أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - في ذكرى المبدع الذي سعى لاختزال المسرح















المزيد.....

في ذكرى المبدع الذي سعى لاختزال المسرح


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


منذ التقينا صبية مسرح ، ندرس في صباحات بغداد ونعمل في مساءاتها مع الأسطوات في الفرق المسرحية الكبيرة . كنت أنا قد انتميت توا إلى فرقة المسرح الفني الحديث ، أما أنت فقد كنت واضحا في المسرح الشعبي لقد سبقتنا في التجربة ، تنتقل هنا وهناك : تقدم العروض المسرحية . مرة مخرجا في المركز الثقافي المسيحي ، لن أنسى )جان دارك( أو )المحرقة السعيدة( كما كان يحلو لك ان تسميها ، لقد كنت تشعر بالسعادة فيها والغبطة لمسيحيتك التي لم نكن نشعر بها ، لأننا كنا نشعر أن ديننا واحد . وأخرى ممثلا مع سامي عبد الحميد في الجمعية البغدادي . جيدا أتذكر أدوارك الصغيرة - الكبيرة ، فها أنت أمامي في مسرحية )في انتظار كودو( ومسرحية )في انتظار الموت( تقف ممثلا مع سامي عبد الحميد مخرجهما وروميو يوسف - الممثل الأقدم بالنسبة لنا - وأنت تقف بينهما بوجهك الـ baby face ، ابنا بارا لفرقة المسرح الشعبي يحتضنك كبيرها جعفر السعدي الذي كنا نغبطك لحبه الواضح لك ، نعم .. انه بالغ في حبك ، وكأننا نسينا بأن السعدي كان يحب الأبناء المؤدبين ، المشاكسين أحيانا ، وليس دائما كما كنا . أنا أقدر فرحته اليوم بلقائك واحتفائه أن يراك بين جنبات جنته - مع ثقتي أنه لم يكن تواقا لأن تذهب إليه مبكرا بهذه العجالة ، التي ستعذبه مثلما عذبتنا - . منذ اقتسمنا لقمة الهم والفن يا عوني ونحن سبايا وأبناء لعوائل متعففة ، ابتلوا بقصر غيرنا ورزق لا يسد الرمق ، وهذا كان واحدا من أسباب نضوجنا المبكر . هل أدركت لماذا كبرنا أسرع من الآخرين ؟ ذلك لأننا كنا آباء أنفسنا في بغداد البعيدة عن مدننا الصغيرة ، لا لشيء إلا لنترك آباءنا يهتمون بمن تركنا لهم من آخرين . الذي جعلنا نحمل هموم الكبار في كل شئ ، في الفن والحياة والعيشة ، وفي مقارعة الموت من الجوع وبقية مستلزمات الموت والوحدة وتبدلات الجو القاسية . فأنت قادم من موصل العراق وأنا من ميسانه . لكنا ورغم عذاباتنا الكبيرة تلك ، عوضها لنا تعلقنا بالفن وبالناس ، كنا صغارا نخاف فنخفي حتى أفكارنا ، رغم التصاق تلك الأفكار بنا وملاحقتها لنا كالظل تلاحقنا ، ولــــــم يمنع ذلك من أننا قد بدلنا ثياب حقيقتنا أحيانا . فرحون كنا ، حين كنيت دفعتكم في أكاديمية الفنون الجميلة ، بدورة عوني وهاني هاني وقائد النعماني وآخرون بينهم من كان أقل أهمية ، ودورتنا التي كنيت بنا : الفاضلان سوداني وأنا ولطيف وخليل وغازي وآخرون أيضا بذات الأهمية أو أقل قليلا . أتذكر أيها المسرع بالرحيل : كيف كنا نتحايل على الأساتذة المفيدين ؟ وكيف كنا نزج أنفسنا بينهم كي نتعلم أسرع ، ولو اضطرنا ذلك إلى التنازل عن البعض من قناعاتنا . أتذكر يا عوني ، يوم ازدحمت قاعات العرض ببغداد بالعروض السهلة ؟ أنا واثق انك لن تنسى تلك الأيام التي كرهناها . أردت أنت أن تعيد تجربة تقديم النص الشعبي الذي يختزل كل المسرح الذي نريده مع الجمهور ، في حكايته الشعبية الراقية التي تحمل حكاية شعب وآلام شعب . حين أقدمت على إخراج مسرحية )بير وشناشيل( لكاتبها عباس الحربي ، ولم أكن وقتها ممثلا ضمن مجموعة الممثلين ، لسبب بسيط هو : إنني كنت عضوا في فرقة المسرح الحديث ، والمسرحية كانت لفرقة المسرح الشعبي ، ولم تكن وقتها قد أخذت لي إذنا بالعمل فيها من فرقتي ليس اكثر . إلا أن الظروف شاءت أن يودع السجن جواد الشكرجي - ممثل الدور الرئيسي الذي مثلته أنا بدلا عنه - طيلة تمتعه بإجازة السجن لمخالفته التعليمات العسكرية وقتها . فطلبت مني تمثيل الدور لحين خروج الشكرجي من سجنه ، وافقت على الفور وكان لنا أن نلتقي.
أتذكر انك حين أردت أن تعطي العمل فرصة إعلامية بإشعار الجمهور بها- رحنا واتفقنا مع شركة إعلان تلفازيه، على أن نعرف بأن الإعلان كان مكلفا جدا ، خصوصا حين يكون وقت عرضه في أوقات العرض التلفزيوني الممتازة . وصورنا الإعلان مع خوفك الكبير من الانزلاق بالتهم الاستهلاكية فندرج في قائمة المسارح التجارية السائدة ، مما جعلك تختار أكثر المشاهد هما ونكدا . حتى إننا ضحكنا كثيرا و(نصبنا) كثيرا على الإعلان وعلى انفسنا وحينها قلت لك : يا عوني لنصنع من هذا الإعلان كاسيتا للفواتح التي تقام على أرواح الموتى . تصور .. الموتى .. الموتى .. الموتى يا عوني .. الآن .. أدركت أني غير متوازن .. فاسمح لي أن أذهب .. كي أصنع إعلانا .. عن .. مو.. ت.. ت.. موت .. موت من ؟؟؟ دعني أذهب كي أمنح نفسي فرصة التصديق .. ثم أعود .سيأتي اليوم الذي سأصدق فيه انك بيننا وانك لم تغادرنا إلى المنافي التي اماتتك في حب العراق كما وصفه الشاعر عدنان الصائغ
(العراق الذي يبتعد كلما اتسعت في المنافي خطاه .
والعراق الذي يتئد ، كلما انفتحت نصف نافذة قلت آه ..
والعراق الذي نصف تاريخه عيون وكحـــــل ، ونصف طغاه).

(*) في حزيران /يونيو 2006م – رحل عنا المسرحي الكبير د.عوني كرومي ، استلمت هذه الرسالة بعد وفاته بأكثر من شهر ، ويبدو أنها كانت محفوظة في ملفات الكومبيوتر ، أدركتها السيدة أم حيدر – زوجة عوني كرومي – فأرسلتها ، إلي عن قصد لأنها ربما آخر الرسائل التي كتبها ، ولم يرسلها ، أول قل ان سوء حالته الصحية قبل موته بأيام ، ولم تعطهم الفرصة لإرسالها فجاءت بعد موته . وبعد ان كتبت
الرسالة
الأخ والصديق العزيز والقريب إلى القلب والروح فاضل
اسمح لي ان أخبرك بهذه الحقيقة وهي إنني مثل أي متخلف اترك أمور الرد على الرسائل إلى أم حيدر أم اليوم فانا مذنب وأود ان اعترف بذلك كيف حالك أيها العزيز أنت دائما على البال ونتذكرك بكل خير أنا وأبو سلام ونتكلم عنك بكل خير ومودة اعرف ان الأمل اليوم في اللقاء بك أصبح أصعب من الصعب ذاته والألم والحزن يشمل كل وجودي وحياتي أنا حزين لكل ما يحدث كنت كل يوم احلم بالعودة واحزم حقائبي وانهي كل معلقاتي وأكثر من مرة أصل إلي المطار أو محطة الباص في القاهرة ودمشق ولكن القدر اكبر مني, أتراجع ,أنا اعرف جيدا أن سلطة الخوف هي التي تمنعني ماذا افعل كم أتمني أن التقي بك أيها العزيز أولا وكم أمل ان أعود إلى كل الأحبة والط! يبين أن ثقتي كبيرة كبر هذا الكون وان الذي يحدث لايمكن أن يكون حقيقة أنهم يسرقون زماننا ويدمرون روحنا وذاكرتنا
عزيزي فاضل
سقطت زهورنا في النبع الذي كنا نبحث فيه عن وجوهنا
متعب من الترحال والفراق والغربة ومجهد من الألم
أريد أن احتضنك يا فاضل يا عزيز ولو لمرة واحدة كي اطفي ء الحنين
في الدقات البطيئة لقلبي المجهد اسمع صوت العراق يناديني
يا ترى هل سنعود يوما
إنني ابكي بحرقة هل ترى في العتمة بصيص أمل..نور
هل سنغرف من نبع حب العراق يوما ؟؟؟
عندما أغمض عيوني في العتمة أرى العراق الجميل الذي اعرف
أرى عينك يا فاضل, تندفع إلى بوابة قلبي
أنا ابحث عن وطن يحتويني عن قلب
فلقد أجهدني الترحال
أنا لازلت انتظر اليوم أيضا مثلما كنت قبل سنين على أمل ان يلوح في الأفق ؟؟؟
أم أن كل شي قد انتهى, أنا أصبو ولكنني لا اقدر, كيف سينتهي كل شي, أنا أصبو, أنا احلم ففي الكون الذي أنا فيه يعجز الإنسان عن تحقيق أي شي أو أنا الآن أعلن عن عجزي
لهذا اليوم اكتفي بهذا الحد على أمل أن نتواصل في المستقبل فلقد اخذ الحزن يطفوا على رسالتي لك
تحياتي القلبية لك والى العائلة وجميع الأصدقاء والطلبة والمعارف المشتركين انك دائما معي حتى لو لم اكتب أيها العزيز اقبل مودتي وحبي
عوني



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور التاريخي للمخرج
- إشكالية التأليف... في المسرح العربي
- المشاكل التي رافقت الظاهرة المسرحيةالعربية
- إشكالية التمثيل في المسرح العربي
- في التأليف ... الادب احتياطي المسرح
- إشكالية النقد في المسرح العربي
- أنا والمسرح والتجربة
- مائة عام من المحبة .. أنموذج لمسرحية الحرب
- صدمة مسرح .. الكارثة
- سامي عبد الحميد
- النشأة والتطور في المسرح العربي
- يوسف العاني - كا تبا ، وممثلا ، ودراما تورجيا
- سعد الله ونوس -الملك هو الملك - أنموذجا
- جعفر السعدي .. أب المسرح العراقي
- فرقة المسرح الفني الحديث
- أسباب غياب الخصوصية في المسرح العربي
- المسرح الشعبي العربي
- الهيمنة والحداثة - ومشكلة غياب الهوية العربية في المسرح
- إشكالية محنة الوحدانية في المونودراما
- تاريخ فن الدمى في العراق


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - في ذكرى المبدع الذي سعى لاختزال المسرح