أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس العاشر في التربية الشيوعية















المزيد.....

الدرس العاشر في التربية الشيوعية


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 2679 - 2009 / 6 / 16 - 09:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وقف امام دكان النجارة التي كان يعمل فيها ..وحدق في الجانب الآخر من الشارع .
كانت هناك شابة لافتة ، تشع بهاء ، ويزدهي فيها المكان جمالاً .
كنت انزوي في مكان داخل الدكان ..واراقبه يحدق فيها ، فيما كان مساعده العامل حازم يرقب الفتاة من زاوية أخرى ..
كنا ثلاثة نرقب ذلك الكائن الساحر في الجانب المقابل لنا .
الاول / أخي يتأمل ويراقب ويفكر .. وينظر باستحياء ..
الثاني / عامل لايعرف كيف يفلت من منافسه زميله على هذه المنطقة المضيئة التي تقف هناك بانتظار الحافلة.
أما الثالث فهو أنا وقد كان يعنيني من الامر الاجابة على سؤال :
- من سيكون صاحب الحظ السعيد في الاقتران بهذه الفتاة التي باتت شاغلنا نحن الثلاثة كل صباح وهي تتوجه الى مدرستها الثانوية.
لم يكن أحد يسأل أحداً ، ولم يجرؤ أحد على البوح بنظرة الآخر ، لكن كل واحد منا كان يجد نفسه مفتونا ً بهذه الزهرة التي تطل علينا كل صباح .. فتشرق بهاء وتتألق نوراً .
مرة إلتفت وعد الله النجار – أخي اليّ ، فوجدني أرقبه .. إبتسمت وعالج خجله بالانصراف من دون تعليق .. فندمت على مراقبتي واعطيت وعداً أمام نفسي أن لا أفعلها ثانية .
لكنني تجاوزت وعدي وأنا أتنبه الى زميلنا النجار حازم الذي كان يرقب تلك الفتاة بطريقة تسترية وكأنه يعمل قاطعاً خشبة في وقت كان يقطع الوقت منتظراً حضورها .
كيف يمكن الخروج من هذا المأزق الثلاثي الذي نتنافس فيه نحن الثلاثة ؟
قلت .. أنا في عمر الصبا ، لاينبغي أن أضع نفسي في موقع الكبيرين المتنافسين .. امامي مسافات من العمر والنضوج والاكتمال والاستعداد حتى أصل الى ما وصلا اليه .
إلتقينا في ابتسامة مشتركة ذات صباح .. قلت لوعد الله :
- لم تشرق الشمس هذا الصباح .
قال مبتسماً :
- لا .. الشمس تشرق كل يوم .
وأشار الى وجودها في زاوية تتحدث فيها مع زميلة لها .
إذن كان يرصدها ويمعن في التاكد من وجوده وبحذر شديد حتى لا يرصد نظراته أحد ..
كان الصباح عليلاً امام حازم وهو يجد نفسه وحيداً من دون منافس حتى يملأ عينيه بهذا الطائر العجيب في ظل غياب أخي الذي لم يأت في ذلك الصباح لأمر حزبي قال لي إنه مكلف بتنفيذه في ذلك الوقت .
- ولكنه وقتك الأجمل ياوعد الله ..
- الاجمل من الجمال ياحسيب .. ثقة الناس بك ..ثقة الحزب بي أولاً ، وثقة هذه الفتاة بصدق نظراتي نحوها تأتي في مرحلة ثانية .
كانت هي المرة الاولى التي يصارحني فيها بأمر الفتاة من دون ان اتوجه اليه بالسؤال .. وأضاف :
- هذه الفتاة من عائلة طيبة .. وسمعة اهلها ممتازة ، ولي مع إخوانها صداقة ..
- والدنا .. هل يعرفهم ؟
- بالتأكيد .. وهل توجد في الموصل عائلة لايعرف أبي أصلها وفصلها .. ؟
- هل حدثته بالمسألة ؟
- عندما أتأكد من قدراتي المالية والاجتماعية في الزواج ..سأحدثه لاشيء يمكن أن يحدث من دون مشورته .. إنه يعرف ما لا نعرفه ..
- وإذا رفض ..
- إذا رفض والدي فله أسبابه ، وإذا وافق فله اسبابه كذلك .. وفي الغالب تكون أسبابه منطقية ومعقولة ومدروسة ومقبولة .
وشغلنا الحديث عن الزواج وقتاً .. حتى فوجئت بأخي وعد الله وهو يسألني وهو كدر الخاطر :
- حسيب .. هل تعرف بان حازم كان يريد الزواج من زينب ..؟
- لا .. لا .. ولكنني توقعت .. فقد كان ينظر اليها بأعجاب ولهفة ..
- تصور .. يريد وساطتي ، فاخوانها أصدقائي .
- ولكنك تريدها أنت .. كيف تخطبها له ، هل صارحته ؟
- لا .. لا حسيب ، صراحتي ستجيء متأخرة ، وسوف يعتقد أنني أنافسه ، وأكيد له ، ولا أحترم مشاعره .. وهذا ليس عدلاً ..
- وماذا ستفعل إذن .. ؟
تأملني وظل يحدق في وجهي كأنما يقرأ الاجابة في عيني .
كنت دهشاً أمام نظراته .. سألني :
- وأنت .. مارأيك ؟
- قل له أنك كنت قررت خطبتها لنفسك في الوقت المناسب .
- حسيب .. هذا سيؤذيه ، وهل تعتقد إن لديّ القدرة على إيذاء أحد ؟
- ولكنك في المقابل ستؤذي نفسك إن أنت تقدمت لمساعدته في خطبتها له بدلاً عنك ؟
- راح يتنقل بنظراته في المكان .. كانت شجرة برتقال تنتصب أمامنا .. فيما الشمس تذوب في السماء .. سقطت برتقالة صغيرة كانت أشبه بكرة زجاجية خضراء ..
- حسيب .. هل رأيت كيف سقطت تلك البرتقالة الضعيفة .. فيما ظلت البرتقالات الاخرى متمسكة بالشجرة ولا تقوى الرياح على اقتلاعها وكما أن السقاية الزائدة تعمل على إسقاطها بسهولة ..؟
كدت أسخر منه وأضحك .. قلت :
- وما علاقة البرتقالة بخطوبتك ؟
- حسيب .. هناك علاقة أساسية تجمع بين شجرة البرتقال وقضيتنا .. كيف ؟ .
لم ينتظر سؤالي .. وأجاب :
- أنا شديد التمسك بعائلتي والناس وليس بمقدوري الانسلاخ عن أصلي وجذري .. والتوجه لتحقيق مصلحتي الشخصية ورغبتي العاطفية .
- حسيب .. مادام الرجل قد إستعان بي على تحقيق حياته وبناء مستقبله فليس بوسعي ان أخذله ..
- حسيب .. الحياة تضحية .. ليس بمقدوري إلا الحرص على ثقته بي .. أنا أنتمي الى تلك الشجرة التي حفرت عميقاً في الأرض .
- وعلى حساب مشاعرك ؟
- هذا ما تعلمته من الشيوعيين .. وليس بوسعي غير ماتعلمته ..
عجيب سألته :
- وعد الله .. هل علموك أن تضحي بمستقبلك من أجل مستقبل سواك ..؟
- نعم علموني هذا ، ولن أفعل غيره وإلا لن أكون شيوعياً باراً بحزبي ومبادئي وقيمتي ..
حدقت في عينيه .. وجدت فيهما إستقراراً وإطمئناناً على ما إتخذته من موقف حاسم ..
وفي الصباح التالي .. كانت (زينب) تقف في الجانب الثاني من الشارع ، لكن أخي وعد الله لم يتوقف كما هو عهدي به يتأملها وإنما صرف نظره وشغل نفسه بالعمل .. فيما كانت نظرات حازم منصرفة كلياً اليها .. كأنما صار المالك الوحيد لهذا الوجه الذي تألق في شمس الصباح ..
وعندما غادرت المكان مستقلة الحافلة .. توجه أخي الى حازم وساله :
- متى تريد أن نذهب لخطبتها ..؟
إبتسم حازم واحتضن أخي .. وأدرك بشكل عميق أن وعد الله كان معجباً بها ، مفتوناً بوجودها ، لكن مادام هو .. هو الذي يعمل في دكانه قد سبقه لخطبتها وإتمنه المساعدة على خطبتها .. فأنه لن يخيب أمله .. قال :
- وعد الله .. اليوم عصراً ..
قال أخي بثقة وإصرار وحسم :
- اليوم عصراً ..



#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس الخامس في التربية الشيوعية
- الدرس السادس في التربية الشيوعية
- الدرس السابع في التربية الشيوعية
- الدرس الثامن في التربية الشيوعية
- الشهيد وعد الله النجار .. علمني كيف يحب بعقله!
- الدرس الرابع في التربية الشيوعية
- الدرس الثالث في التربية الشيوعية
- الدرس الثاني في التربية الشيوعية
- النقد في منظورين : الجفاء والوفاء
- الدرس الاول في التربية الشيوعية
- للكوارث في العراق الراهن..تسلسل خاص.
- الاعلام العراقي في شبكة
- نهار المدى .. شارع وحياة
- في ثقافة المصالحة والتسامح
- إعدام حلم
- الزعيم يختار الخراف الرشيقة
- الموجة تعشق البحر
- البراعة في احتمال الأذى
- سادة الانتخابات
- الأفاق الاجتماعية للكورد


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس العاشر في التربية الشيوعية