|
بصراحة: بمناسبة اغتيال الرنتيسي
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 810 - 2004 / 4 / 20 - 06:45
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أكتب هذه الكلمات و أنا أتذكر العشرات من أبناء شعبنا، و غيره، الذين قتلوا بغدر و بجبن بأيدي إرهابيي التفجيرات، المرتزقة الوهابيون و أشباههم، الذين لم يفرقوا في الغدر بين الطفل و الشيخ و بين الرجل و المرأة. أتذكر شهداءنا الذين اغتيلوا بأيدي المجرمين: البعثيين الإرهابيين القدامى أو بأيدي الإرهابيين الجدد، أتذكر: • شهداء مستشفى الهلال الأحمر. • شهداء أربيل. • شهداء الإسكندرية. • شهداء كربلاء. • شهداء الكاظمية. • و آلاف الشهداء الآخرين، و خاصة شهداء المقابر الجماعية. و أتذكر كذلك المائتي شهيد الذين أغتيلوا بقنابل الإرهابيين الوهابيين في مدريد، و كان بين الشهداء أسبانا و رومانيين و شهداء من جنوب أمريكا و من المغرب، نعم من المغرب، و غيرها من البلدان. كانوا طلابا و عمالا كادحين، و كان بينهم أطفالا و نساء. رحمة الله على أرواح هؤلاء الشهداء، مهما كانوا و من أي مكان وصلوا.
أتذكر أيضا أولئك الإرهابيين الستة، الذين دفعوا ثمن إحسان الناس لهم بتفجيرهم و قتل أبنائهم. هكذا كان جزاء من قدّم إليهم يد المساعدة، إذ لم يلدغوا تلك اليد فحسب بل و مزّقوها تمزيقا. لقد كوّن الإرهابيون الستة حلقة دائرية في داخل الشقة السكنية التي كانوا يسكنوها، و تحزّم كل واحد منهم بحزام متفجرات، و وضعوا متفجرات أخرى في وسط حلقتهم، ففجروا أجسادهم اللعينة و هدّموا العمارة السكنية التي كانت تأويهم. ألا لعنهم الله.
ألا لعن الإله مَـن الإرهاب ربّه و اللابسين دشاديشا قصيرة.
و كما يحدث في الدول العربية الديكتاتورية، يحدث في إسرائيل، فإسرائيل لا تتكلم إلا لغة إرهاب السجون و إزهاق الأرواح. و على الرغم من مقولة أحد السجناء الفلسطينيين من أن سجون ما يسمى بالسلطة الوطنية "هي أسوء و أقسى من سجون إسرائيل"، فإن إسرائيل أيضا تغتال، فاغتالت الرنتيسي اليوم مثلما اغتالت ياسين أمس. -قُتل الذي نصب مجالس عزاء لقراءة سورة الفاتحة على الأرواح النجسة لجلادَيْن من جلادي شعبنا العراقي، خنزيرين: عدي و قصي. -قتل الذي كان يدافع عن خنازير البعث الفاشيستي، ولكن على يد من قُتل؟ على يد خنزير آخر: شارون، واحد من الشارين للأراضي التي باعها له مَن باع و قبض الثمن منه مَن قبض. -قُـتٍل طبيب الأطفال الذي كان يرسل إنتحاريين لإغتيال أي كان، بشكل مقصود لا عشوائي، و خاصة الأطفال. طبيب يعالج الناس و هو مجرم
-قُتل الذي كان يستعمل اسم الإسلام لدغدغة مشاعر الناس، و خاصة البسطاء و المساكين، ليدفعهم إلى موت الإنتحار. -قُتل الذي كان يرسل أولاد الخايبة إلى المحرقة لتفجير أنفسهم، ثم يدفع، ما كان قد قبض من يد صدّام، إلى الأم المفجوعة، لتشتري لها بطاقتي سفر، ذهابا و بدون رجوع، واحدة لابنها نحو فضاء السماء و الثانية لها ، إلى أرض قفراء أخرى بعيدة، بعد أن يهدم العدو بيتها فوق رأسها. -قتل الذي كان يقبض الأوراق الخضراء من عصابات البعث المجرمة، تلك الأوراق التي كانت من الثروات المسروقة من أبناء الشعب العراقي المحاصر: المحاصر بجيرانه، بشكل خاص، و "بأشقائه" بشكل أخص. -قُتل الذي كان يصفق لاختطاف الناس و التمثيل بجثث القتلى و سحلها و حرقها. -قُتل من كان يزغرد لقتل المئات من أبناء شعبنا في أربيل و كريلاء و بغداد و الاسكندرية و و…. -قُتل الذي وقف بجانب الطاغية ضد الشعب العراقي على مدى الأعوام الطويلة الماضية. -قُتل الذي كان يرقص فرحا و هو يشاهد بعثيي الإجرام يزجًّون عراقنا في حرب ضروس ضد الجارة إيران أولا و ضد الكويت ثانيا. -قُتل الذي لم ينبض قلبه شفقة على ضحايانا في حلبجة، بل و دبّك دبكة الخزي على مقابرنا الجماعية. -قُتل صديق بيّوض التميمي الذي طالب بمقاطعة العراقيين، و قتل الأكراد و الشيعة العرب، و ما الأكراد و الشيعة إلا الأغلبية الساحقة لشعبنا. -قُتل الذي كان يعتقد أن حلّ عقدة تشريده لا يتم إلا بتشريد الشعوب الأخرى، وخاصة الشعوب العربية منها. -قتل الذي كان يستعمل أفراد الشعب الفلسطيني درعا بشريا يحميه من إسرائيل، مثلما كان يفعل الطاغية صدام بالشعب العراقي من المناطق التي لم تكن تؤيد الطاغية. -قُتل، بعد أن قصفت إسرائيل سيارته، دون أن تقصف آخرين، لا كما كان يفعل صديقه صدام بقصف العراقيين. -قُتل بعد أن قصفته إسرائيل و هو بعيد عن المدنيين الفلسطينيين، إن إسرائيل الصهيونية أقل إجراما من القوميين البعثيين و من الإرهابيين المتأسلمين. قُتل في ارض مملكته حيث نخرها الجواسيس، الجواسيس منهم لا من غيرهم، كما ينخر الدود الخشب. إن المقاومة في الأراضي المحتلة أصبحت كسيحة و أصابها مرض شيخوخة الرئيس. و لم تعد تفهم أن ظروف المنطقة و العالم قد تغيّرت، وخاصة بعد حوادث الحادي عشر من أيلول، و لا بد من تغيير في عقليتها. لقد ركب تجار الإرهاب و القتل الجماعي ظهر ما تبقى من الثورة، فكسروه و خلعوا منها روح الإنسانية، تماما مثلما خلعوه من قبل النازيون و البعثيون و الصهاينة. إن الأعمال الإرهابية التي لا تفرق بين هذا وذاك، و التي يقوم بها المحسوبون على المقاومة، قد جعلت الكثير أن يقفوا مواقف مضادة، و وضعت أصدقاء القضية الفلسطينية في موضع حرج، إن لم تحوِّلهم إلى موقف معاد. لقد استعمل الإرهابيون اسم العرب ليجعلوا العالم يعتقد أن العرب كلهم إرهابيون، و استعملوا اسم الإسلام ليجعلوا الناس كافة تعتقد أن المسلمين جميعهم إرهابيون و قتلة. إن الصراحة جارحة، و لا يهمني أن تكون صراحتي جارحة و قاسية. فهل يمكن أن يُـنقذ ما تبقى "سالما" من الحرائق التي تشتعل في منطقتنا؟ لقد قُتل الذي كان يحمل في عينيه الشر لغيره، فهل سيأتي آخر على شاكلته؟ و هل سـتأتي براقش أخرى لتجني على أهلها ثانية؟ أم سيأتي آخر يحمل الود و الحب للناس، و خاصة للعراقيين؟
محيي هادي- أسبانيا نيسان 2004 [email protected]
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الأحاديث النبوية هي نبوية حقا؟
-
حرية الإنتخابات و الديمقراطية
-
مؤتمر التفرقة العربية
-
بأعناقكم يبدأ السفاحون قطع أعناق العراقيين
-
احتلال و تحرير و سقوط لأبشع نظام دموي
-
هل حال الزوجة غير المسلمة أفضل؟
-
كُنت أعيش و أحلم قبل مجيء بعث الذل و الدم
-
هُـم، هُـم، لا غيرهم
-
نعم للحجاب، لا للحجاب
-
إلى المهجَّرين و الغرباء
-
عدالة أحكام السلف الطالح
-
حلول قاضي القضاة لشبق الخليفة
-
اللــون الأحمــــر
-
القرضاوي يتزوج بابنة حفيدته
-
قانون أحوالكِ الشخصية
-
أتمنى أن يقاطعنا الإرهابيون
-
وداعا يا عام الخلاص و أهلا بك يا عام الاستقرار
-
المستعصم المقامر الذي خسر بغداد أيضا-القسم التاسع و الأخير
-
المستعصم المقامر الذي خسر بغداد أيضا-القسم الثامن
-
شيوعيو الغوطة يدا بيد مع إرهابيي العوجة
المزيد.....
-
علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه
...
-
خريطة توضح ماذا فعلت روسيا بـ5 أشهر من -الجفاف المدفعي- لأوك
...
-
الإمارات.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يعلق على لقائه الشيخ عب
...
-
السلطات السعودية والإماراتية تتخذ إجراءات عاجلة بسبب الأمطار
...
-
هيئة حماية المستهلك: روسيا شهدت انخفاضا بمعدلات الإصابة بفير
...
-
زهور برية شائعة لتر ميم الأعصاب التالفة
-
صدامات وتفكيك مخيمات محتجين ضد حرب غزة في جامعات أمريكية
-
خيام الاحتجاجات بين العراق وأمريكا
-
الأردن.. الأميرة رجوة الحسين تتسوق في أحد محال مستلزمات الأط
...
-
عرض الغنائم العسكرية الغربية في موسكو يثير ردود أفعال صاخبة
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|