عالية بايزيد اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2633 - 2009 / 5 / 1 - 08:12
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
استأثرت انتخابات مجلس محافظة نينوى الجديدة باهتمام إعلامي وجعجعة كلامية واسعة عبر انتقادات عديدة لقائمة نينوى المتآخية التي ضمت الأطياف بكل تلاوينها السكانية المختلفة , وابتدءا أقول إني لست ممن يهوى الدفاع عن الآخرين إلا إن الواجب والحرص الديني والوطني يفرض علي أن انطق بكلمة حق تجاه هذه القائمة التي تضم غالبية أعضاؤها من اليزيديين , وهذا يحصل لأول مرة في تاريخ الانتخابات المحلية , وردا على ما تفضل به بعض من الأخوة الكتاب واخص بالذكر منهم الأخ حمزة الجنابي والأخ طالب العسل وآخرين من الذين كالوا الانتقادات والتهم على أعضاء هذه القائمة واتهموهم بالخيانة والعمالة لمجرد أنهم قاموا بما كان عليهم أن يقوموا به حين اتخذوا موقفا معارضا , ولما شهدته هذه المحافظة من تطورات خطيرة بعد توزيع المناصب السيادية للمجلس والإدارة الجديدة في جلسة انعقادها الأولى في 12/4/2009 على قائمة الحدباء حصرا الفائزة بثلثي مقاعد المحافظة والبالغة 19 مقعدا من أصل 37 مقعد , واستئثارها بالمناصب الرئاسية , المحافظ , ورئاسة مجلس المحافظة , مع نوابهما , والمدراء العامين , وإتباع قاعدة الأقلية والأكثرية بعيدا عن مبدأ الاستحقاق الانتخابي ومبدأ الشراكة والتوافق , وتهميش وإقصاء بقية القوائم الأخرى , في حين إن قائمة نينوى المتآخية التي احتلت المرتبة الثانية والتي حصدت ثلث المقاعد والبالغة 12 مقعدا ومع ذلك لم تحظى بأي منصب سيادي , مما حدا بأعضاء هذه القائمة إلى مقاطعة جلسات التشكيلة الإدارية الجديدة للمحافظة وإعلان انسحابهم من اجتماعاتها , احتجاجا على ذلك التهميش ,
ثم أعقبه إعلان قائمقامو كل من سنجار وشيخان ومخمور إلى استقلال أقضيتهم ووحداتها الإدارية عن محافظة نينوى وطلب الانضمام إلى إقليم كردستان طالما إن الإدارة الجديدة استأثرت بكل المفاصل الإدارية وحصرتها بقائمتها وتركت الآخرين خارج السرب ,
وان كنا نتحفظ على هذا الإجراء المتسرع لما يشكله إعلانهم هذا من عواقب ومسؤولية دستورية , كونها مخالفة للدستور والقوانين المرعية , الذي كان ينبغي الانتباه والحذر منها قبل التسرع بهذا الإعلان الانفصالي , وكان عليهم إتباع الأصول الدستورية حسب تسلسل مرجعياتهم الإدارية , ورفع الأمر إلى الرئاسات الثلاث في المركز ,رئاسة الجمهورية , ورئاسة الوزراء , ورئاسة مجلس النواب , للبت في ذلك الصراع الذي الجاته قائمة الحدباء إليها , خاصة وان حكومة الإقليم لم تعلق على هذا الإعلان ولم يصدر أي تصريح أو بيانا رسمي بشأنها لحد ألان , إلا إن إعلان القائمقامون الثلاث كان مع ذلك بمثابة ردة فعل وصرخة احتجاج , اقتضتهم والجاتهما إليها دكتاتورية الإدارة الجديدة بعد أن أقصيت قائمتهم المتآخية التي صوت عليها سكان تلك القاضية عمدا , والسنوات الأربع لم تبدأ بعد .
فإذا كانت البداية هكذا فكيف ستكون سير العملية المفترض بأنها ديمقراطية ؟؟ ومن يتجنى على الديمقراطية إذا كانت الأقليات الدينية والقومية تعيش أزمة سياسية وفكرية واجتماعية ؟؟ أين نحن من الديمقراطية والوحدة الوطنية في ظل غياب العدل والمساواة والمشاركة للأقليات المحرومة من استحقاقاته المدنية والسياسية الطبيعية ؟؟؟ من قال إن العراق يعيش مرحلة ديمقراطية وان التعبير عن الرأي أصبح حرا وان المواطن يتمتع بمواطنيته فيما النظرة الشوفينية مازالت قائمة تهدف إلى إبعاد الأقليات عن مراكز القرار ؟؟؟ أية ديمقراطية حين يتحول الوطن إلى منفى لأقلياته الاصلاء وهم مغتربون ونازحون ومهجرون في ديارهم ؟؟؟ إن تطبيقات النهج الديمقراطي في العراق يثبت بأنه دائما يهوى السير بالاتجاه المعاكس .
إن جميع المحافظات في العراق قامت بتوزيع المناصب السيادة بحسب الاستحقاق الانتخابي وحسب مبدأ التوافق والشراكة بغض النظر عن أغلبية وأقلية أو محاصصة دينية أو قومية أو أيا كان , عدا نينوى , وكربلاء التي فاز فيها العضو المستقل يوسف الحبوبي بأعلى نسبة تصويت لوحده في المحافظة إلا انه لن يحظى بأكثر من مقعد واحد ومنصب النائب الثاني للمحافظ مع انه يستحق منصب المحافظ بامتياز ,
إذن جميع الكتل والكيانات السياسية والدينية تبحث لها عن موطأ قدم لها على الساحة السياسية وتحاول أن تفوز بالمكاسب والامتيازات الشرعية والقانونية ولكن ليس على حساب المواطنة , فهاهم السنة يطالبون منذ ألان بتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية تمهيدا لنقلها إليهم من الائتلاف الكردي , وقد صرح رئيس جبهة الحوار الوطني وعضو مجلس النواب بان العراق بلد عربي وان أكثر 84% من سكانه عرب فليس من الإنصاف أن يكون رئيسه كرديا !!! . هكذا تصريحات تحمل صبغة العنصرية والشوفينية وكان الأكراد وغيرهم من المكونات الأخرى ليسوا بعراقيين , وهذا يذكرنا بتصريحات احد مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين في مصر عندما صرح انه يفضل أن يتولى مسلم اندونيسي رئاسة بلده على أن يتولاها مصري قبطي !!!!!!!! أما الشيعة فقد ضمنوا لأنفسهم منصب رئاسة الوزراء لذلك هم لايحتاجون إلى تصريحات ولا إلى تحالفات لأنهم يشكلون أغلبية سكانية تتجاوز ال70% .
ولو أخذنا لمكونات الدينية ممن يشكلون أقلية سكانية فليس لهم إلا الإقصاء والتهميش والتشريد بسبب الإرهاب الإسلامي المتطرف وفتاوى جهادية تصدر من الجوامع والمساجد تحرض على القتال , كما حصل مع أحداث سنجار وكر عزير , ومأساة العمال ال24 الذين استشهدوا غدرا بلا ذنب ولاجريرة , والطلاب والموظفين الكسبة الذين أرغموا على ترك مصالحهم وإعمالهم , وكذا الحال حصل مع الإخوة المسيحيين حين هجروا من الموصل أواخر عام 2008 بسبب حملات القتل والتصفيات التي تعرضوا لها مما دفعهم إلى مطالبتهم بحكم ذاتي في منطقة سهل نينوى .
إن ثيمة المشاركة والتوافق والعدل والمساواة ما هي إلا أكذوبة تنطلي على أكاذيب شتى فقد أعلن المحافظ الجديد خلال مؤتمره الصحفي الذي أذيع يوم 28/4/2009 من على قناة الموصلية الفضائية مانصه " إننا ملتزمون بتطبيق القانون والدستور على الجميع وفق الاستحقاقات والالتزامات ولن نتساهل مع الموظفين الذين لايدركون حدود وظائفهم "
طيب إذا كنتم تلتزمون بالدستور كمنهاج عمل وتطبقون أحكامه بدقة ., فأين هي إذن يا سيادة المحافظ استحقاقات قائمة نينوى المتآخية من المناصب الرئيسة في المحافظة ؟؟؟ ولماذا التأكيد على إن تصريحات القائمقامون الثلاث لسنجار وشيخان ومخمور تصب في خانة تكريد المناطق الإدارية التابعة لحدود الموصل؟؟؟ , وبغض النظر عن شرعية تصريحاتهم هذه فإنها تصب في مصلحة أبناء هذه القاضية وتوابعها , نعم إن إقليم كردستان هي الحاضنة لجميع الأقليات على أراضيها وإقليمها الجغرافي بما فيها تلك القاضية الثلاث التي أعلن قائمقاموها قرار الانفصال , فهي رغبة سكان هذه المناطق بعد أن قطعت سبل الطرق إلى مدينة نينوى , وقلة من اليزيديين من يتجرا الذهاب إلى الموصل لقضاء حاجة أو مصلحة ما , وماذهب احدهم إلى الموصل إلا وحمل كفنه معه وهو لايعلم إن كان سيعود سالما إلى أهله أم لا ,
لذلك كانت الحاجة إلى إجراء استفتاء شعبي ديمقراطي لهذه المناطق التي تسمى ـ بالمتنازع عليها ـ لأنها ستبين بصورة قاطعة مصير هذه المناطق فيما إذا كانت ترغب الانتماء إلى إقليم كردستان أو حكومة المركز , وهذا يعني أن تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي حول مسالة كركوك والمناطق المتنازع أصبحت ضرورة لابد منها , لأنها مازالت تراوح في مكانها وان عدم حسمها لحد ألان هو الذي يؤدي إلى زعزعة هذه الثقة بين الإقليم والمركز والتشتت والازدواجية في التعامل بين إدارتين وحكومتين منفصلتين عن بعضهما في هذه المناطق .
فنحن الأقليات الدينية بأمس الحاجة إلى العدل والمساواة ومنحنا حقوقنا المدنية والسياسية واستحقاقاتنا الشرعية وإعادة ترتيب الأوضاع ليكون لنا صوت مسموع وفق مبادئ الدستور الذي هو قاعدة التشريع الأساسية وإطار عمل السلطة التنفيذية ومرشد السلطة التشريعية , بعيدا عن أي تأويل أو تحميل ونخص بالذكر المادة 116 من الدستور في باب المبادئ الأساسية , و تفعيل المادة 125 الواردة في باب الحقوق والحريات التي تضمن الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية لكافة مكونات الشعب العراقي .
#عالية_بايزيد_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟