أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - يوسف الصائغ















المزيد.....

يوسف الصائغ


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 03:48
المحور: الادب والفن
    


قاسى كثيرا مع قناعاته وتجاوزها قسرا، استخدم السلطة في القمع، منتقما من قمعها، تخاذل كثيرا حتى صار لسان حاله يردد: " أبدا ما أردت أن أخون سيدي " نعم، قالها يوسف الصائغ بالقوة قالها أم بالرضا قالها. ولنا حق التأويل في من يكون سيده الذي لم يرد خيانته، هل هي النظرية؟ أم هو الحاكم؟. وتحدث أيضا عن الخيانة، ما تعنيه الخيانة للسيد وكيف يمكن ان تكون: " كان ذلك يعني الكثير من العذاب " ـ حسب الصائغ ـ. وهنا نتساءل عن نوع العذاب الذي يخشاه نتيجة الخيانة؟ أهو عذاب نفيه داخل الذات؟ أم عذابات عقوبة القطيعة التي يعيشها جراء ذلك من خلان ما غفروا له الزلة؟ أم من عذاب التصاقه بفكر ما أحبه قط واقترانه به عنوة؟؟؟
تعبت ..
وجربني في انتمائي القطا
وجعي بهم ،
مثل حبل الجنين
أنا متعب..
ضائع ..
بين رفضي لكم .. وحنيني اليكم
لهذا أموت
انه الانتماء الذي يمثل له الارتباط الأم، بحبل السرة، اذا ما انقطع دبت به الحياة بمعزل عنها. حائر بين الرفض والقبول، متعب، ضائع، ولا يعني ذلك غير الموت في الحياة.اذن ما نتهمه به هو ليس التمرد على انتماءه الايديولوجي ـ كارثته الكبرى، بقدر ما هو الخوف من الموت، أو هو حب الحياة. ولو تصفحنا الأسطر الأولى من مسرحيته (الباب) سيستقبلنا على الفور حواريته مع الحاكم التي تمسك بوثيقة اعترافه التي خطها بيده، الكافية كدليل على اتهامه:
الحاكم: ألم توقع العهد، وتبرمه [ ...] وأشهدت عليه كاتب العدل؟
هـو : أجل ..
الحاكم: أنت تعترف به اذن ؟
هـو : لقد كتبته بنفسي ..
الحاكم: كيف تبرر اذن تنصلك عنه، ورفضك تنفيذ ما جاء فيه ؟
هـو : لا تبرير عندي ياسيدي .. لاتبرير .. كل ما هنالك أنني ـ كما قلت ـ لا أريد ان أموت ..
الحاكم : هكذا ببساطة ..؟
هـو : ما حيلتي ياسيدي ان كان موقفي بسيطا الى هذا الحد ..؟
أفكنت تمزح ، اذن عندما وقعت اقرارا
ويختم الصائغ: " فمن خلال هذا الالتباس تتأكد قصة القميص، ويتصل تأريخ يوسف من مسكن زليخة الى قصر فرعون " والصورة واضحة سيتعبها التعليق الأكثر مللا.
هـو : أجل سيدي .. قلت لكم انني كتبت هذا بنفسي .. انما هل يمكن لعاقل أن يكون سعيدا لموته .. سعيدا لأنه سيدفن حيا...؟
الحاكم: فكيف كتبت ذلك اذن؟
هـو : كتبته في حالة حب ... في غيبوبة أشبه بغيبوبة الشعر ...
لقد مزج بين الحالين، حال موت زوجته وابتعادها عن حياته وتركه وحيدا أسير مخاوفه دون حبيب يبثه لواعجه، وحال القطيعة بعد الابتعاد عن الفكر الذي قطعه من حبل السرة، وحيدا، يتكأ على قوة سرعان ما ضعفت، وانتهت، وتركته أجردا الا من (البراءة). اذن حالة الفقدان هذه جعلت منه واحدا من ضحايا الخوف الكبار في تاريخ ثقافتنا. وعن خوفه، أذكر مرة طلب مني الكاتب فلاح شاكر أن أقوم بأخراج مسرحية (مائة عام من المحبة) فوافقت على الفور قبل قراءة النص لثقتي بالكاتب الذي اشار علي بمكانها في دائرة السينما والمسرح ، لكنها متوقفة عن التجسيد دون أن يعرف السبب . ذهب الى الصائغ – كان حينها المدير العام للدائرة وطلبت منه النص المسرحي – مائة عام من المحبة – فأستشاط غضبا في كونها لا تتفق سياسة النظام – انذاك – فقلت له بثقة : دعني أقرأها فقط ، لاقف على الممنوعات فيها . فأربكني حين قال لي : هل يجوز في مجتمعنا ان تقترن امرأة بزوجين من الرجال ؟ توقفت قليلا ، ثم قلت : لا غير جائز ، فقال بثقة اكبر مشوب بالفرح وباللهجة العراقية المحلية : (دحلها) ..... وارضي بذلك الاعراف ، والاديان والدين والقانون .... ثم الدولة .
وبمثل اصراره ، وطلبتها بثقة المخرج العارف بأن هناك حلول كثيرة لتجاوز الكثير من الممنوعات – لا سيما وأنني اعرف جيدا كيف التحايل على السلطة بتمرير ممنوعات أكبر .
وفعلا أخذت النص ، قرأته ، وعرضت المسرحية ، وشاركت بمهرجانات كثيرة وحاز النص على جائزة مهرجان قرطاج 1995م ، وحازت المسرحية جائزة وكيري والممثلة جائزةى التمثيل والخوف يجبره على القمع .
مريب هو اذن، مريب ان سكت، مريب ان نطق، مريب ان صدق، مريب هو حتى لو احترق، أو اختنق، هكذا هو ولسبب غاية في البداهة والاهمية، لأنه شاعر كاذب حتى لو صدق. وليس تطاولا مني فلست أنا من قال ذلك فيه أو في غيره من الشعراء، انما هو يوسف الذي قال في نفسه وفيهم واختصر ـ هو ـ الرأي في: (أن الشعراء كذابون حتى ولو صدقوا). وعليه اذن فهو في المسرح أصدق. كان بودي ان اسمع الجواب منه، ولكن في ظل غيابه سأنوب عنه في البحث عن الجواب من بين ما كتب عنه.
أجزم أنه مسرحي أولا وأخيرا، مسرحي حتى في شعره، ان راديكالية انتماء الصائغ التي تماتد الى جذور التأسيس فيس في المسرح العراقي حيث نشأته الأولى في أديرة وكنائس نينوى، وعمه لأبيه [ .... الصائغ ] الرائد الأقدم في المسرح العراقي الذي لم يخف الصائغ افتخاره به، واتباع مذهبه الذي انتهجه في ايصال رسالة المسرح. مرورا بالتعريف بنفسه وحياته، حين كتب قصيدة عن رجل اسمه يوسف أسماها ( ثلاثة فصول ليوسف بن يعقوب )، واضها في اعتبار مسرحية فكانت كما يلي:
الفصل الأول:
يوسف في الجب
ينتهي بكتابة اشعار الحب.
الفصل الثاني:
يوسف في قصر زليخا
يخفي تحت قميصه تاريخه.
والفصل الثالث:
يوسف بين يدي فرعون
محتار كيف يبرر أخطاء الكون.
من هذا التفصيل سندخل الى يوسف الصائخ مسرحيا، وما يتبعها من صفات: انسان، قصاب، شاعر، فنانا تشكيلي، مؤلف، كتب وأخرج ومثل وحاز الجوائز الكبيرة في الشعر والمسرح. خاف كثيرا وانسلخ أكثر دون خوف، لكنه أرتاب حين توجسه الخوف من زؤية مشهد لشاعر ( يستعطي ) وهو يصيح: فليسقط الشعراء، الغاوون والذين يتبعهم الغاوييين. اذن هو رجل مسرح بكانل الأهلية، هو من أسكن الشعر بجدارة في منطقة المسرح، ولعل سعدي يوسف انطلق من عرفانه بالصائغ مسرحيا حين قال له يوما: " طريقك في الكتابة ليست طريق الشعر "، وكان يعني أن طريقه مغاير، وأهم وأصعب، يشكل الشعر فيه جزء شكل الشعر فيه البدايات، والحوار، انه المسرح الذي تميز فيه وميزه.
القصيدة تحكي عن ( يوسف في المسرح الكثير، عن ذاتياته، وعما مر به تباعا، مذ كان في ( قصر زليخا )، وحكايات أمه له قبل ان يخلد الى النوم مع خوفه المسكون فيه، عن ( يوسف النجار ) وما مر به من عذابات بين اخوته حين تركوه وحيدا بانتظار مجئ القوافل. هي حياته اذن حين وجد حياته واسمه الآرامي ( يوـ سب ) الذي تحدر من قصص الأنبياء والقديسين. وللتأكيد تجد أن غالبية ابطاله تدعى ( يوسف ) في كتاباته ومن شدة ولعه بهذا الاسم راح يبحث عن التعريف به، ومعرفته الى الكتب المقدسة التي غصت باسمه واليك وروداته في ( القرآن الكريم ) و( الانجيل ).



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكس راينهاردت
- القصب والتحطيم الغاضب للتقليد
- أهمية الثقافة و الديمقراطية
- قاسم محمد ... وسلطة المسرح المسكون بالناس
- الرأي الجاهز في التلقي ... والنقد الاكثر جاهزية في المسرح
- الموسيقى في المسرح ... بين التأليف والاختيار
- الواقعية في المسرح (1)
- ( باسوان ) المسرحية الأنموذج
- هاملت بين .. [كريج] و[بيكاسو]
- تكنولوجيا الخشبة توصل خطاب المخرج بلا ثغرات
- جاسم العبودي(#) .. المربي الأكاديمي
- توفستونوكوف .. مخرجاً .. ومنظراً
- حين تجيء الشهادة متأخرة .. ذكريات... أحلام... تأملات
- فن المخرج : فن الفعل ... فن المتفرج
- الجمهور وتطور المسرح
- السينوغرافيا ... وإشكالات التعريف والمعنى
- في ذكرى المبدع الذي سعى لاختزال المسرح
- الدور التاريخي للمخرج
- إشكالية التأليف... في المسرح العربي
- المشاكل التي رافقت الظاهرة المسرحيةالعربية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - يوسف الصائغ