أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم ألياس - مرثية إلى بغداد....















المزيد.....

مرثية إلى بغداد....


جاسم ألياس

الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 06:18
المحور: الادب والفن
    


بغداد عُذريَ إنْ شكوتُ زمـاني
إنـي أراكِ كثيرةَ الأحــزانِ

شاخ الدجى في ساعديكَ وَقد أماطَ
بـراقعاً عن وجـههِ الظمـآنِ

وغداً يُكنِـّفُ معصميك بِحسرَةٍ
خـرساءَ تحـبو دونما هـذيانِ

وغدا يُرتـّلُ ما يَـجودُ بـهِ من
الأوزارِ والأشـواكِ والحَـدَثانِ

ما هكذا بغداد تلتحفينَ موتا ًراعِفا ً
فِي طَـيّـهِ كَفّـاكِ تختلجتـانِ

موت طـويل ٌ، عارمٌ ، متلـبِّد ٌ
ينسابُ تيها ًمـن يـدِ السُلطانِ

ينسابُ وفـقَ فصـولهِ وطقُوسهِ
ينسابُ غَرّاً من فـمٍ رعــنانِ

ينسابُ هذا المـوتُ دون تواقل ٍ
حتى ارعوى متـكاملَ الخفقـانِ

أعـيا الأُساة َزفـيرُه لكأنـّهُ
شبحٌ يـراودُ مُـقلـةَ الوسنانِ

لكأنـّهُ سقطَ الدّهورِ أتـاكِ يا
بـغدادُ يثأرُ من صَبا الأزمـانِ

ماذا جنيت ِخدينة َالشطّينِ كي
يـعتامَ ليلـكِ موكبُ الغِربانِ

إني عهدتـُكِ نعمَ خِلٍّ إذ أتيتُكِ
والأمــاني تستميلُ عِـنانـي

لم تسألي عن لونِ وَجهِي أو أرومةِ
عُـرَّتـي أو عَن حُدودِ مَكانِي

ألقيتِ بينَ جَوانِحي ظِلا ً يَضوعُ ا
لمِسكُ منه وبـارقُ الــريحانِ

بغدادُ بئسَ الناظـرينَ عـوالم َ
الأحـياءِ وفق العـرقِ والأديانِ

لا خيرَ فِي شَعبٍ إذا لمَ تَـرتمي
أنفاسُـه ُفي دورةِ الأكــوانِ

إنَّ الحَـياةَ تَـنَّوعُ وتـفاعل ٌ
ما أبـهجَ الجلبابُ ذو الألـوانِ

ليت الذين يرونَ أنَّ المَجدَ أنْ
تـُمْلى لـروما أو لرهـطِ يَمانِ

يتفحَّصونَ طروسَ أمسٍ كَي يَرَوا
أَنَّ الحـضارةَ حاصـلُ الإنسانِ

إنَّ الشعُوبَ فِـخارُها أن تنتمي
لقَبيلةِ الأخـلاقِ والعـمــرانِ

بـغدادُ يا لألاءَ فانوس ٍ وَيا
دَقّـاتِ حـُلم ٍزاهِر ٍ مِرنـانِ

يا مَجدَ أُغنيةٍ تناشَزَ لَـحنُها
وَتغَرَّبـتْ مِن شَهقَةِ الثـعبانِ

يا وَقفَةَ الـنَّخلِ الكَريمِ مُذلّلاً
هُـوَجَ الرّياح ِبدالياتِ جُـمانِ

يا طَيفَ فِردَوسٍ تَرفُّ بَروده ُ
بين الخيـالِ زَكـّيةَ الأردانِ

يا قَبرَ مَنْ سادُوا وأنتِ صَبورة ٌ
صَبر الضياءِ عَلى الدُّجى الشَنآنِ

ظننتُ أنَّ الـبُعدَ عَنكِ تسلِّيٌ
لكنْ وِصالُكِ عِـلَّـةُ الظعنانِ

من ذاقَ نبعَكِ والوفاءُ نَديمـُه ُ
أَبدَ الحياةِ يصيحُ يا بـغدانِ

أبدَ الحياةِ يهزُّ ذكرُكِ قَـلبَـهُ
هَـزَّ البِحارِ جَوارحَ الشُطآنِ

بـغدادُ عشراً كنتُ خَيرَ مـُدلَّهٍ
يجتاحُني غمرٌ مِن الألــحانِ

وتـهزُّ أَوصالِي لحاظُ مَليحَةٍ
دعجاءَ ذي خَفَرٍ وطيبِ مَغانِ

كانت تلملم ُعن قِفايَ سَحابةً
مِن غـابـرِ الآهاتِ والحِرمانِ

وَتَحيكُ لي غِبَّ اللقاءِ خَميلةً
مِن شَوقِها وترنُّــم الأجفانِ

تَشدُو بأنَّ العمرَ قُربـي ضاحِك ٌ
فَتَمورُ فيّ مَـراتِعِ الغِــزلانِ

وأُقَـبِّلُ الجِيدَ الهتونَ لِينجَلي
شوق ٌصَبوحٌ مِن رُحى الكتمانِ

وتـُغَرِّدُ الأطيارُ نخبَ ودادِنا
وَيَـرومُ بعضَ وصالِنا غصنانِ

بـغدادُ أيـهٍ كانَ ذاكَ لمامَة ً
مِن جودِك المحمودِ ذي السّلوانِ

مهدَ الحضارَةِ كنتِ ، يزحفُ نحوَكِ
الأعلامُ ، مِن ثينا ومِن أَسوانِ

كانَ الزهاويًّ الجحاجِحُ يـصقُلُ
الأفكارَ، لا يخشى ظلامةَ جانِي

وَيَروحُ مَعروفٌ يُثقِّفُ شَعبكِ
حُبَّ العـُلومِ وَمقتةَ الطُّغيانِ

بغدادُ كُنتِ ذرى الشكوكِ فكيف
صرتِ مغارة ً لعبادةِ الأوثـانِ

بَغداد ُحـقـاً والجراحُ كَبيرة ٌ
لا أرتضيكِ مَـفازةَ الـنيرانِ

المـجدُ لَيس بِناءَ صاروخٍ كما
يـبغي طِلابُ المَينِ والبـُهتانِ

المـجُد أنْ تَربُو عَلى أوجارِكِ
خـُضْـر المروجِ وهاطِل الأفنانِ

وَحَلاوةُ الإيـلافِ بين ربُوعِنا
بين النخيلِ وبَينَ كُــردستانِ

أنْ يَرتَقي عَطفيكِ قيثارُ الشّبابِ
وَقَد أزاحَ ثَـراكِ عَن عُقيانِ

بَغدادُ لَيسَ المجدُ أنْ يَرثوكِ لأواءَ
الحـروبِ سَليبةَ الــوِلدانِ

حَربانِ لمَ نَعرفْ لهَا شَأواً سِوى
أَن الظَّليمَ أرادَ كَسبَ رهانِ

أيهٍ وَوَدَّعـنا أكارِمَ نسلِنا
كَي يَشمَخَ الأسيادُ بالعُدوانِ

كَي يهتِفَ الجُّهالُ بَينَ دِيارِنا
"تَحيا العُروبَةُ، لَم تَزَل ذا شانِ

تَحيا العُروبَةُ، قاتِلوا إن الطَريقَ
إلى الخَـليل يَمُر مِن نَـجرانِ

تَحيا العُروبةُ، قاتِلوا إن الخَلاصَ
مِنَ الشَّقاءِ يَــمرّ مِن طَهرانِ

تحَيا العروبَةُ لا يُهمُ إذا هَمَتْ
أرضَ العراقِ جَحافِل الرومانِ

يا مَن ضحِكتُم قارعِينَ طبولَكم
لِكَريهةٍ مَعروفــــةِ العُنوانِ

أيانَ كُنتُم والعِـراقُ مُكبـّل ٌ
لِمَ لَمْ تَـرِودوا سَاحة َ الميدانِ

وتـُقـاتِلوا بهذارِكُم وَضَجيجِكـُمْ
فَنَقولُ إنّكُم صادِقوا الإيمــانِ

بـغدادُ لم يـأتوا وأنتِ جَـريحة ٌ
فَـعلامَ يقتَرحُون خوضَ طِعانِ

وبأيّ حـقٍ يَسألُـونَكِ مَـنفَذاً
يَـجتاز ُمِن بَـوابةِ الجِيرانِ

وَبأيّ حَقٍ يهتِفونَ لِشامِتٍ
جَعَلَ البِلادَ مَـنارةَ الأكفانِ

وهُموا ضحايا آخر ٍمـُُتجَبرٍ
لا فَرقَ جاءَ الظلم ُمِن شَيبانِ

أو مِن لصُوصِ الغَرْبِ أو مِن غاصِبٍ
آثارهُ فِي القُـدسِ والجُولانِ

أهيَ العروبَة ُ أنْ تَسوسَ عواطِفٌ
ويلجُّ داعي العقلِ في النسيانِ

بغدادُ أيهٍ والبـعادُ مـجلْجلٌ
ما زِلتِ لَو تَدرينَ عَقدَ كيانِي

إنَّ العِـراقَ سَخيـّة ٌ ألوانـُه ُ
لكنْ يَـرومُ بَـراعَةَ الفـنّانِ

إنَّ العـِراقَ إذا خَـلَتْ آفاقُـهُ
مِن كالحاتِ الدّودِ والـعُقبانِ

يَغدو نشيداً طافِحاً، ألـحانهُ
دَوحُ أثيـلُ مثـقَل ُالأغصانِ

بغدادُ عـُذري إنْ شَكوت ُزمانـي
إِنَّ الشِكـاءَ وليمـةُ الحِرمانِ

* القيت هذه القصيدة في المهرجان الشعري السنوي لإتحاد الأدباء العرب في أميركا الشمالية والذي أقيم في لوس أنجلس ، 1993 .



#جاسم_ألياس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موال آخر...
- حماة التضاريس....
- مكابدة....
- يوسف سلمان يوسف- في ذكرى تأسيسه الحزب الشيوعي العراقي المناض ...
- زمن الغول يا حلبجة هذا.....
- تجيئين....
- إني أتجرّد...
- عبد الكريم قاسم ..خسره العراق
- في البيت الأبيض...، باراك أوباما أتى به تطور الوعي الجمعي في ...
- الزائرة
- اللص
- لو....
- محمود درويش
- الإتكاء على الجذور
- أحبُّكِ
- كاهن ُ قريتنا
- يا ليل مدينتنا
- أولوية البناء والحرب العادلة
- في محطة قطار لوس أنجلس
- الفقرة المقيتة في قانون النفط والغاز المقترح


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم ألياس - مرثية إلى بغداد....