أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسب الله يحيى - الموجة تعشق البحر















المزيد.....

الموجة تعشق البحر


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 01:17
المحور: الادب والفن
    



في المرة الأولى التي شاهدتها أمامي... توقفت، وصرت أتأملها عن بعد فيما كانت منصرفة عن نظراتي … تتحدث إلى زميلاتها.
الزميلات... يعرفن من أكون، وكانت هي الكائن الوحيد الذي لا يعرف من أكون، كما لا اعرف هي من تكون.
- زميلة جديدة تنضم إلى دائرتنا … هكذا قدمنها لي، وقدموني إليها:
-أقدم موظف في دائرتنا.. محبوب من قبل الجميع.
أسعدني هذا التعريف، وان كان شحيحاً في تعريفي بها.. وزاد فضولي :
- أليس لها أسم. أليس لي اسم ؟
- هي نسمة ، وأنت سلام .
بادرت إحدى الزميلات بالتعريف الموجز هذا... وخجلت أن أسأل من تكون، من اي حديقة تأخذ انسامها ، ومن إي بحر تجيء هذه الانسام ... ؟
كانت النسمة الصباحية تمر في ذلك الوقت. شجرة الروز القريبة تعلن عن عطر ساحر وخدود حمر بلون العشق الذي نما في عقلي وقلبي ووجداني وحواسي كلها.
أحسست بقوة جذب تشدني إلى تلك النسمة الصباحية ، وفيّّ رغبة عارمة أن لا أغادر مكاناً تكون فيه مزهرة تملأ الأجواء بهاءٍ وفتنة وحبوراً .
التقطت نظرتها العابرة، ولم ابنِ أمالا ولم ارضِ حاجة ملحة في نفسي إلى معرفتها.
كنت انشد إليها.. وكنت انفلت مني ، حتى لا يكتشف احد اكتشافي .
سحبت مني رغبتي في البقاء ، مثلما اسحب حاجة لصيقة بالارض... اسحبها، أجرها وتعاند، وتعاند واسحبها من جديد .
في المسافة بيني وبينها كنت أتوزع أجزاء صغيرة .
وفي الزمان الذي كنته، أحسني أعيش حياةً لم أكن اعرفها من قبل.
عجبت من لحظة لا تغادر ذهني وفؤادي … لحظة رجاء وانتماء ورغبة تشد، تشد....إلى أن أكون، إلى أن ازرع هنا واخضر وأثمر ذات ربيع.
قلت الربيع، وفيّ من الخريف القليل ومن الشتاء الكثير ومن الصيف جفاف أيامي كلها من تكون هذه الزهرة التي ملأت غابات روحي هكذا فجأة …؟
ما من احد يجيب ، وليست بي حاجة للسؤال … الأسئلة تتوجه لمن يعرف ، وكل الأجوبة مجهولة عندي فما يعرفه الآخرون لا يعنيني... يعنيني هذا الطائر الغريب الذي حط فوق أوتار قلبي وساد على ذاكرتي وزرع شموسه في عوالمي كلها...
سألت نفسي: هل يسأل الطائر عن سحر بهائه والوردة عن فتنتها ، والبحر عن اتساع افقه و...و النسمة عن سر عذوبتها؟
الرجل الهادي الذي فيّ، اخمد جمرة أشواقه وصار يذوب تحت رماد الصمت...
وصرت أراها كل صباح … وراح الصباح يضيء جوانحي … وبات الصباح أجمل الأوقات .
كنت ابحث عن خيمياء الصباح واستبدله بالذهب … حتى صارت شمسي ذهبية وكنت ابحث عن سبيل لأحدثها ، واكتفي بنظرة .
وكنت ادون كلماتي قلادة أشواق...سأكلمها فيها … واكتفي بتحية الصباح .
صرت اخجل من خجلي، من الرجل الذي شاخ حباً، فيما تظل وردتي تزّين الكون شباباً والق.
بت أتعثر في (صباح الخير )... مع أن الخير صباحاً، كان يجملني ويضعني في نشوة ارتجيها.
كنت امني الشيخ الذي في ّ أن يعود اليّ حاملاً اكسير شباب افل... حتى اكلمها واشدها اليّ . اقبل الربيع المزدهر الذي في دائرة وجهها وشمس طلعتها والنظرات الدافئة التي في عينيها والحروف الي تكرزها فوق شفتيها.
اخاطب فيها أمالاً مخبأة لسنوات معتقة حتى رأيتها … في وقت كنت فيه اتكسر من التعب ، واذوب في ثلج الايام المريرة بأحزان تطال كل الازمنة .
-هل اتقدم إليها حاملاً قلبي وعقلي فوق كفي ...؟
احترم الرجل الذي يسكنني... واخبيء حنيناً في اربعة جدران غزتها العتمة حتى تحولت إلى قبر... والزهور لا تنبت فوق القبور... للقبور جفافها ، وللجفاف اشواكه ، وللاشواك نسائم تعبث بها في كل الاتجاهات … وكل الاتجاهات بلا اتجاهات.
سأرثي رجلاً كنته ، وعاشقاً نسيته ، وانساناً قتلت حواسه.
ساتقدم بالممكن... بالذي يرضاه سواي ، واودع روحي في سدن له سبع وسبعون قفلاً يحرسه سبع وسبعون حارساً شديد البأس … يمنعون عنه الهواء ، حتى تجف سبع سنابل في نافذة سجني المنسية .
سأتقدم بالرضا... وأقول :
- هل ترضين الزواج بي … بأبني ...؟
وتضيع : بيّ … بأبني كأنهما ذائبان في بعضهما … كان الذائب يختلط ، كأن الخليط من جنس واحد، كأن الواحد يرث الواحد.
واعرف أن ابني ليس من جمرة روحي ولا هواء رئتاي ، ولا تلافيف عقلي ، ولا ماء عيوني ، ولا احساس قلبي ، ولا خزين عشقي ولا نبت مشاعري، ولا هاجس امنياتي، ولا نشيدي في فضاءات زمن ضائع .
هل أخادع رجلاً اثق بي اسمه سلام ؟
هل اضيعّ منى الروح في صحرا ء ابني ؟
هل اعشق واحب أتزوج نيابة عنه … نيابة عنها... وهي القريبة مني، البعيدة منه
كنت اذوب في حرقة روحي ، كما الشمعة عندما تضيء .
وما قبلت وما قبلت... ولكن الكلام عن الحقيقة … ضاع ، ضيعته مسافات حاولت الغائها وفشلت … فقد كانت تنظرني وانظرها .. ونجتمع على أن لا نبوح ابداً
***
لست رهينة لأحد ولا احد يملك الحق في امتلاكي.
قررت أن أكون كما اريد … لا كما يريدون لي أن أكون...فان من يملك مشروعي... ومشروعي أن اذوب فيه عشقاً ويذوب فيّ اخلاصاً وصدقاً وثقة.
لا عليّ أن كان … شجرة لا تثمر.. انا لا ابحث عن الثمرة انا اريد الشجرة … وهذا يكفيني
- وما تفعلين بشجرة لا تثمر...؟
اسألة نفسي واجيب عن قناعة كاملة:
- استظل بها … يكفيني ومن الشجرة ظلها .
- لكن الشجرة شاخت واوارقها تتساقط...
- لكنها تضرب في الارض عميقاً …
وادير حواراً واصل إلى قناعات … قناعات بهذا الرجل الذي يريدني تحفة في بيته وعروساً لابنه ووردة في سمائه … اختارني لنفسه .... نظراته تبوح بهذا وبهذا البوح احسه يحبني … يحبني اكثر من نبض روحه واحبه كما لو انني اعد شبابي … ازهار شبابي كلها به وله ومنه … لكن من جلال قدر نفسه... من جذر الحكمة التي فيه يكتم كما لو أن الكتمان كل فلسفة حياته.
اعرف … اعرف جيداً هذا الخزين الذي فيه، اعرف مناطق فيه تعلن عن دواخل قلبه وخزائن الافكار المخبأة في اعماقه … ولا اعرف كيف الزمه بالبوح... حتى يعلن عن اسراره.
تحدثت اليه بحضور زملاء وزميلات … كان يتحدث كما لو انه يجهل وجودي... واكتشفه يغازل روحي بطريقة خفيه هادئة في العلن، ضاجة في السر .
أحب الرجل السريّ الذي فيه، احسه يختزن حباً عرضه السموات والارض ، بوسع الفضاء او قد يزيد بسعة البحر وقد يفيض ، بأمتداد الغابات وقد يمتد إلى ما لا نهاية.
أحب هذا التستري الذي يريدني لوحة يباهي نفسه واعجابه بها... من خلال شباب ابنه الذي لا يفتنه في فتاة احلامه سوى شبابها .
وما كنت ابحث عن رجل يحترم شبابي... فالزمن كفيل به..
وما كنت ارى العمر اعواماً طوالاً ولا روضة اطفال ، ولا جارية حسبها أن تلبي وتطيع. كنت ارى شهريار … كما لو انه هو هذا الذي ارى واحترم واتكيء واستظل ..
الا يكفيني منه كل هذا … الا يكفي العمر أن أكون لحظة ومضة ضوء معه، معه حسب...؟
المحنة أن اقول له . المحنة أن يقول لي … نحن متفقان على معايشة المحن سوية..
النظرات الخجولة التي ارصدها التي يرصدها … لا تخطيء.
ومع ذلك... كنت امتحن عقلي وهواجسي كلما لقيته، وكنت ادرك جيداً انه يمتحن الرجل والموقف والعشق الدفين الذي فيه ، والحكمة المعمقة التي تغوص فيه... فيه كل شيء ، وكل شيء فيه يقول انه يحبني. انني احبه.
كيف ابوح له . كيف يبوح لي وبيننا تاريخ من الازمنة والعلاقات والرؤى … وبيننا كذلك ودّ مكتوم وحزن مخزون وجسور من الكتمان العتيد الذي يتجاوز كل الازمنة ...؟
هل يتسع البحر لموجة عاشقة ؟
انا الموجة التي تريد أن تذوب في البحر ، في هذه السعة والامتداد … حتى أكون معه وفيه.
كلما كنت اراه احس بهذا الاحساس.. يمتلكني هذا الاحساس، واصدقه واتمناه واعيشه...
كلما وجدته يتحدث لي بالقليل وللاخرين بجمل منتقاه كأنما قدّت من ريشة بارعة الاداء...احسه ، يركب الحرف ، يؤاخي الكلمة .... حتى تبدو لي انها موجهة لي وليس لسواي .... فأكتم ابتسامتي ويفضحني اعجابي.
كان لي . كنت ارسمه في احلامي واجسده في يقظتي...
كيف ...كيف انزع قشرة روحي واعلن لب حبي ؟
ربما يقول مراهقة... خدعتها كلمات .
ربما اقول.. شيخاً يتصابى ، يعشقني لنفسي، ويزوجني لأبنه... اي صراع مع النفس يحدث هذاا معي ومعه...؟
كان يهرب مني على الم.. واهرب منه على حزن عميق...
يهرب مني هارباً اليّ ، اهرب منه، متوجهة اليه.
كنا متفقان … دون اتفاق موثق ، على أن نتخلص من بعضنا بالمعروف، بمزيد من الفضيلة … والاعتداد بالنفس.
وكانت كل حمامة تحلق في السماء... تبوح بأسمه.. بسلامه.
مثلما كنت وشماً في ذاكرة يقظة لا تنام صورتي من باله .... هكذا تحدث عن حب حقيقي لأحد اصدقائه... وكنت ادرك انه هو ذلك الصديق ، وان تلك الفتاة هي … عينها ، وليس من بديل عنها... هي التي.. هي انا .
و... ذات صباح عرفته ، و... ذات صباح عرفني.
صباح المعرفة... شمسه مضيئة وبحاره ممتده ، وانسامه رقيقة.
وبين ضوء عيون تلتقي ، ومساحة ود مخبأ، ورقة عشق دفين … اعلن البحر عن نفسه. اعلن للموجة سر سؤاله... كان السؤال يحمل جوابه.
تردد … مثلما ترددت...
كل الشموس تبدو خجلة في كل صباح .
كل موجة تشق البحر تبدو هادئة . ثم تذوب في البحر.
كنت اشرق في عينيه .. كنت موجة في سعة البحر الذي في ملامحه.
كنا معاً... نسمة سلام … سلام رجل يثق بنسائم قلبه. نسمة امرأة تثق بسلام يحفر في صميم نسائم سعيدة …



#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البراعة في احتمال الأذى
- سادة الانتخابات
- الأفاق الاجتماعية للكورد
- بيان في المسرح التجريبي
- في جامعة بغداد :الدراسات العليا بين الجد والمزاج
- غابرييل غارسيا ماركيز: الواقع وأبعاده
- كبار الكتاب كيف يكتبون؟
- الغربة العراقية في ثلاث روايات لمحمود سعيد
- كونديرا خارج الاسوار.. الطفل المنبوذ ..بطيئاً
- ميلان كونديرا: ثلاثية حول الرواية
- خذ ما تريد..وأعطني (حرية) التوقيع على ما تريد! قراءة في نص ا ...
- من هو : جومسكي؟
- مع الروائي العراقي مهدي عيسى الصقر في روايته: رياح شرقية ريا ...
- العراق..من يغلب من؟
- ماريو فارغاس يوسا:(الحرية الموغلة)


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسب الله يحيى - الموجة تعشق البحر