أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هادي الحسيني - اعدام طير !














المزيد.....

اعدام طير !


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 09:55
المحور: كتابات ساخرة
    


القطة التي تمكنت من اعدام الطير واكله داخل العاصمة بغداد قبل ايام اثارت شجون صاحبه ( عمار )الذي يعشق تربية الطيور ويحدثها منذ صغره ، ولعل ما مّر به العراق من مراحل مظلمة كثيرة تجعلنا لا نذكر مثل هذه الحوادث البسيطة في نظر البعض إلا انها ذات قيمة انسانية كبيرة معكوسة تماماً على حياتنا نحن البشر وقد عانى الشعب العراقي من البطش والظلم الكثير وكان الاشد وقعا على النفوس عمليات الاعدام التي استمرت لعقود طويلة من الزمن على ايدي جلاوزة حزب البعث الذي حكم العراق بالحديد والنار ، وما ان تهاوى النظام بطريقة مروعة حتى دخل العراق بصفحات جديدة مزقت ارثه التاريخي والوطني عبر الطائفية والتفرقة بين ابناء الشعب الواحد الامر الذي ادى الى القتل الجماعي في شوارع بغداد وامام انظار المارة بطريقة هستيرية ذهب ضحيتها الآلاف من الابرياء على مدى السنوات التي تلت سقوط النظام السابق ، لم يسلم من الارهاب في العراق حتى الطير الوديع الجميل الذي يبعث داخل النفس الطمانينة والهدوء والجمال ، فقد وصلت ايادي الشر الارهابية الى سوق الغزل ببغداد لتفجره وتحيله الى حطام بما فيه من البشر الذين يهتمون بتلك الطيور على مّر السنين ، وامتدت يد الارهاب الى شارع المتنبي لتحيله الى حطام متناثر وقد تفنن الارهابيون داخل العاصمة بغداد ومدن عراقية اخرى بعملياتهم الارهابية وكان ما كان .

الانسان العراقي يمتاز بخصائل كثيرة اهمها الكرم والطيبة والشفقة والحزن الذي لا يفارق ابناءه فكيف به مشاهدة جرائم القتل الجماعي امام بيته ! هذا ما حدث في السنوات الماضية ، وكيف لقلب الانسان ان يتقبل هذه المشاهد المروعة ؟ الامر الذي انعكس سلباً على نفوس الناس واصبحوا في ليلة وضحاها بلا طيبة ولا قلب يحزن !

وقد استوقفتني حادثة طير ( عمار ) قبل ايام قليلة حين اقام الدنيا واقعدها من منفاه الاوربي الذي يقطنه منذ عقد من الزمان ، عمار الذي تمكن قبل شهور قليلة من الذهاب الى العاصمة بغداد لزيارة اهله واصدقاءه ومحبيه بعد ان غادرهم وهو شاب يافع لم يكمل العشرين من عمره وبعد وصوله وسط فرح الاهل والاحبة تذكر برج الطيور الذي كان فوق سطح بيتهم وطيوره التي كان يعتني بها في تلك الايام ، فلم يعثر الا على بقايا اخشاب قديمة وبضعة بلوكات ، فهم مسرعا الى سوق الغزل ليشتري اجمل الطيور واغلاها ثمناً ومن ثم ليعود ليبني بيتاً جديداً لطيوره الجديدة ، وظل طيلة فترة سفرته تغمره الفرحة باهله واصدقاءه وجيرانه وبطيوره التي يخاف ان يؤذيها احد .

وانتهت اجازة سفرته عاداً الى اوربا موكلا اخيه الاصغر ( علي )الاعتناء بطيوره وبخاصة طير يدعى ( المستكي ) وهذا المستكي المسكين الذي نجا باعجوبة من تفجيرات سوق الغزل الارهابية قبل اعوام كان الموت بانتظاره داخل برجه العاج الذي شيد له داخل حديقة منزل صاحبه عمار ، فبعد سفره بايام كان علي الاخ الوكيل قد تناسى في ذلك الصباح اغلاق باب البرج الذي فتحه ، حتى هجمت واحدة من القطط السمينة على الطير المستكي لتلتهمه بطريقة هستيرية ، خاصة وان القطط في العراق تعيش في حصار مزمن ! وكان عمار قد اشترى هذا الطير بمئة دولار او ما يعادلها ، لكن الخبر وصله عبر الهاتف حيث يقيم في اوربا ، وقد اقام الدنيا واقعدها باتصالاته مستفسراً عن قتل طيره بهذه الوحشية الهمجية ، كما وصلته العشرات من الرسائل عبر الايميل والموبايل تأسف لقتل هذا الطير ، لم يهدأ غضبه على المتسبب إلا وقد اجرى عدة مكالمات هاتفية مع افراد عائلته واصدقاءه وفيها صرف اكثر من سعر الطير اضعاف المرات !

هذه رقة الانسان العراقي الذي يحزن على طير رباه في بيته فكيف به حين يفقد عزيزاً ؟ الدرس بسيط جداً للسياسيين العراقيين الذين اوغلوا بميليشياتهم بقتل الناس الابرياء في شوارع بغداد لتصفية الحسابات القديمة او الصراع على السلطة وفي الوقت الذي تنشغل الكتل الساسية واحزابها بالمحاصصة وسرقات ثروات البلاد فقد ضربوا عرض الحائط قيمة الانسان الذي كان في زمن النظام السابق لا يساوي شيء ليجعلوا منه اتفه شيء بنظرهم ، ولو تمعنوا بحادثة طير عمار والقطة التي اعدمته لجوعها لا لشيء آخر لكانوا قد استوعبوا الدرس جيداً ، لكنهم من الغباء ان يفهموا حقيقة واحدة مفادها انهم قد حولوا البلاد والعباد الى مستنقع للقتل والتفرقة والظلم والطائفية والعنصرية !!



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا حطامكِ فأحمله !
- كيف لي / الى امير الدراجي
- شاعر وقصيدة /4 عبد الامير جرص وقصائد ضد الريح
- الانفلات الامني الجديد!
- كلاب البرلمان تنهش لحم الآلوسي !
- إعدام كادر قناة الشرقية رسالة لقمع الاعلام !
- الكهرباء ، مشكلة تتعمدها الحكومة !
- مسكين مثال الآلوسي لم يتعض !
- الاغتيالات ، من يقف وراءها ؟!
- كامل شياع وداعاً ايها المثقف النبيل
- لنبكِ على ما جرى وإيانا نسيان ما أنتجته أرواحنا
- المغيبون في سجون الاحزاب الكردية !
- سفرات مسعود البرزاني السرية
- رحيل محمود درويش خسارة كبيرة
- ترحيل نقابة الصحفيين العراقيين الى مثوى الطائفية !
- اسرائيل تنتصر لقتلاها !
- الاكراد في خيارين أحلاهما مّر !!
- 14 تموز الثورة الخالدة في ضمائر العراقيين
- المشجب السافل!
- الى اين تذهب اموال العراق الطائلة ؟


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هادي الحسيني - اعدام طير !