان الشعب ينتظر خيراً منه ، فإذا به أصبح بلاءً على كثير منهم الذين يرون اليوم الدكتاتور أمامهم ولكن بعد ان خلع زيه الزيتوني وارتدى الجبة والعمامة وزين أصابعه بالخواتم الفضية ووشم جبهته بسيماء السجود . يمكن الإستماع إلى القصيدة على الرابط :
http://www.metacafe.com/watch/2311068/2/
وكأن سقوط البعثفاشية وحكمها الدكتاتوري المقيت أصبح نقمة على هذا الشعب لا رحمة له بعد أن تكالبت أحزاب ألإسلام السياسي الطائفية على الحكم وكل من إصطف إلى جانبها من العناصر القومية المتطرفة وذوي ألأفكار المتخلفة وحتى بقايا الدكتاتورية التي وجدت في تقاتل هذه ألأحزاب على وراثة السلطة خير منفذ لها تستطيع من خلاله العودة من جديد إلى التحكم بمقدرات البلاد والعباد . وبالرغم من هذا ألتكالب على السلطة من الفئات الطائفية وجعل الشعب العراقي كبش فداءها في هذا التوجه ألإجرامي المقيت , فإن كثيرآ من الناس لم ينظر إلى إقتتال الطائفيين بعضهم ببعض على أنه حرب أهلية , أي أن ألإنسان العراقي لا ناقة له في هذا ألإقتتال الطائفي ولا جمل . وكان التوجه العام السائد هو التمسك بوحدة الوطن بالرغم من بدء ضمور ظهور الهوية العراقية وإحلال الهوية الطائفية أو القومية أو العشائرية أو المناطقية بدلاً عنها .
وبعد مرور أكثر من ست سنوات على سقوط الصنم ، هذه السنوات التي لا يمكن وصفها إلا بالعجاف ، لا يجد ألإنسان العراقي إلا كثيرآ من ألأسئلة وقد إرتسمت على محياه، بعد أن أثبت في عدة مواقف تحديه للإرهاب والإرهابيين وأعلن عن طموحه في السير بالعملية السياسية التي أرادها القائمون على أموره أن تكون عملية إستئصال صبر هذا الشعب والقفز على طموحاته حينما تخلت أحزاب ألإسلام السياسي حتى عن وعودها نفسها التي وعدت فيها الناس حينما طرحت قوائمها ألإنتخابية أمام الملأ . لقد تحجج القائمون على شؤون الناس في وطننا بحجة الإرهاب والإرهابيين كسبب مباشر لعرقلة التطور الذي كان يرجوه الناس . واستبشرنا خيرآ بتراجع ألإرهاب الذي أشارت إليه هذه ألأحزاب نفسها . إلا أن هذه الفرحة العابرة كانت عابرة حقاً حينما حلت هذه ألأحزاب محل ألإرهابيين في إرهابها للناس والإعتداء على كراماتهم وتهديدهم بشتى وسائل التهديد الذي يصل إلى القتل ما لم يمتثل المواطنون لأوامرهم ويطيعون قراراتهم . فماذا تريد هذه ألأحزاب التي تلهج بالدين وتعمل للسياسة ، تقول ولا تفعل ، توعد ولا توفي بوعودها التي كثرت حتى فقدت مصداقيتها بين عامة الناس . يخرج زعماء هذه ألأحزاب على الناس كرجال سياسة ويطلبون معاملتهم كرجال دين لا يحق لأحد إنتقادهم ، ولو فعل إنسان ذلك فيصورونه وكأنه هاجم الدين بشخص رجاله هؤلاء ، وبذلك يحل دمه وماله . أسئلة وأسئلة ترتسم على الشفاه تفتش عن تفسير لتصرفات بعض القائمين على أمور البلاد والعباد من قادة ألأحزاب ألإسلامية الدينية ألعراقية بشقيها الشيعي والسني والذين وجهوا احزابهم وجهة التمحور الطائفي والإقتتال المذهبي الذي جرّ البلاد إلى الوضع التي هي فيه الآن . المعاناة التي يعانيها الشعب العراقي اليوم تنهال عليه من عدة جبهات تخصصت جميعها في تنفيذ جرائمها ضد هذا الشعب , الذي جردوه من كل مقومات ألحياة الإنسانية في القرن الحادي والعشرين من عمر البشرية . وحوش بشرية تنهال عليه كصيد لا حول له ولا قوة. وبالرغم من تناقض المصالح الذي يسود صفوف هذه الجبهات ، إلا انها تشترك جميعآ بالوسيلة التي توظفها لتحقيق ما تصبوا إليه على حساب الملايين المحرومة البائسة . إنها وسيلة الدين والتجارة به كسلعة يتبادلونها في أسواق الإنتهازية والوحشية والجريمة .
لقد وصل توظيف الدين لتحقيق الأهداف السياسية إلى درجة إقتتال أهل الطائفة الواحدة فيما بينهم ، في الوقت الذي كانت تُعرض ألأمور على الملأ وكأن ألإقتتال يجري بين الطوائف المختلفة . ألإقتتال بين أبناء الطائفة الواحدة الذين يسخرهم ألإسلام السياسي لأغراضه دليل واضح آخر على أنهم لا يتقاتلون على خلاف ديني ، بل على خلاف في إقتسام الغنائم وإغتصاب قوت الجماهير وسرقة ممتلكات الشعب .
إن ما يجري بالعراق اليوم لا يشذ عن هذا النمط الذي أصبح قاعدة ترافق هذا النوع من التوجه السياسي الذي يربطه مؤسسوه بالدين ألإسلامي . فأحزاب الإسلام السياسي والمنظمات ألإسلامية داخل السلطة وخارجها أثبتت من خلال الوضع الذي تبلور على الساحة العراقية خلال السنين الست الماضية من وجودها على قمة السلطة السياسية بأن تحقيق مشروعها السياسي مرتبط بالعنف والإكراه , بحيث برهن القائمون على هذا المشروع بأنهم لا يختلفون في نهجهم هذا عن أشباههم من القائمين على مشاريع الإسلام السياسي ألأخرى خارج العراق ، حتى وإن إختلفت أساليب القتل والعنف والنهب والسلب من مشروع إلى آخر .
إنهم جميعأً يدعون إنتسابهم إلى ألإسلام ، لا بل إلى المذهب الواحد ، ولا يكفون عن تكرار مقولة وحدة ألإسلام أينما تواجد أتباع هذا الدين في العالم ، إلا أنهم عاجزون تماماً عن تحقيق وحدة أبناء الوطن الواحد الذي يشكل المسلمون الغالبية العظمى من سكانه ,كسكنة العراق مثلاً ، ناهيك عن تحقيق وحدة المنتمين إلى المذهب الواحد من هذا الدين والمرتبطين ببعضهم البعض ليس إرتباطا دينياً فحسب ، بل وعائلياً واجتماعياً ومهنياً وقومياً أيضاً . إن عجز ألإسلام السياسي هذا عن تحقيق أبسط مفاهيم الدين الذي يريد تمثيله على مختلف الأصعدة الوطنية والمتمثلة بوحدة الهدف إنطلاقاً من القناعة بوحدة الدين ، إن هذا العجز إن دل على شيئ فإنما يدل على كذب ونفاق ودجل جميع القائمين على محاولة تحقيق هذا المشروع حينما يجعلون الدين طريقهم لقتل أبناء الدين الواحد الذي يتبجحون بالإنتماء إليه ، وحينما يسعون إلى تقاتل أبناء الطائفة الواحدة ، وكل فريق منهم يبرر قتله للآخرين من أبناء دينه وطائفته بأنه الممثل الشرعي الوحيد والصحيح للدين ، وإن ما سواه على ضلال مبين ، وتظل الناس حيارى بين هذا وذاك لا تدري إلى أين . كما ويدل هذا الإقتتال ايضاً ، وبما لا يقبل أدنى شك ، بأن هدف القائمين على مشاريع الإسلام السياسي هو هدف سياسي بحت وليس دينياً قط . إنه هدف سياسي ألبسوه لباس الدين ليمرروا تحايلهم على البسطاء من الناس المتعلقين بدينهم حقاً في مجتمع كالمجتمع العراقي عانى عقوداً من ألإضطهاد والحرمان والقهر والتعتيم المعرفي ولإنفتاح ألإعلامي الذي جعله كالغريق الذي يتشبث بكل ما تقع عليه يداه .
لقد أثبت القائمون على تنفيذ مشروع ألإسلام السياسي بالعراق أن المكاسب الشخصية البحته من مال وجاه ومميزات لم يكونوا يحلمون بها ، تأخذ الموقع ألأول ضمن أولوياتهم , يلي ذلك وضمن المرتبة الثانية من هذه الأولويات ألأهل والأقارب والعشيرة , أي صلة الرحم كما يسمونها, مبررين ذلك دينيآ أيضآ بمقولة ألأقربون أولى بالمعروف , إذ أن سرقة أموال الوطن والتلاعب بمقدرات الرعية من قبل القائمين على هذه الرعية يقع ضمن أعمال المعروف , حسب فتاواهم . ثم يلي ذلك وفي المرتبة الثالثة من أولوياتهم الحزب أو الجماعة التي أوصلتهم إلى هذا الموقع بغض النظر عن سلوكية وتاريخ وأخلاق أفراد هذه الجماعة التي تضمن لصاحب الجاه هذا أمنه وحمايته ونفوذه مقابل الجماعات الأخرى المنافسة , نعم المنافسة في توظيف الدين . وهنا لا تلعب حتى الطائفة أي دور ولا يفرز حتى ألإنتماء الطائفي أي عامل يحدد إستعمال الوسيلة الناجعة للتخلص من هذا الخصم أو ذاك قتلآ أو إختطافآ أو أية وسيلة مشابهة أخرى. المهم في ألأمر أن تؤدي هذه الوسيلة إلى ملئ خزانة الحزب لتكون عصاباته المسلحة مؤهلة في أي وقت للتخلص من منافسيه ألآخرين سواءً من الطائفة نفسها أو من خارجها من التنظيمات ألإسلامية ألأخرى , ويجوزون " شرعآ " إستعمال هذه الوسائل ضد التنظيمات غير ألإسلامية أيضآ . وفي المرتبة الرابعة من ألأولويات يقف ألإنتماء الطائفي ليشكل العامل المشترك مع الشركاء الآخرين في النهب والسلب والقتل والإختطاف .
فبإسم الطائفة تقام حفلات النصر على أعداء الدين والمذهب وبإسم الطائفة تُخلق المناطق المُغلقة ويجبر الجار على التنكر لجاره والصديق لصديقه والزميل لزميله وربما الزوج لزوجته أو بالعكس , فللدين الطائفي هذا ضرورات تبيح المحظورات حسب الفقه المعمول به عمومآ في هذه ألأيام , يجري فيه سحب العام على الخاص وكفى ألله المؤمنون ألإيمان بالطائفة دون سواها . وفي سياق هذه الأولويات تفتش عن شيئ إسمه الوطن وقد تجده أيضآ , ولكن كمن يجد ألأوراق المهملة في سلة المهملات , قد يمكن ألإستفادة منها يومآ ما كما يُستفاد من ألأوراق المهملة كمسوَّدات تُستعمل في ظرف إنتخابي طارئ أو نقاش تجاري عابر أو لأي غرض آخر شريطة أن لا يمس بجوهر ألأولويات التي ليس لمصطلح الهوية العراقية موقع فيها , وإن تجرأ أحد على النطق بها أمام دهاقنة ألإسلام السياسي فما هو إلا عَلماني كافر أو متآمر على الدين وأمته أو مجنون يهذي بمصطلح لا يقره الدين الذي لا وطن له ، حسب تخريجاتهم.

القتل والخطف والتهجير والحرمان والبطالة والأمراض والفقر والجوع والظلام الدامس والبرد القارص والحر القاتل والخدمات المُعطلَة والمحروقات المسروقة والرشوة المستشرية والمحسوبية العشائرية والمناطقية والبسمة الغائبة عن الوجوه والحزن والكآبة التي عمت النفوس والهجرة المتواصلة خارج الوطن......والمزيد المزيد من المآسي المنظورة والمخفية.... يعبر عنها هذا الشاعر بقصيدته الرائعة .فهل كل هذا من عمل التكفيريين ألأوباش والمجرمين من حثالات البعثفاشية التي لفظها الشعب شر لفظة ......؟ إن كان ألأمر كذلك حقآ فماذا أنتم فاعلون أيها السيدات والسادة الحاكمون....؟ أين ما وعدتم به الناس حينما ربطتم قوائمكم ألإنتخابية بتلك ألآيات والأحاديث التي تلوتموها على الملأ صباح مساء واعدين مَن ينتخبونكم ليس بحياة النعيم على ألأرض فقط , بل وبجنات السماء أيضآ , إذ جعلتم إنتخابكم عبادة وإنتخاب غيركم كفراً, وها أنتم تكفرون أشد الكفر بمن وضع ثقته بكم وتتنكرون لمن إرتجى بكم خيرآ وبمعسول كلامكم أملآ . لقد فشلتم وفشل معكم مشروعكم الطائفي من أي مذهب كان ولأي مدرسة دينية انتمى . كم من الضحايا تتنتظرون , بعد كل هذه الدماء العراقية , لتثبتوا لأنفسكم فشل الطائفية التي تبناها إسلامكم السياسي تمامآ كما فشل الذين من قبلكم في مشاريع إسلامهم السياسي . فمتى تتعظون وتعقلون ...؟ ألناس تريد الحياة على ألأرض اليوم ولم تعد تلتفت أقل إلتفاتة إلى وعودكم بمنحها حياة السماء .
إن ما يمر به الوطن وما يعاني منه الشعب تحت هذه الظروف العصيبة التي ساهمتم بخلقها ، ما هو إلا نتيجة للهجمة الشرسة التي يوجهها أعداء الشعب والوطن القدامى منهم والجدد . ولكم ألخيار في أن تضعوا أنفسكم , يا قادة ألإسلام السياسي بالعراق , بين أي من هؤلاء الأعداء حتى وإن إستمر كذبكم على الملأ في مقابلاتكم التلفزيونية وخطبكم الرنانه التي تتنصلون فيها اليوم عن الطائفية والمذهبية والعشائرية والقومية الشوفينية والمناطقية , كما تنصل بعضكم عن البعثفاشية بالأمس , وأنتم تمارسون ألإثنين فعلاً وواقعاُ ، والدماء التي سالت ولا زالت تسيل على أرض وطننا منذ أكثر من ست سنوات خير دليل على ذلك .
لم تكن عصابات القاعدة وفلول التكفيرين وكل من إنخرط في عصابات هذه التنظيمات ألإجرامية بقادرة على تنفيذ الكثير من مخططاتها ألإجرامية ما لم تُمهد لها الطريق الثغرات التي أوجدها إقتتال القائمين على أمر البلاد والعباد بالعراق من أحزاب الإسلام السياسي حيث تبنت خلال السنين الست الماضية أعمالاً لا تقل عن أعمال القاعدة جرمآ وتحاكيها في تخلفها الفكري وبدائيتها وتسويقها الرخيص لبضاعة الدين في أسواق تجارتها الطائفية وعلى حلبات صراعاتها المذهبية وفي أروقة محاصصاتها السياسية وعلى ربوع الإنتماءات العشائرية والقومية الشوفينية , بين أحزاب وكيانات , أغلبها حكومية , وهذه هي الطامة الكبرى , جعلت من عصاباتها السائبة المنظمة منها والتي تعمل لحساب هذا التنظيم السياسي الحكومي أو ذاك أو تلك التي تعمل على شكل " مقاولات " إنفرادية لحساب هذا السياسي البرلماني أو ذاك , جعلت من هذه العصابات أشباحاً ملثمة تجوب الشوارع لتقتل وتختطف وتذبح من لا يروق عمله أو منظره أو إعتقاده لسيدهم وقائدهم ومرجعهم وإمامهم , وما أكثرهم في هذه الأيام العجاف ، وكما وصفهم الشاعر أعلاه : " ياهو التكضه صار صدام " وكأن ظهورهم الكثيف والمفاجئ هذا قد إرتبط تاريخيآ أو عن طريق الصدفة بسقوط البعثفاشية , ألله أعلم . فكان القتل والإعتداء والتخريب والإذلال من نصيب الحلاقين وبائعي المسجلات الغنائية وبائعي المشروبات الروحية والنساء السافرات , وذوي ألإختصاصات العلمية والطبية من أساتذة ومفكرين ومثقفين وفنانين , ثم التهجير القسري للعوائل وتفكيك البنى ألإجتماعية التي صبغت المجتمع العراقي بتلك ألألوان الزاهية للفسيفساء العراقي الجميل ،فتحولت ألمقرات الدينية إلى بؤر للتخريب ومراكز للتخطيط لنشر الرعب والجريمة وجعلت من المنائرمواقع لقناصتها ومن غرف المساجد مخازن لأسلحتها ومن المناسبات الدينية فرصآ لنشر سمومها وتسويق بضاعتها التي سمَّتها الدين الذي لا دين غيره والطائفة الناجية التي لا يحق لغيرها الوجود ، ثم زادت على توجهها هذا الوكالة على تدَّيُن الناس , هذه الوكالة التي لم يسمح بها الدين الحق لصاحب الرسالة نفسه حينما قال له " وما أنت عليهم بوكيل" .
لقد أدّت جرائم هذه العصابات البدرية والمهدية والعمرية والمحمدية وكل العصابات التي تسترت بالإسلامي أو ألإسلامية خلف أسمائها إلى ما يعيشه الوطن وأهله اليوم من سوء ألأوضاع المعاشية وانعدام الخدمات العامة وفقدان ألأمن والتكالب على المناصب واستشراء الفساد الإداري ونهب خيرات الدولة وانتشار العصابات السائبة وتفشي المحاصصات بين الأحزاب الدينية التي سيطرت على السلطة السياسية والإثراء السريع الفاحش لبعض الرموز الحاكمة اليوم بعد أن كانت بالأمس لا تملك شروى نقير واستغلال الإنتماء الطائفي لخلق دكتاتورية معممة أو محجبة والإهمال المتعمد للجماهير الكادحة الفقيرة التي عانت الويلات من النظام البعثفاشي المنهاروخدع الجماهير بالشعارات الزائفة التي إستغلت التعلق الفطري لكثير من الجماهير الشعبية الكادحة بالتعاليم الدينية التي جعلتها إحدى ملاذاتها ضد الجور والظلم والدكتاتورية في عهودها المختلفة , ونشرت ألأفكار الظلامية من خلال ألأبواق المعممة الجاهلة التي تُسوِق الدين كما يمليه عليها فكرها البدائي , إذ أنها لا تفقه من الدين الحق شيئآ والتلاعب بمشاعر الناس من خلال الوعود الكاذبة التي ما زال المواطن بانتظارها , إلا أنه يفقد الأمل بالحصول عليها يومآ بعد يوم والدماء التي تسيل في شوارع الوطن المستباح , وسوف يطول بنا الحديث ويطول جدآ إذا ما أردنا التطرق إلى كل " منجزات " ألأحزاب الدينية العتيدة السنية منها والشيعية التي سيطرت على أمور البلاد والعباد في السنين ألست الماضية بعد سقوط البعثفاشية المقيتة . إلا أننا نعود ونقول بأن ذلك كله قد قادنا , أرضيت ألأحزاب الدينية الطائفية الحاكمة أم أبت , إلى تمزيق الهوية العراقية وتشذيبها إلى هويات بائسة تافهة تخلت عن العراقي لتضع مكانه الطائفي أو العشائري أو القومي أو المناطقي , الهويات المتعددة هذه التي نشرتها ألأحزاب السياسية الدينية جميعآ على الساحة العراقية والتي أخذت تتعامل معها كبديل عن الهوية العراقية التي أصبح تمزيقها وتشتيتها سهلآ على ألعصابات ألسائبة . وعلى هذا ألأساس فإن التبريرات التي يرددها البعض بجعل الإرهاب التكفيري القاعدي الطالباني البعثفاشي هو المسؤول وحده عن هذا الوضع المأساوي الذي يمر به وطننا وأهلنا, لا تصمد أمام الحقائق التي تشير إلى الظروف التي خلقتها أحزاب المحاصصات الدينية الطائفية بمختلف توجهاتها والتي مهدت الطريق لهذا ألإرهاب أن ينفذ مشاريعه ألإجرامية هذه بحق الشعب والوطن . .

هذا ما جناه الشعب العراقي من التجارة الجديدة بالدين بعد ست سنوات من سقوط التجارة القديمة بالدين من خلال الحملة ألإيمانية التي بدأتها البعثفاشية وانتهت بنهايتها . إلا أن تجار الدين الجدد يحاولون اي يعيدوا مجد هذه الحملة البعثفاشية . فإلى أين تسير بنا اليوم هذه التجارة الجديدة بالدين ...؟ وهل لهذه البضاعة الكاسدة نصيبآ من الرواج بعد كل هذا ألإنحطاط الذي تواجهه أسهمها في سوق البورصة العراقية الشعبية الكادحة المنسية والمتروكة بين مطرقة ألإرهاب التكفيري البعثفاشي وسندان الطائفية والعشائرية والقومية الشوفينية والمناطقية وكل عصاباتها المسلحة ...؟
لقد بدأت هذه الكارثة منذ عهد الحكومة ألأولى التي كان الشعب يرجو منها خيراً ، لاسيما وإنها جاءت بعد سقوط ديكتاتورية مقيتة تسلطت على خيرات الوطن لأربعة عقود من تاريخه الحديث . إلا أن كثيراً من أعضاء هذه الحكومة وجدوا في إشتراكهم فيها فرصتهم النادرة التي لابد من إقتناصها للإثراء على حساب الوطن وأهله وإعماره ومساعدة المحرومين والبؤساء فيه , وهم الكثرة الكاثرة التي خلفتها البعثفاشية . فاختلسوا وسرقوا ونهبوا الملايين وهربوا خارج الوطن حيث " ينعمون " الآن بسرقاتهم هذه ولا من مُطالب بكل ما سرقه ه هؤلاء ، ولا أي إجراء جدي لملاحقتهم ومحاسبتهم قضائياً على سرقاتهم هذه . وبعد أن جرت ألإنتخابات التي إنبثقت عنها أول حكومة منتخبة من الشعب ، وبعد أن نجحت أحزاب الإسلام السياسي في توظيف الدين لقوائمها ألإنتخابية وحصلت ما حصلت عليه من ألأصوات التي أناطت بها مسؤولية الحكومة الجديدة ، كان تفكير الناس مُنصّباً على نوعية هذه الحكومة التي سوف تباشر طريق ألإعمار واستثمار خيرات البلد لصالحه وصالح أهله . ولم يجر التفكير على أن حكومة هؤلاء المتدينين ستسمح بسرقة المال العام ، ناهيك عن ألإشتراك في هذه السرقات والتواصل في تفعيلها بزخم أكثر مما كان الحال عليه في زمن الحكومة ألأولى . وسبب مثل هذا التفكير بسيط جداً ، حيث أنه ينطلق من أن سرقة المال العام لا تجوز دينياً وتقع ضمن أعمال الحرام التي من المفروض أن يخشاها ويتجنبها رجال الدين الذين إستلموا مهام السلطة الجديدة والحكومة الجديدة . إلا أن ألرياح التي جاءت بها هذه الحكومة المتدينة في أغلب مفاصلها لم تنسجم وطموحات الشعب ومصالح الوطن . فتحول رجل الدين الثابت المبادئ والقيم إلى رجل ألسياسة المتقلبة ألأهواء والأجواء التي تُجيز السرقات أحياناً والكذب أحيانآ أخرى ، وتجد لها التفسيرات والتبريرات المناسبة في ألأوقات المناسبة . وإذا بالأحزاب الدينية ترعى ما يريد أن يحققه منتسبوها من إغتنام هذه الفرصة التي قد لا تعود مجدداً . وبما أن أحزاب الإسلام السياسي أصبحت تتكاثر يومياً فذلك يعني بالضرورة قلة وارد السرقات حينما يجري توزيع منابعها على عدد يزداد يوماً بعد يوم . معادلة حسابية بسيطة جداً ، وحل رموز هذه المعادلة لا يحتاج إلى عناء كبير. وهنا لابد من اللجوء إلى إلغاء واحد أو أكثر من أطراف هذه المعادلة كي يتناقص العدد المستفيد من هذه السرقات ، إذ أن ألأمر قد تعدى مرحلة الفتاوى ولم تعد تعاليم الشريعة تنسجم وهذا الكم المتزايد من التجمعات الدينية التي يدعي كل منها بأنها الفرقة الناجية . ألقتال إذن لحماية موارد السرقات ، ولا يهم مَن ضد مَن ، بل المهم ملئ الجيوب والإثراء السريع وزيادة الحسابات المصرفية والعقارات العالية داخل وخارج الوطن .
ألإحصائيات التي كشفت عنها تقارير لجنة النزاهة تشير إلى مدى " إلتزام " أحزاب الإسلام السياسي بالشعارات الدينية التي وظفوها للدعاية لقوائمهم ألإنتخابية . فمن ناحية عدد حالات السرقات المرصودة رسمياً والمثبتة بأدلة إستطاعت اللجنة بموجبها إحالة هذه القضايا إلى القضاء لمعاقبة الحرامية من أحزاب ألإسلام السياسي والتي بلغت أكثر من ثلاثة آلاف قضية , لم يجر إلفصل سوى بجزء يسير منها. وإن حالات السرقات هذه موَزعة بين مختلف الوزارات التي يسمونها سيادية وهي من حصة ألأحزاب الدينية بمذهبيها السني والشيعي . وتقدر مجموع المبالغ المسروقة من الدولة من قبل القائمين على هذه الوزارات بعشرات الملياردات من الدولارات ألأمريكية ،
وحسب إحصائيات لجنة النزاهة فإن هذه التقارير " لم تستوعب قضايا الفساد جميعها فهناك قضايا كثيرة لم يتم إدراجها لأسباب متعددة منها عدم إكتمال ألأدلة ، ومنها إختفاء ملفات , وهذا لا يعكس ايضاً النطاق الكامل للفساد في مجال النفط ، بما في ذلك قياس الإحتيال والسرقة والتهريب " هذا بالإضافة إلى كثير من المعلومات التي تضمنتها هذه التقارير، والتي تشير إلى عدد كبار المسؤولين المشاركين فعلاً بهذه السرقات أو المتسترين عليها .
يقول المثل " إذا عُرف السبب بطُل العجب " فهل من عجب إذا ما رأينا أحزاب الإسلام السياسي تتقاتل فيما بينها وتُنظم جيوشها الخاصة بها على شكل مليشيات تخضع لإرادة قائدها في كل صولاتها وجولاتها وسرقاتها واعتداءاتها على الناس وقتلهم وتهجيرهم واختطافهم واستنزافهم وإجبارهم على القيام بهذا العمل أو ذاك وكل ما يضمن بقاء واستمرارية الحزب وقادته على الإستمرار في تحقيق سياسة الحزب التي يلبسونها مختلف الألبسة الدينية . وهل هناك مَن يعتقد بعد الآن بأن أحزاب الإسلام السياسي ، وبعد هذه السنين الست العجاف , قادرة على تحقيق أي برنامج وطني تقدمي حضاري يحاكي ما توصلت إليه شعوب القرن الحادي والعشرين وينسجم مع حضارتها وتقدمها العلمي ....؟ مَن يعتقد بذلك بعد كل ما حدث حتى الآن فعليه أن يراجع إعتقاده هذا أكثر من مرة ويضع الوطن وأهل الوطن أمام عينيه وما جناه البؤساء ويتامى المقابر الجماعية وضحايا البعثفاشية ، وما سيجنيه مستقبلاً المهجرون والنازحون واللاجئون إلى مختلف بقاع ألأرض ، والعاطلون عن العمل والخائفون المرعوبون من هذا الجيش الديني أو تلك العصابة المليشياتية ، والنساء اللواتي لا يستجبن لأوامر فقهاء الإرهاب وأفكار القرون ألأولى ، والعلماء والمفكرون والفنانون والأطباء والمهندسون والأساتذة الذين لا يستوعب فكرهم وثقافتهم ومستواهم العلمي حملة السلاح الذين يتخلصون من كل هؤلاء بكل يسر وسهولة قبل أن تنتشر أفكارهم لتنير درب الناس في وطننا إلى كل ما فيه حرية الوطن وسعادة أهله . إن مَن يساعد أحزاب الإسلام السياسي على الهيمنة على مقدرات الوطن بعد كل ما جناه الوطن وأهله من تسلطها طيلة هذه الفترة , لا يساهم باستمرار هذه المآسي التي نراها اليوم فقط ، بل ويساعد على ترسيخها لأجيال متعاقبة وهذا ما سيحاسبه عليه التاريخ , إذا لم يحاسبه عليه ضميره أولاً. ولنستمع أكثر من مرة في اليوم إلى ما يقوله هذا الشاعر الشعبي لعلنا تستطيع ان ننقل بعض ما قاله إلى بعض سياسيي ألإسلام السياسي المعممين منهم وغير المعمين .
الدكتور صادق إطيمش







#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطابان في الميزان
- الدولة الوهابية وولاية الفقيه نظامان لدكتاتورية واحدة
- حذاري من تشويه جوهر القضية الكوردية من خلال تصرفات بعض الكور ...
- تحقيق السلام في الشرق ألأوسط رهين بوحدة قوى السلام العالمية
- إبداوا بإصلاح أنفسكم أولاً....يا فرسان الحملة الإيمانية الجد ...
- شرف آخر للشيوعين العراقيين
- مفهوم الثابت والمتغير في خطاب الإسلام السياسي
- تعريف الأطفال بالأول من آيار في ألمانيا
- رجوع الشيوخ إلى صِباهم
- التاسع من نيسان......ما له وما عليه القسم الثاني
- التاسع من نيسان......ما له وما عليه القسم الأول
- بطاقة حب إلى الحزب الشيوعي العراقي
- نامت نواطير مصر عن ثعالبها.....
- وتبقى المرأة شامخة ولو كَرِهَ فقهاء السلاطين
- الجامعة العربية....هل اصبحت ملاذاً للمجرمين أيضاً...؟
- إحذروا الثعالب ذات اللحى...
- عودة إلى إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر
- إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الثاني
- إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الأول
- إذهبوا إلى الإنتخابات جموعاً....ولا تنتخبوا....


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - - أشو ياهو التكضه صار صدام.......وأكو صدام بس لابس إعمامه -