أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ستعرفون الشجرة من ثمارها














المزيد.....

ستعرفون الشجرة من ثمارها


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 01:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الدورات الإلهية السابقة، كما هو الحال في هذا اليوم، اختار الله لخدمة أمره نفوسًا، رجالاً ونساء، امتازوا بالوداعة والتواضع. عن أولئك يحدّثنا القرآن الكريم قائلاً: "ونريد أن نمنّ على الذين استضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين."(القصص 5)
كذلك يردّد الإنجيل مثل هذا القول: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض."(اجيل متى-الاصحاح5 آية5)
بإعلاء أمره ونصرته على يد أبسط خلقه وأدناهم، فإن الله قد أثبت سطوة مظاهر أمره وقدرتهم. إذ حينئذ لن يجرؤ أحد على اتهامهم بأنهم أسّسوا صرح الدين بتأثير المشهورين من الناس ونفوذهم. يكفي مثلاً أن نتذكّر بأن أول فئة قليلة من النفوس الذين اعترفوا بالسيد المسيح وآمنوا به لم يكونوا من البارزين في المجتمع. بل كانوا يعامَلون بازدراء ثم اضطهِدوا. كذلك كانت حال من سلك دربهم ومات الكثير منهم استشهادًا. إلاّ أنه رغم ضعفهم الظاهري شاعت رسالة السيد المسيح في أقطار الدنيا وتأسّس دينه. وهذا واحد من البراهين على أحقية دعوته.
في أوائل الدعوة المحمدية أيضًا لم يكن في صفوف أتباعه سوى أفراد من المستضعَفين والمنبوذين. ولذلك سخر القوم من النبي قائلين: "ما نراك إلاّ بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين."(هود 27) وكان الرسول محمد  نفسه موضع اعتراض مرير بل واضطِهد من قبل أهل مكة ثم هاجر أخيرًا إلى المدينة طلبًا للأمان. مع ذلك ورغم ما كان فيه هو وصحابته من المظلومية والهوان، انتصروا بقوة الله على أعدائهم ونفخوا حياة روحية في جماهير عظيمة من الناس.
إلاّ أن الغرب ينتقد كثيرًا الكيفية التي تأسّس بها الإسلام. ومرجع ذلك كله تقريبًا إلى ما روّجه مسيحيون متعصّبون من تقارير مشوهة عبر القرون، ناكرين تعاليم الإسلام الروحية ومبادئه النبيلة، محوّرين تفسير معتقداته، مبالغين في نقل خلفياته غير المألوفة وناشرين المفتريات الشنيعة بحق مؤسّسه.
هناك رواية شيّقة حول هذا الموضوع تركها الحاج محمد طاهر المالميري في مذكراته، ينقل فيها فحوى لقاء طويل بينه وبين مبشر مسيحي في يزد كان يعرف الفارسية جيدًا وكان هدف اللقاء إثبات أحقية دعوة حضرة بهاءالله. ففي أثناء الحوار طُرح موضوع الإسلام. فيما يلي ترجمة لجزء بسيط من النقاش:
قال لي (المبشّر المسيحي): ’وما بال محمد؟‘ قلت: ’أعتقد من ناحية بأن نفوذ كلمة محمد كان أعظم من عيسى.‘ كان ردّه السريع: ’كيف يمكن أن يكون ذلك؟‘ فأجبت: ’تعلم بأن عيسى ولد ونشأ في الأرض المقدسة وهي من بلاد الشرق حيث أعلن رسالته وأمضى سنوات بعثته قبل صلبه أخيرًا. لكن رغم ذلك وبعد مرور ما يزيد على ستة قرون فإن دينه لم ينفذ في أي من البلدان الشرقية بنحو يستحق الاعتبار، بينما اليوم كل مسلم تلتقي به في الشرق يؤمن بأن المسيح روح الله وأن الكتاب المقدس كلمة الله. فالإيمان بعيسى والاعتراف بسماوية دعوته لم يبلغا أهل الشرق إلاّ بواسطة محمد. أليس كذلك؟‘ فأجاب: ’نعم هذا صحيح، لكنه تمّ بالسيف.‘ أضفت شارحًا: ’طيلة ثلاثة عشر عامًا عاشها محمد بعد بعثته في مكة لم يستعمل خلالها سيفًا رغم تعرّضه طوال تلك المدة لسخرية وظلم متزايدين. بلغ به الحال إثر اشتداد ضراوة الاعتداءات بحيث كان يلتجئ إلى كهوف الجبال، وأخيرًا اضطر للانتقال إلى المدينة طلبًا للأمان. أمّا المناوشات التي اشترك فيها محمد فكانت جميعها دفاعية في طبيعتها. مع ذلك دعنا نقبل صحة ما تدّعي. دعنا نفترض بأن محمدًا نشر دعوته بحدّ السيف في حين أن المسيح حقّق ذلك بعون روح القدس. تعلم بأن السيف أداة مميتة، فإنها تقتل، تدمر وتمزق. مع هذا فإنه تحول بيد محمد إلى بركة مستورة. فبفضلها حصل ثلاثمائة مليون نسمة على نعمة الحياة الروحانية، وتوحدت عدة فئات متحاربة وارتبطت شتّى المجتمعات برباط الوحدة والأخوة، ورفعت من شأن القبائل العربية المتوحشة إلى أرفع ذرى المعرفة والحضارة، أنصف الآن في حكمك، أيهما أصعب تحقيقًا وأدعى للعجب؟ بعث الحياة هكذا عن طريق السيف أم بالوسائل الروحية؟ بعبارة أخرى، أيهما أحذق، طبيب يشفي مرضاه حالاً بإعطائهم الدواء، أم آخر يخفف العلة بعقاقير مسكّنة؟‘
’حسن،‘ قال، ’لكن محمدًا كان شهوانيًا له عدة زوجات بينما المسيح لم يتزوج أصلاً.‘ أجبت: ’إن كنت تقصد بقولك، المسيح لم يتزوج، التأكيد على سمو فضائله السماوية فأخشى أن تكون مخطئًا. ذلك لأنه كان للمسيح جسد كأي إنسان آخر، وأما حقيقة أنه ما تزوّج فربما مردّها إلى أنه لم يجد مستقرًا له حيث إنه في فترة بعثته القصيرة كان دائم التنقل في البلاد. أم تريد أن تنسب افتقاد الدافع الجنسي الغريزي إلى المسيح مما يدلّ ضمنًا على نقص جسماني وليس فضيلة سماوية إذ إن رسل الله كاملو البنية روحيًا وجسديًا. هذا فضلاً عن أن المسيح نفسه لم يقل شيئًا ضد الزواج. لنسلّم جدلاً بمقولتك، ومع ذلك لا يمكن لأحد أن ينكر بأن محمدًا استطاع أن يبث في أتباعه أعلى درجات الطهر واستقامة الخلق، وينمي درجة رائعة من الاستقامة والوعي الروحي بين أفراد مجتمع بلغ من الانحطاط أدناه في تلك الأيام بحيث وصل إلى حضيض الهمجية والجهالة. واليوم بعد ما يزيد على 1300 سنة من دعوته فإن أثر قوته الروحية التي ما تزال تربط بين شتى المجتمعات العرقية يمكن مشاهدته واضحًا في كل مكان. إن الروحانية وغريزة الجنس ضدّان كالماء والنار. وبالنسبة لمحمد فإنه وفّق بين هاتين القوتين المتضادتين في داخل نفسه، بينما أنت تقول بأن المسيح كان ذا طبيعة روحانية فقط. أترك الآن لتقديرك المحايد كي تقرّر فيما إذا كانت طبيعة محمد كانت أكثر روحانية أم شهوانية. إلاّ أنه يجب ألاّ نضلَّل بمثل هذه الاعتبارات. فسبق للمسيح أن علّم: [ستعرفون الشجرة من ثمارها].‘



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين القرن التاسع عشر والعشرين
- صفحات تاريخ من نور
- ماهية النظام العالمي الجديد
- من أسباب تخلف العالم العربي وسبل الخروج منها
- يا أهل الشرق والغرب هلموا لنزع السلاح وكفانا حروب وعنف وأهلا ...
- السلام هو الأساس في حياة الإنسان
- العولمة والمجتمع البهائي في العالم الإسلامي
- السلام العالمي وعد حق من الله للبشرية
- جناحا الإنسانية
- الطبيعيين ومقولة-(أن الطبيعة خالقة للإنسان)
- محو التعصّبات بجميع أنواعها
- الدين الإلهي هو النور المبين والحصن المتين
- هشاشة النهج السياسي
- المنظورات الروحانية
- العلاقة بين الإنسان والطبيعة
- تحريف الكتب
- دروس فى الإسلام-محمد (الرسول النبي)-6-الأئمّة الأطهار -الأخي ...
- دروس فى الإسلام-محمد (الرسول النبي)-5- ما هو الإسلام ؟
- دروس فى الإسلام-محمد (الرسول النبي)-4 -القرآن الكريم
- دروس فى الإسلام-محمد (الرسول النبي)-3 - وَإِنَّكَ لَعَلَى خُ ...


المزيد.....




- نزلها عندك.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الأقما ...
- شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل ...
- سيدة بريطانية يهودية تفضح محاولات وسائل الإعلام والسياسيين ف ...
- تونس: قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية ...
- تونس تقترض 1.2 مليار دولار من -المؤسسة الدولية الإسلامية-
- مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية
- -لم توفر بيئة آمنة للطلاب اليهود-.. دعوى قضائية على جامعة كو ...
- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ستعرفون الشجرة من ثمارها