أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حميد مجيد موسى - سنظل نعمل بين الناس ومن اجلهم!















المزيد.....



سنظل نعمل بين الناس ومن اجلهم!


حميد مجيد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 09:59
المحور: مقابلات و حوارات
    


في حوار شامل مع "طريق الشعب"

عشية العيد, وكعادتها عشية كل عيد, التقت "طريق الشعب" الرفيق حميد مجيد موسى (ابو داود) سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي, تراجع معه حصيلة 75 عاما من مسيرة الحزب بكل ما تمثله في حياة الشعب والوطن. وكان لابد، خلال ذلك، من التوقف عند محطات واحداث هامة خلال العام المنصرم, وخصوصا انتخابات مجالس المحافظات, وما اسفرت عنه. كذلك عند بعض الاتجاهات في السياسة العراقية, واخيرا محاولة استشراف المستقبل ودور الحزب فيه, بعد ان هنأته وقيادة الحزب واعضائه واصدقائه بهذه المناسبة.



< طريق الشعب: مضى على الحزب خمسة وسبعون عاما منذ تأسيسه, فبماذا يتميز يوبيله هذا العام؟

- ابو داود: دعني اهنئكم واهنئ كل رفيقاتكم ورفاقكم العاملين في الصحيفة بهذه المناسبة, مناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. واتمنى لكم نجاحا مهنيا صحفيا بارزا, كذلك الصحة والعافية والعمل المثمر لكم, ولعوائلكم. هذه المناسبة تعكس اصرار الشيوعيين على مواصلة المسيرة، رغم كل الصعوبات والمرارات والمحن التي مروا بها، اصرارهم على ان يخدموا شعبهم وان يواصلوا النضال من اجل تحقيق آمال هذا الشعب وكادحيه في بناء عراق يسوده السلام والحرية ويرفل بالديمقراطية ودعة العيش والتطور الثقافي والروحي, وان تتاح لابنائه فرصة اختيار ما ينسجم مع مصالحهم في التقدم الاجتماعي والرقي الحضاري.



ملحمة كبيرة

75 عاما هي مسيرة مجيدة وطويلة حافلة بالتجارب وبالدروس وبالخبر, فيها الخسائر والانتكاسات، وفيها النجاحات والانتصارات، ولابد من تحليل كل ذلك ودراسته ومعاينته كي يعيننا كل هذا الجهد الفكري, الدراسي والعلمي، على ان نسير بخطى ثابتة واضحة المعالم وواضحة الاهداف.

نحتفل بهذه الذكرى اليوم, والعراق يواجه مخاضا عسيرا تتصارع فيه القوى والمصالح والافكار حول سبل وملامح المستقبل وكيف يجب ان يبنى هذا المستقبل ولمصلحة من؟

هذه اللحظة التاريخية تستدعي منا نحن الشيوعيين وكل القوى الديمقراطية العمل المكثف, والتفكير العميق والمساهمة الفعالة كي نكون في الموقع الذي من شأنه ان يضع البلد والشعب على طريق التقدم الاجتماعي والرقي الحضاري.

انها مسيرة تتطلب منا ان نتعامل معها, ليس تعامل الباحث الاكاديمي حسب, وانما ايضا، ان لا يخلو استذكارنا لها من العواطف والانفعالات, فالمسيرة ملحمة كبيرة من النضال نستذكر فيها قافلة الشهداء الاماجد الذين جادوا بحياتهم من اجل بناء هذا الصرح الشامخ, اعني الحزب الشيوعي العراقي.

على مر مختلف الفترات والمراحل لم يبخل الشيوعيون بشيء من اجل عزة شعبهم وكرامة وطنهم, ومن اجل بناء الحزب القادر على المساهمة الفعالة في خلاص البلد من الاستغلال والظلم والجور، من الجهل والفقر والمرض.



تلك الهامات العالية

في هذه المناسبة ننحني, اجلالا واكبارا لتلك الهامات العالية التي سقطت في سوح النضال, اعداما او تحت التعذيب, او في السجون او في حركة الانصار في مقاومة الفاشية, او بالاغتيالات. وهي, ايضا, مناسبة للتعبير عن الاحترام والتقدير للرواد الاحياء ولكل من ساهم في بناء هذا الحزب, لكل من واصل المسير من اجل ان يبقى الحزب حيا فاعلا ومناضلا نشيطا. وقد عانى الجميع من الحرمان والتشريد والهجرة والفصل السياسي والارهاب الفكري والضغوط النفسية، لكنهم صمدوا وصمد الحزب معهم وفي قلوبهم. وهو, رغم الجراح, ورغم الدماء ورغم الخسائر العزيزة, يستعيد تدريجيا وبشكل تصاعدي عافيته التنظيمية وصلاته الجماهيرية ودوره السياسي. وهي, بهذا المعنى, مناسبة للتعبير عن الاصرار والعزم على المواصلة من اجل التبشير بالقيم الانسانية النبيلة، وقيم الاشتراكية ومثلها, من اجل التأكيد على ضرورة ترسيخ الديمقراطية, كأخلاقيات وتقاليد وافكار وآليات, لتتاح لشعبنا فرصة ان يمارس حريته في الاختيار, وان يبني بلده بدون قسر واكراه وحروب ودمار. هذا ما يرد على البال ونحن نقف, في هذه اللحظة, للاحتفال بالذكرى اليوبيلية الماسية لتأسيس الحزب, ونحن نواجه مهمات كبيرة وجليلة على صعيد بناء الوطن وخلاصه من موجة الارهاب وتركة الدكتاتورية ومن آثار الاحتلال المذل، ومن اجل ان نضع البلد على طريق التطور الحر الديمقراطي. فما احرانا ان نستلهم من هذه الذكرى القوة وصلابة الارادة والعزيمة على المضي, قدما مع شعبنا لتحقيق آماله وطموحاته.



اتجاهات متناقضة

< تميز العام المنصرم بتحقيق مكاسب وانجازات هامة على طريق استعادة السيادة فقد عقدت اتفاقية انسحاب القوات الاميركية, على ثغراتها. الا انها حددت موعدا قريبا لانسحاب القوات الاميركية. من الجهة الاخرى، انحسرت موجة الارهاب وتقلص نفوذ الميليشيات الى حد كبير. الى جانب ذلك برزت مظاهر معينة تستثير القلق، بشكل خاص التوتر الناشئ بين السلطة الاتحادية وبين حكومة اقليم كردستان, كذلك الجمود في الوضع السياسي وفي عمل الآليات التي كان تم التوصل لها، فضلاً عن اتجاهات مقلقة اخرى. أي ان الوضع يتميز, كما اشرتم, بصراع اتجاهات مختلفة. في أي اتجاه يتطور هذا الصراع, وما هو دور الحزب الشيوعي فيه؟ وهل انتم متفائلون بالنتائج التي يمكن ان يسفر عنها؟

- لنبدأ بالاتفاقية, انها بديل للاحتلال وبداية لوضع المستلزمات المادية والقانونية السياسية لجلاء القوات الاجنبية, وهي رد على اولئك الذين اصروا بعناد, على ان القوات الاجنبية جاءت لتبقى الى الابد، بقواعدها وبثقلها العسكري. لكن نضال الشعب وقواه الوطنية وما اعتمدوه من اساليب سليمة في المقاومة السياسية, الدبلوماسية السلمية, نجحت في الاستفادة من كل العوامل الدولية والاقليمية والمحلية في ان تفرض عقد هذه الاتفاقية التي تسمى اتفاقية سحب القوات الاميركية من الاراضي العراقية, ووفق جدول زمنى محدد.

لا ريب ان هذه الاتفاقية, برغم ما هي عليه من ثغرات ونواقص, تبقى وثيقة مهمة ومحفزة لعمل العراقيين المثابر, من اجل استرداد كرامتهم الوطنية وسيادتهم واستقلالهم الكاملين. وهذا يتطلب, ايضا, فيما يتطلب، ان يأخذ العرقيون على عاتقهم, مهمة توفير ما يترتب عليهم توفيره من اجل جعل هذه الاتفاقية حقيقة لا يمكن الرجوع عنها ولا يمكن النكوص عن التزاماتها, وان يضعوا نهاية للوجود الاجنبي, دون الحاجة الى الاستعانة بمادتها الاخيرة التي تسمح بالتمديد لوجود هذه القوات على الارض العراقية. وهذا يتطلب ان يوحد العراقيون صفوفهم, ان يتماسكوا, ان يعملوا على تشكيل مؤسساتهم الوطنية واجهزتهم السياسية والامنية والعسكرية التي من شأنها ان تفرض البديل المقتدر ليحل محل القوات الاجنبية, وبالتالي يمنع أي فرصة للارتداد او للتراجع عما وضعته هذه الاتفاقية من اهداف.



لا بديل عن الوحدة الوطنية

وهذا يقودنا الى الموضوع الثاني, فالبلد, اذن, بحاجة الى الوحدة الوطنية. وتحقيق هذه الوحدة في بلد متعدد الهويات والمكونات والايديولوجيات والتنظيمات والاحزاب, يحتاج الى مصالحة, الى عمليات حوار, الى التشاور وبالتالي الى توافق. اذ لا يستطيع حزب بمفرده, ولا ائتلاف ضيق بمفرده, ان يدير دفة البلد. وانما هناك حاجة لوحدة وطنية واسعة, ولتكاتف غالبية ممثلي الشعب العراقي, على برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي واحد, كي يواصلوا المسير ويهيئوا المستلزمات.

لقد شهد الامن نجاحات وتحسنا ملموسا, لكن هذا التحسن وما افرزه من انعكاسات على الحالة السياسية والمزاج الشعبي, قابل للارتداد ما لم يشفع بإجراءات سياسية, وبتدابير وخطوات اجتماعية وثقافية فعالة تدعم وتعزز الامن وترفده بطاقات جديدة تمكنه من المضي قدما. وبهذه المعنى فأن تحقيق الوحدة الوطنية امر اساسي لاغنى عنه لمواصلة التقدم على كل صعيد. لكن ما نشهده وللاسف في الفترة الاخيرة, وبالتحديد منذ ما يقارب الستة اشهر، يؤشر الى ان الصراع التنافسي على السلطة والنفوذ والقيادة تفاقم واحتدم واتخذ اتجاهات غير صحية وغير سليمة. فبدلا من ان تتواصل حالة الحوار والتشاور والعمل المشترك، حل محلها البرود والجفاء, وشلت مؤسسات كانت مركزاً للتفاهم وللتشاور ولتبادل الرأي واتخاذ القرارات التوافقية. وجاءت انتخابات مجالس المحافظات, وما افرزته من تغيير في ميزان القوى, وما عكسته من حراك في الائتلافات ومن فرز جديد للقوى, لتزيد الطين بلة, بدلا من ان تكون عنصرا ايجابيا في اعتماد نهج التوافق والتشاور والديمقراطية كأساس لحل المشاكل والاشكالات في العلاقات بين القوى.



افرازات الانتخابات

صحيح ان الانتخابات سبقها ورافقها وتخللها الكثير من المثالب والنواقص, وهذا ما قلل من التأثير الايجابي الذي كان يمكن ان تتركه في العلاقة بين القوى السياسية؛ فإذا كانت هناك بعض الخيوط, وبعض المؤسسات تنشط وتعمل قبل الانتخابات, فقد تعطلت هذه المؤسسات نهائيا بعد الانتخابات, مثل المجلس السياسي للامن الوطني, واجتماعات الاحزاب الرباعية والخماسية والهيئة التنفيذية واللجان المنبثقة عنها. كلها، تقريبا, تعطلت.

ما نجده الآن ان حالة البرود هي السائدة, والشلل بات واضحا. وهذا ما ترك افرازات سلبية كبيرة على معالجة مشاكل الوطن. من ذلك, مثلا, العجز عن انتخاب رئيس لمجلس النواب, كذلك تفاقم التوتر في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم, يمكن ايضا, اضافة حالة الصراع الاعلامي او المعركة الإعلامية الدائرة حتى بين اطراف في داخل الائتلاف, وأطراف التوافق, فالخريطة السياسية جرى عليها تغيير كبير وشاع نوع من الفوضى.

ليس بالضرورة ان يحمل كل تغيير او حراك تشكيل ائتلافات جديدة. نحن الآن في طور تفتت تحالفات وائتلافات, فيما لم تظهر, بعد, تحالفات جديدة بدلها. وما يشاع ويقال هنا وهناك هو ليس سوى تحالفات هشة بل اتفاقات مؤقتة لا تصمد اما الحاجة الى ائتلافات ذات برنامج وتوجه واضح المعالم. ان ما نراه هو اتفاقات غير قابلة للحياة والاستمرار. وهذه حالة سلبية تنعكس بشكل سيء على اوضاع عموم البلد. وزاد الطين بلة, هذا العجز في ميزانية الدولة, جراء انخفاض اسعار النفط, وقلة الموارد وما يفرزه ذلك من تأثيرات سلبية على الاستثمار وعلى النفقات التشغيلية، وعلى امكانيات الحكومة على تقديم بعض الخدمات الضرورية.

كل هذا يتطلب منا كحزب شيوعي ان نتوجه للجميع بالمصارحة والمكاشفة, بأنه اذا استمرت الاوضاع على هذا المنوال, فأنها تنذر بمخاطر جدية, وبأن الكثير مما طمحنا اليه سيتأخر تحقيقه فضلا عما يمكن ان ياتي به من مخاطر سياسية غير محسوبة.



الحوار! الحوار!

ومن هنا تشتد الحاجة الى الحوار، والحوار مجددا، وليس غير الحوار والصلة المباشرة طريقاً لتقدم البلد. ذلك ان طريق العنف والمؤامرات والدسائس والحروب الاهلية, لن تؤدي الا الى الكوارث واعادة البلد القهقرى الى المربع الاول, ولن ينجو من الآثار الضارة لذلك احد. واذا كان البعض من الاشرار يزين هذه الاساليب والطرائق ويدفع اليها, فلأن في نفوسهم مرض وغايات شريرة تريد بالبلاد الدمار والخراب والعودة الى العهود القديمة. وليس امام كل القوى المخلصة سوى ان تعي هذه الحقيقة وتترك نهج التزمت والتشدد والتعنت وان تعتمد نمط تفكير جديد، وان تقدم تنازلات متقابلة لكي تلتئم مرة اخرى على طاولة المفاوضات لايجاد حلول ومعالجات توافقية لما يواجهها من ملفات خطيرة ذات ابعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية مهمة. وهنا لابد من القول ان الحكومة، وبالتحديد رئاسة الوزراء، تتحمل مسؤولية اساسية، بحكم ما لها من صلاحيات وما عليها من مسؤوليات ثبتها الدستور في اطار المنظومة السياسية المقررة، في ان تقوم بدور المبادر للدعوة الى اللقاء وتحريك الاجواء وعقد الاجتماعات والحوارات المفضية الى حلول ناجعة ومؤثرة في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ان ما يحصل من ظواهر تطرقتم اليها هو امر مقلق ويعرقل ويبطئ من وتيرة التقدم للخلاص من الاوضاع السيئة, السابقة, لكن هذا لا يعني ان الوضع ميئوس منه, ويدعو الى التشاؤم بل ان التنبيه والتأكيد على مظاهر ومواطن الخلل والتشخيص الصادق الحقيقي لاسبابه, من شأنه ان يوفر امكانية المعالجة الفعالة. يتطلب هذا, ان لا تترك الامور، فقط، في عهدة من بيدهم مفاتيحها وان لا نلجأ الى الموقف السلبي, العاجز امام ما يحصل. فنحن كحزب شيوعي, بقدر ما نضغط ونتحرك على المسؤولين لتنبيههم الى مكامن القلق والخطر فاننا في الوقت نفسه ندعو كل القوى المخلصة وجماهير شعبنا ان تمارس دورها في الضغط على المسؤولين وعلى قيادات الاحزاب للتحرك بما يساعد على خروج البلد من حالة الشلل والركود التي يعيشها, ويجنبه المطبات والكوارث التي يمكن ان تنجم عن التمادي في بقاء هذا الوضع.

ان حالة الشلل والركود هذه, هي, بالقطع, ليست حالة صحية, بل ان البلد بحاجة الى مواصلة التقدم بشكل مستمر. فأي جمود, بينما يمضي الزمن هو, في آخر المطاف, تراجع. هناك امكانيات كبيرة لمواصلة التقدم لابد من استثمارها. ان حاجة البلد الى المزيد من الانجازات والمكاسب, وعود الى بدء، ولكي نؤمن كل المستلزمات المادية والسياسية للتنفيذ الحسن لاتفاقية انسحاب القوات الاميركية, يقتضي منا تحركا ملموسا على كل الأصعدة التي اشرت اليها.



< في اطار الحديث عن الاتجاهات المتناقضة في تطور الوضع, يربط الناس بين نتائج الانتخابات, وبشكل خاص بعض مظاهر التزوير الذي تعرضت له القوى الديمقراطية وبين ظواهر مستجدة من قبيل التدخل في حياة النقابات والمنظمات المهنية. فهل يمكن اعتبار هذه الظواهر مجتمعة, مؤشر على النية لتهميش قوى معينة والحد من نفوذها وتأثيرها على الأحداث؟ هل تبعث هذه الظواهر لديكم القلق؟.

الديمقراطية لا تأتي دفعة واحدة

- ترسيخ الممارسة والتقاليد الديمقراطية لا يمكن ان يأتي دفعة واحدة ولا بتوجه واحد. هي عملية صراع ولكي نصل الى رسوخ مفاهيم الديمقراطية وتقاليدها واصول لعبتها, لابد من ممارسة التشذيب والتدقيق في كل ممارساتها. فالديمقراطية ما تزال وليدة في العراق وحديثة العهد. ومعرفة الناس بها لا تمتد الى حقبة طويلة. وهناك، بمن في ذلك من يشغل مراكز هامة, ما يزال مشدودا الى ممارسات وآليات قديمة, مما يؤثر سلبا على تعميق الديمقراطية والمضي بها الى ابعادها ومدياتها الحقيقية. وفي مجرى ممارسة العملية الديمقراطية تظهر هذه الصعوبات على شكل عقبات وعراقيل ومحاولات للتزييف والغش الى غير ذلك. وفي الوقت الذي تشوه فيه هذه الممارسات العملية الديمقراطية وتحاول تقزيمها وتحجيمها, فأنها, من الناحية الاخرى، تفسح في المجال لكل المؤمنين حقا بالديمقراطية وبضرورة ترسيخها، لان يصارعوا ويناضلوا من اجل تشذيب الممارسة الديمقراطية من هذه الموبقات والشوائب والرذائل التي يراد منها عرقلة تعميق الديمقراطية.

لم نكن نتوقع، اذن, انه بمجرد تبني شعار الديمقراطية ومفهوم الديمقراطية الدستورية, سيجري التخلي عن كل السلبيات وان يفرش لها الطريق بالورود معبدا متصاعدا. كنا واقعيين ازاء هذه العملية ونتوقع ونحذر من هذه المثالب والمعوقات. لكننا متفائلون ان العملية الديمقراطية ستواصل التقدم وان الناس ستكتسب الخبرة وتتعلم التقاليد وستترسخ الممارسات الصحيحة والصحية للديمقراطية مع الزمن والتجربة التي ستجد طريقها, بنشاط الناس والقوى التي تجد من مصلحتها مواصلة التقدم ولا تقبل بالتراجع الى الممارسات القديمة, بل تقاوم ذلك, ستتوصل الى صياغة قوانين وتعليمات منظمة, والى تشكيل اجهزة ومؤسسات حامية للديمقراطية. ومن خلال ذلك سيتشكل رأي عام راع, وذو مصلحة في الممارسة الديمقراطية الصحيحة وبالتصدي لكل العناصر والأساليب التي من شأنها ان تشوه معالم الديمقراطية وان تعرقل ممارستها الطبيعية. اعتقد اننا مررنا خلال السنوات الست الماضية بتجربة كبيرة وتكونت لدى الناس وفي قاموسها السياسي مفاهيم جديدة لم تألفها سابقا, وممارسات في ظل ظروف افضل من سابقاتها. لكننا لم نصل بعد الى الوضع النموذجي الصحي وسيتطلب الوصول الى ذلك وقتا طويلا ونشاطا موصولا.

وهذا ما حصل في الانتخابات الاخيرة. نحن لا ننتقد الديمقراطية ومؤسساتها وممارساتها, على العكس فأننا نعتقد ان أي ممارسة جديدة في اطار الديمقراطية تضيف لبنة جديدة صحية لصالح ترسيخ الديمقراطية. لكننا لم نتعهد, ولم نتوقع انها ستخلو من الاشكاليات والتعقيدات بل لقد حذرنا من ذلك وسعينا، في اطار صياغة قوانين المفوضية المستقلة للانتخابات واجهزتها الادارية، لان تكون حيادية, غير منحازة, مهنية. لكن للاسف, حصلت التدخلات, وهذا ما افرزته موازين القوى السابقة في البرلمان وغيره, اذ شكلت المفوضية على اساس المحاصصة، والادهى من ذلك، شكلت اجهزة المفوضية في المحافظات وفي إدارة عملية الانتخابات على نفس الاسس الخاطئة وبدون رقابة جدية. فاذا كانت المفوضية العليا قد قيدت ووضعت تحت المجهر والمراقبة في المركز، فان الامر لم يكن كذلك في المحافظات. لقد طالبنا ان تكون هذه الأجهزة نقية, مستقيمة, نزيهة, حيادية. كان صوتنا عاليا وواضحا في المطالبة بذلك لكن ميزان القوى هو الذي قرر في النهاية. وحين تم وضع قانون انتخابات مجالس المحافظات وقبلنا بالقائمة المفتوحة, كانت لدينا تحفظات واضحة وصوّتنا ضد بعض مواد ذلك القانون, خصوصا ما تعلق بطريقة توزيع ما تبقى من الاصوات على القوائم الكبرى لشغل المتبقي من المقاعد. ولقد اشرنا في حينه الى عدم ديمقراطية ذلك ومخالفته للدستور. لكن المنتفعين، وهم الاغلبية المهيمنة على البرلمان، صوتوا دون تمحيص ودون تدقيق فيما يمكن ان ينجم عن تطبيق هذه الطريقة من اضرار وسلبيات على العملية الانتخابية عموما, وعلى ضرورة توفير التنوع والتعدد في تركيب مجالس المحافظات. لقد ساعدوا بذلك, على الاحتكار لصالح بعض القوائم الكبيرة وهكذا كان الامر في ما يتعلق بالموقف من (كوتا) النساء والاقليات واعمار المرشحين.



لقد ساهمنا في الانتخابات وهذه الصورة واضحة امامنا, فيما يتعلق بأجهزتها وقانونها. كنا حريصين على ان نجري عملية الدعاية والتهيئة للانتخابات بسلاسة وبطريقة قانونية ونظامية.



مسؤولية الناخبين

للأسف ورغم ما كتبناه, حتى في "طريق الشعب", من ملاحظات وانتقادات على تسجيل الناخبين, بقى الامر كما هو, دون ان يجري تحول كبير في اتقانه تنظيمه. ولا تقع المسؤولية هنا فقط على المفوضية وعلى الاجهزة التابعة لها وحدها بل على الكثير من الناخبين الذين اهملوا الذهاب الى مراكز الاقتراع لتدقيق وجود اسمائهم في سجلات الناخبين.

لقد طالبنا وعملنا من اجل ان تكون الحملة الانتخابية الاعلامية, الدعائية والتحريضية, حملة نظيفة. وهي كانت، حقا, افضل من سابقاتها, لكنها لم تتخلص من بعض الثغرات والنواقص، خصوصا فيما يتعلق بتوظيف المال السياسي في الحملة الانتخابية، الذي اغدقه البعض اغداقا غير طبيعي. لابد من الاشارة بهذا الصدد هنا الى ان احدا لم يفز بثقل كبير الا وكان المال السياسي عونا له.

ذهبنا مع ذلك الى صناديق الاقتراع, وكان يوم الاقتراع من الناحية الامنية السياسية افضل, مما سبقه, ويشكل تطورا في ممارسة العملية الانتخابية. الا ان الطامة الكبرى حصلت عند الفرز وفي اساليب الفرز وطريقة تجميع الاصوات. فقد هدرت اصوات وزورت صناديق وألغي, باعتراف المفوضية, بعضها. حصلت ممارسات غير طبيعية, لا قانونية. وللأسف الشديد فان هذا الامر كان هو الاساس وراء تقديم اكثر من 500 شكوى. وهذا موضع اسف والم ومرارة، يحتاج منا جميعا ان نعمل على معالجة هذا الخلل الكبير في قانون الانتخابات وفي ادارتها وفي نظام فرز الاصوات والتدقيق في صحة وسلامة سجلات الناخبين وفي وثائقهم وتأمين كل المستلزمات لوصول الناخبين الى صناديق الاقتراع.

عملنا، كحزب شيوعي، بكل اخلاص وجد لدعوة الناخبين الى المشاركة النشيطة في الانتخابات باعتبارها حقا ديمقراطيا وممارسة صحية وتوجه سياسي وفكري سليم، لان نتحول من زمن الانقلابات والعنف والمؤامرات والدسائس الى زمن صناديق الاقتراع وتمكين المواطنين من اختيار من يمثلونهم في المؤسسات التمثيلية الديمقراطية. ومن هنا, برغم ما شاب الانتخابات الاخيرة, فأنها خطوة كبيرة في مسيرة العراق السياسية التي لابد من الحرص عليها والاهتمام بمواصلتها وتوفير سبل تقدمها، ذلك ان أي نجاح على هذا الصعيد هو مكسب للشعب كله.



ومن هنا ومن منطلق ان الشيوعيين والشيوعيات هاجسهم الرئيس العمل من اجل الشعب فإنهم لا يتعالون ولا يزعلون لانهم لم يحصلوا على النتائج التي كانوا يسعون اليها.



تدقيق الاداء

< هل جرى ويجري تدقيق اداء الحزب خلال الانتخابات ودور ذلك في عدم حصوله وحلفائه على النتائج التي كانوا يسعون لها؟

- بالتأكيد ان هذه العملية جارية لكن يمكن القول, ابتداءً, اننا كنا نحتاج الى جهد اكبر ودعاية اوضح وصلة اوسع بالجماهير لكي نبصرهم بحقيقة مواقف الشيوعيين وسياساتهم. فلدينا في هذه تقصير بيَِن في الدعاية, في الاعلام, في التحريض, في التعبئة, في الصلة بالجماهير, في ايصال أنصارنا وأنصار قوائمنا الى صناديق الاقتراع, في تنظيم حملاتنا الانتخابية.

هناك بالتأكيد اسباب ذاتية يعمل الحزب على دراستها بجد وبعين النقد والنقد الذاتي الجريء لتشخيص مظاهر الخلل ومواطن النقص.

ومن بين ذلك تدقيق خطابنا السياسي. فبرغم ان العديد لا يشكك في نزاهته وصحته وسلامته, لكن لعله لم يصل الى الناس بالوضوح الكافي وبالصراحة الكافية وهذا ما يفرض علينا تطوير هذا الخطاب وجعله اقرب الى وعي الناس, وقناعاتهم وقدرتهم على فهمه, كي نكون, بالتالي, في الموقع الافضل.

ونحن نناقش نواقصنا وثغراتنا, على المستوى القيادي وعلى مستوى منظمات الحزب، ينبغي ان لا ننطلق من بناء قصور على الرمال ونحرق المراحل. علينا تجنب التحليلات والمواقف الرغبوية والارادوية. فهناك عوامل موضوعية يتداخل مفعولها مع العوامل الذاتية. فلا يمكن رؤية العامل الذاتي بمعزل عن تأثيرات الظروف الموضوعية التي تحيط بالبلد وبالتالي بعمل الحزب بالذات. ينبغي الاخذ في الحسبان اننا خرجنا للتو من وضع قاس يعرفه الجميع, وخمس سنوات ليست بالفترة الزمنية الكبيرة. لكننا رغم ذلك حققنا الكثير على صعيد اعادة بناء الحزب ومعافاته تنظيميا، سياسيا وفكريا، الا اننا ما نزال نحتاج الى بذل المزيد من الجهد والمزيد من الوقت ايضا والمزيد من التوعية. وهذه لوحدها غير كافية ما لم تربط بما يجري في البلد من متغيرات اجتماعية واقتصادية، فكرية ثقافية وسياسية، والا سنكون كمن يتخبط ونلجأ الى جلد الذات ونشيع عدم الثقة والاحباط والتشاؤم، في حين اننا في الوقت الذي لا ننفي فيه وجود وحصول هذه النواقص التنظيمية في ادائنا وفي توجهاتنا فإنه ليس من الصحيح ان ندفع الحزب الى المجهول, وان نحمله اكثر مما يحتمل في ظل الاوضاع السياسية الاقتصادية الاجتماعية التي يعيشها العراق.

نحن اذن نواصل دراسة ما حصل وننتقد بجرأة الشيوعيين, اخطاءنا, لكننا في الوقت ذاته, لا نقبل تلك الادعاءات التي تزعم، زورا وبهتانا, الحرص على الحزب وتعمد الى الافتراء والتشويه لتسويد صفحة الحزب وتشويه عمل ونضال الشيوعيين خلال هذه الفترة. فأصحاب هذه المواقف يساهمون، ارادوا ام لم يريدوا, في العمل لتحويل خسارة الحزب الى نكبة فكرية سياسية، وهي ليست الا كبوة في حملة من الحملات الانتخابية، في اطار عملية سياسية واسعة النطاق مديدة الزمن. اننا واثقون ان الشيوعيين سينهضون وهم اقوى بنيانا وحيوية ونشاطا.



لم نخسر كل الجبهات

وبرغم كل ما حصل فاننا نعتقد بأن النجاح في اجراء الانتخابات خطوة هامة على طريق تقدم العملية السياسية والتطور الديمقراطي للبلد في ظل الظروف المعلومة التي جرت الاشارة اليها. هي بهذا المعنى مكسب وطني عام وربح للجميع. صحيح, من الناحية الاخرى, ان الشيوعيين وحلفاءهم لم يتمكنوا من الوصول الى مجالس المحافظات مما كان سيمكنهم من الدفاع الصادق عن مصالح الجماهير وأغلبية العراقيين, لكن الشيوعيين لم يخسروا على كل الجبهات فقد اكتسبوا تجربة اغزر وتوسعت صلاتهم بالجماهير وتنوعت معارفهم وتصلب كادرهم وازدادت متانة منظماتهم وهذه نتائج لا يمكن بخس قيمتها ومعانيها في محصلة عمل الحزب خلال الحملة الانتخابية. فتقويم نشاط الحزب خلال الحملة ووضع اليد على الاخطاء والنواقص وتشخيص سبل معالجتها سيساعد على تعزيز نشاط عمل الحزب وترصين هيئاته ومنظماته.

لم نكن نتوقع ان نحقق وحلفاؤنا اختراقا كبيرا, وان ننافس القوائم الكبيرة بسبب الظروف الموضوعية التي تحدثنا عنها, لكننا حصلنا في قوائمنا المتحالفة على ما يقرب من (100) ألف صوت. وهذا العدد في ظل هكذا ممارسة انتخابية وظفت فيها كل الرموز والامكانات السياسية، ولا يمكن حسابها مجرد انتخابات لمجالس المحافظات, نعتقد اننا حصلنا على اصوات فاقت ما حصلت عليه قائمتنا، قائمة "اتحاد الشعب" في الانتخابات السابقة للجمعية الوطنية. لقد جرت هذه الانتخابات في 14 محافظة وكان يمكن، لو جرت في سائر المحافظات، ان نحصل على عدد اكبر من الاصوات, لكننا لا نشعر بالهزيمة الفكرية والسياسية رغم اننا لم نحصل على مواقع في مجالس المحافظات. في الانتخابات السابقة كانت عتبة الفوز اقل مما هي عليه الآن, خصوصا بعد ان خفض عدد المقاعد المتنافس عليها في المحافظات, عدا بغداد, وهذا ما جعل سقف العتبة اكبر بكثير مما كانت عليه في الانتخابات السابقة. مع ذلك فإننا سنسعى بكل الجدية للاستفادة من دروس التجربة وان نواصل المسير بدون جزع وبدون شعور بالاحباط , وبثقة عالية بالنفس ونحن واثقون ان المستقبل لنا ما دمنا نملك العزيمة من جهة والرغبة في التعلم من الجهة الاخرى.



سياستنا في التحالفات

< يدور حديث هنا وهناك ينتقد سياسة الحزب في التحالفات وانه كان من الافضل ان ننزل بقائمة لوحدنا؟

-انطلق الحزب في حملته الانتخابية من تصورات ومواقف فكرية وسياسية ملموسة تنسجم مع ظروف المرحلة التي يمر بها العراق, ومع الواقع العراقي ومع تشكيلة القوى وموازينها. نحن لا نستطيع ان نتحرك على اساس تصورات لحلفاء وهميين افتراضيين. الحلفاء هم عناصر وقوى قائمة قد تكون تعاني، كما عانى الحزب, من عناصر ضعف وامكانيات محدودة. لكن هذا لا ينفي انها مؤهلة للعمل مع الشيوعيين ضمن برنامج مقبول ومنسجم مع توجهاتنا المرحلية. لا نستطيع افتعال حلفاء او خلق كيانات ترضينا او مفصلة على مزاجنا. فضلا عن ان الكثير من القوى والشخصيات المحسوبة على التيار الديمقراطي, لم تتبلور بعد، لا في اطر سياسية محددة ولا في نشاطات ملموسة. وحينما اقدمنا على تشكيل "مدنيون" لم نجعلها بديلا او نقيضا لاي تشكيل آخر بل اعتمدناها كنواة قابلة للتطور ومركز جذب يمكن ان تتجمع حوله مختلف عناوين التيار الديمقراطي. لكننا لم نتمكن للاسف, من انجاز هذه المهمة في الفترة القصيرة التي جاءت بعد اعلان "مدنيون". التحالف اذن هو حاجة وضرورة لكل المتحالفين. وفي الوقت ذاته، فإن قرار التحالف هو ليس قرارا فوقيا اتخذته مجموعة من القياديين وهيئة حزبية معينة. وانما كانت فكرة التحالف مطروحة في جدول عمل كل المؤسسات الحزبية في المحافظات وموسعاتها وفي المجلس الاستشاري وفي اللجنة المركزية, وهنا اتخذ القرار حول امكانية الخروج بقوائم تحالفية بطريقة جماعية وبعقل جماعي، كما هو الحال مع كل الخطط والخطوات التي اتخذناها حول الحملة الانتخابية والمشاركة في الانتخابات. وهذا احد المصادر الكبيرة لقوة الحزب، حيث يمارس الديمقراطية الداخلية على اوسع نطاق بكل ما يتطلبه ذلك من تبادل للرأي والاستشارة والحوار مع كادره ومنظماته. حتى اننا لم نفرض، رغم سلامة وضرورة اجراء التحالفات، لم نفرض ذلك قسرا والزمنا به كل منظماتنا, بل قدرنا ان الخارطة السياسية في المحافظات العراقية الاربع عشرة المشمولة بالعملية الانتخابية متنوعة مختلفة، توجد فيها اشكال من تجلي الحركات تختلف عن بعضها البعض. لذلك تركنا الحرية للمحليات، للجانها ومنظماتها، ان تقرر بنفسها ما اذا كانت ستدخل في قوائم ائتلافية ام لا.

قسم منها تآلف في قائمة" مدنيون"، كما هو الحال في بغداد وبابل والديوانية. وقسم آخر ارتأى ان يخرج باسم الحزب دون التحالف مع آخرين، اذ لم تتوفر مثل هذه الفرصة كما حصل في الناصرية والسماوة والكوت وديالى وكربلاء. وقسم ثالث اختار اسم "التيار الوطني" كما في البصرة و"التحالف الديمقراطي" في العمارة او "مدنيون ديمقراطيون" في النجف والانبار، وفي قوائم (التآخي والسلام) و(التعايش السلمي) في الموصل وصلاح الدين. جربنا كما ترون كل انواع التحالفات الممكنة. فيفترض بمن يتصور ان هذا وذاك من اشكال التحالف كان هو الافضل ان يأخذوا بالحسبان ان القوائم نزلت بكل التنوع الممكن بما في ذلك القوائم المنفردة باسم الحزب. لكن النتائج لم تكن مختلفة كثيرا. وهنا يمكن تسجيل ملاحظة سلبية هي ان ظهور الحزب في سبع قوائم متنوعة ارهق ميزانيته وحملته الاعلامية في دعم هذه القائمة او تلك، بدلا من ان يتم التركيز على قائمة واحدة.

لقد كنا، ومازلنا نعتقد انه ليس صحيحاً اهمال التحالف عندما تتوفر شروطه ومستلزماته. ولم ولن نتردد في النزول باسم الحزب، اذا اقتضت ذلك الظروف والاوضاع الملموسة. سنعمل بكل جد واخلاص وعبر الشرعية الحزبية لاختيار الصيغة المثلى لظهورنا في الانتخابات القادمة.



إعلام الحزب

< ونحن في معرض الحديث عن الانتخابات هل تعتقدون ان اعلام الحزب بما في ذلك صحيفته قامت بدورها كما يجب في التعبئة والتحريض والدعاية؟ واذا لم يكن الامر كذلك فكيف يمكن معالجته؟

- نحن، حقاً، غير راضين عن حملتنا الاعلامية وانا هنا اتحدث عن الحملة الاعلامية بما يتعدى صحيفة الحزب (طريق الشعب) وحدها.

اكيد ان الجريدة تمثل ثقلا مهما في الحملة الاعلامية للحزب وهي بذاتها لم تكن بمستوى طموحاتنا ولا بمستوى الحاجة الفعلية لحملة انتخابية متطورة معقدة كالحملة التي شهدناها. فهناك حاجة لوقفة جدية نقدية لمعاينة ما ينبغي عمله لتطوير دور الجريدة في حياة الحزب السياسية وفي الدعاية الانتخابية. واعتقد ان الرفاق في لجنة الاعلام المركزية وفي هيئة تحرير "طريق الشعب" وفي قيادة الحزب وهيئاته المختصة لن يغفلوا ذلك. لكننا ايضا, وكما اكدت في البداية، لا نعتقد ان حملاتنا الاعلامية تقتصر على "طريق الشعب" وحدها، كما هو ليس مسؤوليتها فقط. بل ان الاعلام بمفهومنا هو اوسع من المطبوعات الحزبية المحددة. فالاعلام الحزبي الشيوعي هو ليس فقط الاعلام المقروء او المسموع بواسطة الاجهزة، بل هو بالاساس الاعلام الشفهي. فالحزب في كل تاريخه كان يعتمد على الاعلام الشفهي، على الصلة الحية المباشرة للمنظمات والرفاق والاصدقاء، بالناس؛ في المعامل, في المقاهي, في الجامعات, في المدارس, في الاسواق, في كل مكان. فالصلة الحية هي اكبر واضخم واوسع جهاز اعلامي تحريضي لانه يعتمد الحوار المباشر ويناقش الافكار والآراء المتناقضة ويشخص اشكال التساؤلات والتردد ويتعلم كيف يجيب عليها ويتعامل معها.

كم تطبع جريدة (طريق الشعب)؟ وكيف تصل الى الكم الواسع الضروري لنجاح حملة انتخابية واسعة يزاحمك فيها آخرون يملكون وسائل متنوعة للتأثير بينها ما هو مشروع وما هو غير مشروع الحديث يدور هنا عن مئات الآلاف بل عن الملايين من ابناء وبنات الشعب. فهل تستطيع الجريدة ان تدق باب كل بيت؟ ان تحاور الناس في الباصات ومراكز التحشد؟ لايمكن لأي جهاز اعلامي ان يفعل ذلك اللهم إلا الصلة الحية المباشرة والسعي الدؤوب للشيوعيين بين الناس بالحديث المبسط، بالتوضيح العميق التفصيلي لمواقف وسياسات الحزب. فأذا كان يصعب على الكثير من المواطنين فهم مواقف الحزب المنشورة في اعلامه الرسمي فمهمة منظمات الحزب ورفاقه هي شرح هذه المواقف وتوضيحها للناس واقناعهم بها وتحريضهم على تبنيها وصياغة مطالبهم الملموسة في ضوئها بل قيادة نضالاتهم المطلبية على اساسها.



قصور في الإعلام المرئي

نحن نعاني من قصور في الاعلام المرئي. وهذه حقيقة لايمكن لنا انكارها ولا نملك وسائل تجاوزها. العديد يستصغر شأن الامكانات المادية في اقامة الفضائيات وهناك تصور خاطئ مفاده ان هذه الامكانية متيسرة وبسيطة يمكن تذليلها.

عملنا في الواقع برغبة ملحة وشديدة، وبذلنا جهدا خاصا كي يكون لنا اداة اعلامية مرئية. لكن الامر، كما تبين لنا من الدراسة المتأنية المتصلة, ان الفضائية تحتاج الى ملايين الدولارات, الى مليارات الدنانير، ليس للانطلاق بها فحسب بل بشكل خاص لادامتها ومواصلتها وتطويرها. وهذه الامكانية لا تتوفر لدى الحزب في الوقت الحاضر.

هذا لا يعني موقفا سلبيا من الفضائيات ومن اهميتها، لكن للفضائية مستلزمات. فلا يمكن الاكتفاء بأن نتمنى, نرغب ونريد, يتطلب الامر اكثر من ذلك بكثير. جربنا وطرقنا ابوابا عديدة وحاولنا ولن نيأس. لكن يبدو، حتى اللحظة الراهنة، ان هذه الوسيلة, الفضائية التي يمكن ان تقربنا اكثر من الملايين من العراقيين لا تتوفر لنا مستلزماتها, ولا امكانيات تحقيقها.

الاعلام بمختلف ادواته مهم جدا وعلينا ان نجيد، ان نحسن ونتقن، فنون الاعلام لكي يصل الى عقول وافئدة العراقيين وان يدخل اليها بمنتهى السلاسة وبمنتهى القدرة على الاقناع. ان تحقيق هذه المهمة, أي النهوض باعلامنا بمختلف وسائله، بشكل خاص "طريق الشعب"، هي مهمة الحزب بأسره وبشكل خاص قيادته, ونحن عاكفون على دراسة سبل تحقيق هذه المهمة.



< ها هو الحزب يستعد للاحتفال بيوبيله الماسي منهيا العام الاخير من ثلاثة ارباع القرن من عمره المديد. فكيف، والحزب يدشن الربع الاخير من هذا القرن، كيف تستشرفون المستقبل وما هي الكلمة التي بودكم توجيهها الى الشيوعيات والشيوعيين والى اصدقاء الحزب وجماهيره في هذه المناسبة؟

- بالرغم مما هي عليه الاوضاع الراهنة من صعوبات وتعقيدات فأن الشيوعيين وحزب الشيوعيين هو، كما كان شأنه دائما، يشعر بثقة عالية بالنفس وبالتفاؤل بأن المسيرة, رغم ما يكتنفها, من عثرات وضبابية وصراع محتد وعدم وضوح في مواقف القوى، مفضية في آخر المطاف الى عراق جديد. وكما بدأنا بالاشارة الى اننا نمر بمرحلة مخاض عسير فانه, أي المخاض, لابد ان يتمخض عن مولود معافى قابل للحياة، نربيه بحيث يكون وفيا، بارا بشعبه واهله، ومعافى فكريا, وصحيا, قادرا على مقاومة الامراض والعثرات. هكذا سنساهم في تشكيل ملامح الوضع القادم وبهذه الروحية.

لقد ساهمنا, سواء اعترف المتربصون او الحاقدون او لم يعترفوا، ساهمنا بفعالية، ومع كل الخيرين، وبوضوح في دحر التعصب الطائفي والفتنة الطائفية وترسيخ مفاهيم الديمقراطية، ودعونا الى نبذ المحاصصة والعنف والارهاب، الى تبني المشروع الوطني الديمقراطي والعمل من اجل تحقيق شعاراته المتمثلة في بناء مؤسسات الديمقراطية والقانون. ولنا ان نفخر بذلك. فعبر هذا التحول توفرت فرصة تسريع الخطى في تحقيق انجازات ملموسة على طريق المصالحة الوطنية وعلى طريق استعادة الامن والاستقرار لهذا البلد، على طريق التوجه لحل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب.

انا واثق ان الحزب سيواصل السير حتى ينهض الوطن بأسره من كبوته ويتجاوز محنته، ليكون شريكا اساسيا في اللحاق والمساهمة في الركب العالمي للحضارة وفي صناعة السلم والحرية والامان والاستقرار، ليس للعراق فقط، وانما لكل شعوب المنطقة و العالم.



مكمن قوتنا صلتنا مع الجماهير

سنفيد من كل دروس هذا السفر المجيد، فسن الخامسة والسبعين, هي سن الحكمة والعقل والنضوج الفكري. هو ليس بالتأكيد وبالنسبة لحزبنا ليس عمر الشيخوخة والركود. سيبقى الحزب عزيزا بشبابه، بحملة رايته من الجيل الجديد الذين اتسعت صفوف الحزب بهم حتى في حملته الانتخابية الاخيرة، من الرجال والنساء. لن نتردد في ان نضع اليد على جراحنا وعلى نواقصنا، كما قلنا وفعلنا دائما، وسنظل نفعل بكل الجد وبحيوية اكبر، لكي نكون دائما في خدمة شعبنا عاملين من اجل تقدمه، ومن اجل ازدهار بلدنا ومن اجل سعادة وعزة شعبنا، حتى تحقيق شعارنا في : وطن حر وشعب سعيد.



ذلك ان مكمن قوتنا كان وسيظل هو صلتنا الحية بالناس، خصوصا الشبيبة، وسنظل نعمل بين الناس ومن اجلهم كما كان شأننا دائما مهما غلت التضحيات. فهذا هو مبرر وجودنا وسر قوتنا ولن تفلح قوة على الارض في تهميشنا. لقد جرب كثيرون ذلك من قبل وبأشد الاساليب وحشية وفشلوا. ولن ينجح غيرهم فيما فشل فيه الآخرون.

وحين تشتد أزمة النظام الرأسمالي على الصعيد العالمي تثبت الايام مرة اخرى صحة البديل الذي طرحه الشيوعيون منذ امد طويل ويظلون يعملون من اجله. وفي العيد الماسي للحزب يجدد الشيوعيون ثقتهم بالمستقبل الوضاء لبلدهم وللبشرية: الغد الاشتراكي.



#حميد_مجيد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء : الى التنافس السلمي..الى انتخاب ذوي الايادي البيضاء!
- حوار مع الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب ...
- نص مداخلة الرفيق حميد مجيد موسى في جلسة البرلمان حول الاتفاق ...
- قراءة معاصرة أخرى
- معاناة العراق تتمثل في اسلوب التغيير والتدخلات الاقليمية وال ...
- حميد مجيد موسى: إدارة بريمر كانت احد اسباب بلوانا
- جماهير شعبنا هي القوة الاساسية التي نعتمدها لإحراز التقدم
- بمناسبة الذكرى 74 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي تحية إلى رفاق ...
- نص كلمة حميد مجيد موسى في افتتاح المؤتمر الوطني الثامن للحزب ...
- للاحتفال بالعيد مغزى تأكيد إصرار الشيوعيين على خدمة شعبهم بت ...
- لابد من فتح صفحة جديدة عبر تفعيل المصالحة الوطنية
- حميد مجيد موسى: القوى العلمانية تتحرك بموجب مشروع وطني ديمقر ...
- مداخلة حميد مجيد موسى في البرلمان حول ميزانية 2007
- الرفيق حميد مجيد موسى في لقاءه مع قناة الحرة -عراق -الحلقة ا ...
- الحزب حقيقة سياسية شاخصة في المجتمع العراقي
- قانون الاقاليم مرهون بارادة اغلبية السكان وضمن شروط تمنع است ...
- في حوار مع طريق الشعب : حميد مجيد موسى : علينا حماية حقوق وم ...
- الانتخابات معلم اساس لانتصار الشعب على الارهاب والدكتاتورية
- حزبنا في الصميم من نضال شعبنا، فاعلاً متفاعلاً من اجل الديمق ...
- الرفيق حميد مجيد موسى لصحيفة “البينة


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حميد مجيد موسى - سنظل نعمل بين الناس ومن اجلهم!