أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - راندا شوقى الحمامصى - أركان النظم العالمي















المزيد.....

أركان النظم العالمي


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 04:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لا يستطيع أيّ عقلٍ سليم أن ينكر بأن السبب في ما ألمّ بالناس من مصائب في هذه الأيام إنما يعود في أكثره بشكل مباشر إلى مضاعفات الحرب العالمية وتغافل صنّاع وثيقة السلام وضيق أفقهم. لا يتردد شخص محايد في الإعتراف بأن التعهدات المالية الباهظة التي تعهدت الدول بدفعها لتغطية مصاريف الحرب، وأيضاً نير الغرامات الحربية القاصمة والتي فرضت على الدول المهزومة قد تسببتا -أكثر من غيرهما- في سوء توزيع الذهب، وسوء التوزيع هذا قد أفضى إلى نقص هذا المعدن كغطاء للعملة السائلة وهذا النقص قد أدى بدوره إلى هبوط فاحش في الأسعار مما شكل عبئاً على كاهل الدول الفقيرة. كما أنه ليس بخافٍ على أي محققٍ منصف بأن ديون الدول قد سببت ضغطاً شديداً على سكان أوروبا فأدى ذلك إلى إرتباك في موازناتها المالية وشلل في صناعاتها القومية وزيادة في البطالة. كما لا يوجد أيضاً شخصٌ لا يعترف -مهما كان ساذجاً أو سطحياً- بأن سباق التسلح قد إزداد حدة كنتيجة لشعور عام بالرغبة في الإنتقام وعدم الثقة والخوف من التنافس الناتج عن الإستعداد للحرب وكلها أمور قد تم ترويجها وتأصيل جذورها بواسطة معاهدة السلام حيث تم إنفاق مبلغ ضخم للتسلح يفوق المليار ليرة وهذا بحد ذاته كان كفيلاً بظهور الركود الإقتصادي والكساد المالي. وليس خافياً على أحد -ماعدا قلة قليلة فقط- ذلك التعصب الوطني ضيق الأفق والغاشم المعتمد على الرغبة في الحصول على حق تقرير المصير. ذلك التعصب الذي نتج بعد الحرب العالمية وتسبب في وضع تعريفات جمركية صارمة ووجه ضربة شديدة إلى آلية العالم المادية وحسن سير أموره التجارية.

ولكن ومع كل هذا فلا يصح إعتبار الحرب العالمية -رغم كل خسائرها البشرية والمادية وما أثارته من نعرات وتعصبات- المسئول الأوحد عن حالة الضياع والإضطراب التي أحاطت كل جزء من أجزاء المدنية المعاصرة. النقطة الرئيسية التي أحب أن أؤكد عليها هي أن السبب الحقيقي لإضطراب هذا لعالم ليس هو وقوع أمثال تلك الحوادث والتي هي أمر طبيعي وصحي في مرحلة التغير المؤقتة التي يمر بها العالم وإنما هو بسبب عجز قادة الدول -الذين أمسكوا زمام دولهم ومصير شعوبهم بأيديهم- عن مواءمة نظمهم الإقتصادية وآلياتهم السياسية مع متطلبات عصر دائم التحول وسريع الإيقاع. لنا أن نتساءل: ألا يعود -بالدرجة الأولى- سبب هذه الإضطرابات التي تزلزل أركان العالم المعاصر إلى عجز قادة وزعماء العالم عن تشخيص حاجات عصرهم هذا بشكلٍ صحيح وعجزهم أيضاً عن التحرر الكامل من الأفكار الجاهزة التي تحد من حرية حركتهم، وعجزهم أيضاً عن تغيير آليات حكوماتهم على نحوٍ يتطابق تماماً مع موازين ومعايير وحدة الجنس البشري الذي كان ولا يزال المقصد الرئيسي لدين حضرة بهاءالله؟!! حيث أن تحقق مبدأ الوحدة البشرية -والذي يعتبر حجر الزاوية في نظم حضرة بهاءالله البديع- لهو أمرٌ مستحيل إلا عن طريق إخراج الخطة الفريدة التي سبق الإشارة إليها إلى حيز الوجود.

يتفضل حضرة عبدالبهاء بما مضمونه: "عند كل إشراق لصبح الهدى كان جوهر ذلك الإشراق أمراً من الأمور ... أما في هذا الدور البديع والقرن الجليل فإن أساس دين الله ولب شريعة الله هو الرأفة الكبرى والرحمة العظمى والألفة مع جميع الأقوام والصداقة والأمانة والمحبة الخالصة غير المشوبة تجاه كل الأمم والطوائف وإعلان وحدة العالم الإنساني ...".
ليس بإمكان أحد أن يدرك اليوم مدى عظمة نظم حضرة بهاءالله البديع ومختلف تفاصيله ويعرف سعة إمكانيته ونفوذه حتى ونحن في هذا العصر المترقي، أو أن يتصور مثلاً نتائجه المستقبلية وعظمته وجلاله. إن كل ما يمكننا الحصول عليه الآن عن ذلك النظم البديع لن يكون أكثر من مجرد لمحة سريعة عن بزوغ أول فجر موعود، ذلك الفجر الذي سيزيل -في الميقات المعلوم- ظلمة العالم الإنساني. وإن كل ما نستطيع فعله فقط في الوقت الحالي هو أن نبادر إلى ذكر الخطوط العريضة عن أساسيات نظم حضرة بهاءالله البديع التي وضحها مركز ميثاقه ومبينه المنصوص عليه.

إن مما يؤسف له فعلاً هو مدى غفلة قادة المؤسسات البشرية عن روح عصرنا هذا، فكل همهم ينحصر في إدارة أمور شعوبهم طبقاً لقوانين وموازين تعد من مخلفات العصور السابقة، بمعنى أنه يناسب عصراً كان بإمكان الناس فيه أن يعيشوا في داخل بلدهم معتمدين على أنفسهم ومتبعين سياسة الإكتفاء الذاتي. بعبارةٍ أخرى فإن هؤلاء القادة يريدون تطبيق تلك الموازين في زمن ليس أمامه إلا أحد خيارين: فإما أن يسلك الدرب الذي رسمه وحدد معالمه حضرة بهاءالله ويصل بالتالي للوحدة الكاملة وإما أن يختار الطريق الآخر المؤدية للهلاك. ولهذا فإن مما يليق بقادة كل دول العالم كبيرها وصغيرها، شرقيها وغربيها، غالبها ومغلوبها أن يفعلوه -في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ البشرية- هو أن يصيخوا السمع إلى نداء حضرة بهاءالله المحيي للنفوس، وأن يجعلوا همهم منصباً على توحيد البشر فيطيعوا أمره الأعظم ويقوموا قيام الأبطال بلا أدنى تردد أو تقاعس ليظهروا تجاهه الوفاء حتى يحصل البشر المتألم المتعذب -نتيجةً لذلك القيام- على درياق النجاة المعد له من قبل الطبيب السماوي. كما يتوجب عليهم أن يرموا بأفكارهم العتيقة في زوايا النسيان وينأوا بأنفسهم عن كل التعصبات القومية ويتذكروا بروحهم نصيحة حضرة عبدالبهاء -المبين المنصوص- التي وجهها إلى أحد ذوي المناصب العليا في الحكومة الأمريكية في معرض رده على استفسار الأخير عن الطريقة المثلى لخدمة دولته وشعبه فيما مضمونه: "يجب عليك أن تسع في خير كل أمم الأرض وشعوبها تماماً كما تسعى في خير أمريكا، وساعة ما تعتبر العالم كله بمثابة وطنٍ لك عندئذٍ ينبغي أن تعمم نظام الحكومة الفيدرالية -بالشكل المتبع في الحكومة الأمريكية- على ملل الأرض وأقوامها". كما ويتفضل حضرته أيضاً في الرسالة المدنية -والتي حوت معلومات جد مهمة عن موضوع تحديد النظام المستقبلي للعالم- بما مضمونه: "إن أعلام التمدن الحقيقي ستخفق مرفوفة في أرجاء العالم متى ما قام بضعة ملوك عظماء كالشموس المشرقة أصحاب الهمم العالية ذوو الحمية والغيرة والعزم الراسخ والرأي الثاقب بوضع مسألة الصلح العمومي على بساط المشاورة. يتشبثوا بكل وسيلة من أجل عقد مؤتمر لدول العالم لتأسيس معاهدة قوية وميثاقاً وشروطاً محكمة ثابتة معلنة مصدق عليها من قبل الهيئة البشرية جمعاء على سبيل التوكيد، كما ينبغي لسكان الأرض أن يأخذوا في الإعتبار قدسية هذا الأمر الأتم الأقوم الذي هو في الحقيقة سبب رخاء عالم الملك وينبغي أن تصب جميع قوى العالم وجهوده نحو تثبيت هذا العهد الأعظم وإبقاءه. كما يجب أن يتم ترسيم حدود كل دولة في معاهدة الصلح هذه وتوضيح برنامج عمل كل حكومة، وتعيين وإقرار جميع المعاهدات والإتفاقيات الدولية وعلاقات الدول بعضها ببعض وكذلك تحجيم القوة العسكرية لكل دولة بحدٍ معلوم ٍ حيث أن إزدياد المقدرات الحربية لدولة معينة يسبب توجساً لبقية الدول، كما ينبغي وضع أساس هذه المعاهدة على نحوٍ لو أخلت إحدى الحكومات من بعد ذلك بشرطٍ من شروطها تقوم ضدها كل دول العالم -بل الهيئة البشرية جمعاء- لتدميرها ومحوها بكل شدة وحزم. ولو نجح جسم العالم العليل في أن يستخلص لنفسه هذا الدرياق الأعظم فإنه بالتأكيد سيسترجع توازنه ويستعيد عافيته وينعم بالصحة الدائمة إلى الأبد".

كما يستطرد قائلاً بما معناه: "إن بعض الأشخاص يستصعبون حدوث هذا الأمر إلى درجة الإستحالة ولكنه ليس كذلك بل أنه لا معنى لكلمة المستحيل في ظل رحمة الله وألطاف المقربين إلى عتبة الخالق سبحانه وبفضل الهمم التي لا مثيل لها للنفوس الكاملة المحنكة والأفكار المتفردة. الهمة الهمة، النخوة النخوة فكم من أمورٍ كانت تعتبر في الماضي من المستحيلات التي لم يكن أحد يجرؤ حتى على مجرد تصور حدوثها وإذا بها نجدها اليوم وقد صارت شيئاً غاية في السهولة. إذاً فلماذا يعتبر حدوث هذا الأمر الأعظم الأقوم -والذي هو في الحقيقة الشمس الساطعة على المدنية الإنسانية وسبب لفوز العالم وفلاحه ونجاته- أمراً مستحيلاً وممتنعاً؟ وفي النهاية لابد أن تتجلى معالم هذه السعادة في عالم الوجود".(من كتاب- النظام العالمي لحضرة بهاءالله-توقيعات حضرة شوقي أفندي)




#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداءٌ إلى قادةِ العالمِ-تفهُّم مغزى أحداثِ التّاريخ
- العالم ما بين الأمس واليوم
- محاولة عقيمة لتجريم الفكر البهائي في مصر تبوء بالفشل
- ( ان الله تعالى كامل في ذاته ويجب أن يكون خلقه أيضًا كاملا . ...
- المفهوم البهائي للطبيعة الإنسانية
- عصر ذهبي بين يدي إنسانية طال عهدها بالانقسام والعذاب
- صرخة إلى العالم الإنساني- انقذوا هؤلاء الإنسان
- خطوة نحو اتحاد الجنس البشري
- المحافظة على صيانة وموارد الأرض والبيئة
- فئات المحررين و الباحثين الذين كتبوا حول تاريخ الدين البهائي
- تتعدد أديان الله ويستمر فيضها فهى تُكمل بعضها وجوهرها واحد - ...
- الجبر والاختيار
- الحجاب والنقاب هو الظاهر-أما الجوهر فهو العفة والتقديس
- من جواهر المعاني
- زخْم رحمته
- الخلق الجديد
- نزع السلاح وأثره على البيئة
- ستعرفون الشجرة من ثمارها
- بين القرن التاسع عشر والعشرين
- صفحات تاريخ من نور


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - راندا شوقى الحمامصى - أركان النظم العالمي