أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الثاني















المزيد.....

إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الثاني


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 07:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



اما النتائج التي ترتبت على هذه الإنتخابات فينبغي مناقشتها هي ألأخرى إنطلاقاً من ذات التوجه الموضوعي البعيد عن العواطف والإنفعالات .
لقد أشارت طبيعة النتائج المعلنة لحد الآن إلى عدم حصول اي كيان سياسي على الأغلبية المطلقة التي تخوله تمثيل أغلبية الشعب العراقي او الحديث بإسم هذه الأغلبية التي لا يملكها . لذلك ومن هذا المنطلق لابد من تفهم هذا الأمر على أن التفويض او الحق الإنتخابي التي حصلت عليه الكيانات السياسية التي تعتبر نفسها قد ربحت هذه الجولة من الإنتخابات ما هو إلا الجزء اليسير من مجموع التمثيل الشعبي الذي لن يكتمل إلا بتضافر وتعاون عدة كيانات مع بعضها البعض سواءً كانت هذه الكيانات في عداد الكيانات التي تسمي نفسها قد ربحت الإنتخابات أو تلك التي تعتقد بأنها خسرتها . لقد أوضحت لنا التجارب السابقة التي مر بها الوطن خلال السنين الخمس الأخيرة بأن سياسة المحاصصات التي جرت على أساس تقاسم طائفي قومي ينطلق من الأكثرية الحسابية لم يعالج المشاكل المستعصية التي حلت بالوطن جراء التسلط البعثفاشي الأسود لأربعة عقود من تاريخه . إن هذه التجربة المريرة التي لاقى فيه الشعب العراقي الأمرين يجب أن تنتهي بانتهاج سياسة التحالفات السياسية المنطلقة من البرامج السياسية وليست من الإنتماءات الطائفية أو القومية العشائرية او المناطقية . إن عدم حصول أي كيان سياسي على الأغلبية المطلقة يشير بوضوح إلى ان الناخب العراقي منقسم الأهواء بين هذه التيارات المختلفة التي برز فيها الإتجاهان الديني والعلماني كإتجاهين متنافسين . كما أن إنحياز أكثرية الناخبين إلى الإتجاه الديني بمكوناته المختلفة لا يشكل تفويضاً مطلقاً بحد ذاته وذلك بسبب قناعة الناخب العراقي بمدى التباين داخل صفوف هذا الإتجاه الذي جعل من الإسلام السياسي ساحته التي يتحرك عليها بالرغم من ضيق هذه الساحة لدى بعض فصائله التي إبتعدت عن الشعارات الدينية أو حتى بدلت أسماءها الدينية لتستتر خلف أسماء توحي بالعلمانية ، والذي يمكن أن يكون قد لعب دوراً في حصولها على نسب جيدة في هذه الإنتخابات .
لقد غير حزب الدعوة ألإسلامية إسمه الإنتخابي بإسم ينحو المنحى الإعلامي اكثر مما يشير إلى التوجه الديني . وابتعد كلياً عن طرح الشعارات الدينية التي مارسها المجلس الأعلى مثلاً بكثافة خلال حملته الإنتخابية . فماذا يعني كل ذلك..؟ هل هي سياسة التقية التي يؤمن بها حزب الدعوة الإسلامية كحزب ديني ذو توجهات شيعية...؟ أم انها سياسة التعامل مع الأمر الواقع الذي أكدت فيه الأحداث المختلفة مدى نفور الشارع العراقي وملله من إستغلال الدين لأمور دنيوية هدفها الأساسي الوصول إلى السلطة السياسية عن هذا الطريق...؟
مهما يكن الدافع الذي دفع حزب الدعوة الإسلامية لتبني إسماً إنتخابياً جديداً لا تُشم منه أية رائحة دينية ، فإن هذا الإجراء يعتبر إجراءً ذكياً خرج بتحليل صائب لطبيعة المرحلة التي يمر بها الشارع العراقي وساعد هذا الحزب على الحصول على نسبة عالية من اصوات الناخبين الذين نظر بعضهم إليه من خلال هذا المنظار تحت هذا الإسم الجديد . إلا أن لهذه التسمية الجديدة إنعكاسات أخرى يجب ان يتعامل معها حزب الدعوة الإسلامية بنفس الذكاء الذي أبداه بتسمية قائمته الإنتخابية . وأول هذه الإنعكاسات هي طبيعة العمل المرحلي المتعلق بتنفيذ البرنامج الإنتخابي لقائمة دولة القانون التي يجب ان تتعامل مع المرحلة القادمة من هذا المنطلق وليس من منطلقات الحزب الديني المسمى بحزب الدعوة الإسلامية .
وما يُقال عن حزب الدعوة الإسلامية يمكن أن ينسحب ايضاً على التيار الصدري الذي دخل المنافسة الإنتخابية بإسم بعيد جداً عما كان معروفاً عنه بالتصاقه الفكري الديني بإسم شخص أو عائلة طرح من خلال ذلك برامجه وتوجهاته التي كانت من سماته الخاصة به والتي تمثلت بمليشياته التي كانت تجوب الشوارع بزيها الأسود وشعاراتها الدينية التي جعلت منها مادة تهديد ووعيد لكل من خالفها الرأي او تبنى طروحات غير طروحاتها . لقد شعر هذا التيار بعقم توجهات كهذه وعدم القدرة على إستمراريتها ، خاصة بعد أن تبنتها مجموعة من الإنتهازيين الذين ضمهم هذا التيار من الذين لجأوا إليه تخلصاً مما إقترفوه أثناء خدمتهم للنظام البعثفاشي الساقط . وهنا أيضاً ينبغي تسليط الضوء على سر هذا الإبتعاد ليس عن الإسم الديني فقط ، بل والإستغناء عن رفع الشعارات الدينية البحتة . وكذلك من المهم الإستفسار أيضاً عن محاولة إعطاء الناخب صورة عن إرتباط هذا التيار الديني بالمستقلين والأحرار وغير ذلك من التسميات التي تجاوز فيها إسمه الحقيقي الذي كان يفخر به دوماً على أنه اصبح تياراً شعبياً ، كما يدعي ، بسبب الإسم الديني الذي يحمله .
وكذلك ألأمر بالنسبة للإسلامي المنشق عن حزب الدعوة الإسلامي السيد الجعفري الذي خرج إلى الملأ بإسم بعيد عن المسميات والشعارات الدينية التي يدعي هذا الرجل تبنيها والسير على هديها . فهل أصبح ربط حملته الإنتخابية بصفة دينية أمر لا يُركن إليه بالوصول إلى السلطة حتى يتخلى هذا الإسلامي عن ثوابته الدينية عبر إنتحال أسماء علمانية....؟
وملخص القول أن التحاف المذهبي الشيعي الذي ضم هذه ألأحزاب قد إنفرط عقده بالشكل الذي دعى أكثرية المنتسبين إليه إلى إجراء عمليات تجميل خارجية بدأت بالأسماء ، وهي العملية التي إعتبرناها تعبر عن ذكاء سياسي يستجيب لرأي الشارع العراقي الذي لا طاقة له على تحمل إستغلال الدين للأغراض السياسية التي تتبناها هذه الأحزاب ، واستناداً إلى ذلك إستطاعت حصد أصوات الناخبين بنسب لا بأس بها إذا ما أُخذت أحزاب الإسلام السياسي هذه التي إنتحلت أسماءً علمانية بصورة مجتمعة .
الحزب الوحيد من التآلف الشيعي المنفرط والذي ظل متمسكاً بتوظيف الدين للأغراض السياسية الإنتخابية هو المجلس الإسلامي الأعلى . لا حاجة هنا للتعليق على النتائج الإنتخابية التي جاء بها هذا الحزب ، إذا ما قورنت بالأموال الطائلة ، التي لا يعلم احد مصدرها الحقيقي ، التي بذلها هذا الحزب في حملته الإنتخابية . لقد جاءت هذه النتائج كالضربة الصاعقة على رؤوس مخططي وموجهي ومنظري المجلس الإسلامي الأعلى الذي ظل يحلم ببسط نفوذه لتأسيس الإمبراطورية الشيعية الجديدة في ولاية الفقيه الجديدة في جنوب ووسط العراق . عسى أن يتمتع فقهاء المجلس الإسلامي الأعلى بنفس الذكاء السياسي الذي أبداه زملاؤهم في التحالف الشيعي المنفرط ، ويبدأون بالتغيير بالإسم على الأقل رحمة بالشارع العراقي الذي ملَّ طروحاتهم ، فأثابهم بأصواته كانعكاس لملله هذا.
اما أحزاب الإسلام السياسي الأخرى التي ظلت محتفظة باسماءها الدينية كالحزب الإسلامي العراقي وحزب الفضيلة والتي كان بعضها يصول ويجول في بعض محافظات العراق مدعياً تمثيله للأكثرية السكانية في المناطق التي بسط نفوذها عليها ، فإنها قد كسبت من األأصوات ما يكفي بالكاد أو لا يكفي لإيصال مندوب واحد عنها إلى مجالس المحافظات الجديدة بعد أن كانت تستحوذ على هذه المجالس تماماً .
ومع كل هذه اإلإلتفافات التي شهدتها الساحة الإنتخابية العراقية فإن أحزاب الإسلام السياسي مهما إختلفت مسمياتها هي التي ربحت هذه الإنتخابات وهي التي ستشكل مجالس المحافظات ومن بين اوساطها ستتم إدارة المواقع الإدارية المهمة في المحافظات . هذه النتائج التي لم تحصل فيها القوى العلمانية على الأصوات التي تؤهلها لتوجيه العملية السياسية او المشاركة بفعالية في توجيهها ينبغي ان تكون موضع دراسة وتقيم من قبل هذه القوى التي نؤمن إيماناً تاماً بحيويتها وقدرتها على إدارة البلاد ضمن المنظور العلمي التحرري الحديث المواكب لمسيرة التطور العالمي والمنفتح على آفاق المستقبل الذي ينتظر وطننا .
إن القوى العلمانية مدعوة لدراسة وتحليل المسيرة الديمقراطية في وطننا والتي لا زالت تحبو ، كما ذكرنا أعلاه ، وتفعيلها بشكل تستطيع معه التناغم مع المسيرة الديمقراطية العالمية بكل ما لها وما عليها وذلك من خلال خطاب إعلامي واضح المعالم يضع الفكر العلماني التحرري أمام المواطن العراقي الذي عانى ما عانى من القهر الفكري والتوجيه الشمولي طيلة عقود التسلط البعثفاشي المقبور . الخطاب العلماني الذي يجب ان يقترن بالعمل الجاد والمطالبة الدائمة لنقل العملية التربوية والتعليمية وبالتالي التطور الثقافي والإجتماعي والإقتصادي نحو المواقع التي يلعب فيها الفكر العلمي الدور الرئيسي في حياة الإنسان العراقي . فالعلم بجميع مفاصله أصبح سفينة النجاة لكل الأمم التي أزاحت تخلفها وبنت مجتمعاتها بما ينسجم والحياة ألإنسانية الخالية من الإضطهاد والقهر والحرمان ومن الأفكار الظلامية التي تريد الرجوع بالإنسان إلى مخلفات القرون الأولى من عمر البشرية والتي لا تنسجم ومسيرة الحضارة العالمية لكل ألأمم التي تسير على هذا النهج لتثبت وجودها بين امم العالم ولتحافظ على كيانها ومساهمتها في بناء صرح الحضارة البشرية .
إن على القوى العلمانية ان تشخص بكل شجاعة وجرأة كل أخطاء عملها التي قادتها إلى العزلة عن بعضها البعض وإلى تفرق برامجها وتعدد الطرق التي سلكتها ومواجهة الفكر المناهض لها بالحجة العلمية والمنطق الرصين وهي التي تملك الكثير من هذا الخزين الذي أفرزه نضال الشعوب المختلفة التي سلكت هذا الطريق . إن منهجها على هذا الطريق الديمقراطي الطويل الذي وضع وطننا اول خطواته عليه يجب ان يقترن بالمواجهة الفكرية وبالحجة العلمية وبالبرهان الواقعي وبالموقف الذي لا تلومه في الحق لومة لائم وترك المحاباة والمجاملات التي لا تصب في خدمة الوطن ولا تحقق شيئاً ملموساً من أهداف شعبنا العراقي الذي طال إنتظاره .
لقد جرت الإنتخابات في أجواء تمخضت عن نتائج لا يمكن القول عنها إلا أنها كانت مناسبة لتهنئة الكل بها ، الرابحين والخاسرين على السواء ، حيث ان حيثياتها ومسيرتها وما آلت إليه ، بشكل عام ، يصب في زيادة الأمل بنجاح هذه المسيرة الديمقراطية التي أخذت ملامحها تزداد وضوحاً ورسوخاً بعد كل عملية إنتخابية . وهذا ما يدعونا إلى التفاؤل والأمل بتقدم الإنتخابات البرلمانية القادمة في نهاية هذا العام خطوة أوسع على طريق التطور الديمقراطي الذي يشهده وطننا .
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الأول
- إذهبوا إلى الإنتخابات جموعاً....ولا تنتخبوا....
- الإخفاق يعني التنحي عن العمل...معادلة سيتبناها الشعب العراقي ...
- ويكافئون على الخراب رواتبا
- الفساد ألإداري : هل ستساهم نتائج ألإنتخابات اللاحقة بعلاج ما ...
- الفساد ألإداري : هل ستساهم نتائج ألإنتخابات اللاحقة بعلاج ما ...
- إنتخب ولا تنتخب / القسم الثاني
- إنتخب ولا تنتخب / القسم الأول
- ماذا....لو....؟
- التجارة بالأصوات الإنتخابية ....تجارة خاسرة
- ألإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم الرابع
- ألإزدواجية في فكر ألإسلام السياسي / القسم الثالث
- ألإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم الثاني
- الإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم ألأول
- الحكيم بالأمس والقزويني اليوم
- لغة القنادر مرة اخرى
- الحوار المتمدن قفزة حضارية رائدة
- لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 2/2
- لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 1/2
- مَن إستطاع إليه سبيلا


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - إنتخابات المحافظات....النتائج والعبر القسم الثاني