أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محيي هادي - أصحاب الكهف















المزيد.....

أصحاب الكهف


محيي هادي

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:13
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في إحدى محاورات أفلاطون الاغريقي، أراد هذا الفيلسوف الشهير أن يضرب مثلا ليميز ما بين الأوهام الخيالية و المعرفة الصحيحة، فقال بما معناه: إن جماعة عاشوا حياتهم داخل كهف، مقيدين بسلاسل، بحيث تظل وجوههم موجهة الى حائط الكهف الداخلي. و كانت وراءهم نار تتراقص ألسنة لهبها، فيرى أهل الكهف خيالاتهم على الحائط….و لأن سجناء الكهف لم يروا طوال مدة طويلة غير هذه الخيالات ظنّوا أن ما يشاهدونه على الحائط هو الحقيقة! و لكنهم، يوم يتحررون من السلاسل، سيدركون أنها أشباح خيالاتهم، و أنها ليست الحقيقة و لا دوام لها.. و يوم يخرجون من الكهف، ستتألم عيونهم من شدة ضوء الشمس، و قد تعميهم، ثم يتعودون على رؤية الأشياء على حقيقتها.
أفلاطون عاش قبل قرون عديدة و لكنه، بكلماته، يشرح كيف كان يعيش العراقيون تحت ظل حكم البعث الدموي، و يشرح أيضا ما تعانيه شعوب العالم العربي و جيرانها.
و إذا كان أصحاب كهف أفلاطون يدفئون أظهرهم بتلك النار و يستطيعون رؤية خيالاتهم على الحائط، بضوئها، فإن العراقيين لم يكن لهم ما يدفئهم و لا ضوء يريهم خيالاتهم، ففي سجون البعث المظلمة الرهيبة كانت تُزجّ أرواحهم، مع بعض ما تبقى من أجسادهم، و كانت أظهرهم تحترق بسياط التعذيب الوحشية التي كانوا يتلقونها من أيدي المجرمين.
لقد زجوا شعبنا العراقي في كهف، كهف مظلم قاسي و رهيب، لم يرَ مثله أي شعب من شعوب الله، لا التي انقرضت و لا التي لا تزال تعيش على وجه البسيطة.
جميع حكامنا، و صعب عليَّ أن استثني منهم أحدا، يريدون أن نبقى في متاهات الجهل و ظلام القرون الأولى. كنا، و قسم منا لا يزال، ممنوعين من رؤية العالم، ولم نكن نستطيع القراءة و الكتابة، و حذار من قراءة كتاب يمنعه الطغاة، أو كتابة كلمة تحكي معاناتنا في هذه الحياة، و إياك أن تتكلم حرفا لا يعجب همجية البعث، فالإرهاب و السجن و التعذيب و الإعدام هو المصير.

كم من كتب المعرفة قد انقرضت؟ حرقتها همجية التعذيب و الجهل، أو حرقها أصحابها اتقاء من هجوم كلاب البعث، و كم من الكتب دُفنت في الأرض أو في الحيطان فأكل فيها الدود و شبع منها؟
و حدثني صديق لي فذكر أن جلاوزة الجهل و الغدر قد اقتحمت داره بحثا عن كتب ممنوعة، فلم يجدوا في الدار شيئا مما كانوا يبحثون، الا أنهم عثروا على كتاب لجمال عبد الناصر، و بسبب هذا الكتاب أخذوا أخاه الأكبر معهم للتحقيق و التعذيب..
و لا تسأل عن مصير ذلك الشخص العراقي الذي يمتلك آلة طابعة بسيطة، تجد أطفال أوربا يرمون أحسن منها في مزابلهم، لا تسأل!، فإنك لا تستطيع أن تجد جثة العراقي في أي مكان، و لا في أية مقبرة من المقابر الجماعية التي انتشرت على أرضنا الطيبة و أصبح وطننا العزيز يسمى بلد المقابر الجماعية.
و ليسمح لي الأخ طعمة السعدي لأنقل من مقالته (خنازير صدام المتخومة و الكلاب و الحمير المظلومة !) ما عدّده من بعض أساليب التعذيب الهمجية التي كان يقوم بها نظام البطش البعثي الدموي.
1-القتل بالتقطيع بالمنشار الكهربائي.
2- إذابة الإنسان تدريجيا" من أسفل القدمين إلى الرأس بحامض الكبريتيك (ألأسيد أو التيزاب باللهجة العراقية) وذلك لتحقيق أقصى درجات العذاب الذي لا يتصوره العقل بالسجين السياسي.
3- القتل بواسطة المفرمة الجبارة التي تحول الإنسان وعظامه إلى عجينة من اللحم والدم والعظام.
4- القتل بشد ساقي الإنسان بسيارتين مختلفتين كل ساق بسيارة وتحريك السيارتين باتجاهين متعاكسين لقطع جسم الشهيد إلى قسمين.
5- القتل بشد الشهيد على إطارات السيارات بواسطة أسلاك فولاذية وصب البنزين عليه وحرقه.
6- قطع الرؤوس بالسيوف.
7- الشنق.
8- الرمي بالرصاص.
9- القتل والدفن الجماعي كبارا" وصغارا" آباء" وأمهاتا" وأطفالا" وأجدادا" كما في جرائم الأنفال وجرائم صدام ضد أهلنا في الوسط والجنوب بعد الانتفاضة.
10- القتل الجماعي للإنسان والطير والحيوان وتلويث المياه بالأسلحة الكيمياوية والبايولوجية كما حدث في حلبجة الشهيدة وغيرها من القرى الكردية.
11- قتل من يريد المجرمون إطلاق سراحهم بالثاليوم (مبيد الفئران والجرذان) .
12- القتل بالشاحنات العملاقة (الحوادث المؤسفة).
13- الاغتيالات السياسية بوسائل مختلفة كالأسلحة النارية والأعمال الإرهابية.
14- الخنق.
15- القتل بتسميم وتجفيف الأهوار وشمل ذلك البشر والأسماك والطير والشجر.
16- القتل بمنع الطعام والماء عن السجناء السياسيين.
17- بواسطة إجراء التجارب على السجناء السياسيين بالأسلحة الجرثومية.
18- بواسطة إجراء التجارب على إخواننا الأكراد والسجناء السياسيين باستخدام الأسلحة الكيمياوية.
19- القتل بتفجير الطائرات كما فعل مع شقيق زوجته وابن خاله وولي نعمته عندما كان صغيرا" عدنان خير الله، وعدنان الشريف وغيرهم.
20- قتل الأطفال بضرب رؤوسهم بالحائط وتهشيمها لإجبار والدتهم على الإرشاد على مكان زوجها الذي تجهله. تم قتل ثلاثة أطفال مرة واحدة بهذه الطريقة الوحشية في سجن أبو غريب وإلقاء جثثهم في عربة النفايات أمام عيني والدتهم بشهادة صديقنا الأخ الكريم الدكتور حسين الشهرستاني الذي كان معتقلا" في سجن أبو غريب في ذلك الوقت.
21- السحق بجنازير الدبابات كما حدث في انتفاضة آذار المجيدة.
22- قتل مئات الآلاف من العراقيين بتعريضهم للمجاعة وحرمانهم من الماء والدواء ومياه الشرب الصالحة بعد عاصفة الصحراء.
23- قتل مئات الآلاف من الأطفال بسبب حرمانهم من الحليب والدواء في سياسة موغلة في الحقد على أبناء الشيعة خصوصا" والعراقيين عموما".
24- قتل الناس عن طريق تدمير البيئة ونشر الكيمياويات المسببة للسرطان مما جعل المرض يستفحل بشكل خطير جدا" بين العراقيين وخصوصا" في مناطق الجنوب والبصرة.
25- إعدام الأسرى والمحتجزين وإجراء التجارب الكيمياوية والبايولوجية عليهم خلافا للقوانين والأعراف الدولية.
26- القتل بالتشجيع على القتل وذلك بالعفو عن عتاة المجرمين القتلة وإطلاق سراحهم مرارا" وتكرارا".
27- القتل باستئصال الأعضاء كالكلى والعيون وبيعها.
28- القتل بقطع الآذان وترك بعض الضحايا ينزفون حتى الموت.
29- القتل بالصعقات الكهربائية.
30- القتل بقطع اللسان وجعل المظلوم ينزف حتى الموت.
31- القتل بإلقاء الضحية للكلاب الوحشية أو الوحوش الضارية الجائعة.

لقد خرج شعبنا من الكهف المظلم الذي زجّهم فيه البعثيون الدمويون، فبعض من الذي خرج عُميت أبصاره، فاستغل الحرية التي كان يفتقدها في النهب و السرقة و التخريب. و آخر وجد نفسه في زمن جديد و أن العالم هو غير العالم الذي تخيله في داخل الكهف، و أنه كان يعيش حياة القرون السابقة، و ليس في القرن الحادي و العشرين.
وإذ أنا أستعمل جهاز الكومبيوتر في كتابة هذه الكلمات، أذكر بفرح أولئك العراقيين الذين بدأوا في استعمال هذا الجهاز إذ بدأوا يتطلعون من خلال نافذته الواسعة على ما يجري في العالم. و أتساءل ما الذي كان يحصل في عهد الطغاة البعثيين لو وُجِد عند أحدهم مثل هذا الجهاز؟ أي طريقة من طرق التعذيب و القتل المذكورة سيواجهها؟
لقد كان كل شيء ممنوع بأمر الطاغية! و لم يكن، حتى لوزراءه و جلاوزته إمكانية التطلع الى ما يدور في الخارج، لقد كانت صحون الفضائيات ممنوعة أيضا على جلاوزته.
إن شعبنا قد خرج من الكهف الكئيب لينظر حواليه و يجد أن أعراب النفاق يصفقون و يمجدون بالطاغية لا حبا فيه، كما يقولون، بل حبا بدنانيره الخضراء، و كرها له- لشعبنا الصبور-، و يجد فضائيات النفاق وهي تريد أن يستمر حرق العراق، و أن يعم الإرهاب كافة أرضه.
و عند ذكر اللون الأخضر، الذي تحول الى لون أسود في عراقنا، لا بد من ذكر الأخضر الأخطر الإبراهيمي و أصدقائه، الذين يريدون إعادة شعبنا العراقي الى ما كان عليه أيام كهوف البعث الدموية.
هل ستتعلم أعيننا رؤية حقيقة القرن الحادي و العشرين، و أن شعبنا يجب أن يعيش في كامل ضوء الحياة و الإزدهار؟
و هل سيتركنا أعراب النفاق نقرر مصيرنا بأنفسنا، بحرية و ديقراطية و استقرار؟

محيي هادي –أسبانيا
نيسان/‏2004‏‏
[email protected]



#محيي_هادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصراحة: بمناسبة اغتيال الرنتيسي
- هل الأحاديث النبوية هي نبوية حقا؟
- حرية الإنتخابات و الديمقراطية
- مؤتمر التفرقة العربية
- بأعناقكم يبدأ السفاحون قطع أعناق العراقيين
- احتلال و تحرير و سقوط لأبشع نظام دموي
- هل حال الزوجة غير المسلمة أفضل؟
- كُنت أعيش و أحلم قبل مجيء بعث الذل و الدم
- هُـم، هُـم، لا غيرهم
- نعم للحجاب، لا للحجاب
- إلى المهجَّرين و الغرباء
- عدالة أحكام السلف الطالح
- حلول قاضي القضاة لشبق الخليفة
- اللــون الأحمــــر
- القرضاوي يتزوج بابنة حفيدته
- قانون أحوالكِ الشخصية
- أتمنى أن يقاطعنا الإرهابيون
- وداعا يا عام الخلاص و أهلا بك يا عام الاستقرار
- المستعصم المقامر الذي خسر بغداد أيضا-القسم التاسع و الأخير
- المستعصم المقامر الذي خسر بغداد أيضا-القسم الثامن


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محيي هادي - أصحاب الكهف