أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - الموت : قصص قصيرة جدا














المزيد.....

الموت : قصص قصيرة جدا


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2651 - 2009 / 5 / 19 - 09:01
المحور: الادب والفن
    



+ كرم الموت :

هذا الرجل الذي أعاده الموت إلى الدنيا ، وكان قد شارف على الآخرة بلبوس الحيرة والخوف والألم والاغتصاب ، أصبحت له الآن ألسنة كثيرة تقارب المئة لكي يقول ما يريد ، وأصبح له الآن أيضا عمر جديد ليعيشه تحت مظلة قول لا للجميع وحتى لأقوى الناس في معتقده . فكل يوم مر به في حياته السابقة كان مليئا بالغبار والبارود ، وجسده مستثمرا للكي والتجريح والسادية . صلواته كانت أقرب إلى المناجاة والدعاء الذي لا طائل منه في ظلمات الليل البهيم والعقليات السوداوية ...
أصبح لا يخجل الآن من قول الصراحة في وجه الرياح والأمواج والعاصفة ، فيضان روحه وفكره أتى على الفكر المتحجر المغتصب مثل تسونامي جرف الأجساد والأشجار والبلاد . فبوركت مياهه رغم أنف الجميع بمن فيهم من كان يقدس الظلمة والسواد ..
لا نعرف إن كان قد نسي ما جرى ، ولكن النسيان شيء صعب في ظل السادية . يبقى فقط أن يربح الرهان الذي قطعه على نفسه ، وهو العيش بكرامة وحرية ، حتى لو اضطر إلى تقديم نفسه رهينة للحقد والاغتصاب من جديد ..

+ قصور عام :

بوجه بشوش كعادته قال لنا :
- بالله عليكم ، هل تصدقون ما يقال وما يروج في إعلامنا عن حقوق الناس في إعادة الشرف والاعتبار ؟
سكت الجميع وكأنهم يعرفون أنه لم يتمم كلامه بعد ثم أردف بتهكم واضح العيان :
- عن أي إصلاح يتحدث هؤلاء الساسة عندنا وهم غرقى حتى رؤوسهم في اللصوصية والتواطيء مع الجلادين والساديين والفاشيين ...؟ وما الفائدة في منح الحرية لأناس قد هدهم الدهر والمخزن والجلاد لقول كل شيء عدا ذكر الأسماء والألقاب والصفات والسمات ..؟ أليس هذا من قبيل الكيل بمكيالين يا سادة ؟
رد شخص من الجمع بشيء من الاختصار يبين أنه قد سئم الحديث في مواضيع السياسة والثقافة حد الاشمئزاز والتقزز :
- إوا لا حول ولا قوة بالله العلي العظيم ...
ولما أحس أنه لا يستطيع استمالة أحدهم إلى الحديث والنقاش ، تبرم قليلا ثم اتكأ على سور وراءه وقال بنبرة المغتاظ :
- نحن في دول العالم الثالث لدينا قصور معرفي وسياسي حتى في حالات الحرية والرخاء ، فما بالكم في حالات الديكتاتورية والظلم ؟



+ صدفة ... :

بدا علي شيء من الكبرياء وهو يخاطبني باحترام ووقار باديين عليه ، مطأطئا رأسه نحو الأرض ورائحة النبيذ تخرج من فمه كأنه صار مصنعا للخمر والمدام ، ثم قال :
- يا أستاذ ! والله إني لا أقدر أن أرفع وجهي في وجهك وأنا على هذه الحالة . المشاكل وما تفعل بالإنسان ، وأنت أدرى بها خيرا مني ...سامحني على هذه الحالة !
وبيقين المثقفين أظهرت عدم الاكتراث للأمر ، فقلت له :
- لا عليك ، نحن في عصر الحرية ، ولا دخل لأحد في شؤون الآخر أنت حر في حياتك تفعل بها ما تشاء ..
بعد هذه الكلمات تمكن من الرجوع إلى حالته الطبيعية وكأنه ارتاح لكلامي ، ورأيي فيه وهو على حالته المختلفة يترنح بعينيه الحمراوين مثل ديك منتش بالسعادة . ثم انطلق مغادرا بعد أن سلم علي ، ممطرا إياي بالدعاء وأساليب الاحترام والإعجاب . إنه أول رجل أصادفه في طريقي هذا اليوم فيحترمني ، أما الآخرون فلا أعرف لماذا يتطلعون إلي بتجهم وسوداوية ....


عزيز العرباوي
كاتب من المغرب
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفل في هيأة شاعر
- غريب بين النساء : قصة قصيرة
- ثقافة الاستهلاك في مجتمعاتنا :
- الحب في زمن الرخام
- علاقة الإدارة بالأستاذ والصراع المتبادل :
- الوصول إلى الحقيقة : قصة قصيرة
- عندما يكون بعض مثقفينا أبواقا للظلم :
- ثلاثة وجوه : قصص قصيرة جدا
- لحظات حزن لداء القلب
- تجديد الفكر العربي من بعض الشوائب :
- الحياة رخيصة : قصة قصيرة :
- وهم رجل زير نساء
- الإعلام العربي والنفاق الواضح :
- بداية : قصة قصيرة :
- عندما يصبح ما هو ثقافي يتيما وحقيرا :
- مدارات في الثقافة والأدب : رؤية تحليلية :
- تفاصيل غبية : قصة قصيرة :
- شخصية المؤرخ والتعقيدات المنهجية في عملية التأريخ :
- عالم من فراغ :
- المؤتمر القومي العربي : الاستمرارية في خطر :


المزيد.....




- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - الموت : قصص قصيرة جدا