أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين القطبي - امريكا، الشيطان والرحمن في جسد واحد














المزيد.....

امريكا، الشيطان والرحمن في جسد واحد


حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


امريكا اخطأت في دخول العراق، امريكا اخطأت في حل الجيش، امريكا اخطأت في.... الخ، هذا ما يستطيع ابسط محلل سياسي ان يعدد على شاشة فضائية مستجدة، ولكن المحلل السياسي ذاته يفوته دوما ان يذكر اخطاء نفسه هو.

واول اخطائه هو الاعتقاد بان امريكا تريد تنفيذ ما في باله هو وليس ما في بال امريكا، اي ان الجيوش التي انفقت المليارات على التغيير انما جاءت لتنفيذ اجندة المحلل السياسي ذاته، ولذلك فانه يرى كل اجراء لا يتلائم مع شكل الدولة العراقية التي يحلم بها هو، على انه خطأ ارتكبته امريكا.

والحقيقة ان الادارة الامريكية لها اجندتها وتصوراتها الخاصة في شكل الدولة العراقية التي جاءت لبنائها، تختلف بالتأكيد عن شكل هذه الدولة التي يبنيها المحلل السياسي لنفسه، في ذهنيته.

ولان دخول الامريكان الى العراق ترافق مع اسقاط اعتى نظام ديكتاتوري دموي عرف في اواخر القرن العشرين، فقد ارتبط هذا "التحرير" بالقيم الانسانية النبيلة، والدفاع عن حقوق المظلومين، خصوصا ونحن، كشرقيين، مانزال مأخوذين بالقيم الانسانية التي لم يلوثها عصر المكننة الحديث.

وكان اغلب هؤلاء المحللين ينتظرون من الامريكان بناء دولة ديمقراطية على غرار نظم اوربا الغربية والولايات المتحدة نفسها، وان يشهدوا قفزة اقتصادية هائلة تشبه ما حدث في اليابان والمانيا وكوريا الجنوبية، ولذلك فان نتائج هذه التغيير، التي جاءت مخيبة لامالهم، تدفعهم للاعتقاد بوجود خلل ما في السياسة الامريكية نفسها.

صحيح انه لم يكن من السهل معرفة خفايا المشروع الامريكي سلفا، الا انه بالتاكيد لن يختلف عن ما هو موجود في بلدان الشرق الاوسط الاخرى، التي تخضع مثلها مثل العراق لمبضع الجراح الامريكي، سواء بشكله الصريح كما هو الحال في افغانستان ودول الخليج، او بشكل مموه كما في مصر وتركيا. فهو مشروع ناضج وواقعي، يعرف ان الديمقراطيه في هذه البلدان تحمل سمات خاصة تختلف كثيرا عن الانظمة الديمقراطية في الغرب، وذلك لاسباب اقتصادية واجتماعية وتأريخية خاصة بهذه البلدان، لايمكن تجاوزها، ولا يختلف العراق عنها.

والمشروع الامريكي ليس فيلما خياليا، او ساحر السيرك ليحيل الحمامة ارنبا بضربة سبابة، بل هو اكثر رصانة من ذلك بكثير، هو مشروع ناضج خضع لدراسات مكثفة استمرت سنين، يأخذ الواقع الاقتصادي، الاجتماعي والتأريخي بنظر الاعتبار، ويخلص الى ان العراق لن يكون سوى بلدا شرق اوسطيا تتحكم به نفس الضروف الموضوعية التي رسمت ديمقراطية البلدان الشرق اوسطية الاخرى.

لذا فان شكل الديمقراطية التي ارادتها الادارة الامريكية في العراق تختلف كثيرا عن شكلها في السويد وبريطانيا، ببساطة لان ذلك غير ممكن على الاطلاق، والامريكان اكثر واقعية من مجرد مقامرين. على عكس احلام المحللين السياسيين.

لذلك فان الاجراءات الامريكية التي لم تفضي لرفاهية مستعجله، ولا لاطر برلمانية غربية اعتبرها المحللون السياسيون اخطاءا ارتكبتها الادرة الامريكية. بينما لا تعتبر هذه، وفق الاجندة الامريكية اخطاءا، بل اجراءات معدة سلفا وفق تسلسل تاريخي بالنسبة للامريكان، والا لخضع المخطئون للمحاكمة.

نعم الادارة الامريكية هي التي اجتذبت الارهاب الى العراق، بعد ان حلت الجيش اثر قرار بول بريمر في 23 مايو-ايار 2003، ولم يكن ذلك خطأ في السياسة الامريكية.

ولم تخطئ الادارة الامريكية في فرض اكثر من ثلاثين ممثل على البرلمان العراقي من التيار الصدري، والانتخابات الحرة لا توصل اكثر من ثلاثة.
ولم تخطئ في فتح الحدود البرية للعراق لدخول مقاتلي القاعدة، في حين كان بامكان الادراة الامريكية ضبط هذه الحدود بما لديها من اجهزة مراقبة واستشعار هي الاكثر تطورا في العالم، كما كان بامكانها ممارسة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية على دول الجوار المصدرة للارهابيين من اجل انقاذ مشروعها في العراق.
ولم تخطئ الادارة الامريكية في اهمال الجانب الخدمي في حياة المواطن العراقي مثل توفير الكهرباء وفرص العمل، الخ.
ولم تخطئ الولايات المتحدة في تعقيد مشكلة كركوك، الجرثومة التي تضعف بها جسد العراق، ولم تخطئ في اعتمادها على القوى الدينية المتحالفة مع ايران...
كل هذه ليست اخطاء في السياسة الامريكية لانها جزء من المشروع الامريكي، الفوضى الخلاقة، الذي لم تخفيه.

اخطاء امريكا لا يعرفها سوى اصحاب القرار الامريكي، وهم وحدهم الذين يقيمون، وبصورة دقيقة، اخطائهم، لانهم هم الوحيدون الذي يعرفون خفايا الاجندة التي يعملون وفقها.

نعم، امريكا باسقاطها للديكتاتورية الصارمة، نقلت العراق من مرحلة الدولة المتسلطة، الى دولة التعددية السياسية، الاكثر تطورا، وملائمة لنمط الحياة في القرن الواحد والعشرين. وهو الحلم الذي كانت غالبية العراقيين تعتبره هبة من الله.
الا ان امريكا نفسها خيبت امال المحللين السياسيين، والسواد الاعظم من العراقيين، بالفوضى الخلاقة هذه.

لذلك فالحكم على اجراءات الادارة الامريكية في العراق خلال السنوات الستة الماضية، بالصح او الخطأ، لن يكون من خلال اعتبار امريكا هي الرحمن الذي انقذ العراقيين من نير ديكتاتورية قمعية وتعسفية، فقط، وليس من خلال اعتبارها الشيطان الذي زحف باساطيله المرعبة واذرعه العملاقة لامتصاص نفط العراق. وانما باعتبار امريكا هي الاثنين، الرحمن والشيطان في جسد واحد.




#حسين_القطبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد المحي البصام لم يتغير
- عراق يبحث عن مشاكل، مع العمال الكردستاني هذه المرة
- هل العراق دولة عنصرية؟
- هل فشل المالكي في اعادة تسويق البعث؟
- صلح المالكي، حيرة بين امرين
- لماذا التعتيم على محكمة الكرد الفيلية
- يوم المرأة: لا للتمتع الجنسي مع الرضيعة
- وجيهة الحويدر، كفاح من اجل ذلك القنديل
- هيا بنا نسرق
- فيلة تطير في سماء العراق
- الدم الفلسطيني ... والدم الكردي
- اعياد العراقيين تهاني ام مواساة؟؟؟
- طريق القدس يمر من اربيل
- ترشيح المالكي لجائزة نوبل مطلب امريكي
- المالكي والاتفاقية، دلع بنات غير مبرر
- الامريكيون عنصريون ونحن لا
- جحوش المسيحيين جزء من الكارثة
- استخفافا بدماء الشهداء المسيحيين...
- العراق: رائحة حرائق قومية في المطبخ الامريكي
- انا المؤمن، ورجل الدين هو الكافر


المزيد.....




- ترامب: الوضع في غزة -كارثي-.. وأعتقد أننا سنتوصل إلى وقف إطل ...
- 35 ألف طفل أوكراني في عداد المختطفين... وأهالٍ يواجهون الخطر ...
- قتلى بمدينة الفاشر بالسودان وموافقة -أحادية- على هدنة لأسبوع ...
- إيران تندد بالنوايا -الخبيثة- لغروسي وترفض زيارة مواقعها الن ...
- -مؤسسة غزة الإنسانية- مهددة بمواجهة إجراءات قضائية في سويسرا ...
- نتنياهو يبحث الحرب بغزة وسط ضغوط داخلية ودولية لوقفها
- إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟
- هل تنجح خطة نتنياهو لـ-شرق أوسط جديد- أم يفرض العرب واقعا مخ ...
- أمير الموسوي في بلا قيود: تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 60% ...
- بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق ال ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين القطبي - امريكا، الشيطان والرحمن في جسد واحد