أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد مجيد موسى - جماهير شعبنا هي القوة الاساسية التي نعتمدها لإحراز التقدم















المزيد.....



جماهير شعبنا هي القوة الاساسية التي نعتمدها لإحراز التقدم


حميد مجيد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 2240 - 2008 / 4 / 3 - 10:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


التقت هيئة تحرير "طريق الشعب" شأنها، منذ سنوات، عشية ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب، يوم السبت المصادف 22-3-2008، وتوجهت له بالعديد من الاسئلة التي تعكس هواجس المواطنين، الذين يقلقهم ما تتعرض له البلاد من أزمة تبدو عصية على الحل، وتزداد تعقدا.

في اللقاء طرح الرفيق موسى رؤية الحزب للازمة، أسبابها، تجلياتها، تعقيداتها وتشابكاتها، وسبل الخروج منها.

لم يخف، ابدا، صعوبات الوضع الراهن، لكنه اكد، بالمقابل، ان الحل يمر عبر النشاط المنظم الواعي للجماهير، فهي التي تتحمل آلام هذا الوضع ومصاعبه، وعلى نشاطها المتنوع يتوقف الخروج من الازمة وفتح طريق المستقبل.

وشأنه دائما اكد ان الشيوعيات والشيوعيين، سيكونون كما خبرهم الشعب معه دائما يتقدمون الصفوف دفاعاً عن مصالحه، من دون الابتعاد عنه ولا التعالي عليه، لشق الطريق، مع الناس، الى المستقبل الوضاء. وفيما يلي نص الحوار:



س: - نسمع ونقرا عن الكثير من المبادرات واللقاءات والتصريحات، ذات العلاقة بالحالة السياسية الراهنة، ولكن لا تزل الاوضاع تراوح في مكانها، فالسمة العامة يغلب عليها التردد، والركود، وبالمعنى السياسي يعتبر هذا تراجعا" امام المستحقات،فما هي اسباب المراوحة؟ وهل من امل في الخروج من حالة الاستعصاء الراهنة؟

- مع بداية السنة، كانت هناك الكثير من الأفكار والمشاريع الهادفة الى إخراج البلد من أزمته السياسية،وهي تعكس القناعة بأن الأساليب والطرق القديمة في إدارة شؤون البلد، وفي تنظيم العلاقات بين القوى، تواجه مأزقا.

فخمسة سنوات من التجربة والممارسة العملية برهنت على أن الطريق, الأسلوب , النهج القديم غير قادر على الوصول بالبلد الى شاطئ السلامة , وان هناك حاجة ماسة الى نمط تفكير جديد, لمنهج سياسي جديد، من شأنه أن يراعي مصالح كل الأطراف المعنية بإعادة بناء البلد وصياغة البديل عن نظام الدكتاتورية, بديل ديمقراطي من شأنه أن يفضي بالبلد الى البناء والأعمار وتأمين معيشة الناس.

هذا الشعور نما بالنجاحات الأمنية وبضغط الرأي العام العراقي الذي مل الانتظار والمعاناة مما لحقه من أذى في مختلف الميادين. وهو أيضا ليس بعيدا عن ضغط الرأي العام العالمي, دولا وكتلا، وأحزابا، ومنظمات.....الخ وقد أثمرت كل هذه العوامل حراكا سياسيا جديدا وإعلانات، تؤكد الرغبة الجادة في الحوارات والاتصالات السياسية حتى الوصول الى النتائج السياسية المطلوبة.وبدأت فعلا خطوات ايجابية تمثلت في تجديد اجتماعات المجلس التنفيذي (3+1) وتحفيز لجنة الإسناد على العمل وعقد اجتماعات للتحالف الرباعي والخماسي, ورافق ذلك تشكيل لجان للمفاوضات ثنائية بين الحكومة والكتل السياسية لاعادة الوزراء المنسحبين الى الوزارة، ومن شأن ذلك خلق أجواء ايجابية تمهد لخطوات لاحقه أوسع على طريق المصالحة والوحدة الوطنية والتوافق الوطني للمباشرة بحل الأزمات. وقد وضعت الحكومة لنفسها برنامجا كبيرا ذا أبعاد هامه ؛ اقتصادية واجتماعية والسير بخطوات جدية لتوفير الخدمات، ومحاربة الفساد الإداري والمالي.

وكان بإمكان كل هذا، لو تحقق, ترسيخ التحسن الأمني النسبي- الذي نرى بأنه سيبقى هشا وقابلا للارتداد - ما لم يشفع بتدابير و إجراءات سياسية فعالة. لكن للأسف الشديد فان هذا الزخم الذي شهدناه في بداية السنة أعاق التردد والتلكؤ مواصلته والسبب في رأيي يكمن في أن القيادات السياسية المعنية لم تستطيع تجاوز مصالحها الضيقة ولم تتمكن من التخلي عن مطالبها المصلحية الخاصة التي تسعى لتحقيقها في اقصر فترة ممكنة، وبالرغم مما يلحقه ذلك الإصرار على تحقيق المطالب الذاتية الأنانية الخاصة، من أذى بكل العملية السياسية.

تنازلات ومرونة مطلوبين

يحتاج الوضع المتأزم لحلحلته الى تنازلات ومرونة، الى واقعية سياسية, يحتاج الى الترفع عن الصغائر الى اعتبار المصلحة الوطنية، مصلحة الشعب العليا، هي الأساس، وبالتالي فان كل الصغائر و الثانويات والمصالح الضيقة يجب أن تخضع لهدف العودة السريعة الى الأمن والاستقرار والأوضاع الطبيعية وإطلاق عمليات التنمية والبناء والإصلاح والتعمير لتمكين الشعب من أن يحظى بمستوى معاشي كريم, وان تتوفر للبلد مستلزمات نجاحه على طريق إعادة سيادته واستقلاله الكاملين بتوفير مستلزمات بناء أجهزته الامنية وقواته المسلحة للإسراع بجلاء القوات الأجنبية وفق جدول زمني متفق علية.

لكن للأسف فأن الممارسات والمواقف التي جرى الإشارة إليها هي السبب الذي يحول دون تحقيق تقدم ملموس وسريع.

ملفات الخلاف ليست قليلة وهي لا تقتصر على الخلافات بين الحكومة والأطراف المعارضة لها, فهناك خلافات حتى داخل الائتلافات الحاكمة، بينها وبين بعضها، وهذا ما يمكن مشاهدته وتلمسه لدى كل تحرك، ولدى كل منعطف سياسي ملموس.

لكن هذه الحالة يجب أن لا تدفعنا الى الجزع واليأس , ففي العراق وما جرى فيه من تعقيدات وما يحيطه من إشكالات وتشابكات تؤشر كلها الى أن طريق الخلاص من الأزمة ليس طريقا مفروشا بالورود, إنما هو طريق صعب يقتضي الصبر والجد والمواصلة، واعتقد أن الكلمة الحاسمة في هذا الموضوع يجب أن تكون للجماهير المكتوية بنار الأزمة السياسية وإفرازاتها المتنوعة , فهي- أي الجماهير- القادرة على إلزام القوى السياسية والضغط الفعال على قياداتها ,بأن تتحرك وان تعي بأن كثرة المناورات وتعقد الألاعيب لن يفضي إلا الى الكوارث وبأن المطلوب هو الاستجابة لصوت العقل والانسجام مع مصلحة الشعب ورأي جماهيره، وللتقدم بخطوات جادة على صعيد الخلاص والتخلص من حالة الجمود والشروع بانجاز خطوات فعلية على كل الميادين لتحقيق كل ما يصبو إليه الشعب من انجازات وحراك سياسي والتقدم على صعيد تطوير العملية السياسية.

أزمة الوزارة

مظهر من مظاهر الازمة العامة

س:- ما زالت مقاعد وزارية كثيرة شاغرة، يبدو ان التوافق ليس بالامر السهل على ذلك.

- يمكن اعتبار أزمة الوزارة هي إحدى تجليات الأزمة السياسية العامة, فالانسحاب من الوزارة كان تعبيرا عن تصاعد التناقضات السياسية بين أطراف العملية السياسية وتعبير عن حالة الاستعصاء في التوصل الى حلول متفق عليها.

وكما تقدم في الإجابة على السؤال الأول هناك حاجة الى المزيد من الواقعية، و احترام مصالح البلد العليا , هناك حاجة فعلية لتقديم تنازلات قد تكون آنية ,فمن يعمل بعقلانية وحكمة هو الذي سيكسب أخيرا.

ذلك أن التعنت والتشنج والتشدد والتصعيد ليس بالضرورة هو الطريق الأمين للحصول على مكاسب معينة ,ولو تم الحصول على بعض المكاسب الوقتية فأن الخسائر على المدى الطويل هي التي ستكون الأكبر والأفدح للجهة التي لا تراعي مصالح الشعب العليا ولا الحاجة الماسة للوصول الى اتفاقات في الظرف الراهن.

لابد إذن من بذل جهد مكثف من كل الأطراف،من الحكومة،ومن الأطراف المنسحبة، بتقديم المزيد من المبادرات والتنازلات المتبادلة التي من شأنها أن تخلق حالة جديدة تؤدي الى فتح الطريق لإصلاح جذري للعملية السياسية وتطويرها لتخليص البلد مما هو عليه من حالة الارتباك والأزمة والفوضى.

هناك مساع ومقترحات كثيرة, لكنها كلها تصطدم،للأسف, بجدار التزمت والتشتت وعدم المرونة, وتقدم اقتراحات متنوعة وأفكار مختلفة لإصلاح هذه الحكومة, فهناك من يدعو لحكومة مصغرة مرشقة بكفاءات نوعية, وهناك من يدعو لحكومة احزاب، وهناك من يدعو لحكومة موسعة تأتي عبر ترميم الحكومة الحالية بعودة المنسحبين وإضافة بعض من لم يساهم في الحكومة سابقا.

هذه كلها أفكار تملك عناصر قوة وايجابية كما إنها تواجه عقبات. برأينا أن الطريق الأكثر واقعية والحل الأكثر نضجا هو طريق ترميم الحكومة الحالية,

فهذا من شأنه أن يوفر أجواء سياسية ايجابية, وفي ظل تفعيل مؤسسات الدولة, وممارسة الحكومة لنشاطها ويمكن الى جانب ذلك وبموازاته التفكير بترشيقها وإعادة هيكلتها, وتأمين إعادة بنائها وفق توافقات لا تشل عمل الوزارة – الحكومة - وإنما تولد بطريقة طبيعية تدريجية وتزيد من كفاءة الحكومة وتحظى بقبول القوى السياسية ذات الأغلبية في البرلمان العراقي وبموافقة جماهير الشعب.

المفاوضات والحوارات طالت أكثر مما يجب, وهي تشكل صداعا للشعب وللبلد, ولقد آن الأوان للانتهاء من هذه الدوامة , إذ يجب أن توضع مصلحة البلد العليا فوق كل شيء وان تتقدم كل الأطراف بأقصى ما لديها من تنازلات ومرونة لإعادة تشكيل الحكومة.

قانون مجالس المحافظات

س:- في البلد حراك سياسي، ولكن لما يستقر بعد على حال، وانتخابات مجالس المحافظات على الابواب، وحالة التنافس والصراع بدأت منذ الان، واحيانا للاسف ليس بالوسائل السلمية، الدستورية.

- قانون انتخاب مجالس المحافظات غير المنتمية الى أقاليم وتشريعه والموافقة الصعبة التي حصلت عليه في البرلمان في ظل صفقة فريدة من نوعها, كان الهدف منه،أيضا،حلحلة الخلافات السياسية وفتح سبل وطرق لحل جزء من الأزمة السياسية من خلال إعادة توزيع مراكز السلطة والنفوذ في البلد بما ينسجم مع قوة الأطراف المشاركة في العملية السياسية وخارجها. فلقد جرت الانتخابات السابقة في ظروف تعتبر غير طبيعية من قبل الكثير من القوى السياسية. كما ان مجالس المحافظات الحالية تشكلت لصالح قوى سياسية محددة, لم تعد معبرة عن حقيقة التغير الحاصل في موازين القوى.

فلأجل إعادة صياغة المعادلة بما ينسجم مع الحالة الواقعية, جرى الضغط والتحرك لاعداد هذا القانون كي نحل، ولو في ميدان من الميادين، جزءا من الصراع بما يفتح الطريق لحل أشمل للأوجه الأخرى للأزمة.

حتى الحصيلة المعقدة التي انتهت بإلغاء التحفظ لاحقا, وإقرار القانون، ماهي إلا تعبير عن الصراع الجاري على السلطة والنفوذ الذي جرت الإشارة إليه.

في كل حال , فأن الانتخابات، كما هو مقرر لها في الأول من تشرين الأول المقبل، ولكي تكون سليمة بحاجة الى صدور قانون انتخابات وصدور قانون أحزاب , هذا من ناحية.وكي تكون هادئة ومعبرة , لابد من تحسن في المناخ السياسي العام، في العلاقة بين القوى السياسية , في تطبيع الأوضاع بما يرسخ الحالة الأمنية ويحقق نجاحات أمنية اكبر. وأخيرا في توفير ضمانات تكفل إجراء هذه الانتخابات بنزاهة واستقامة بعيدا عن التدخل والتزوير والتلاعب, وألا سوف لن تكون هذه الانتخابات جزءا من الحل المنشود وإنما ستكون مشكلة أخرى تضاف الى بقية المشاكل المستعصية.

س:- اذن هذه الانتخابات تفترض قانونا.

هناك قانون معمول به جرى تطويره في انتخابات مجلس النواب ويمكن اعتماده, لكن هناك ملاحظات من بعض الاطراف تستهدف تدقيقه وتوضيح بعض جوانبه , فضلا عن أن هناك قوى سياسية تطالب بتغيير قانون الانتخاب جملة وتفصيلا, والذهاب الى طرائق جديدة في الانتخاب.

في كل الأحوال لابد من أن يصدر ما يؤكد القانون القديم أو يصوبه أو يعدله من مجلس النواب , كإشارة للقبول بصيغته أو طريقه, محددة للانتخاب من أعلى سلطة تشريعية في البلد.

سيظل التحسن الامني هشا

ما لم يتعزز بانفراج سياسي

س:- مرت سنة على فرض القانون، تحققت نجاحات غير قليلة، وبذات الوقت تحصل اختراقات امنية، على درجة عالية من التنظيم.

أعداء الديمقراطية والحرية يملكون إمكانيات غير قليلة والظروف التي مر بها البلد من احتلال وفوضى ومليشيات وتلكؤ في العملية السياسية وتدهور في الخدمات , تعطيهم الفرصة لمواصلة نشاطاتهم لأمد طويل , ورغم أن الحكومة والقوات المسلحة والقوات الأجنبية وصبر الشعب وهمته وظهور الصحوات قد ساعدت , كعوامل متنوعة، في تحسين الحالة الأمنية , إلا إنها لم تستطع بعد اجتثاث ركائز وجذور الإرهاب والتخريب.

علينا أن نعي هذه الحقيقة وان نتعايش معها لفترة قد تطول , إذ ستبقى عناصر وشراذم مخربة متوارية عن الأنظار تقوم بأعمال التخريب مستفيدة من الاختراقات الأمنية لأجهزة الدولة, الأمنية والعسكرية، ومن بعض الحاقدين أنصار النظام السابق الذين يوفرون لهذه العناصر الحاضنات السياسية والاجتماعية والمساعدات اللوجستية والمعلوماتية , هذا فضلا عن ما يرد من خارج الحدود من إسناد ودعم وطاقات بشرية لخدمة الإرهاب والتخريب.

سيبقى الصراع سجالا مع هذه القوى, لكن الخط البياني يسير نحو التنازل, وقدرة هذه القوى، مع اضطراد تحسين الأجواء السياسية وتحسين الخدمات والأوضاع الاقتصادية عموما وتحسن مزاج الشعب، ستستمر في الهبوط والى الزوال في مستقبل نتمنى أن يكون قريبا.

ولابد من التأكيد هنا أن محاربة الإرهاب لا تقتصر فقط على الإجراءات العسكرية وحتى في هذا الميدان فانه يتطلب تطويرا وتحسينا نوعيا لأداء أجهزتنا الأمنية و الاستخبارية وعلى حسن تعاملها مع الشعب والاستفادة مما تقدمه الجماهير المكتوية بنار الإرهابيين والمخربين من دعم معلوماتي وعلى مختلف الصعد , هذا من ناحية.ومن الناحية الأخرى لابد من توفير كل العوامل التي من شأنها تجفيف منابع الإرهاب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها باتخاذ إجراءات على صعيد تحسن مستوى معيشة الناس,مكافحة الفقر والحرمان , توفير فرص عمل للعاطلين , هذه كلها إجراءات متكاملة فضلا عن الإجراءات التثقيفية والتربوية التي من شأنها أن توفر على المدى المتوسط والبعيد إمكانيات اجتثاث الإرهاب والتخريب من الجذور.

خمس سنوات على الحرب والاحتلال زكت مواقف الحزب

س: تمر هذه الايام الذكرى الخامسة لبدء الحرب، والاحتلال ورحيل الدكتاتورية، فكيف جرت الامور، ونحن نعرف ان الحزب كان معارضا للحرب، ولكنه مساهم في العملية السياسية.

تدفعنا ذكرى الغزو وسقوط النظام الدكتاتوري لفحص وتمحيص مسيرة هذه السنوات , فكما كنا نؤكد في السابق أن الحرب ليست الطريق الأمثل لتحقيق الديمقراطية , بل هي طريق وعر يمكن أن ينتج إفرازات مؤذية ليست لاقتصاد البلد فقط ,وإمكاناته المادية , بل حتى على الحالة المادية والنفسية للشعب.

كنا نتمنى ونرغب أن يتم التغيير بطريقة أخرى, لكن هذا أصبح تأريخا ألان, فنحن نتعامل مع الواقع.الحرب أسفرت عن احتلال أنتج بدوره ممارسات شاذة وعقد أوضاع العراق الاجتماعية والاقتصادية ودمر مؤسسات الدولة،دون أن يقدم بدائل كفوءة لإصلاحها، وخلق تناقضات جديدة في البلد.

أننا ندفع ألان ثمن كل ذلك،وللأسف الشديد لم تتمكن القوى الوطنية التي عارضت نظام الدكتاتورية ودعت لإسقاطه، لم تتمكن،حتى الآن، من إيجاد الأساليب الضامنة لإعادة بناء البلد وتشكيل البديل الديمقراطي المنشود على أشلاء الدكتاتورية ولمصلحة الشعب العراقي بعيدا عن العنف والإرهاب وبعيدا عن الاحتلال والوجود الأجنبي.

هذه هي إحدى الإشكاليات الأساسية التي نعيشها في اللحظة الراهنة.

تمثلت إفرازات السنوات الخمس المنصرمة في فوضى سياسية وصراعات غير شرعية بين القوى وفي تكريس للمحاصصة الطائفية وإطلاق للمليشيات وانفلات للعنف والفوضى ,وخراب اكبر في الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية , وفي عدم توفير مستلزمات الحياة الاعتيادية, بتوفير فرص العمل والحصول على موارد للمعيشة. لكن كل ذلك دفع العديد من القوى للبحث عما يساعد البلاد في الخروج من أزمتها المستعصية, وذلك بهجر الطريق القديم واعتماد التوجه لبناء حكومة وحدة وطنية , عبر مصالحة وطنية وبتوافق سياسي يضمن للجميع فرصة المشاركة في صنع القرار وإعادة بناء البلد وتوفير كل مستلزمات جلاء القوات الأجنبية وتفعيل استقلال القرار السياسي العراقي بوجه الضغوط الإقليمية والأجنبية للخلاص من آثار الحرب ونتائج الاحتلال و إعادة الحياة الطبيعية ومركز ثقل القرار السياسي الى السلطة والقوى السياسية الوطنية العراقية.

خمس سنوات مليئة بالتناقضات , فالحرب بما تعنيه من تدمير وخراب كان من إفرازاتها، أيضا، إسقاط الدكتاتورية. ولقد كانت هذه أمنية كبيرة وفرحة غير قليلة للعراقيين، ولكنها فرحة لم تكتمل والحاجة ماسة أن تتحول فرحة إسقاط الدكتاتورية الى مناسبة لتهيئة بديل ديمقراطي , يعبر عن مصالح الشعب ويضمن له الحرية وحقوق الإنسان والتطور الحر الاجتماعي , الاقتصادي, والثقافي.

بهذا الاتجاه يمكن استكمال الفرحة عندما نتمكن من تهيئة مستلزمات جلاء كل القوات الأجنبية ,و تنتقل قوة صنع القرار الى الأيادي العراقية.

نطالب بمفاوضات علنية وشفافة

س:- بدات المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الامريكية، حول مستقبل العلاقة بين البلدين والياتها، ووجود القوات الامريكية ومصيرها وغيرها من الجوانب، اين موقف الحزب من ذلك؟، علما ان البعض يصف هذا الموقف بالغامض.

ينطلق الحزب في تحديد مواقفه من الواقع , من معايشة الأحداث وتفاعلاتها كما هي في الواقع.وليس لائقا ولا مناسبا هنا , أن يكتفي الحزب بقول نعم أو لا , فتلك نزعة المتعالين على الشعب, البعيدين عن الشعور الكامل بالمسؤولية الذين لا يهمهم العمل الفعلي , وضمن الممكن , لتوفير مستلزمات جلاء القوات الأجنبية وتصفية آثار الاحتلال ضمن الظروف الواقعية وضمن توازن القوى على الصعيد الداخلي والعالمي.

ليست مهمتنا، كحزب شيوعي، أن نقف موقف المتفرج الذي يلقي بالكلمات والشعارات من بعيد, وينتظر ما ستتمخض عنه الأيام محافظا على طهر نيته وبياض لحيته.إننا نخوض المعركة مع شعبنا بكل ما فيها من تعقيدات, ونتحمل تبعا لذلك نتائجها بخيرها وشرها, فالحرب وقعت والاحتلال وقع, الوجود الأجنبي حاصل, كذلك قرارات مجلس الامن التي تشرعن وجود هذه القوات.

علينا أن لا نتجاهل هذه الحقائق, يجب أن نوفر المستلزمات المادية والسياسية والنفسية بالاشتراك مع بقية القوى الوطنية لجعل هذا الوجود الأجنبي غير ممكن وغير ضروري ولا بد من خروجه.

ولتحقيق ذلك لا تكفي الهتافات والكلمات الجوفاء والشعارات الفارغة, بل يحتاج الأمر الى نشاط فعلي, على الأرض، متنوع الأوجه, عبر الحكومة بتقوية موقفها التفاوضي، عبر الأعلام وتعبئة الرأي العام العراقي للضغط على المتفاوضين للحفاظ على حقوق العراق, كذلك عبر التحرك في الشارع, وعبر مختلف الفعاليات والنشاطات السياسية

التي يمكن أن تنهض بها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وكل التشكيلات والنشاطات الجماهيرية لخلق حالة تجعل من وفدنا المفاوض في موقع متكافئ مع الطرف الثاني لصياغة اتفاقيات من شأنها أن تؤمن استعادة العراق لاستقلاله وسيادته الكاملين , كعضو متفاعل متساوي الحقوق في المجتمع الدولي.

ولهذا أعلنا موقفنا بوضوح،ارتباطا بالحالة الموضوعية وبالتحرك الفعلي لمجرى الاتصالات والمفاوضات، حيث طالبنا بوفد مفاوض مقتدر وكفء ذي مهارة وإخلاص لقضية الشعب ورغبة في استحصال أقصى ما يمكن الحصول عليه في هذه المفاوضات. طالبنا بأن يستعين هذا الوفد بخبراء من القوى والأحزاب السياسية, وان تُشرك أوسع القوى في صياغة المواقف واعتقد أن هذا التوجه كان له صدى كبير عند الحكومة ومن له علاقة بصياغة القرار السياسي.

أكدنا على ضرورة توفر الشفافية والعلنية في المفاوضات ورفضنا أيٍِِ اتفاقيات سرية وتعهدات بعيدة عن أعين الشعب وان تعرض كامل المفاوضات ونتائجها على البرلمان العراقي لمناقشتها وإبداء الرأي فيها وأن يكون له القرار النهائي بصددها, رفضا أو تعديلا وقبولا, باعتباره الجهة الممثلة للشعب.

أكدنا أيضا على ضرورة توفير المناخات السياسية الايجابية وتشكيل الوحدة الوطنية الضرورية ,القادرة على تقوية موقف العراق التفاوضي على طاولة المفاوضات. هذا ما أكدنا عليه, كله سواء في المقالات الافتتاحية لصحيفتنا, وفي تصريحات لا تقبل اللبس.

أما بشأن المواقف التفصيلية حول هذه القضية أو تلك, فسيكون لنا، عدا التصورات العامة , مساهمة ومتابعة تفصيليتين , فهذا واجبنا وحق علينا , وليس منة نقدمها , بأن نكون متابعين لمجريات المباحثات وملاحظة ما ينسجم مع مصالح الشعب وتصوره لمستقبله وبالإدلاء برأينا حول ما يقتضي منا الإدلاء به. ليس هذا وحسب, بل سيكون لنا رأي في كل ميدان من ميادين التفاوض الملموسة.



س: وماذا عن الوجود الاجنبي؟.

فيما يتعلق بالوجود العسكري الأجنبي على الأرض العراقية , نحن صريحين وواضحين انطلاقا من وطنيتنا واحترامنا لاستقلال وسيادة بلدنا واحترام إرادة شعبنا , لا نقبل وجود قوات, قواعد أو أي وجود عسكري أجنبي , وبأي شكل من الأشكال مع استكمال بناء كيان قواتنا المسلحة، واستكمال استعدادها لأخذ الملف الأمني العراقي بأيديها.

لا يكفي الحديث عن الفساد... المهم اجتثاثه واحالة المفسدين

الى القضاء

س:- الفساد صنو الارهاب، والكلام كثير عن الفساد والمفسدين، ولم يتحقق شيء ملموس بالواقع. فهل الدولة عاجزة عن الحد منه؟.

الفساد ظاهرة قديمة في العراق توارثناها من الدكتاتورية. ظروف الاحتلال وما أفرزته من فوضى ساعدت على انتشار الفساد وامتداده الى قطاعات كثيرة جديدة , بحيث أصبح العراق في مقدمة الدول التي انتشر فيها. الفساد،كما أشرت، حليف عضوي للإرهاب , فهو يتغذى على الفوضى التي يخلقها الإرهابيون والمخربون ويوفر للإرهاب والتخريب الإمدادات المادية والمالية والامكانيات اللوجستية والظروف الإدارية المناسبة للنشاط الإجرامي.

لهذا فأنه حين يجري الحديث عن المكاسب الأمنية وعن ضرورة ترسيخها بإجراءات أخرى يقع ضمن هذه الإجراءات التعامل الجاد والسليم مع ملف الفساد بكل أنواعه , السياسي منه والاقتصادي والإداري والمالي , وهي كلها مترابطة، ومتممة بعضها للبعض الآخر.

مع الرغبة في التأسيس لمؤسسات جديدة تنسجم مع الديمقراطية, وبناء أركان سليمة للبديل الديمقراطي تشكلت هيئة للنزاهة, لكن الفوضى عمت النزاهة, كما هي عمت ميادين الحياة الأخرى. فقد أثارت النزاهة حقيقة أن البلد يغص بالفساد والمفسدين ويبدو للأسف إنها توقفت عند هذا الحد. في حين كان عليها أن تواصل الجهد وبمسؤولية كاملة وبدعم من مؤسسات الدولة الأخرى، وبالذات من مركز القرار السياسي.أن تنجز ما عليها دون التوقف عند الفضح وعند الحديث العام وذلك بتحويل الفساد والمفسدين الى المحاكم لينالوا جزاءهم الشرعي وليكونوا عبرة للآخرين كي يرتدعوا بسبب ما حلّ بأقرانهم.

المؤسف أن هيئة النزاهة ركزت فقط على مهمتها الإعلامية في الفضح , لكن الفضح دون اتخاذ إجراءات قد يأتي بمردود عكسي وخصوصا في تربية الآخرين، عندما يرى كثيرون , وهم يعانون ما يعانون من آلام ومآسي وجوع وفقر , بان الفساد منتشر على هذا القدر من الدرجة , وتبذير بهذا القدر من الأموال , ولا تتخذ الإجراءات العقابية المناسبة بحق الفاسدين والمفسدين , فان هذا يمكن أن يشجع الآخرين على ارتكاب الفساد كطريق سهل مضمون لا تترتب عليه أية تبعات, وبذلك تسئ النزاهة الى مهمتها التربوية.

كان على هيئة النزاهة أن تركز على قضايا أساسية وان تأخذها الى نهاياتها الطبيعية كي تكشف المجرمين سارقي قوت الشعب , ولكي تنزل العقاب العادل بهم.

إما أن تثير مئات، بل ألاف القضايا، دون إيصالها الى نتيجتها المنطقية , أي القضاء , فان هذا يشكل إساءة لقضية النزاهة وتقصير في ميدان عملها.

وأنا بهذا لا أريد أن احمل هيئة النزاهة بمفردها المسؤولية , إذ إنها مسؤولية كل الأجهزة ذات العلاقة بالنزاهة , من صانعي القرار السياسي , مرورا بهيئات القضاء والمحاكم وصولا الى إدارة هيئة النزاهة ذاتها وتفرعاتها. في كل الأحوال هذه تجربة جديدة ومعالجة الفساد كما أشرت فيما تقدم , يجب أن لا تقتصر على الإجراءات العقابية , فالردع الأساسي يكمن في توفير مصادر دخل كريم وشريف للمواطنين يقيهم شر السقوط في ممارسة السرقة والاختلاس والمحرمات الأخرى أللا أخلاقية وبما يساعد على تقويم المجتمع وإعادة بنائه أخلاقيا ونفسيا. فالمجتمع العراقي عانى من التشوه على يد الدكتاتورية وحروبها وأجهزتها القمعية, وما عنته الدكتاتورية من جوع وفقر وحرمان. لابد اذن،من توفير مصادر العيش الكريم لأبناء شعبنا. فهذا هو الطريق السليم والمضمون لاستعادة الأخلاقيات النبيلة والجميلة التي هي جزء من تراث شعبنا ومثله النبيلة التي نعتز ونفتخر بها.

لابد أيضا من أن نشخص بأن الفساد المحلي قد تطور وتحدث بتلاقحه مع الفساد الأجنبي المتطور تكنولوجيا, فبعض أجهزة الاحتلال جاءت بأساليب حديثة للنهب والسلب وساعدت على ضياع مليارات من الأموال التي قدمت على شكل مساعدات وهبات وقروض الخ.... ولا زالت الكثير من الهيئات السياسية والمحاكم، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، منشغلة بها.

ملف الفساد إذن, يجب أن يشمل ما ارتكبه المحتلون من جرائم في هذا المجال, أيضا ما تقدمه حاضنات الإرهاب الإقليمية المساعدة للتخريب في العراق.

الفساد، على كل حال هو جزء من الأزمة والمحنة التي يعانيها شعبنا فبالتحسن الأمني / السياسي نوفر مداخل سليمة لتطويق الإرهاب والفساد والمفسدين وعصابات الجريمة المنظمة , والنجاحات السياسية تساعد بدورها أيضا على توفير كل ما يساعد على تحقيق انجازات في مكافحة الفساد ويصح العكس.

المصالحة مدخل رئيسي

لإعادة بناء العملية السياسية

س:- انعقد مؤخرا المؤتمر الثاني للقوى السياسية العراقية، في اطار مشروع المصالحة الوطنية. ورغم مرور ما يقرب من سنتين على اطلاق المشروع فانه ما زال يتعثر، فهل من افاق له؟.

ما زالت المصالحة الوطنية هدف نبيل, ضروري وملح لتحسين وإصلاح الحالة السياسية في العراق, هو مدخل رئيسي لإعادة بناء العملية السياسية والوصول بها الى غاياتها المنشودة في الأمن والاستقرار وإعادة البناء والأعمار.

بذلت جهود غير قليلة من اجل إخراج هذا المشروع الى حيز التطبيق الفعلي والممارسة السليمة , لكن هذا كله يجري في ظل صعوبات وعراقيل لا حصر لها ولا عد.

طريق المصالحة ليس طريقا سهلا فهو محفوف بالمخاطر والأعمال المعرقلة المخربة أيضا, فكل من يسعى لديمومة الفوضى والتهريب والتنابز يسعى عمليا لتخريب المصالحة وحرمانها من عناصر النجاح.هناك المترددون , المتشككون، في المصالحة وهم بسعيهم لتحجيم وتضييق ميادين المصالحة , يؤثرون سلبا على زخم العملية الفعلي, وهذا كله يلحق الضرر بمسيرة المصالحة التي تسعى القوى الخيرة الى إنعاشها وإنجاحها والوصول بها الى غايتها المنشودة.

صحيح أن المصالحة ليست مؤتمرات وليست مجرد لقاءات, فهي متنوعة الطرائق والوسائل والأساليب وذات أبعاد مختلفة عديدة , متنوعة منها المؤتمرات والاهم من المؤتمرات هو الاتصالات السياسية الثنائية ومتعددة الأطراف والإجراءات الفعلية على الأرض.

وبهذا الصدد فقد تحققت انجازات محددة , مثل صدور قانون المسائلة والعدالة , قانون العفو , أعادة الكثير الكثير من منتسبي القوات المسلحة والجيش السابقين الى الخدمة وإحالة قسم أخر الى التقاعد أو الى وظائف مدنية , حلّ قضية الدوائر المنحلة وغيرها من الإجراءات التي تمثلت في ظهور الصحوات المحاربة للقاعدة وتأمين انتساب عدد غير قليل من أفرادها الى القوات الحكومية النظامية وضمان حلّ مشاكل العديد من المحافظات والتوجه لانتخابات مجالس المحافظات ,أن كل ذلك يشكل خطوات ملموسة على طريق المصالحة , ولكن تبقى الخطوات السياسية الأخرى مهمة ويجب تحقيق انجازات بهذا الصدد. ونعني بذلك مسألة تشكيل الحكومة وتفعيل الأمن السياسي وتحقيق انجازات اكبر في البرلمان وتفعيله وتفعيل الحوارات السياسية المتنوعة.... الخ.

مع ذلك تبقى لمؤتمرات المصالحة طعم خاص ومنزلة خاصة. فكلما اتقنا التحضير لها وكلما اتسمت عمليات الإعداد لها بالجدية والسعة والمسؤولية،وكلما أشركنا أوسع قوى ممكنة من ذوي الأفكار المختلفة من المشاركين في السلطة وغير المشاركين فيها , من المشاركين في العملية السياسية والمعارضين لها ومن هم خارجها، كلما كانت هذه المؤتمرات أفضل وانجح وأكثر قدرة على الخروج بنتائج من شأنها أن توفر المناخ السليم لعودة وبناء الوحدة الوطنية.

بالنسبة للمؤتمر الثاني, والأخير للمصالحة, غاب عنه للأسف الكثير من هذه المستلزمات, لكن هذا لا يعني أن المسؤولية عن ضعف النتائج وقلة الحصيلة تعود فقط الى تقصير منظمي المؤتمر , إذ تقع مسؤولية ذلك أيضا على عاتق من قاطعوا وانسحبوا من المؤتمر وخلقوا هذه الأجواء غير المريحة التي انعكست سلبا على نتائج المؤتمر وتتحمل إدارة المؤتمر قسطا من المسؤولية إذ كان عليها أن تكون أكثر التصاقا بأعماله وبمناقشاته وبنتائج عمل ورشاته, و لكي تلخص كل ذلك في بيان ختامي من شأنه أن يعرض على الجمهور صورة متكاملة لنتائج أعماله، وليس الاكتفاء فقط بتصريح صحفي.

الأمل , كل الأمل , في ان تتم معالجة هذا النقص من خلال بناء الهيئة العليا للمصالحة , وبتعزيز قوامها ولتفعيل نشاطها وبتأكيد ارتباطها بأعلى هيئات الحكومة، و الممثلة لكل التلاوين السياسية للمجتمع العراقي، كي تأخذ موقعها الفعلي في صياغة القرارات وصنع الأجواء الرحبة المناسبة لتفعيل المصالحة الوطنية.

لم يرتق عمل البرلمان

الى مستوى الطموح

س:- هل انتم راضون عن اداء مجلس النواب، وانتم احد اعضائه؟
ما يجري في مجلس النواب وهيئاته وطريقة عمله ونقاشاته والغياب المتكرر لعدد غير قليل من أعضائه هي كلها مؤشرات ضعف في دور المجلس, وهذا ما ساعد على أن لا يؤدي المجلس دوره الدستوري الكامل باعتباره مركز السلطة التشريعية , وصانع السياسات العامة والتوجهات الأساسية في البلد.

لم يرتق عمل البرلمان، للأسف، الى مستوى ما يطمح له شعبنا , وهو الذي يتطلع الى أن يقدم له من انتخبهم المزيد والمزيد من الانجازات والتشريعات ومن الأعمال الرقابية.

صحيح يقع أحيانا بعض الالتباس، فبعض الانتقادات غير الدقيقة , تصب جام غضبها على البرلمان وعمله في قضايا هي ليست من اختصاص البرلمان , بل من اختصاص السلطات التنفيذية , وتحمله هذه الانتقادات وزرا لا يتحمله. ويجري أحيانا خلط غير مبرر في الأوراق , بطريقة مؤسفة , وكأن كل أعضاء البرلمان هم في خانة واحدة من حيث التقصير وعدم الإنتاجية والافتقار الى الشعور بالمسؤولية،في حين أن اغلب أعضاء البرلمان هم منتظمو الحضور، جادون ومسؤولون ويقلقهم التأخر والتخلف في انجاز ماهو مطلوب منهم , لكن أداءهم يصطدم أحيانا برئاسة البرلمان ,بعمل اللجان، بأسلوب إدارة اجتماعاته وتنظيم التشاور بين كتله وأعضائه.

ولا أروم من وراء هذا التدقيق في بعض الانتقادات , أن اعفي البرلمان من التقصير والخلل في ممارسة واجبه التشريعي والرقابي , لكن أن نصوب وجهة الانتقادات وندقق المسيرة حتى تأتي الانتقادات في مكانها الصحيح, وتحقق النتائج المرجوة منها , ولكي تنتج ثمارا أينع وأفضل في المسيرة الدستورية للبلد.

لا ريب أن البرلمان يحتاج الى الكثير من الهمة والنشاط , ويمكن له أن يكون ميدانا فعالا لتجسيد المصالحة الوطنية. لكن بعض أحزابه، وبعض شخصياته أساءت، للأسف، بشكل متعمد أو غير متعمد،مباشر أو غير مباشر، للرسالة التاريخية النبيلة للبرلمان , وحولته في أحيان عديدة مسرحا للتنابز والصراعات غير المشروعة والتشنيع والمهاترات التي انعكست سلبا على مزاج الشارع العراقي، بل ساعدت على إشعال صدامات وفتن يتحمل مسؤوليتها السياسيون الذين أساءوا استخدام هذا المنبر الدستوري القانوني الرفيع.

إلا انه ما يزال في الوقت متسع وإمكانية كي يلعب البرلمان الذي يتفحص خطاه ويستخلص الدروس، ودوره وتجربتنا البرلمانية الديمقراطية ما تزال ضعيفة, لكن التعلم السليم من خلاصات التجربة يساعد على تحويل البرلمان الى إدارة فعالة في خلق المزاج السياسي الايجابي في البلد, وعلى تنظيم حوارات مثمرة من شأنها أن تعزز وحدة البلد وترسخ التقدم الأمني بإجراءات قانونية فعالة وتشريعات اقتصادية وثقافية يمكن أن تدفع عملية المصالحة الوطنية وتعزز الرقابة على السلطة التنفيذية وتدقق حسن أدائها.

الفيدرالية هي الصيغة المناسبة

س:- تتعدد الاجتهادات حول الفيدرالية، وانتم اول من تبنى هذا؟ وهناك اقرار لها في الدستور كون العراق بلد ديمقراطي اتحادي، وفي ضوء التجربة العملية في اقليم كردستان العراق، والاشكاليات بين المركز والاقليم، فما قراءتكم لمسارات تطبيق الفيدرالية في العراق؟.

تبنينا الفدرالية كشكل وصيغة لإعادة البناء السياسي/ الإداري للدولة العراقية منطلقين من حقيقتين أساسيتين:

أولا ؛ إيماننا بالديمقراطية , فالديمقراطية لا تتجزأ والتعامل معها يجب أن لا يكون انتقائيا, فإذا أرادت أن تعبر عن الإيمان بالديمقراطية فلابد أن تمكن الشعب من اختيار نظامه السياسي بحرية كاملة, وهذا جزء من مفهومنا لحق تقرير مصير الشعب وحقه المطلق في اختيار النظام الاقتصادي لاجتماعي السياسي الذي يرتأيه مناسبا لتطوره ولتوفير إمكانيات عشيه.

الديمقراطية إذن تتناقض مع المركزية المفرطة وما تعنيه من بيروقراطية واوامرية،ومن انتهاك لمصالح الأطراف , وما يوفره ذلك من أساس مادي لإقامة نظم الاستبداد والدكتاتورية.

لهذا كنا نتحدث, ومنذ أمد طويل وانطلاقا من مواقفنا الديمقراطية المبدئية, كنا نتحدث دائما عن اللامركزية وهي لابد أن تأخذ شكلا محددا.

اللامركزية كلام عام يعني مشاركة الأطراف والمحافظات والولايات في صنع القرار وإدارة شؤون البلد, لكنه ينبغي أن يجري بالملموس صياغة الشكل المناسب المتفق مع ظروف البلد ومع طبيعة الصراع السياسي الدائر فيه وطبيعة التناقضات القائمة , يجري اختيار الشكل الأنسب للامركزية.

كنا قد اخترنا الحكم الذاتي وصولا الى الفدرالية ,وأصبحت الفدرالية ألان , حقيقة سياسية معاشة. فهي إذن تجسيد للديمقراطية.إذ لا يمكن أن يكون المرء ديمقراطيا أصيلا وحقيقيا, بينما هو يرفض الفدرالية, وخصوصا في الوضع السياسي الملموس في العراق.

الركن الثاني في معالجتنا لقضية الديمقراطية هو الموقف من القضية القومية , ففي العراق قوميتان كبيرتان, ولدينا،منذ تأسيس الدولة العراقية، مشكلة القومية الكردية, والحاجة الى تأمين حقوق الشعب الكردي القومية.

وبسبب ما أصاب الشعب الكردي من ظلم وتجاهل للحقوق جسدته سياسة الحكومات المستبدة الرجعية الدكتاتورية الفاشية, من القمع والاضطهاد الى الحروب.... الخ, بقيت هذه القضية ملتهبة وغير محلولة.ونحن نرى أن الفدرالية بعد ما جرى في التاريخ العراقي السياسي المعاصر من ممارسة أشكال لامركزية, وقانون حكم ذاتي, لم تثمر كلها مواقف جدية في الاعتراف بحقوق الشعب الكردي القومية.حتى توصل الفكر السياسي العراقي بان أفضل ضمان في الملموس العراقي التاريخي المعاصر لضمان الحقوق القومية هي الفدرالية,التي تؤمن وجود إدارة ذاتية متطورة واستقلالية نسبية في أطار الدولة الواحدة لتحقيق مصالح الشعب الكردي. وهذا ما دفعنا، ومنذ البداية،لتدقيق فهمنا لقضية الديمقراطية,

فهي من ناحية حل للقضية القومية. فالقومية الثانية لها الحق في أن تختار شكل العلاقة، صيغة علاقتها بالدولة على شكل فدرالي في إطار عراقي موحد, وهذا لا يعني أطلاقا تجاهل أو تناسي حقوق القوميات الأخرى , الأصغر التي علينا أن نعالج شكل ممارستها لحقوقها بالطريقة التي تنسجم مع ظروفها وإمكانياتها مع الوضع العراقي العام. وهذا موضوع مستقبلي, أي كيف نجد الصيغة الملموسة لتجسيد هذه الحقوق, لكن لابد من ضمان موقف مبدئي؛ فنحن مع ضمان ممارسة هذه القوميات لحقوقها القومية والإدارية والثقافية.

أما على الصعيد الآخر فهي ترجمة الفدرالية إداريا.فقد صيغت هذه الفكرة بما ينسجم مع الدستور العراقي, وقبل ذلك مع قانون إدارة الدولة العراقية، وتتضمن حق مواطني المحافظات لإعادة رسم حدودهم الإدارية وبطريقة قانونية شرعية تكفل استفتاء الجماهير المعنية. فأصبح الحق لأكثر من محافظة أو محافظتين أن تقيم فدراليات وتعيد بنائها الإداري وهو قد وضع في ظروف سياسية لا يمكن القول إنها سليمة أو نموذجية ومثالية , فالكثير من المحافظات جرى ترسيم حدودها بطريقة اعتباطية وغير منطقية, بل حتى تداخلات سياسية تستهدف خلق حالة من الاصطفاف الطائفي المعين أو من الفرز القومي المعين،لأهداف سياسية غير نزيهة على يد الحكم الدكتاتوري.

يحق التساؤل:لماذا يجري حرمان المواطنين في المحافظات من حق إعادة بناء علاقاتهم الإدارية مع مجاوريهم إذا رأوا أن ذلك يؤمن لهم وضعا إنسانيا أفضل أو وضعا اقتصاديا أمتن , أو إمكانية أفضل للتطور الاجتماعي أو علاقات ثقافية أحسن؟.

لكن هذه العملية ينبغي أن تمر بالمؤسسات الشرعية وأن يجري التثبت من الرغبة الحقيقية للمواطنين في المحافظات المعنية عبر الاستفتاء بالطرائق القانونية,ولهذا جرت صياغة ما سمي بقانون الأقاليم.هذا القانون لا يأتي بجديد مخالف لما ورد في الدستور, انه فقط ينظم بطريقة قانونية عملية تطبيق الدستور.

ومن المؤسف أن الذين شوشوا على هذا القانون يحاولون تحميله من المعاني غير ما يتحمله , ويضعونه في إطار وأبعاد هي ليست من صلبه ,هو ليس أكثر من عملية تنظيمية تؤمن للمحافظات طريقا شرعيا قانونيا دستوريا لاقتراح التوجه نحو الفدرالية وتنظيم الاستفتاء الشعبي لكي يتم التوصل الى قناعة بالفدرالية في هذا الميدان أو ذاك.

أما الصيغ المختلفة للفدرالية, وأشكالها الملموسة فأنها متنوعة ومختلفة, فالحديث عن قانون الأقاليم لا يعني ابدا" أطلاق صيغة محددة كأن تكون فدرالية محافظة واحدة كما يدعو البعض, او فدرالية تختص بمحافظتين أو ثلاثة كما يرغب آخرون, او فدرالية تضم 9 محافظات كما تروج بعض الفئات السياسية، ولا فدرالية تضم 14 محافظة لتواجه الفدرالية الكردستانية على أساس قومي.

كل هذا هو خارج إطار قانون الأقاليم, بل هو موضوع للصراع السياسي وللتنافس بين القوى السياسية المختلفة لاحقا.

نحن كحزب نرفض أن تبنى الفدرالية على أساس طائفي وموقفنا من قانون الأقاليم ليس له علاقة بموقفنا من شكل وصيغة الفدرالية. واعتقد أن هناك رأي عام عراقي واسع جرى اختباره والتأكد من موقفه.فحينما أطلق (بايدن) مشروعه حول تقسيم العراق الى فدراليات , كان هناك ما يشبه الإجماع لدى الرأي العام العراقي،وخصوصا في المناطق العربية، بأنه يرفض وبحزم الفدراليات العراقية على أساس طائفي. وهذا رصيد سياسي كبير يجب أن نستثمره في توعية الجماهير لاختيار الشكل الأنسب, الأكثر واقعية، الأكثر تجسيدا للطموحات الشعبية في صياغة الفدرالية بمفهومها الإداري / السياسي في المناطق خارج إقليم كردستان الذي يمثل القومية الثانية للشعب العراقي.

لاشك إننا نحتاج ألان الى مجموعة من المستلزمات كي نقيم الفدرالية , وإذا كان هناك التزام بتفعيل قانون الأقاليم بعد 18 شهرا" من إقراره, فهذا لا يعني ممارسة هذا الحق الآن، وإنما لابد من الأخذ في الاعتبار الظروف السياسية التي يعيشها البلد وراي الناس ومزاجهم.

فتطبيق القانون يجب أن لا يخضع للتسرع والمزايدات وإنما يحتاج ذلك الى أجواء انسب كي تعطي للشعب الحرية والمرونة في التفكير السليم باختيار ماهو مناسب له.وإذا كنت أفضت في الحديث عن هذه النقطة , فللرد على المحاولات التي ترمي الى تشويه القانون وتفسيره وتغيير ما يعنيه,مستغلة عدم فهم بعض الناس.

تحقيق الميزانية لاهدافها يرتبط بتوفر الاجواء السياسية والاداء الحكومي السليم

س: الاداء الحكومي ضعيف، والخدمات ما زالت متردية، البطاقة التموينية تتقاذفها الامواج، والمواطن يعاني الامرين، فيما اقرت اضخم ميزانية بالارقام المطلقة لهذا العام. ما تعليقكم على ذلك؟.

- لا تكمن المشكلة في توفير الأموال، فالعراق كان يملك دائما السيولة المطلوبة أو كان من اليسير عليه الحصول عليها, المشكلة هي في كيف تستثمر هذه الأموال وتحويلها الى مشاريع إنتاجية وتنشيط الدورة الاقتصادية مما ينعكس في وظائف جديدة،وفرص عمل جديدة وتوفر خدمات أفضل , على صعيد التعليم، الصحة, البلدية , الكهرباء, الماء والمحروقات....الخ.

تنفيذ الميزانية وتحقيقها لأهدافها يرتبط الى حد بعيد بتوفر الأجواء السياسية المناسبة وبالتخلص من الإدارة السيئة، والتخلص بشكل خاص من نظام المحاصصة المقيت الذي حرم البلد من الكثير من الكفاءات والقدرات.

أن التأكيد على نظام اللامركزية الإدارية وإعطاء المحافظات حقوقا أكثر في تنفيذ المشاريع الاستثمارية واستثمار مبالغ كثيرة من الميزانية يحتاج الى رقابة وإشراف،والى مساعدة وتقويم عمل هذه المحافظات لكي تخصص الأموال الى المواقع المخصصة لها. فلا تبقيها مجمدة كما حصل في السنوات السابقة , هذا من ناحية وان لا تدع أيدي السراق والفاسدين تصل إليها من ناحية اخرى.

الميزانية من حيث أرقامها المطلقة هي ميزانية كبيرة، ولا ريب انه عند الحديث عن الميزانية يتوجب الابتعاد عن المبالغات كالقول إنها اكبر ميزانية في العراق , أنها كذلك بالأسعار الجارية.

كان يفترض بالمسؤولين , قبل أن يطلقوا الحملة الإعلامية حول الميزانية , أن يقيسوها بالأسعار الثابتة مقارنة الى السنوات السابقة. فالدينار اليوم، ودولار اليوم ليسا كما الأمس. لكن تبقى مع ذلك ميزانية كبيرة ممكن أن تساعد الاقتصاد العراقي على تجاوز العديد من أزماته , وان تفتح الطريق رحبا لبناء مرتكزات أساسية لنجاحات في السنوات اللاحقة.

لكن يبقى السؤال المشروع وهو: لماذا لم تنفذ المشاريع التي كان من المفروض تنفيذها؟.

يتعلق ذلك،بالتأكيد، بأداء الحكومة والإدارة الحكومية, وهذا لا يتعلق بالحكومة الحالية فقط, بل الحكومات المتعاقبة, بدءا من حكومة بريمر؛ الحكومة التي جاءت بعد الاحتلال.

لابد من أن نستخلص دروسا ونعتمد مؤشرات من شأنها أن تخدم مسيرتنا في التنفيذ الصادق والسليم لتوجهات الميزانية الجديدة, فهي تنطوي على الكثير من النواقص.

لقد سعى مجلس النواب العراقي عبر المناقشات التي دارت فيه لتعديل بعض بنودها بالتأكيد على بعض الأمور من قبيل الإصرار على بقاء البطاقة التموينية ومنع تلك الرغبات التي كانت تستبطن إنهاء أو تقليص مخصصاتها أو تقليل مفرداتها وصولا الى الغائها تدريجيا.

لقد كان لمجلس النواب بهذا الصدد موقف واضح وصريح أدى في النهاية الى الإبقاء على البطاقة التموينية وتأكيد ضرورة تأمين مفرداتها كاملة والسعي لتحسينها، بل انه اطلق الكثير من التوصيات التي تلزم الحكومة بتثبيتها, بضمان وصول مستحقات البطاقة التموينية الى مستحقيها ولمحاربة السرقة وتلاعب المخازن والوكلاء والنهب والسرقات التي أدت وتؤدي الى ضياع الكثير من أموال البطاقة التموينية ومخصصاتها وذهابها الى بطون السراق والحرامية والفاسدين. ويتطلب الأمر متابعة هذه المواقف, إذ بدون متابعة جادة سنعود الى الشكوى مرة ثانية واعتقد أن متابعة الأهالي كل في منطقته بتأمين وصول المواد كاملة غير منقوصة من المخازن المركزية الى المخازن المحلية الى الوكلاء, أمر ضروري حيث أن ترك المسألة الى الأجهزة الإدارية لن يوصلنا الى نتائج طيبة , فالرقابة الشعبية مطلوبة وتنظيم أشكالها الفعالة مطلوب بشكل ملح في هذا المقطع الزمني من حياتنا الاقتصادية والسياسية.

هناك حاجة الى إعادة نظر في بعض بنود الميزانية, ولازلنا ننتظر ظهور البنود الخاصة برواتب الموظفين,

الجميع مطالب بتفعيل القرار السياسي الوطني العراقي المستقل

ولازلنا بانتظار خروج جداول رواتب المتقاعدين, ونسمع أن وزارة المالية قد توصلت الى نتائج وصياغات عرضتها على مجلس الوزراء خصوصا بعد أن اهتدت واسترشدت بتوصيات مجلس

النواب الذي يدعو الى ربط الأجور والرواتب والتخصيصات التقاعدية , بمؤشرات مستوى المعيشة ومستوى التضخم. فليس منطقيا أن تبقى مداخيل ذوي الدخل المحدود ثابتة في حين أن كل اسعار الخدمات والبضائع في زيادة. فهذا ظلم فاضح, ويجب أن تسعى وزارة المالية, استنادا الى توصيات مجلس النواب الى إيجاد السبل لتدارك هذا الوضع ومعالجته وإذا لم تعالج ذلك فعلى لمجلس النواب ان يقول كلمته وعليه أن يلتزم بجولات من الحوار مع الهيئات التنفيذية لضمان وصول حقوق الموظفين والمتقاعدين كاملة غير منقوصة.

وهنا على مجلس النواب،والحكومة والأحزاب والحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الجماهير، أن تتابع وتراقب توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الهادفة الى تقليص الدعم وتقليص الإسناد الذي تقدمه الحكومة للفئات المحتاجة والفقيرة , سواء كان ذلك في البطاقة التموينية، المحروقات، الكهرباء أو الماء وسائر الخدمات. فهذه النزعة مؤذية , وإذا كان صندوق النقد الدولي فرض تطبيقها في بلدان تتمتع بهدوء واستقرار نسبي وحالة اقتصادية طبيعية , فالبلد الذي يعيش ظروفا استثنائية والذي يملك الثروات يجب أن لا تفرض عليه قرارات من شأنها أن تؤذي بشكل إضافي الشعب وتحمله أكثر مما يحتمله من معاناة.

استنهاض التيار الديمقراطي

س: التقيتم مع الحركة الاشتراكية العربية، الحزب الوطني الديمقراطي، وتم اطلاق نداء من اجل اقامة الدولة المدنية الديمقراطية. واكدتم على اهمية تفعيل دور القوى الديمقراطية، فماذا عن افاق ذلك؟.

يشعر الحزب بان هناك تيارا ديمقراطيا يملك جذورا تاريخية وأساسا موضوعيا عميقا في المجتمع الديمقراطي, لكن هذا التيار ولعوامل متنوعة خارجية وداخلية،موضوعية وذاتية، لم يحصل على موقعة الطبيعي بعد في الحركة السياسية، وفي العملية السياسية العراقية الراهنة.

ان هذا التيار بحاجة الى استنهاض، الى تحفيز وتحريك، مع الأخذ في الاعتبار المشاكل والظروف الموضوعية التي هي اكبر من الرغبات الذاتية ومن الأماني , لكن يقع على عاتق هذه القوى وهي تتمثل في أحزاب ومنظمات وقوى وشخصيات سياسة , أن تتحرك وبثقة عالية بالنفس وبالاستفادة من خلاصة السنوات الماضية لتجاوز العقبات والعراقيل والمشاكل التي حالت دون أن يأخذ هذا التيار مكانه الطبيعي في الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.

ومن هنا فقد دعونا وتحركنا على أكثر من صعيد , لقاءات ثلاثية ومتعددة الأطراف ومتنوعة، كل ذلك من اجل أن نبعث الحياة والحراك وبما يحفز نشاط قوى التيار الديمقراطي.

اهتدينا أخيرا الى القيام بمبادرة يمكن أن ينجم عنها تحرك واسع لقوى التيار الديمقراطي , هي ليست بديلا عن محاور نشاط أخرى، ولا تتجاهل ميادين نشاط أخرى لهذا التيار وأشكال متنوعة من النشاطات , إنها – أي المبادرة - إضافة أردناها أن تكون نوعية للنشاطات الأخرى ,وان تكون تلخيصا لتجربة , ليس فقط للاحزاب الثلاثة التي بادرت الى حملة ( مدنيون)، وإنما لتجربة جميع الديمقراطيين.

فهي لا تستهدف حصر المبادرة في الأطراف الثلاثة , لكن لتسهيل العمل, بدأت بالقوى الثلاثة لكن آفاقها الانفتاح على كل القوى الديمقراطية العاملة في الساحة , اذ ان كل عمل مدروس , كل ولادة طبيعية تبدأ بمن هم أقرب الى بعضهم , وأكثر استعدادا وقدرة على التحرك في اللحظة الراهنة.

لهذا بدأنا بالقوى الثلاثة والأمل أن تتسع الدائرة وان تستوعب كل الإمكانيات والطاقات , أحزابا ومنظمات وأفرادا" كي تنخرط في حملة واسعة وأكثر قابلية وقدرة , أن تصوغ أطرا وأشكالا تنظيمية مقبولة للتيار الديمقراطي دون أن تعني هذه الأطر والصياغات إلغاء للاستقلالية الفكرية و التنظيمية والسياسية لأي مكون من هذه المكونات , وإنما تركز على المشتركات والتوافقات التي يبدو لنا, إنها ابعد مدى من تلك الأهداف أو من تلك التصورات التي تتبناها مستويات أخرى من التحالفات.

فتجميع قوى التيار الديمقراطي وتفعيل دوره,لا يمنع الحزب من مواصلة العمل على تشكيل جبهة وطنية واسعة تشترك فيها كل التلاوين الفكرية السياسية الوطنية الأخرى في المجتمع العراقي.

فهناك حاجة , كما اشرنا في مشروعنا الوطني الديمقراطي، لتسهيل مهمة توحيد الجهود والخروج بالبلد الى شاطئ الأمان والاستقرار والبناء.

ويمكن للتيار الديمقراطي أن يلعب دورا متميزا في التهيئة لبناء جبهة وطنية واسعة, دون أن يفقد, هنا أيضا، خصوصيته، شأنه في ذلك شأن التيارات الأخرى, مثل التيار الإسلامي والتيار القومي. أن توجهنا لاستنهاض التيار الديمقراطي لا يتعارض مع عملنا من اجل الجبهة الوطنية الواسعة , بل يعززه، بما يملكه التيار من توجه ابعد في دفع مسيرة البلد نحو آفاق الديمقراطية والتقدم الاجتماعي.

أن الخطوة- الحملة التي أعلناها , هي خطوة أولى لتعبئة الرأي العام الديمقراطي وستليها خطوات من شأنها أن تؤصل هذا التقارب وتجذر في المشتركات الديمقراطية، تحفز وتعبئ وسطا جماهيريا واسعا يؤمن بالتيار الديمقراطي وبتوجهاته.

هذا ما سنقوم به مع إعلان برنامج هذه القوى الذي سيعرض للمناقشة بهدف تطويره وسيكون ذلك في اجتماعات ولقاءات وطاولات مستديرة في كل أنحاء العراق وفي الخارج، من اجل صياغة مشروع يوحد تصورات القوى الديمقراطية.

وفي ضوء ذلك سنتوجه لعقد مؤتمر يستوعب كل التلاوين الديمقراطية , ونتمنى له أن لا يقر، بشكل نهائي، فقط البرنامج والرؤى المشتركة لقوى التيار الديمقراطي , وإنما أن يتواصل أيضا بصيغة تضمن لقاء هذه القوى ونشاطها المشترك في الحياة السياسية.

أما تحديد الإطار وأي شكل سيتخذ؟ هذا ما سيولد ولادة طبيعية عبر ما تبديه هذه القوى من استعداد وقناعة بالصيغة الأمثل والأكثر فاعلية لنشاطها المشترك.

نسعى لان تكون الولادة طبيعية متدرجة, تصاعدية من دون الاستجابة لبعض النزعات التي تطرح الرغبة في الانتهاء من كل ذلك اليوم وليس غدا! مستعجلة, حارقة المراحل, قافزة على الصعوبات وعلى ضرورة أن يجري البناء الصحيح بالتدرج

والتصاعد, وبتوفير القناعات وحل الإشكاليات وهو ما نسعى ونطمح إليه لتطوير نشاط التيار الديمقراطي.

وبينما نبني التصورات المشتركة ونتوجه نحو عقد الاجتماعات واللقاءات وتنظيم مؤتمر لقوى التيار الديمقراطي, يجب أن ننتبه لحقيقة أن المسألة لا تقتصر على علاقات رسمية , شكلية , وانما يجب أن تترسخ بالعمل المشترك والنشاط المشترك, فالبلد يعج بالقضايا التي تفرض على التيار الديمقراطي أن يكون له حضوره من القضايا المطلبية للجماهير الى القضايا السياسية العليا التي تتعلق بسياسات البلد الخارجية , من قبيل الاتفاقات وقضايا السلم والحرب وتأمين بناء القوات المسلحة ,جلاء القوات الأجنبية وما يتفرع عنها من تحديد جدول زمني لذلك,مرورا بقضايا السياسة الاقتصادية ؛ بعبارة ؛كل ما يواجه البلد من مستحقات هو ميدان للعمل المشترك بين هذه القوى لصياغة موقف التيار الديمقراطي, ولا يمكن أن يقتصر الأمر على مجرد النقاشات بل أن يتعداه الى الفعاليات الجماهيرية, وفعاليات مشتركة في منظمات المجتمع المدني,فعاليات على مستوى الشارع وفي الأعلام... وغيرها.هذا ما نطمح اليه، حيث يكون الرديف الموضوعي والنشاط الطبيعي لقوى النشاط الديمقراطي متزامنا مع الاتصالات واللقاءات وصياغة الوثائق, فأحدهما يغذي الآخر.بذلك نصل الى مستويات اعلى من التوافق والاتفاق خلال العمل اليومي.

وضمن ذلك ستكون قضية الانتخابات، فالطموح المشروع والطبيعي هو أن نتوافق على الظهور بقائمة مشتركة في انتخابات مجالس المحافظات مثلا. لكن هذا مرتبط بتوافقنا السياسي, فليس بالضرورة أن نتفق على كل التفاصيل , وهذا مرتبط ثانيا بقانون الانتخابات, وثالثا بوجود القوى المعنية بالتيار الديمقراطي , فالانتخابات ستكون على مستوى المحافظات, إذ من الممكن أن لا يكون وجود لكل قوى التيار الديمقراطي في كل المحافظات, وإنما تيار وتنظيمات أخرى.

كل هذه التفصيلات ستقرر ما أذا كنا سنستطيع أن نخرج بقائمة مشتركة, وهذا هو المرجو والمطلوب, أم لا, فإذا استطعنا, فهذا خير على خير, وان لم نستطيع فهذا لا يفسد للعمل المشترك قضية, وإنما سيتواصل العمل والنشاط المشترك لقوى التيار الديمقراطي.

وإذا لم نستطع في الظهور بقوائم مشتركة، فهذا لا يمنع اتفاقنا بعد الانتخابات , فالانتخابات العامة , والظهور بقوائم مشتركة هي ليست هدفا بحد ذاته, ليست نهاية المطاف وإنما هي فعالية سياسية ضمن الفعاليات التي يواجهها البلد.

الحرص الحقيقي على وحدة اليسار يتطلب مواقف ايجابية

س: الحزب من قوى اليسار، وهناك اراء ومقترحات لوحدة اليسار، فكيف تفاعل الحزب معها؟

- أكد المؤتمرالوطني الثامن للحزب على إننا نعمل على توحيد الجهود على أكثر من مستوى, واشرنا الى مستوى التحالفات في إطار الجبهة الوطنية , وتحدثنا كذلك عن المستوى الاخر؛ مستوى التيار الديمقراطي.

ولابد أن نؤكد انه توجد في المجتمع العراقي قوى ذات منحى ونمط تفكير يساري في التيار الديمقراطي، وفي غيره من التيارات, المشتركات مع هذه القوى ليست قليلة خصوصا على المستوى الأبعد,وهذا يؤسس لضرورة التعاون والتقارب والتفاهم بين هذه القوى.

هذا من حيث المبدأ , فنحن مع علاقات متينة رفاقية مع كل من يحسب على اليسار, لكن لابد من حسم بضعة ألامور:

فاولا كيف نحدد قوى اليسار؟ فالبلد يعج باللافتات والمسميات ذات الطابع اليساري.قسم منها يتبنى برنامجا سياسيا ليست له علاقة مع برنامج حزبنا أو بقوى يسارية أخرى،بل انه يجعل من همه الأساس محاربة الحزب والقوى اليسارية القريبة من سياسة الحزب واعتمد أساليب التشهير والتشويه والإساءة أو الطعن بغيره من القوى , فهل مثل هذه المقدمات تصلح أن تكون طريقا للتقارب مع هذه القوى؟.

وبعض أخر من هذه القوى غير مستعد أصلا للحوار ولاعتماد أساليب ديمقراطية في العلاقات, فهو مازال يعيش في مجاهل الفكر والتخلف من العوالم.إنه لا يستطيع رؤية الحياة الا من زاوية اللونين الأسود والأبيض, وليس له منظور حول المراحل والظروف وطريق التطور, وهو يؤمن بحرق المراحل والقفز فوق كل شيء دون أن يكون له من رصيد مادي حقيقي على الأرض, هذه هي المشاكل الحقيقية التي أثرت وتؤثر على علاقة بعض اليساريين فيما بينهم، ومع الحزب الشيوعي الذي يمثل هذا الموقع في الحركة اليسارية العراقية، من دون ادعاء بأننا نحتكر اليسار.

المناكدات الأخرى التي تظهر في إطار اليسار هي أن العديد من هذه القوى، الذي يحسب نفسه على اليسار، يصر على أن هدفه هو إسقاط الحزب الشيوعي, فينازعه في الاسم ويحاربه في القيادة ويسعى لتخريب تنظيماته, وبعد كل ذلك يراد منا أن نسميه يساريا.

من الجهة الأخرى لا يمكن تفسير ادعاء بعض هذه القوى الانتساب الى اليسار في حين ان برامجه تتطابق مع كل الإرهابيين والمخربين في البلد, بحيث يبدو انه عضيد وحليف لقوى الإرهاب. لابد إذن من فرز بين هذه القوى والخروج من دائرة التشويش في المسميات وتوفير مناخ طبيعي في العلاقات بين القوى التي تدعو الى وحدة اليسار, وهذا يتطلب قبل كل شيء أن تهجر طريق الشتيمة والإساءة وتعمد تشويه مواقف الآخرين.

الحرص حقا على وحدة اليسار يتطلب طرحا ومواقف ايجابية , ليطرح كل رؤيته ونحن لن نكون معرقلين أو ممتنعين عن سماع أي رأي يطرح بطريقة ايجابية, دون أن يتدخل في شؤون الآخرين ويفرض الوصاية عليهم ويبيح لنفسه ان يحرم ويحلل ويخَون.... الخ.

إذا توفر هذا الجو من دون افتعال للمنغصات أو نبش للمشاكل , بدون إساءات فسيتوفر المناخ الملائم للبحث في وحدة القوى اليسارية , وهذه هي مسؤولية الجميع.

فالحوار البناء الايجابي في إطار تلخيص التجربة العراقية يمكن أن يفضي الى نشاطات مشتركة, وعلاقات طبيعية يمكن أن تتدرج وتتفاعل وترتقي الى علاقات امتن ,يمكن أن تتخذ طابع تنسيق في المواقف أو عمل مشترك حول هذه القضية أو تلك , تحالفات يسارية.... الخ.

نحن لا نضع حدودا على أي شكل من أشكال التعاون والتنسيق مع هذه القوى , لكن لابد من التأكيد ,مرة وألف مرة، أن الطريق المفضي الى العلاقات الطيبة الطبيعية، هو طريق التخلي عن معاداة الحزب الشيوعي والهجوم على سياسته ومواقفه وتاريخه وقيادته, وعلى العموم فان هذه العملية أي وحدة قوى اليسار لا تفتعل، بل ينبغي أن تأخذ مداها الطبيعي الموضوعي في الزمن، وفي المواقف.

لا نكتفي بالنقد

بل نقدم البدائل

س: ونحن نتهيأ للاحتفال بالذكرى ال74 , أين يقف الحزب،بعد خمسة سنوات من النشاط العلني، في سائر أرجاء العراق؟على صعيد إعادة البناء , النشاط الجماهيري , وماذا تحقق منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن ونحن نقترب من مرور سنة على انعقاده؟.

- أن هم الحزب الأول , شعورا منه بالمسؤولية، هو خلاص البلد مما هو عليه وهو يكرس لهذا الغرض جهودا غير قليلة , فكل مؤسسات الحزب ورفاقه ومنظماته تسعى وتعمل مع القوى الأخرى لأحداث هذه النقلة النوعية الضرورية والمطلوبة عاجلا في مسار العملية السياسية لتحقيق الأمن والاستقرار واعادة الأوضاع الطبيعية، بما يؤمن البناء والأعمار وتوفير الفرص لأبناء شعبنا في الحصول على حياة كريمة أمنة مزدهرة.

ويدفع الحزب بهذا الاتجاه , على كل صعيد، على صعيد علاقاته بالدولة بمختلف مؤسساتها , بالرئاسة , بالحكومة بالبرلمان , في منظمات المجتمع المدني, النقابات وغير ذلك من أشكال العمل الرسمي والجماهيري , فأننا ندفع بهذا الاتجاه , رغم أن ما يواجهنا من صعوبات، ليس قليلة، سواء العام منها أو الخاص, بما في ذلك الحساسيات التي تظهر بسبب طروحاتنا ذات الطابع المستقل الديمقراطي، البعيد عن التعصب الطائفي والتخندق الأثني, لكن صوت الحزب عال ومسموع , فنحن نشخص الأمراض والأخطاء، لكننا لا نكتفي فقط بالنقد بل نقدم البدائل التي من شأنها أن تخدم الشعب في كل الميادين. نسعى لان يكون لنا تصور منسجم مع الوقائع والظروف ومع ما يساعد شعبنا على التقدم ولو خطوة ملموسة للأمام ونعبئ خلال ذلك القوى , بالاعلام، وبالنشاط ألمطلبي ومساهمتنا في المنظمات الجماهيرية، ومن خلال حث القوى والأحزاب السياسية على تقديم المزيد والمزيد من العطاء.

نحن لا نوفر طريقا شرعيا سليما حيث يكون رفاقنا , وحيثما تكون منظماتنا، لهم ولها حضور؛ في مجالس المحافظات , في النقابات, في الجمعيات... الخ فوجودنا في تلك المؤسسات ليس قليلا , وما يقدمه رفاقنا مدروس ومسؤول وجاد يحظى باهتمام كل القوى الأخرى , خصوصا أن ما نؤكد عليه ينطلق من حرص عال بالمسؤولية ومن ترفع على الوقوع في الحسابات النفعية الأنانية الضيقة , وبما عرف عنا من تعامل نزيه على كل المستويات وفي مختلف الأشكال.

الأهم إننا نركز ألان في حالة الاستعصاء الراهنة ومع ما نوجهه من نقد للقوى السياسية التي تعرقل معافاة الوضع السياسي، بتزمتها وتشنجها وإصرارها على تحقيق أكثر المكاسب الأنانية على حساب شعبنا وتقدمه في اقل وقت ممكن وبأسوأ الوسائل , نركز على جماهير شعبنا لأنها القوة الأساسية الرئيسية التي نعتمدها نحن الشيوعيين, ونقتنع بان نتائج ما تقوم به سيكون مظفرا ونافعا لمستقبل البلد.

نسعى لتنشيط الحركة الجماهيرية

وفي هذا السياق فإننا نسعى لان نفعل وننشط الحركة الجماهيرية، واعتقد أن الجماهير اكتشفت بتجربتها حقيقة الكثير من الشعارات والوعود, وزيف بعض الشعارات وبعد ما عانت ما عانت من النتائج الفعلية لبعض السياسات, تستطيع ألان, إذا ما أحسنت أدارة توجهاتها , وتنظيمها أن يثمر نشاطها مردودات سياسية كبيرة للضغط على الحكومة والقيادات السياسية للتعجيل باتخاذ قرارات سليمة.

ليس صحيحا التعويل فقط على الضغط الأجنبي, اقصد الضغط الأمريكي أو الضغط الأوربي أو الضغط العربي, وهو مؤثر بلا شك, لكن نحن معنيون و ذو مصلحة بزيادة الضغط الداخلي الجماهيري لأنه الاصدق والأكثر إخلاصا في أن يؤدي بالمجتمع الى نهايات سليمة، وان يبعد العراق عن أن يكون مادة للصراعات الإقليمية الخارجية , وقد جربنا أثار تلك الصراعات خلال السنوات الماضية وما تسببت فيه من آلام ومحن لشعبنا وبلادنا.

العراقيون مطالبون بتفعيل قرارهم السياسي الوطني المستقل، دون أن يعني ذلك تجاهل أو تجاوز الحقائق الموضوعية ,ودون أن يعني أيضا الاستسلام والانبطاح والخضوع أمام إرادات أجنبية, إقليمية خارجية , أيا كان مصدرها.

هذا هو الطريق السليم الذي يجب أن يتبعه الحزب ومنظماته ورفاقه للارتقاء بمستوى نشاطه وبمستوى عمل الأحزاب السياسية الصديقة والحليفة.

من الجهة الأخرى, فان الحزب, بدأ، انسجاما مع مقررات المؤتمرالوطني الثامن, بحملة تثقيف وتوعية وإعادة نظر في أسلوب عمله وتوزيع رفاقه, خصوصا وان المؤتمر قدم للحزب قيادة أوسع وأكثر تفرغا للعمل الحزبي , عدا العمل السياسي العام, واعدنا تشكيل الكثير من هيئات الاختصاص الحزبية للارتقاء بالعمل النوعي للحزب, هذا بينما تفعل دور المجلس الاستشاري في حياة الحزب.

إننا نقوم بكل هذا في ظل هذه الأوضاع السياسية المعقدة التي لا تتيح الكثير من الإمكانات والفرص , لكننا نحقق على أكثر من صعيد , تقدما ملموسا , وبالأرقام.
يقال , أحيانا أن هناك انقطاعات ونحن لا نخجل من تأثيرها , لكن خابت ظنون من يشمت ويحاول التوصل الى استنتاجات مرضية تنسجم مع نوازعه الحاقدة , فهذه الانقطاعات طبيعية بنت الظروف الأمنية العسيرة, ولا تعكس موقفا سلبيا من الحزب, وهي بنت الصعوبات الاقتصادية التي تعرقل نشاط أعضاء الحزب وتحركهم , وهذا يتطلب منا أعادة النظر بأساليب عملنا التنظيمي بحيث نكون نحن قريبين من الهيئات في القاعدة والناس , بدلا من دعوة الناس ورفاق الحزب للانتقال من موقع الى موقع محملينهم بذلك أكثر من طاقتهم , من التزامات مالية.

في كل الأحوال ورغم المصاعب التي جرت الإشارة الى بعضها فأن الذين يتقدمون للالتحاق بالحزب من الشباب , هم الأغلبية وهذا أمر ايجابي بكل المعايير.

إننا نسعى الى توفير الآمن والاستقرار لان توفرهما يوفر المناخ الطبيعي كي يمارس الناس خياراتهم بشكل هادئ, وبما ينسجم مع مصالحهم, لكن بناء الحزب , استقرار منظماته , انتظام نشاطاتها هي أفضل مما كانت عليه قبل المؤتمر الثامن.

صحيح أن لدينا مشاريع كثيرة وبرامج طموحة لم نتمكن من تحقيقها بالكامل, لكن هذا لا يدفعنا للجزع واليأس أو للوصول الى استنتاجات مخيبه للآمال , بل هذا يحتاج منا الى إبداء صبر اكبر ومواصلة العمل.

الحزب اشد متانة وأكثر قوة

ففي أيام المؤتمر الثامن , قبله وخلاله وبعده شلت لنا منظمات بالكامل في المناطق التي تسمى "ساخنة" وهي منظمات فاعلة , مئات الرفاق كانوا ينشطون في هذه المنظمات , لكننا أمام موجة الفتنة الطائفية والأعمال الإرهابية, اضطررنا أن نطلب من منظماتنا الانتقال الى أساليب عمل جديدة, أشبه بأساليب العمل السري.

فإذا انقطع بعض الرفاق فهل يمكن اعتبار ذلك تعبيرا عن عدم قناعته بالحزب وبسياسته, ام هو حاصل لضغوط وظروف معينة وها هي تلك المنظمات، وكما نشهد ألان, تتوسع وتعيد تنظيم نفسها بسرعة بل بوتيرة أسرع مما كانت عليه في السابق.

يجب أن نراعي هذه الوقائع حتى نكون موضوعيين , لا أن نصاب بالجزع عند المنعطفات الصعبة.

في كل حال, فان ما يطمئن, هو امتلاكنا النواة السليمة القادرة على الارتقاء بعمل الحزب اللاحق وعلى التوسع الحزبي, والتنظيمي والجماهيري.

وأنا واثق أن الاحتفال بالعيد أل 74 لتأسيس الحزب سيكون احد مؤشرات التطور النوعي في نشاط المنظمات الحزبية, وسيتاح للجميع أن يلاحظ ذلك, وان يستخلص أن الحزب اشد متانة وأكثر قوة مما سبق من أعوام.

ولاشك أن ذلك سيكون مبعث فرح لكل الشيوعيين وأصدقائهم, لكل الوطنيين المخلصين الذين يرون في الحزب قوة وطنية لا غنى عنها في النهوض، ولسائر بنات وأبناء شعبنا الذين خبروا الحزب في السراء والضراء ويعقدون على تقدمه الآمال.

وهذا هو كما اعتقد مغزى الاحتفال بالعيد.




#حميد_مجيد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى 74 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي تحية إلى رفاق ...
- نص كلمة حميد مجيد موسى في افتتاح المؤتمر الوطني الثامن للحزب ...
- للاحتفال بالعيد مغزى تأكيد إصرار الشيوعيين على خدمة شعبهم بت ...
- لابد من فتح صفحة جديدة عبر تفعيل المصالحة الوطنية
- حميد مجيد موسى: القوى العلمانية تتحرك بموجب مشروع وطني ديمقر ...
- مداخلة حميد مجيد موسى في البرلمان حول ميزانية 2007
- الرفيق حميد مجيد موسى في لقاءه مع قناة الحرة -عراق -الحلقة ا ...
- الحزب حقيقة سياسية شاخصة في المجتمع العراقي
- قانون الاقاليم مرهون بارادة اغلبية السكان وضمن شروط تمنع است ...
- في حوار مع طريق الشعب : حميد مجيد موسى : علينا حماية حقوق وم ...
- الانتخابات معلم اساس لانتصار الشعب على الارهاب والدكتاتورية
- حزبنا في الصميم من نضال شعبنا، فاعلاً متفاعلاً من اجل الديمق ...
- الرفيق حميد مجيد موسى لصحيفة “البينة
- نحن لا نقوم بدور " حلف الشمال " من أجل بوش


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد مجيد موسى - جماهير شعبنا هي القوة الاساسية التي نعتمدها لإحراز التقدم