أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسب الله يحيى - خذ ما تريد..وأعطني (حرية) التوقيع على ما تريد! قراءة في نص الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة















المزيد.....

خذ ما تريد..وأعطني (حرية) التوقيع على ما تريد! قراءة في نص الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 10:11
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في رسالة وجهها الرئيس الامريكي بوش الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إستبقت نص (الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة) جاء فيها:
(إعلان المباديء لتحقيق علاقة طويلة الأمد)
هذه الرسالة التي رافقت النص الكامل للاتفاقية وكما نشرتها جريدة (الصباح الجديد) العراقية/العدد1264 في 20/10/2008 تعني ان أمريكا تريد ان تعمل مع العراق على وفق تحديد بوش:(شركاء في بناء عراق جديد).
و(العلاقة الطويلة الأمد) و (شركاء) تعني ان هناك استراتيجية بعيدة المدى تخطط لاحتلال العراق لسنوات يطول امدها،وان هذا الاحتلال يصف نفسه بالشريك،يتقاسم معنا أرضنا وثرواتنا وهواء بلادنا!
وعندما ننتقل الى قراءة (الديباجة) نجدها منطقية وعادلة وناعمة ومنصفة،تراعي الالتزامات الدولية،وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية،ورفض العنف والعمل على تحقيق الاستقرار،وان أمريكا وجود مؤقت في العراق،جاء هذا الوجود استجابة لدعوة الحكومة العراقية،ولن تسعى امريكا لأستخدام العراق لشن عمليات عسكرية ضد دول أخرى،كذلك لاتريد امريكا بناء (قواعد دائمة ووجود عسكري دائم في العراق).
أمريكا – كما ورد في الديباجة – تريد تنمية علاقات دفاعية وأمنية،وتبادل ثقافي،وتنسيق على صعيد التعليم العالي والبحث العلمي والتدريب والزمالات والرعاية الاجتماعية والحفاظ على التراث الثقافي..ودعم الاستثمار وزيادة التنمية..
كل هذه المقدمة اللافتة،تبدو فائقة ومتطورة ونيرة وفي صالح طرفي الاتفاقية..
لكن ما أن نتوغل في التفاصيل حتى نتبين مدى الاجحاف والظلم والاستغلال والهيمنة الكلية التي تريد أمريكا ممارستها ضد العراق عبر هذه الاتفاقية التي تراعي مصالح المحتل،من دون أن تترك للعراق متنفساً ولا سبيلاً ولا وجوداً..
فهي تريد (تجارة ثنائية) و (تسهيل الاستثمار المباشر) و(صياغة السياسات) و (تشجيع المصدرين العراقيين بشأن اللوائح الامريكية..) و (دعم تبادل المعلومات) وتشترط الاتفاقية على أن (تظل سارية المفعول ما لم يقدم أي من الطرفين إخطاراً للطرف الآخر بنيته على إنهاء العمل بهذه الاتفاقية،ويسري مفعول الانتهاء بعد عام واحد من تاريخ مثل هذا الأخطار)!
وهذا يعني - أيضاً – ان الاتفاقية مستمرة ولاحدود ولا مواعيد لأنتهائها..وإلغاؤها من قبل أحد الطرفين،ولا يسري فعله الا بعد عام كامل،حتى يتم فيه الطرف الثاني ترتيب كل مايريده على وفق ماتحققه ارادة الهيمنة..!
أما العقود فلا تتم إلا (بموجب عقد او عقدين من الباطن مع أو لحساب قوات الولايات المتحدة) – نصاً –
كذلك تنص الاتفاقية على (التنسيق بين قوات الولايات المتحدة مع حكومة العراق لضمان أن يكون الدخول الى أو الخروج لأي مواطن عراقي..) و (يجب على القوات الامريكية ان لاتسمح بخروج أي مواطن لأية دولة اخرى مقيم عادة في العراق والذي يخضع لأمر القاء القبض عليه من قبل السلطات العراقية..)
ومثل هذا (التنسيق) يبدو في شكله الخارجي براقاً بوصفه يحول دون خروج المطلوبين للعدالة..الا ان هذا (التنسيق) يجري وينفذ على العراقيين بشكل أكثر بكثير من سريانه على المحتلين الذين يرتكبون الكثير من الجرائم،ثم يشدون رحالهم الى بلادهم!
وورد في نص الاتفاقية:(حق الطرفين في الدفاع عن النفس) من دون تحديد لطبيعة هذا الدفاع،ومن يحدده،ومن يضمن ان يكون هذا الدفاع صحيحاً وليس إدعاءاً؟
وبموجب الاتفاقية،يحق لأمريكا تخزين معداتها وأسلحتها وأساطيلها البحرية والجوية في العراق،ويحق لطائراتها الهبوط والاقلاع..وكل هذا يجري بأمان وسلام ضمن شرط يقول:(لاتكون عرضة للتفتيش)! و (لاتفرض أية ضرائب أو رسوم..وتعفى من متطلبات التسجيل في العراق)!
فهل يحق للطرف الثاني – العراق – ما دام الامر قائم على (الاتفاق) السماح بسنبلة ان تدخل الاراضي الامريكية بالشروط نفسها التي تطلبها أمريكا لنفسها داخل الاراضي العراقية ومن دون القاء القبض على السنبلة وتعرية كل حبة فيها وعرضها الى المختبرات والفحص الدقيق والحراسة المشددة؟
وتعطي أمريكا الحق لنفسها بـ (ممارسة الولاية القضائية على أفراد القوات والعنصر المدني..) و (يكون للعراق الحق الاولي لممارسة الولاية القضائية على أفراد القوات والعنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة..والتي ترتكب خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجب).
ولا نعرف..من يحدد جسامة وفداحة الجناية وما إذا كانت متعمدة أم لا..كما انه ليس بمقدورنا التأكيد ما اذا كان فعل الجناية أثناء الواجب ام خارجه..!
ان امريكا تجيز لنفسها السماح بتقرير هذا الامر – كما ورد في فقرة لاحقة من الاتفاقية -!!
مثل هذه الحالات..من شأنها تبرئة جميع مرتكبي الجرائم مهما كانت فداحتها ذلك ان الجانب الامريكي يمتلك حق الولاية القضائية بنفسه وداخل الاراضي العراقية،من دون أن يكون للقضاء شأن فيه.
وتتمادى الاتفاقية في تفضيل هذه المسألة حيث:(يجوز لسلطات أي من الطرفين أن تطلب من سلطات الطرف الآخر أن يتخلى عن حقه الرئيسي في الولاية القضائية في حالة معينة..).
فما هي هذه الحالة (المعينة) وهي في العادة ملك يجيز للطرف القوي بتولي القضاء على الطرف الاضعف في مثل هذه المعادلة غير المتوازنة..أليس كذلك؟
إن (معايير الاجراءات القانونية والحماية المكفولة بموجب الدستور الامريكي والقوانين الامريكية) وحتى (في الحالات التي يمارس فيها العراق الولاية القضائية)؛فأن الاتفاقية تلزم الجانب العراقي بأن (يكون لأفراد القوات والعنصر المدني الحق في أن تطبق عليهم الاجراءات القانونية والضمانات المتماشية مع تلك المقاصد بموجب القانون الامريكي والقانون العراقي)!
فكيف يمكن الجمع بين قانون بلدين..وكيف يسري القانون داخل بلد آخر له قوانينه وأنظمته؟
وتجيز أمريكا لأفرادها العسكريين والمدنيين حمل الاسلحة والدخول والخروج الى العراق ببطاقات هوية فقط..وللقوات الامريكية،(استيراد أوتصدير ما تشاء من العراق) و (يجوز لهم ان يعيدوا تصدير وان ينقلوا او يستخدموا في العراق اي معدات او تجهيزات او مواد تكنلوجيا أو تدريب..ولا تخضع للتفتيش ولا للاجازات او اي قيود للتعريف..) مثلما يحصن البريد الامريكي ويعفى من التفتيش والبحث والمصادرة من جانب السلطات العراقية.
وترفق بعدئذ صيغة غريبة تقول:(يجري تفتيش المواد من قبل السلطات العراقية..بصورة عاجلة وفي مكان متفق عليه).
إنها اتفاقية ترفض أن يعرف العراق ما ينهب ويتسرب من أراضيه،وما يورد اليه من اسلحة ومواد لايعرف شيئاً عنها..حتى اذا اراد العراق بسط (نفوذه) فان هذا النفود مشروط بـ (العجالة) و (المكان) فكيف يوفق العراق في معرفة مايصدر وما يستورد على وفق هذه الشروط المجحفة؟
ويلزم العراق على (قبول صلاحية جميع التراخيص التي كانت سلطات الولايات المتحدة قد أصدرتها الى أفراد القوات والعنصر المدني ومستخدمي المتعاقدين معها)
ولها أن تنشيء وتجيز ماتشاء..ومن دون ان يكون العراق طرفاً في هذا الشأن!
ولا تكتفي الاتفاقية بما ورد وانما توغل في شروطها فهي تحدد:
(باستثناء المطالبات الناشئة عن العقود يتنازل الطرفان عن حق مطالبة الطرف الآخر بالتعويض او تدمير يلحق بممتلكات او المطالبة بتعويض عن اصابات او وفيات قد تحدث لأفراد القوات المسلحة او العنصر المدني لأي من الطرفين والناجمة عن تأديتهم لواجباتهم في العراق).
وهذا الشرط يجسد تماماً مدى الاضرار التي يمكن ان تلحق بالعراقيين والذين لايحق لهم المطالبة بأي تعويض..ذلك ان الاتفاقية ترفض مثل هذه المطالبة أصلاً؟
وبشأن الاحتجاز تقر الاتفاقية على أنه (لايجوز لقوات الولايات المتحدة توقيف أي شخص او القاء القبض عليه باستثناء التوقيف او القاء القبض على عضو من القوة او المكون المدني).
وهذا (الاستثناء) يمكن ان يتحول الى قاعدة في توقيف اي عراقي بدعوى أنه يشكل قوة او مكوناً لاترغب فيه امريكا..
في الوقت نفسه (يجوز للقوات العراقية أن تطلب المساعدة من قوات الولايات المتحدة لغرض توقيف أفراد مطلوبين او القاء القبض عليهم).
هذا (الطلب) يبدو وكأنه منحة تقدمها امريكا للعراقيين لغرض اعتقال من تشاء منهم!
وتؤكد الاتفاقية على أنه (لايجوز لقوات الولايات المتحدة تفتيش المنازل أو غيرها الا بموجب أمر قضائي يصدر في هذا الصدد باستثناء الحالات التي تدور فيها عمليات قتال فعلية بالتنسيق مع السلطة العراقية ذات الصلة).
ومثل هذا(الاستثناء) كذلك تنضوي تحته اجراءات تعسفية ومداهمات وتفتيش تطال بيوت العراقيين..ليصبح الاستثناء بابا مشرعاً عن القضايا كافة!
هذا موجز لما ورد من نقاط سلبية في الاتفاقية التي جعلت الاطراف السياسية في العراق تقف حائرة امامها..
فهي تدرك جيداً أنها محمية من الولايات المتحدة وان ارادتها مسلوبة واستقلال البلاد غائب..
كما تعرف كذلك ان هذا الاتفاق يجيز للمحتل ان يهيمن بصورة كلية على مقاليد الحكم والقضاء والثروات وجعل العراق مساحة مفتوحة أمام قوات المحتل..
مع ذلك – وما دام الامر يتعلق بحماية السياسيين العراقيين – فأن التوقيع على الاتفاقية سيكون في مصلحتهم..وبالتالي لايحق للشعب العراقي رفض الاتفاقية (ذلك ان هذا الشعب هو نفسه قد قلد هؤلاء النواب والساسة حرية أن ينوبوا عنه..وان يكونوا حاله ولسانه..!
وإن كان هذا الحال تدميراً للعراق والعراقيين..وان كان هذا اللسان مقطوعاً ولا حق لصاحبه بالبوح..فكل شيء جارٍِِ على وفق مصلحة صهر العراق وتجزئته والتنكيل به الى ما لانهاية..
هذا هو جدوى إتفاقية تحقق لطرف مايريد..وتبخس حق الطرف الآخر من كل مايريده وتمنحه بارادته وتوقيعه وموافقته على كل مالا يريد!



#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو : جومسكي؟
- مع الروائي العراقي مهدي عيسى الصقر في روايته: رياح شرقية ريا ...
- العراق..من يغلب من؟
- ماريو فارغاس يوسا:(الحرية الموغلة)


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسب الله يحيى - خذ ما تريد..وأعطني (حرية) التوقيع على ما تريد! قراءة في نص الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة